بازگشت

حركة السلطة الاموية المحلية في الكوفة


كـان والي الكـوفـة حـيـنما دخلها مسلم بن عقيل (ع) هو النعمان بن بشير، [1] فلمّا رأي النـعـمان استقبال أهل الكوفة الكبير لمسلم (ع) وحفاوتهم البالغة به وتجاوبهم الرهيب معه، خرج إلي المسجد وخطب في الناس ‍ يحذّرهم من إثارة الفتنة والفرقة وشقّ عصا الامّة.

يـقـول الطـبـري: «.. عـن أبـي الودّاك قال: خرج إلينا النعمان بن بشير فصعد المنبر، فحمد اللّه وأثـنـي عـليـه، ثـم قـال: أمـّا بـعدُ، فاتّقوا اللّه عبادَ اللّه، ولا تسارعوا إلي الفتنة والفـرقـة، فـإنّ فـيـهـمـا يـهـلك الرجـال وتـُسـفـك الدمـأ وتـغـصـب الامـوال ــوكـان حـليـمـاً نـاسـكـاً يـحـبّ العـافـيـة! قـال: إنـي لم أقـاتـل مـن لم يـقـاتلني، ولا أثب علي من لايثب عليَّ، ولا أُشاتمكم، ولا أتحرّش بكم، ولا آخذ بالقرف [2] ولا الظنّة ولا التهمة، ولكنّكم إنْ أبديتم صفحتكم لي ونكثتم بيعتكم، وخـالفـتـم إمـامـكم، فواللّه الذي لا إله غيره لاضربنّكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يـكـن لي مـنـكـم


نـاصـر، أمـا إنـي أرجـو أن يـكـون مـن يـعـرف الحـقّ مـنـكـم أكـثـر مـمّن يُرديه الباطل.

قـال: فـقـام إليـه عـبـداللّه بـن مـسـلم بـن سـعـيـد الحـضـرمـي [3] ــ حـليـف بـنـي أمـيـّة فـقـال: إنـّه لا يـُصـلح مـا تري إلا الغشم، إنّ هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوّك رأي المستضعفين!!

فقال: أن أكون من المستضعفين في طاعة اللّه أحبّ إليَّ من أن أكون من الا عزّين في معصية اللّه.

ثمّ نزل،..

وخرج عبداللّه بن مسلم، وكتب إلي يزيد بن معاوية:

أمـّا بـعـدُ، فـإنّ مـسلم بن عقيل قد قدم الكوفة فبايعته الشيعة للحسين بن عليّ، فإن كان لك بـالكـوفـة حـاجـة فـابـعـث إليـهـا رجـلاً قـويـاً، يـنـفـذ أمـرك، ويعمل مثل عملك في عدوّك، فإنّ النعمان بن بشير رجلٌ ضعيف أو هو يتضعّف!

فـكـان أوّل مـن كتب إليه، ثمّ كتب إليه عمارة بن عقبة [4] بنحو من كتابه، ثمّ كتب


إليـه عـمـر بـن سـعـد بـن أبـي وقـّاص [5] بمثل ذلك».


وفـي روايـة الديـنـوري أنّ مـسـلم بـن عـقـيـل (ع) لمـّا وافـي الكـوفـة، نـزل فـي دار المـخـتـار، فـكانت الشيعة تختلف إليه وهو يقرأ عليهم كتاب الامام الحسين (ع)، «فـفـشـا أمـره بـالكـوفـة حـتـي بـلغ ذلك النـعـمـان بـن بـشـيـر أمـيـرهـا، فقال: «لا أقاتل إلا من


قاتلني، ولا أثب إلاّ علي من وثب عليَّ، ولا آخذ بالقرفة والظنّة، فمن أبـدي صـفـحـتـه ونكث بيعته ضربته بسيفي ما ثبت قائمه في يدي، ولو لم أكن إلاّ وحدي». وكان يحب العافية ويغتنم السلامة.

فـكـتـب مـسـلم بـن سعيد الحضرمي وعُمارة بن عقبة ـوكانا عيني يزيد بن معاوية إلي يزيد يعلمانه قـدوم مـسلم بن عقيل الكوفة داعياً للحسين بن عليّ، وأنه قد أفسد قلوب أهلها عليه، فإنْ يكن لك فـي سـلطـانـك حـاجـة فـبـادر إليـه مـن يـقـوم بـأمـرك، ويعمل مثل عملك في عدوّك، فإن النعمان رجل ضعيف أو متضاعف، والسلام». [6] .

