بازگشت

هل طلب مسلم الاستعفا من السفارة؟


روي الطـبـري فـي تـأريـخـه، والشـيـخ المـفـيـد(ره) فـي إرشـاده أنّ مـسـلم بـن عـقـيـل (ع) بـعـث إلي الامام الحسين (ع) أثنأ طريقه إلي الكوفة يطلب منه أن يعفيه من مهمة السفارة إلي أهل الكوفة، في قصة هي علي رواية الطبري كمايلي:

«فـأقـبـل مـسـلم حـتـي أتـي المـديـنـة، فـصـّلي فـي مـسـجـد رسـول اللّه، وودّع مـن أحـبّ مـن أهله، ثم استأجر دليلين من قيس ‍ فأقبلا به، فضلاّ الطريق وجارا، وأصابهم عطش شديد، وقال الدليلان: هذا الطريق حتي تنتهي الي المأ، وقد كادوا أن يـمـوتـوا عـطـشـا (وفـي روايـة الارشـاد: ومـات الدليـلان عـطـشـاً)، فـكـتـب مـسـلم بـن عـقـيـل مـع قـيـس بـن مـسـهر الصيداوي الي الحسين وذلك بالمضيق من بطن الخُبيت (وفي رواية الارشاد: بطن الخبت): أمّا بعدُ، فإنّي أقبلت من المدينة معي دليلان لي فجارا عن الطريق وضلاّ، واشـتدّ علينا العطش، فلم يلبثا أن ماتا، وأقبلنا حتي انتهينا


إلي المأ فلم ننج إلا بحشاشة أنـفـسـنـا، وذلك المأ بمكان يُدعي المضيق من بطن الخبيت، وقد تطيّرتُ من وجهي هذا، فإن رأيت أعفيتني منه وبعثت غيري، والسلام.

فكتب إليه الحسين:

أمـّا بـعـدُ، فقد خشيت ألاّ يكون حملك علي الكتاب إليَّ في الاستعفأ من الوجه الذي وجّهتك له إلا الجبن، فامضِ لوجهك الذي وجهتك له، والسلام عليك.

فـقـال مـسـلم لمـن قـرأ الكـتـاب (وفـي روايـة الارشـاد: فـلمـا قـرأ مـسـلم الكـتـاب قال:) هذا مالستُ أتخوّفه علي نفسي..» [1] .

إنّ مـن يـراجـع تـرجـمـة حـيـاة مسلم بن عقيل ـعلي اختصارها في الكتب وله معرفة بالعرف العربي آنـذاك عـامة وبالشمائل الهاشمية خاصة لايتردد في أنّ هذه القصة مختلقة وأنها من وضع أعدأ أهل البيت (ع) لتشويه صورة وسمعة هذا السفير العظيم.

فـإنّ مـسـلمـاً(ع) كـان أحـد قيادات ميمنة جيش أمير المؤمنين عليّ(ع)، وهو الذي خاطب معاوية وكان آنذاك الطاغية ذا اليد المطلقة في العالم الاسلامي: مه، دون أن أضرب رأسك بالسيف!، وهو الذي ودّع الامام الحسين (ع) وداع فراق لالقأ بعده إلاّ في الجنّة بعد أن عرف أنّه متوجّه إلي الشهادة لامحالة من قول الامام (ع) له: وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهدأ.


تـُري هـل تـخـشـي المـوت نـفـس مـطـمـئنـّة بـالسـعـادة بـعـده!؟ وهـل تـتـطـيـّر من لقأ الموت نفس مشتاقة الي لقأ اللّه ولقأ رسوله (ص) والا حبّة الماضين من أهـل البـيت (ع)!؟ وهل فارقت الطمأنينة نفس مسلم (ع) لحظة ما!؟ وهذه سيرته في الكوفة تشهد له بـثـبـات وطـمـأنـيـنـة مـسـتـيـقـن مـن أمـره، لايفوقه في مستوي ثباته إلاّ الامام المعصوم (ع). وهـل يـعـقـل العـارف المـتـأمـّل أو يـقـبـل أنّ الامـام الحـسـيـن (ع) يُرسل في هذه السفارة الخطيرة من يعتوره جبن أو يتطيّر من وجهته لعارضٍ من المألوف أن يصيب كـثـيـراً مـن المـسـافـريـن فـي تلك الايام!؟ ثمّ هل من الادب الحسيني أنّ يخاطب الامام (ع) ابن عمّه مسلماً(ع) بهذا النوع من الخطاب ويتهمه بالجبن!؟


پاورقي

[1] تـأريـخ الطـبـري 3: 278، والارشـاد: 204، والاخـبـار الطوال: 230.