بازگشت

هل بدل الامام احرامه من عمرة التمتع الي العمرة المفردة؟


أم أنه (ع) ابتدأً دخل في إحرام العمرة المفردة لعلمه بأنّ الظالمين سوف يصدّونه عن إتمام حجّه!؟

إنّ الذي يـظـهـر مـن بـعـض المـتـون التـأريـخـيـة [1] ومـن صـريـح أقـوال بـعـض المـحـدّثـيـن هـو أنّ الامـام (ع) قد بدّل إحرامه من الحجّ أو من عمرة التمتع إلي العمرة المفردة.

ولكـنّ ظـاهـر بـل صـريـح بـعض النصوص ـومنها نصوص صحيحة هو أنّ الامام الحسين (ع) قد دخـل فـي إحـرام العـمـرة المـفـردة ابـتـدأً ولم يـكـن ثـمـّة تبديل في الاحرام، وقد تبنّي هذا القول من الفقهأ السيّد محسن الحكيم (ره) والسيّد


الخوئي (ره) والسيد السبزواري (ره)، وأشار إليه بعض المؤرّخين [2] .

لقـد تـعـرّض الفـقـهـأ لهـذا البـحـث في مسألة حكم الخروج من مكّة لمن أتي بالعمرة المفردة فـأقـام الي هـلال ذي الحـجـّة، فـقـد ذهـب بـعـضـهـم الي القـول بـوجوب أدأ الحجّ فيما لو أدرك يوم التروية، وهو رأي ابن البرّاج [3] وهـو قـول نـادر. كـمـا ذهـب بـعـض آخـر الي القـول بـالاسـتـحـبـاب خـصـوصـاً إذا أقـام إلي هـلال ذي الحـجـّة ولاسـيـّمـا إذا أقـام فـي مـكـّة الي يـوم التـرويـة وهـو اليـوم الثـامـن، وهـو قول صاحب الجواهر [4] .

وبعض الروايات التي مفادها حرمة الخروج حملت علي الكراهة استناداً الي روايات أخري منها خبر اليماني في أنّ الامام الحسين (ع) خرج قبل يوم التروية بيوم وقد كان معتمراً.

وفيما يلي النصوص ثم كلمات الفقهأ:

1ـ الكـليـنـي: «عـلي بـن ابـراهـيـم، عـن أبـيـه، ومـحـمـد بـن اسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حمّاد بن عيسي، عن ابراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبداللّه (ع) أنـه سـُئل عـن رجـل خـرج فـي أشـهـر الحـجّ مـعـتـمـراً ثـم رجـع الي بـلاده؟ قـال: لابأس ‍ وإن حَجَّ في عامه ذلك وأفرد الحجّ، فليس عليه دم، فإنّ الحسين بن علي (ع) خرج


قبل التروية بيوم الي العراق وقد كان دخل معتمراً» [5] .

ومـفـاد هـذا الخـبـر: أنّ الامـام الحـسـين (ع) لم يكن يوم خروجه من مكّة محرماً حتي بإحرام العمرة، بـل كـان قـد أحـرم للعـمـرة يـوم وروده مـكـّة المـكـرّمـة. فتأمل.

وقد عبّر المجلسي في المرآة عن هذا الحديث بالحسن كالصحيح [6] .

ولقد روي الشيخ الطوسي هذا الحديث في التهذيب عن الكليني، غير أنّ فيه: «إنّ الحسين خرج يوم التروية» [7] .

وعبّر المجلسيُ عنه أيضاً في ملاذ الاخيار بالحسن الصحيح [8] .

وقـال صـاحـب الجـواهـر: «وفـي التـهـذيب: خرج يوم التروية، ولعلّه الا صحّ لصحيح معاوية...» [9] .

2ـ الكـليني: «علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن اسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن معاوية بن عمّار، قـال: قـلت لابـي عـبـداللّه (ع): مـن أيـن افـتـرق المـتـمـتـّع والمـعـتـمـر؟ فقال: إنّ المتمتّع مرتبط بالحجّ، والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شأ، وقد اعتمر الحسين بن علي فـي ذي الحـجـّة ثـمّ راح يـوم التـرويـة إلي العـراق والنـاس يـروحـون إلي مـنـي، ولابـأس بالعمرة في ذي الحجّة لمن لا يريد الحجّ.» [10] .


