بازگشت

من هو عبدالله بن مطيع العدوي؟


ها نحن في محضر الامام الحسين (ع) في الطريق إلي مكّة مع مخاطبٍ آخر من نوع آخر، هو عبداللّه بن مطيع العدوي، رجل من قريش، همّه العافية والمنفعة الذاتية، وحرصه علي مكانة قريش والعرب أكـبـر مـن حـرصـه عـلي الاسـلام، وهـو ليـس مـن طـلاّب الحـقّ ولامـن أهـل نـصـرتـه والدفـاع عـنـه، وكـاذب فـي دعـوي مـودّة أهـل البـيـت (ع) مـع مـعـرفته بمنزلتهم الخاصّة عنداللّه تبارك وتعالي، والامام الحسين (ع) يعرفه تمام المعرفة!

ولذا نـراه (ع) يـمرُّ به مرور الكرام ولايعباءُ به، ولايحدّثه بصريح قضيّة النهضة ولايكشف له عن تفاصيل مستقبلها كما حدّث بذلك أمّ سلمة رضي اللّه عنها ومحمّد بن الحنفيّة، (ر) والملائكة، ومـؤمـنـي الجـنّ مـثـلا، بل حدّثه فقط عن مقصده المرحليٍّّ (مكّة)، ولم يكشف له عن شئ بعد ذلك إلاّ (فإذا صرتُ إليها استخرتُ اللّه تعالي في أمري بعد ذلك!)، أو (يقضي اللّه ما أَحبَّ!).

في محاورته مع الامام (ع) في لقائه الثاني به (علي ما في رواية الارشاد) نجد أكبر همّ ابن مـطـيـع هـو ألاّ تـنـهـتك (حرمة العرب وحرمة قريش)، ونجده هنا أيضا يخاطب الامام (ع) قائلا: (فأنت سيّد العرب في دهرك هذا!) ممّا يكشف عن قوّة


النزعة العرقيّة (القوميّة) في عقله ونفسيته!

ونراه مع معرفته بمنزلة الامام (ع) في الاسلام وفي الامّة، ومع علمه بحقّانيّة خروج الامام (ع) لايـنـدفـع إلي نـصـرة الامـام (ع) والانـضـمـام إليـه، بل يبقي همّه في ماء بئره كيف يكثر ويحلو! وببركة الامام (ع)!!

لقـد فـوّت عـليـه حبّ العافية والمنفعة الذاتيّة فرصة العمر النادرة بمرور الامام (ع) به في عدم اغتنامها بنصرته والالتحاق به والفوز بشرف الدنيا والاخرة في الاستشهاد بين يديه، وتسافل بهمّه إلي درجة أن انحصر في كثرة ماء البئر وعذوبته!

ونـري ابـن مـطـيـع هـذا يـكـشـف عـن كـذبـه فـي دعـوي حـبـّه للامـام (ع) بـعـد مـقـتـل الامـام (ع)، حـيـن انـضـمَّ إلي ابـن الزبـيـر، وصـار عـامـلاله عـلي الكـوفـة، (فـجـعـل يـطـلب الشـيـعـة ويـخـيـفـهـم)، [1] وقاتلهم في مواجهته لحركة المختار، واسـتـعـان عـليـهـم بـقـتـلة الامـام الحـسـيـن (ع) أنـفـسـهـم، أمثال شمر بن ذي الجوشن وشبث بن ربعي وغيرهم!! [2] .

وفـي أوّل خـطـبـة له فـي الكـوفـة أعـلن عـن عـزمـه عـلي تـنـفـيـذ أمـر ابـن الزبـيـر في السير بـأهـل الكـوفـة بـسـيـرة عـمـر بـن الخـطـّاب وسـيـرة عـثـمـان بـن عـفـّان، لكـنـّه فـوجـئ بـحـنين أهل الكوفة إلي سيرة عليّ (ع) ورفضهم للسِّيَر الاخري، حين قام إليه السائب بن مالك الاشـعـري فـقـال له: (أمـّا حـمـلُ فـيـئنـا بـرضـانـا فـإنـّا نـشـهـد أنـّا لانـرضـي أن يـُحـمـل عـنّا فضلُه، وأن لايُقَسَّم إلاّ فينا، وألاّ يُسار فينا إلاّ بسيرة عليٍّّ بن أبي طالب (ع) التـي سـار بـهـا في بلادنا هذه حتّي هلك، ولاحاجة لنا في سيرة


عثمان في فيئنا ولافي أنفسنا، ولافي سيرة عمر بن الخطّاب فينا، وإن كانت أهون السيرتين علينا...). [3] .


پاورقي

[1] تأريخ اليعقوبي، 2: 258.

[2] راجع: الکامل في التأريخ، 4: 216 ـ 217.

[3] الکامل في التأريخ، 4: 212 ـ 213.