بازگشت

الخطبة الاولي للامام


قـال المحقّق المتتبع الشيخ السماوي (ره): «ولمّا جأ كتاب مسلم الي الحسين عزم علي الخروج، فجمع أصحابه في الليلة الثامنة من ذي الحجّة فخطبهم..» [1] .

غـيـر أنّ السـيـد ابـن طـاووس (ره) لم يـذكـر أنـه خـطـبـهـا فـي أصـحـابـه، بل قال: «ورُوي أنه (ع) لمّا عزم علي الخروج الي العراق قام خطيباً...» [2] .

وقال ابن نما(ره): «ثم قام خطيباً...» [3] .

وقـد يـسـتفاد من نص ابن طاووس وابن نما أنّ الامام (ع) خطب هذه الخطبة في الناس في مكة لا في خصوص ‍ أصحابه.

والخطبة هي:

«الحـمـد للّه، ما شأ اللّه، ولا قوّة إلاّ باللّه، وصلي اللّه علي رسوله، خُطّ الموت علي ولد آدم مـخـطَّ القـلادة عـلي جـيد الفتاة، وما أولهني إلي أسلافي اشتياق يعقوب الي يوسف، وخِيرَ لي مصرع أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا فيملان مـنـّي أكـرُشـاً جـوفـاً وأجـربـة سـغـبـاً، لامـحـيـص عـن يـوم خُطَّ بالقلم، رضي اللّه رضانا أهـل البـيـت، نـصـبـر عـلي بـلائه ويـوفـيـنـا أجـر الصـابـريـن، لن تـشـذّ عـن رسول اللّه (ص) لحمته، وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرُّبهم عينه، وينجز بهم وعده، مـن كـان بـاذلاً فـيـنـا مـهـجـتـه


ومـوطـّنـاً عـلي لقـأ اللّه نـفـسـه فليرحل معنا فإنني راحل مصبحاً إن شأاللّه تعالي» [4] .



پاورقي

[1] إبصار العين: 27.

[2] اللهوف: 126.

[3] مثير الاحزان: 41.

[4] اللهوف: 26، ومثير الاحزان: 41، وکشف الغمة 2: 29.

قال الشيخ السماوي:

مـخـطّ القـلادة: يعني موضع خطّ القلادة، وهي في الحقيقة الجلد المستدير من الجيد، فکما أنّ ذلک الجلد لازم علي الرقبة کذلک الموت علي ولد آدم!

هذا إذا قلنا إنّ مخطّ اسم مکان، وإن قلنا إنه اسم مصدر بمعني خطّ فيعني به أنّ الموت دائرة لا يـخـرج ابـن آدم مـن وسـطـهـا کـمـا أنّ القـلادة دائرة لا يـخـرج الجـيـد مـنـهـا فـي حال تقلّده.

ما أولهني: ـ يعني ما أشدَّ شوقي، والوله شدّة الشوق.

خـِيرَ لي: ـ يعني خار اللّه لي مصرعاً، أي اختاره. ويمضي علي بعض الالسنة وفي بعض الکتب «خُيِّر» بالتشديد وهو غلط فاحش.

عـُسـلان الفـلوات: بـضـم العـيـن وسـکـون السـيـن، جـمـع عاسل، وهو المهتزّ والمضطرب، يُقال للرمح وللذئب وأمثالهما، والمراد هنا المعني الثاني.

لا يُقال: إنّ العسلان لا تتسلّط علي أوصال صفوة اللّه، لطفاً من اللّه وإيثاراً له.

لانـا نـقـول: إنّ الکـلام جـري عـلي القـواعـد العـربـيـة والاسـاليـب الفـصـيـحـة کـمـا يـقـول قـائلهـم: عـنـدي جـفـنـة يـقـعـد فـيـهـا الخـمـسـة، يـعـنـي لو کـانـت مـمـا يـُفـعـل بـه ذلک لقـعـد فـيـهـا خـمـسـة رجـال. فيکون معني الکلام: لو جاز ذلک علي أوصالي لفُعل بها، وهذا کناية عن قتله وترکه بالعرأ.

النواويس: ـ جمع ناوس في الاصل، وهو القبر للنصراني، والمراد به هنا القرية التي کانت عند کربلأ.

جـُوفـاً: ـ بـضـم الجـيـم وسـکـون الواو، جـمع جوفأ، وهي الواسعة، ويجري علي بعض الالسن تحريک الواو أو تشديدها وهو غلط.

أجربة سُغُباً: أجربة جمع جراب، کأغلمة وغلام، والمراد به البطن مجازاً، وسغباً جمع سغبي من السَغَب وهو الجوع. ورأيت في نسخة «أحوية» فکأنه جمع لـ حوية البطن وهي أمعاؤها، والمعروف حوايا، فإن وردت أحوية فما أحسبها إلاّ خيراً من أجربة.

لن تشذّ: ـ لن تنفرد وتتفرّق.

لُحمته: ـ بضمّ اللام وهي القرابة. (إبصار العين: 42 ـ 43).