أمـّا البـلاذري فـقـد قـال فـي روايـتـه: «فـكـتـب وجـوه أهـل الكـوفـة: عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، ومحمّد بن الاشعث الكندي، [7] وغـيـرهـمـا إلي يـزيـد بـخبر مسلم


وتقديم الحسين إيّاه إلي الكوفة أمامه، وبما ظهر من ضعف النعمان بن بشير وعجزه ووهن أمره». [8] .


پاورقي

[1] النـعـمـان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الانصاري الخزرجي، ولد في العام الثاني من الهـجـرة ـأو عام الهجرة وعُدَّ من الصحابة الصبيان، وکان من أمرأ معاوية، فولاه الکوفة مدّة، ثـمّ ولي قـضـأ دمـشـق، ثـمّ ولي إمـرة حـمـص، وقـيـل إنـه لمـا دعـا أهـل حـمـص إلي بـيـعـة ابـن الزبـيـر ذبـحـوه. وقـيـل: قـُتـل بـقـرية بيرين ـمن قري حمص قتله خالد بن خَلي بعد وقعة مرج راهط في آخر سنة أربع وسـتـين. (راجع: سير أعلام النبلأ، 3:412). وهو الذي أخذ أصابع نائلة امرأة عثمان التي قـطـعت وقميص عثمان الذي قُتل فيه وهرب الي معاوية بالشام، ولم يکن مع معاوية في صفين من الا نـصار إلا هو ومسلمة بن مخلّد الانصاري. (راجع: وقعة صفّين: 445 و 448؛ ومستدرکات علم الرجال، 8: 79).

[2] قرف فلان فلاناً: إذا عابه واتهمه. (مجمع البحرين، 5: 108).

[3] عـبـداللّه بـن مـسـلم بـن سـعـيـد الحـضـرمـي: کـان أحـد الذين شهدوا للايقاع بالشهيد البطل حجر بن عدي (رض). (راجع: وقعة الطف: 101؛ وتاريخ الطبري 5:269).

[4] هـو أخـو الوليـد بـن عـقـبـة بـن أبي معيط، خرج هو وأخوه الوليد من مکّة إلي المدينة يـسـألان رسـول اللّه (ص) أن يردّ عليهما أختهما أمّ کلثوم المهاجرة بعد الحديبية، فأبي (ص). وکـان مـنزل عمارة مع أخيه الوليد برحبة الکوفة، وکانت ابنته أمُ أيّوب تحت المغيرة بن شعبة، فلمّا مات تزوّجها زياد بن أبيه، وعمارة هو الذي سعي عند زياد علي عمرو بن الحمق (رض)، وکـان حـاضـراً في القصر يوم مقتل مسلم، وهو الذي سعي علي المختار عند ابن زياد يوم خروج مسلم. (راجع: وقعة الطفّ:102).

[5] عـمـر بن سعد بن أبي وقّاص الزهري، المدنيّ، ولد سنة 23 للهجرة يوم مات عمر بن الخطّاب، فيکون عمره يوم کربلأ سنة 61 للهجرة 38 سنة. وهو الذي أطمع أباه في حضور التـحـکـيـم، وقـال له: يـاأبـت، اشـهـدهـم فـإنـک صـاحـب رسول اللّه (ص) وأحد الشوري، فاحضر فإنّک أحقّ الناس بالخلافة!!، وهو ممن شهد علي حـُجـر بـن عـدي، وقـد أفـشـي لابـن زيـاد وصـيـّة مـسـلم بـن عقيل (ع) التي أسرَّ إليه بها قبل قتله، فوبّخه ابن زياد قائلاً: لايخونک الامين ولکن قد يؤتـمـن الخـائن. وقـد أراد ابـن الاشـعـث أن يـؤمـّره عـلي الکـوفـة بـعـد قتل ابن زياد، فجأ رجال بني همدان متقلّدين السيوف، وجأت نساؤهم يبکين حسيناً(ع)، وقد بعث إليـه المـخـتـار أبـا عـمـرة فـقـتـله وجـأه بـرأسـه، ثـم قتل ابنه حفص ‍ بن عمر، وقال المختار: واللّه، لو قتلت ثلاثة أرباع قريش ماوفوا بأنملة من أنـامـل الحـسـيـن (ع). وبـعث برأسيهما إلي المدينة الي محمد بن الحنفية. (راجع: وقعة الطف: 102) و(تاريخ الطبري، 3: 465).

