بازگشت

الرواية 4


(وأخـبـرنـا مـحـمـّد بـن أبـي الازهـر قـال: حـدّثـنـا الزبـيـر قـال: حـدّثنا أبوزيد عمر بن شبّة قال: حدّثنا سعيد بن عامر الضبعي، عن جويريّة بن أسماء قال:

لمـّا أراد مـعـاويـة البـيـعـة ليـزيـد ولده كـتـب إلي مـروان وهو عامله علي المدينة، فقراء كتابه وقـال: إنّ أمير المؤمنين قد كبر سنّه ودقَّ عظمه، وقد خاف أن يأتيه أمر اللّه تعالي فيدع الناس كالغنم لاراعي لها، وقد أحبّ أن يُعلِمَ عَلَما ويقيمَ إماما!

فقالوا: وفّق اللّه أمير المؤمنين وسدّده، ليفعل!

فكتب بذلك إلي معاوية، فكتب إليه: أن سمِّ يزيد!

قال: فقراء الكتاب عليهم وسمّي يزيد، فقام عبدالرحمن بن أبي بكر (ر).

فـقال: كذبت واللّه يا مروان وكذب معاوية معك! لايكون ذلك! لاتُحدِثوا علينا سنّة الروم! كلّما مات هرقل قام مكانه هرقل!

فـقـال مـروان: إنّ هـذا الذي قـال لوالديـه: أُفٍّ لكـمـا أتـعـدانـنـي أن أُخـرج. قـال: فـسـمـعـت ذلك عـائشـة (رض) فـقـالت: ألابـن الصـديـق يقول هذا!؟ استروني.


فستروها، فقالت: كذبت واللّه يا مروان، إنّ ذلك لرجلٌ معروف نسبه.

قـال: فـكتب بذلك مروان إلي معاوية، فأقبل، فلمّا دنا من المدينة استقبله أهلها، فيهم عبداللّه بـن عـمـر وعـبـداللّه بـن الزبـير والحسين بن علي وعبدالرحمن بن أبي بكر رضوان اللّه عليهم أجمعين.

فأقبل علي عبدالرحمن بن أبي بكر فسبّه فقال: لامرحبا بك ولاأهلا!

فلمّا دخل الحسين (ع) قال: لامرحبا بك ولاأهلا، بَدَنَةٌ يترقرق دمها واللّه مهريقه!

فلمّا دخل ابن الزبير قال: لامرحبا بك ولاأهلا، ضبُّ تلعة مدخلٌ رأسه تحت ذنبه!

فلمّا دخل عبداللّه بن عمر قال: لامرحبا بك ولاأهلاوسبّه.

فقال: إنّي لست بأهل لهذه المقالة.

قال: بلي، ولما هو شرّ منها!

قـال: فـدخـل مـعاوية المدينة وأقام بها، وخرج هؤلاء الرهط معتمرين، فلمّا كان وقت الحجّ خرج معاوية حاجّا.

فأقبل بعضهم علي بعض فقالوا: لعلّه قد ندم!

فأقبلوا يستقبلونه. قال: فلمّا دخل ابن عمر قال: مرحبا بك وأهلابابن الفاروق، هاتوا لابي عـبـدالرحـمـن دابـّة! وقـال لابـن أبـي بـكـر: مـرحـبـا بـابـن الصـدّيـق، هـاتـوا له دابـّة! وقـال لابـن الزبـيـر: مـرحـبـا بـابـن حـواريّ رسـول اللّه، هـاتـوا له دابـّة! وقال للحسين: مرحبا بابن رسول اللّه، هاتوا له دابّة!

وجعلت ألطافُه تدخل عليهم ظاهرة يراها الناس، ويُحسن إذنهم وشفاعتهم.


قال: ثمّ أرسل إليهم!

فقال بعضهم لبعض: من يكلّمه؟

فأقبلوا علي الحسين فأبي!

فقالوا لابن الزبير: هات، فأنت صاحبنا.

قال: علي أن تعطوني عهد اللّه ألاّ أقول شيئا إلاّ تابعتموني عليه!

قال: فأخذ عهودهم رجلارجلا، ورضي من ابن عمر بدون ما رضي به من صاحبيه.

قال: فدخلوا عليه، فدعاهم إلي بيعة يزيد، فسكتوا!

فقال: أجيبوني. فسكتوا!

فقال: أجيبوني. فسكتوا!

فقال لابن الزبير: هات، فأنت صاحبهم!

قال: إخترْ منّا خصلة من ثلاث!

قال: إنّ في ثلاث لمخرجا.

قال: إمّا أن تفعل كما فعل رسول اللّه (ص).

قال: ماذا فعل؟


قال: لم يستخلف أحدا!

قال: وماذا؟

قال: أو تفعل كما فعل أبوبكر.

قال: فعل ماذا؟

قال: نظر إلي رجل من عرض قريش فولاّه!