وعبّر عنها المجلسي في الملاذ: «مجهول» وقال: «قوله: وقد اعتمر: لعلّ المراد أنّ عمرة التمتع أيـضـاً إذا اضـطـر الانـسـان يـجـوز أن يـجـعـلهـا عـمـرة مـفـردة كـمـا فـعـله الحـسـيـن (ع)، ويـحـتـمـل أن يـكـون (ع) لعـلمـه بـعـدم التـمـكـّن مـن الحـجّ نـوي الافـراد ولعـلّه مـن الخـبـر أظهر.» [11] .

إذن فالمجلسي يري في الحديث احتمالين:

الاوّل: التبديل من عمرة التمتع الي عمرة مفردة.

الثـانـي: أنـّه (ع) مـنـذ البـدء قـد نـوي الافـراد، وليـس ثـم تبديل.

ويـري المـجـلسـي أنّ الاحـتـمـال الثـانـي أظـهـر مـن الخـبـر، لكـنـه فـي البـحـار يـصـرّح بالاحـتـمال الاوّل حيث يقول: «ولقد رأيت في بعض الكتب المعتبرة... حلّ من إحرام الحجّ وجعلها عمرة مفردة.» [12] .

وقـال فـي نـفـس الصفحة من كتابه قبل هذا: «وكذا خرج من مكّة بعدما غلب علي ظنه أنهم يريدون غـيـلتـه وقـتـله، حـتـي لم يـتـيـسـّر له ــفـداه نـفـسـي وأبـي وأمـي وولدي أن يـتـمّ حـجـّة، فتحلّل وخرج منها خائفاً يترقّب...» [13] .


پاورقي

[1] «قال الطبرسي لمّا أراد الخروج الي العراق طاف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة، وأحلّ من إحرامه وجعلها عمرة لانه لم يتمکّن من إتمام الحجّ مخافة أن يقبض عليه بمکة...». (إعلام الوري: 230).

«وقال ابن فتّال وأحلَّ من إحرامه وجعلها عمرة لانه لايتمکن من إتمام الحج...». (روضة الواعظين: 177).

وظاهرهما أنّ الامام (ع) قد بدّل نيّة إحرامه لعمرة التمتع إلي المفردة.

ولکـن عـبـارة الشـيـخ المـفـيد (ره) في (الارشاد: 218): «لانه لم يتمکّن من تمام الحجّ» لا تفيد أنه أحلّ إحرام الحجّ.

وقـد فـرّق بعض المحققين المعاصرين بين عبارتي (تمام) و(إتمام) فذهب إلي أنّ مفاد الاتمام أنـه (ع) قـد تـلبّس بإحرام الحج حيث قال: «لانّ کلمة الاتمام تفيد أنه (ع) قد تلبّس بإحرام الحج دون کلمة تمام الحجّ». (وقعة الطف: 149).

[2] قـال الشـيـخ بـاقـر شـريـف القـرشـي: «وهـذا ــأي التـبـديـل لا يـخـلو مـن تـأمـّل، فـإنّ المصدود عن الحجّ يکون إحلاله بالهدي حسب ما نصّ عليه الفـقـهـأ لا بـقـلب إحـرام الحـجّ إلي عـمـرة، فـإنّ هـذا لايـوجـب الا حلال من إحرام الحج». (راجع: حياة الامام الحسين بن علي (ع) 3: 50).

[3] راجـع: المـهـذّب 1: 272 «مـن اعتمر عمرة ـغير متمتع بها الي الحج في شهور الحج ثم أقام بمکة إلي أن أدرک يوم التروية کان عليه أن يحرم بالحج ويخرج الي مني...».

[4] راجع: جواهر الکلام 20: 461 و انظر: الدروس 1: 336.

[5] الکـافـي 4: 535 حـديـث رقـم 3 وعـنـه الوسـائل 14: 310 بـاب 7 حـديـث رقـم 2 / و10:246.

[6] مرآة العقول 18: 234.

[7] التهذيب 5: 436 حديث رقم 162، والاستبصار 2: 327 رقم 1160.

[8] ملاذ الاخيار 8: 459.

[9] جواهر الکلام: 20:461.

[10] الکـافـي 4: 535 حـديـث رقـم 4 بـاب العـمـرة المـقـبـولة فـي أشـهـر الحـجّ. وعـنـه الوسائل 14: 310 باب 7 حديث رقم 3 (باب أنه يجوز أن يعتمر في أشهر الحج عمرة مفردة ويذهب حيث شأ، ويجوز أن يجعلها عمرة التمتّع إن أدرک الحج).

[11] مـلاذ الاخـيـار 8: 461، وعـن التـسـتـري: «فـالتـزم بـأن يجعل إحرامه عمرة مفردة وترک التمتع بالحج.» (الخصائص الحسينيّة: 32).

[12] البحار 45: 99.

[13] نفس المصدر.