«وروي عـبـداللّه بـن شـريـک العـامـري قـال: کـنـت أسـمـع أصـحـاب عـليّ(ع) إذا دخـل عـمـر بـن سـعـد مـن بـاب المـسـجـد يـقـولون: هـذا قـاتـل الحـسـيـن بـن عـلي (ع). وذلک قـبـل أن يـُقـتـل بـزمـان. وروي سـالم بـن أبـي حـفـصـة قال: قال عمر بن سعد للحسين: ياأبا عبداللّه، إنّ قبلنا ناساً سفهأ يزعمون أنّي أقتلک. فـقـال له الحـسـيـن (ع): إنـهـم ليـسـوا بـسـفـهـأ، ولکـنـّهـم حـلمـأ، أمـا إنـّه تـقـرّ عـيـني أن لا تـأکـل مـن بـرّ العـراق بـعـدي إلاّ قـليـلاً.» (الارشـاد: 251؛ وتـهـذيـب الکمال، 14: 74).

و«عـن الاعـمـش قـال: سـمـعـت أبـا صـالح التـمـّار يـقـول: سـمـعـت حـذيـفـة يـقـول: سـمـعـت الحـسـين بن علي يقول: واللّه ليجتمعن علي قتلي طغاة بني أميّة ويقدمهم عمر بن سـعـد. ــوذلک فـي حـيـاة النـبـي (ص) فـقـلت له: أنـبـأک بـهـذا رسـول اللّه؟ قـال: لا. فـأتـيـت النـبـيّ فـأخـبـرتـه، فـقـال: عـلمـي عـلمـه، وعـلمـه عـلمـي، وإنـّا لنـعـلم بـالکـائن قبل کينونته.». (دلائل الامامة: 75).

«وعـن أصـبـغ بـن نـبـاتـة قـال: بـيـنـا أمـيـر المـؤمـنـيـن (ع) يـخـطـب النـاس وهـو يـقـول: سـلونـي قـبـل أن تـفـقدوني، فواللّه لا تسألونني عن شيء مضي ولا عن شيء يکون إلا أنـبـأتـکـم بـه. فـقـام إليـه سـعـد بـن أبـي وقـّاص فـقـال: يـاأمـيـر المـؤمـنـيـن، أخـبـرنـي کـم فـي رأسـي ولحـيـتـي مـن شـعـرة!؟ فـقـال له: أمـا واللّه لقـد سـألتـنـي عـن مـسـألة حـدّثـنـي خـليـلي رسول اللّه (ص) أنک ستسألني عنها، ومافي رأسک ولحيتک من شعرة (2) تأريخ الطبري، 3: 465؛ وراجع: الارشاد: 205.

إلاّ وفـي أصـلهـا شـيـطـان جـالس، وإنّ فـي بـيـتـک لسـخـلاً يقتل الحسين إبني..». (البحار، 44: 256 رقم 5 عن أمالي الصدوق: 115 المجلس ‍ 28، حديث رقم 1).

و«روي عـن مـحـمـد بـن سـيـريـن، عـن بـعـض أصـحـابـه قـال: قـال عـليّ لعـمـر بـن سـعـد: کـيـف أنـت إذا قـُمـت مقاماً تُخيَّر فيه بين الجنّة والنار فتختار النار.». (تهذيب الکمال، 14:74).

وکان عمر بن سعد قد تعوّد من قبل علي الظلم والقسوة والغشم، و«عن أبي المنذر الکوفي: کان عـمـر بـن سعد بن أبي وقّاص قد اتخذ جعبة، وجعل فيها سياطاً نحواً من خمسين سوطاً، فکتب علي السـوط عـشـرة، وعـشـريـن، وثـلاثـيـن، إلي خـمـسـمـائة عـلي هـذا العـمـل، وکـان لسـعد بن أبي وقّاص غلام ربيب مثل ولده، فأمره عمر بشيء فعصاه، فضرب بـيـده إلي الجـعـبـة فـوقـع بـيـده سـوط مـائة فـجـلده مـائة جـلدة، فـأقـبـل الغـلام إلي سـعـد دمـه يـسـيـل عـلي عـقـبـيـه، فـقـال: مـالک!؟ فـأخـبـره، فـقـال: اللّهـم اقـتـل عـمـر، وأرسـل دمـه عـلي عـقـبـيـه. قـال فـمـات الغـلام وقتل المختار عمر بن سعد». (تهذيب الکمال 14: 74).

و«عن الفلاس قال: سمعت يحيي بن سعيد القطّان، وحدثنا عن شعبة وسفيان، عن أبي إسحاق، عـن العـيـزار بـن حـُريـث، عـن عـمـر بـن سـعـد. فـقـام إليـه رجـل (أي إلي القـطـّان) فـقـال: أمـا تـخـاف اللّه تـروي عـن عـمـر بـن سـعـد!؟ فـبـکـي وقال: لا أعود أحدّث عنه أبداً!. (تهذيب الکمال، 14: 74).

