بازگشت

الخطة العسكرية للحفاظ علي حياة الامام


لقد احتاط الامام (ع) في توجّهه إلي لقاء الوليـد بـن عـتـبـة بـمـجـمـوعـة كـافـيـة مـن رجـاله المـسـلّحـيـن (فـي ثـلاثـيـن رجـلامـن أهـل بـيـتـه ومـواليـه وشـيـعـتـه: عـلي مـا فـي روايـة الفـتـوح) تـحـسـّبـا لمـحـاولة اغـتياله من قـبـل السـلطـة الامـويـّة فـي مـقرّ والي المدينة الوليد بن عتبة الذي وصفه الامام (ع) علي ما في رواية الشيخ المفيد (ره) بأنّه (غير مأمون)، خاصّة وأنّ الامويّين يعلمون أنّ الامام الحسين (ع) يـتـربـّص بـهـم الظـرف المـناسب للخروج والثورة عليهم، [1] وأنّه إنّما آثر المتاركة المؤقّتة بينه وبينهم لبقاء معاوية في الحياة، لاسباب تتعلّق بشخصيّة معاوية، كنّا قد فصّلنا القول فيها من قبل.

وقـد كـشـف مـروان بـن الحـكـم فـي هـذا اللقـاء عـن هـذا العلم وهذه القناعة بقوله علي ما في رواية الفـتـوح: (و واللّه ليـخـرجـنّ عـليـك وعـلي أمـير المؤمنين) وقوله علي ما في رواية الارشاد: (واللّه لئن فـارقـك الحـسـيـن الساعة ولم يبايع لاقدرت منه علي


مثلها أبدا حتّي تكثر القتلي بينكم وبينه...)

مـن هـنـا، كـان الاحـتـمـال قـويـّا فـي أن تـقـدم السـلطـة الامـويـّة عـلي اغـتيال الامام (ع) إجهاضا لحركة الثورة قبل اندلاعها والاعلان عنها، وقد سعت السلطة الامويّة إلي تنفيذ هذه المحاولة بعد ذلك في المدينة وفي مكّة كما سيأتي في ثنايا هذا البحث.

وبـعـد قـتـل الامـام (ع) فـي مـقـرّ الوالي فـي الظـلام بـعـد مـنـتـصـف الليـل ـ عـلي فـرض نـجـاح عـمـليـّة الاغـتـيـال ـ فـإنّ السـلطـة الامـويـّة تـسـتـطـيـع أن تـفـتـعـل قصّة مكذوبة لقتله تتّهم بها بريئا لتضليل بني هاشم خاصّة والامّة عامّة، ثمّ تقوم هي بـقـتـل ذلك البـريء فـي إطـار مـطـاردة مـسـرحـيـّة مـفتعلة، وتخرج منها السلطة الامويّة وكأنّها المـطـالب بـدم الامـام (ع) والاخـذ بـثـأره، وفي الوقت نفسه تكون قد قضت علي قائد الثورة قبل اندلاعها والاعلان عنها.

لذا فـقـد أراد الامـام (ع) أن يـفـوّت هـذه الفـرصـة المـحـتملة علي السلطة الامويّة بإعداد قوّة عـسـكـريـّة مـكوّنة من ثلاثين من أهل بيته وشيعته ومواليه شاكين بالسلاح ليكونوا علي الباب بانتظار الاشارة منه للتدخل في اللحظة المناسبة، وبذلك يكون الامام (ع) قادرا علي الامتناع علي أيّ محتمل من محتملات السوء في لقاء تلك الليلة مع الوليد.


پاورقي

[1] کـنـّا قـد بـيـّنّا في الفصل الاوّل تحت عنوان (الاخبار بمقتله (ع) أنّه قد شاع آنذاک نـتـيـجـة أخـبار الملاحم والفتن التي تناقلتها الامّة عن النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) والامام الحـسـيـن نـفـسـه أنـّه (ع) سـوف يقتل مع کوکبة من أنصاره في کربلاء من أرض العراق، وأنّ قـاتـله يـزيـد. بـل کـان أصـحـاب عـليّ(ع) يـشـيـرون إلي عـمـر بـن سـعـد إذا دخل المسجد قائلين: هذا قاتل حسين بن علي (ع). حتّي شکا عمر ذلک إلي الامام الحسين (ع) نفسه! والمتتبّع يعلم أنّ الامويّين کفصيل من حرکة النفاق کانت لهم عناية فائقة بتلکم الاخبار.