قال: وماذا؟

قال: أو تفعل كما فعل عمر بن الخطّاب.

قال: فعل ماذا!؟

قال: جعلها شوري في ستّة من قريش!

قـال: ألاتـسـمـعـون!؟ إنـّي قـد عـوّدتـكـم عـلي نـفـسـي عـادة، وإنـّي أكـره أن أمـنـعـكـمـوهـا قـبـل أن أبـيـّن لكم، إن كنت لاأزال أتكلّم بالكلام فتعترضون عليّ فيه، وتردّون عليّ، وإنـّي قـائم فـقـائل مقالة، فإيّاكم أن تعترضوا حتّي أتمّها، فإن صدقت فعليَّ صدقي، وإن كذبتُ فعليَّ كذبي، واللّه لاينطق أحدٌ منكم في مقالتي إلاّ ضربتُ عنقه!

ثمّ وكّل بكلّ رجل من القوم رجلين يحفظانه لئلاّ يتكلّم...

وقام خطيبا فقال: إنّ عبداللّه بن عمر وعبداللّه بن الزبير والحسين بن علي وعبدالرحمن بن أبي بكر قد بايعوا، فبايعوا.

فـانـجـفـل النـاس عـليـه يـبـايـعـونـه، حتّي إذا فرغ من البيعة ركب نجائبه فرمي إلي الشام وتركهم. فأقبل الناس علي الرهط يلومونهم!

فقالوا: واللّه ما بايعنا، ولكن فعل بنا وفعل). [1] .

ورواها ابن الاثير مرسلة بتفاوت في كتابه الكامل في التأريخ، [2] وفيها:

أنّ معاوية قال لابن الزبير أخيرا: هل عندك غير هذا!؟


قال: لا.

ثمّ قال: فأنتم!؟

قالوا: قولنا قوله!

كما رواها ابن قتيبة مرسلة بتفاوت أيضا في الامامة والسياسة. [3] .

ويـكـفـي في مناقشة سندها أن نقول إنّ الراوي الذي ينتهي إليه سند هذه الرواية هو جويريّة بن أسـمـاء الذي قـال فـيـه الامـام جـعـفـر بـن مـحمّد الصادق (ع): (وأمّا جويريّة فزنديق لايفلح أبدا). [4] .

وأمـّا أوّل رجـل فـي سـنـدهـا، وهـو مـحـمـّد بـن أبـي الازهـر فـقـد قـال الذهـبـي فـي تـرجـمـتـه: (يـروي عـن الزبـيـر بـن بـكـّار، فـيـه ضـعـف وقـد تُرك، واتُّهم وقيل بل هو متّهم بالكذب. قال الخطيب: قد وضع أحاديث). [5] .

فالرواية ساقطة سندا.

أمـّا مـتـنـهـا فـقـد احـتـوي عـلي مـا تـأبـاه سـاحـة الحـسـيـن (ع) المـقـدّسـة وتـتـنـزّه عـنـه، مـن قبيل سكوته وهو صاحب شعار (هيهات منّا الذلّة) علي الاهانة التي وجّهها إليه معاوية عندما لقيه علي مشارف المدينة حيث قال له بزعم هذه الرواية:

(لامرحبا بك ولاأهلا، بدنة يترقرق دمها واللّه مهريقه!).

ومـن قـبـيـل تفويض الامر لابن الزبير ليكون ناطقا باسم كبّار المعارضين، والامام الحسين (ع) يـعـلم مـن هـو ابـن الزبـيـر وما هي دوافعه للمعارضة! ويعلم انحراف عقيدته! ويعلم رأيه في أهل البيت (ع) وفي قضيّة الخلافة بالذات التي


هي أساس المحاجّة مع معاوية!!

فـكـيـف يـمـكـن للامـام (ع) أن يـُمـضـي قـول ابـن الزبـيـر وادّعـاءه أن رسول اللّه (ص) قبض ولم يستخلف أحدا!؟

أليـس إمـضـاء هـذا القـول إقرارا بالمغالطة الكبري التي أُغتُصبت بها الخلافة، وتنازلاعن مبداء القول بالنصّ علي خلافة عليّ (ع)!؟

هـذا فضلاعن أنّ الامام (ع) لاتنقصه الجرأة والقدرة والبلاغة علي مخاطبة معاوية بما هوالحقّ، وكلّ مواقف الامام (ع) مع معاوية شاهدة علي جراءته في الصدع بالحقّ والامر بالمعروف والنهي عن المنكر!



پاورقي

[1] کـتـاب الامـالي (النـوادر مـنه) لابي علي القالي، 3: 175 ـ 176، دارالکتب العلميّة بيروت.

[2] الکامل في التأريخ، 3: 508 ـ 511.

[3] الامامة والسياسة، 1: 190 ـ 191.

[4] إختيار معرفة الرجال (رجال الکشّي)، 2: 700، حديث 742.

[5] ميزان الاعتدال، 4: 35، دارالفکر.