ومـمـا يـؤسـف له أنّ بـعـض الرجـاليـيـن السـنيّين من أهل التعصب الاعمي يترجم لعمر بن سعد قـاتـل الحـسـيـن (ع) کـمـا يـتـرجـم لمـؤمـن تـقـيّ مـن أهـل الجـنـّة!! هـذا الذهـبـي يقول: «ابن سعد أمير السريّة الذين قاتلوا الحسين، ثم قتله المختار، وکان ذا شجاعة وإقدام، روي له النـسـائي، قـُتـل هـو وولداه صـبـراً!» (سـيـر أعـلام النـبـلأ، 4: 350)، ويـقـول ابـن عـبـدون العـجـلي: «کان عمر بن سعد يروي عن أبيه أحاديث، وروي عنه الناس، قَتَل الحسين، وهو تابعي ثقة!!». (تهذيب الکمال، 14: 73 رقم 4828)، انظر الي هذا الا حمق الاعمي قلبه کيف يوثّق قاتل سيد شباب أهل الجنّة!!؟

«قـال أحـمـد بـن زهـيـر: سـألت ابـن مـعـيـن: أعـمـرُ بـن سـعـد ثـقـة؟ فـقـال: کـيـف يـکـون مـن قـتـل الحـسـيـن ثـقـة!؟» (مـيـزان الاعتدال، 3: 198)؛ و(القاموس، 8: 200).

[6] الاخبار الطوال: 231.

[7] مـحـمـّد بـن الاشـعث الکندي: وهو ابن الاشعث بن قيس الذي أُسِرَ في الکفر مرّة وفي الاسلام (منافقاً) مرّة أخري، وقد اعترض الاشعث علي بعض کلام أميرالمؤمنين عليّ(ع)، فخفض (ع) إليـه بـصـره ثم قال: «مايُدريک ما عليَّ مما لي!؟ عليک لعنة اللّه ولعنة اللاعنين، حائک ابن حـائک! مـنافق ابن کافر! واللّه لقد أسرک الکفر مرّة والاسلام مرّة أخري! فما فداک من واحدة مـنـهـما مالک ولاحسبک! وإنّ امرأً دلَّ علي قومه السيف، وساق إليهم الحتف، لحريٌ أن يمقته الاقـرب، ولا يـأمـنـه الا بـعد!» (نهج البلاغة، ضبط صبحي الصالح: 61 ـ 62 رقم 19)، وقد اشـتـرک هـذا الاشـعـث اللعـيـن فـي المـؤامـرة المـتـعـدّدة الاطـراف لقتل أمير المؤمنين عليّ(ع).

فمحمّد بن الاشعث هذا، أخو جعدة بنت الاشعث التي سمّت الامام الحسن (ع)، ومحمد هذا وأخوه قيس مـمـّن سـاهـم مـسـاهـمـة قـيـاديـّة فـعـالة في قتل الامام الحسين (ع)، ولمحمّد هذا دور قيادي بارز في قتال مسلم بن عقيل (ع) في الکوفة.

وروي عـن أمـيرالمؤمنين عليّ(ع) أنه قال: «إنّ اللّه لعن أقواماً فسرت اللعنة في أعقابهم، منهم الاشعث...» (تنقيح المقال، 2: 83).

وکـان مـحـمـّد بن الاشعث ضعيف النفس يتملّق للسلطان حتي مع مخالفة الادب فيعرّض نفسه للاهانة ولا يبالي فقد: «وقف الاحنف بن قيس، ومحمد بن الاشعث بباب معاوية، فأذن للاحنف، ثم أذن لابـن الاشـعـث، فـأسـرع فـي مـشـيـتـه حـتـي تـقـدّم الاحـنـف ودخـل قـبـله، فـلمـّا رآه مـعـاويـة غـمـّه ذلک وأحـنـقـه، فـالتـفـت إليـه فـقـال: واللّه إنـي مـا أذنـت له قـبـلک! وأنـا أريـد أن تدخل قبله، وإنّا کما نلي أمورکم کذلک نلي آدابکم، ولا يزيد متزيّد في خطوه إلاّ لنقص يجده من نفسه!» (العقدالفريد، 1: 68).

وقال عبيداللّه بن زياد في مدحه محمّد بن الاشعث: «مرحباً بمن لايُستَغشُّ ولا يُتَّهم!». (البحار، 44: 352).

