بازگشت

قول السيد المرتضي


وللسـيـّد الشـريـف المـرتـضـي أعـلي اللّه مـقامه في سرّ إصرار الامام (ع) علي التوجّه الي الكـوفـة رأي غـريـب حـيـث قال (ره): «فإن قيل: ما العذر في خروجه صلوات اللّه عليه من مكّة بـأهـله وعـيـاله إلي الكـوفـة، والمـسـتـولي عـليـهـا أعـداؤه، والمـتـأمـرّ فـيـهـا مـن قـبـل يـزيـد اللعـيـن، مـنـبـسـط الامـر والنـهـي!؟ وقـد رأي صـنـع أهـل الكـوفـة بـأبيه وأخيه صلوات اللّه عليهما، وأنّهم غادرون خوّانون، وكيف خالف ظنّه ظنّ جـمـيـع نـصـحـائه فـي الخـروج، وابـن عـبـّاس رحـمـه اللّه يـشـيـر بـالعـدول عـن الخـروج! ويـقـطـع عـلي العـطـب فـيـه! وابـن عـمـر لمـّا ودّعـه (ع) يقول له: «أستودعك اللّه من قتيل» إلي غير ذلك...

الجـواب: قـلنـا قـد عـلمـنـا أنّ الامـام مـتـي غـلب عـلي ظـنـه أنـه يـصـل إلي حـقـّه والقـيـام بـمـا فـُوِّض إليـه بـضـرب مـن الفـعـل، وجـب عـليـه ذلك وإن كـان فـيـه ضـرب مـن المـشـقـّة يتحمّل مثلها، وسيّدنا أبوعبداللّه (ع) لم يسرِ طالباً الكوفة إلا بعد توثّق من القوم، وعهود وعقود، وبعد أن كاتبوه (ع) طائعين غير مكرهين، ومبتدئين غير مجيبين، وقد كانت المكاتبة من وجوه أهـل الكـوفـة وأشـرافـهـا وقـرّائها تقدّمت إليه في أيّام معاوية، وبعد الصلح الواقع بينه وبـيـن الحـسـن (ع) فـدفعهم وقال في الجواب ما وجب، ثمّ كاتبوه بعد وفاة الحسن (ع) ومعاوية بـاقٍ، فـوعـدهـم ومـنـّاهـم، وكـانت أيّام معاوية صعبة لايطمع في مثلها، فلما مضي معاوية وأعادوا المـكـاتـبـة وبذلوا الطاعه وكرّروا الطلب والرغبة، ورأي (ع) من قوّتهم علي ما كان يليهم في الحال من قبل يزيد، وتسلّطهم عليه، وضعفه عنهم ما قوي فيه ظنّه أنّ المسير هو الواجب، تعيّن عليه ما فعله من الاجتهاد والتسبّب، ولم يكن في حسبانه (ع) أنّ القوم يغدر بعضهم، ويضعف أهـل الحـقّ عـن نـصـرتـه، ويـتـّفـق مـا اتـفـق مـن الامـور الغـريـبـة، فـإنّ


مـسـلم بـن عقيل لمّا دخل الكوفة أخذ البيعة علي أكثر أهلها!...» [1] .

وواضـحٌ أنّ جـواب السـيـد الشـريـف المـرتـضـي (ره) قـائم عـلي مـبـنـي أهـل التـسـنـن فـي أنّ الامـام (ع) كـغـيره من الناس يعمل علي أساس ما يؤدّي إليه الظن، وهو مـأجـور عـلي اجـتـهـاده أخطأ أم اصاب إلاّ أنّ أجره علي الصواب أجران! وأنّ الامام لم يكن يـعـلم مـنـذ البـدء بـمـصـيـره! وأنـّه إنـّمـا قـام بـسـبـب رسائل أهل الكوفة!

ويـبدو أن الشريف المرتضي (ره) ـوهو من أكابر متكلّمي الشيعة قد اعتمد هذا اللون من الاجابة عـلي تـلك التـساؤلات ليخاطب به العقل السنّي في بغداد آنذاك، والمتسننون آنئذٍ هم الاكثرية فيها..

وإلاّ فإنّ هذا الجواب مخالف لاعتقاداتنا بالامامة وأنّ الائمّة (ع) يعلمون ما كان وما هو كائن وما يـكـون إلي يوم القيامة علماً موهبياً من اللّه تبارك وتعالي، هذا فضلاً عن الروايات التأريخية الكثيرة التي مفادها أنّ الامام (ع) كان يعلم بمصيره ومصرعه، وأنه كان يخبر عن ذلك حتي في أيّام طفولته.

ثـمّ إنّ قـيـام الامـام الحـسـيـن (ع) ورفـضـه البـيـعـة ليـزيـد لم يـكـن بـسـبـب رسـائل أهـل الكـوفـة إليـه بـعـد مـوت مـعـاويـة، ذلك لانّ الثـابـت أنّ هـذه الرسـائل لم تـصل إليه إلاّ بعد رفضه البيعة وقيامه وخروجه من المدينة ووروده مكّة، وهي لم تصل إليه إلاّ بعد حوالي أربعين يوماً من أيامه في مكّة!



پاورقي

[1] بحار الانوار 45: 96 ـ 98 عن کتاب تنزيه الانبيأ للسيد المرتضي (ره).