کيف لا، فقد کان ابن الاشعث من سواعد ابن زياد في جلّ جرائمه، في مواجهة مسلم (ع)، وفي مواجهة الحـسـيـن (ع)، وفـي مـواجـهـة عبداللّه بن عفيف (رض) وجموع الازد الذين دافعوا عنه، وفي المکر بـهـانـي بـن عـروة واسـتـقـدامه الي ابن زياد، وفي رفع راية أمان ابن زياد الکاذبة لمن جأه من الناس في الکوفة بعد انتفاضة مسلم (ع)، ومن قبلُ في البحث عن حجر بن عدي (أيّام معاوية) لالقاء القبض عليه!، وغير ذلک من مواطن ومواقف السوء والخزي!

وقـيـل فـي موت عدوّ اللّه هذا ـوقد کان علي رأس ألف فارس في جيش ابن سعد في کربلأ إنّه خـاطـب الامـام (ع) يـوم عـاشـورأ قـائلاً: «يـاحـسـيـن بـن فـاطـمـة، أيـة حـرمـة لک مـن رسـول اللّه ليـسـت لغـيـرک!؟ فـتـلا الحـسـيـن هـذه الايـة: (إنَّ اللّه اصـطـفـي آدم ونـوحـاً وآل إبـراهـيـم وآل عـمـران عـلي العـالمـيـن) الايـة، ثـم قـال: واللّه إنّ مـحـمـداً لمـن آل إبـراهـيـم، وإنّ العـتـرة الهـاديـة لمـن آل مـحـمـد، مـن الرجل؟ فقيل: محمد بن الاشعث بن قيس ‍ الکندي، فرفع الحسين (ع) رأسه الي السـمـأ فـقـال: اللّهـم أر مـحـمـّد بـن الاشـعـث ذلاً فـي هذا اليوم لا تُعزّه بعد هذا اليوم أبداً. فـعـرض له عـارض، فـخـرج مـن العسکر يتبرّز، فسلّط اللّه عليه عقرباً فلدغته، فمات بادي العورة. (البحار، 44: 317).

وقـيـل إنـه جـأ «فـقـال: أيـن الحـسـيـن؟ فـقـال: هـا أنـا ذا. قـال: أبـشـر بـالنـار تـردهـا السـاعـة. قـال: بـل أُبشّر برب رحيم وشفيع مطاع، من أنت؟ قال: أنا محمّد بن الاشعث. قال: اللّهمّ إن کان عبدک کاذباً فخذه الي النار، واجعله اليوم آية لاصـحـابـه!. فما هو إلا أن ثني عنان فرسه فرمي به، وثبتت رجله في الرکاب فضربه حتّي قطعه ووقعت مذاکيره في الارض..» (البحار، 45: 31).

لکنّ جلّ المؤرّخين يذکرون أنّ محمّد بن الاشعث بقي الي ما بعد ثورة المختار فهرب منه وانضمّ الي مـصـعـب بن الزبير، وقتل محمد بن الاشعث في المواجهة بين جيش مصعب وجيش المختار. (راجع: الکـامـل فـي التـاريـخ، 3: 13؛ وتـأريـخ الطـبـري، 3: 496؛ والاخـبـار الطوال:306؛ والمعارف: 401).

ويبدو أنّ صاحب قاموس الرجال (التستري) يميل إلي أنّ محمد بن الاشعث لم يشترک في معرکة کربلأ في مواجهة الامام الحسين (ع)، حيث يقول: «ورد في خبر أنّ محمّد بن الاشعث شرک في دم الحـسـيـن (ع)، إلاّ أنّ الخـبـر أعـمُّ مـن شـهـوده حـربـه!. وذکـر أهـل السـيـر أنّ أخـاه قـيس بن الاشعث شهد حربه، وأمّا محمد فإنّما أعطي مسلماً الامان، ولم يـجـزه ابـن زيـاد فـسـلّم (أي رضـي وقـبـل) وأنّ أخـاه قـيـس بـن الاشـعـث قـال يـوم الطـفّ للحـسـيـن (ع): أوَلا تنزل علي حکم بني عمّک، فإنّهم لن يروک إلاّ ماتحبّ ولن يـصـل إليـک مـنـهـم مـکـروه. فقال له الحسين (ع): أنت أخو أخيک أتريد أن يطلبک بنوهاشم بأکثر من دم مسلم بن عقيل..» (قاموس الرجال، 9: 123).

ومـع أنّ اسـتـفـادات صـاحـب القـامـوس (ره) فـي هـذه المـسـألة لا تـنـهـض إلي مـسـتـوي الدليـل عـلي مـا يـمـيـل إليـه، فـإنّ مـايـمـيـل إليـه خـلاف ظـاهـر النـصـوص بل خلاف صريحها.

[8] أنساب الاشراف، 2: 836.