بازگشت

ثورة التوابين


وكانت هذه الثورة ردّ فعل خالصا لثورة الامام الحسين (ع)، إذ لم يكن لغـيـر ثـورة الامـام الحـسـين (ع) أثر فيها، وقد انبعثت نتيجة الشعور بالاثم والندم والحسرة عـلي عـدم نـصـرة الامـام الحـسـيـن (ع)، وقـد رأي الثـوّار فـيـهـا أنـّه لايـغـسـل عـارهـم والاثـم عـنـهـم إلاّ قـتـل مـن قـتـل الامـام (ع) أوالقتل في هذا الامر، وكان زعيم هذه الثورة سليمان بن صرد الخزاعي، وقد ابتداء الاعداد لهذه الثورة اجتماعيّا وعسكريّا بعد عاشوراء سنة إحدي وستّين للهجرة، وكان هذا الاعداد سرّيا حتّي مـات يـزيد، فخرجوا بعد موته من السر إلي العلن، فتوجّهوا سنة خمس ‍ وستّين للهجرة إلي قـبـر الامـام الحـسين (ع)، فلمّا وصلوا إليه صاحوا صيحةً واحدةً، فما رُئِيٍَّ أكثر باكيا من ذلك اليوم، وكان من قولهم عند تربته:

(أللّهـمّ ارحم حسينا الشهيد ابن الشهيد، المهديَّ بن المهديِّ، الصدّيقَ بن الصدّيقِ، أللّهمّ إنّا نشهدك أنّا علي دينهم وسبيلهم، وأعداء قاتليهم وأولياء محبّيهم، أللّهمّ إنّا خذلنا ابن بنت نبيّنا (ص)، فاغفرلنا ما مضي منّا وتب علينا، وارحم حسينا وأصحابه الشهداء الصدّيقين، وإنّا نـشـهـدك أنـّا عـلي ديـنهم وعلي ما قتلوا عليه، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين. [1] .

ثـمّ تـوجـّهـوا إلي الشـام، والتـحـموا مع كتائب الجيش الامويّ في منطقة (عين الوردة) في وقعة دمويّة رهيبة هزّت نتائجها الفادحة أركان الحكم الامويّ هزّا عنيفا!


(ولقـد اعـتـبـر التـوّابـون أنّ المـسـؤول الاوّل والاهـمّ عـن قتل الحسين (ع) هو النظام وليس الاشخاص، وكانوا مصيبين في هذا الاعتقاد، ولذا نراهم توجّهوا إلي الشام، ولم يُلقوا بالاإلي من في الكوفة من قتلة الحسين (ع). [2] .

ولقـد شـهـد المـجـتـمـع الاسـلامـي فـي هـذه الثـورة ظـاهـرة جـمـاعـيـّة جـديـدة انـبـعـثـت بـعـد خـمودٍ طـويـل، وهـي ظـاهـرة روحـيـّة الفـداء والتـضـحـيـة وطـلب المـوت، بـعـد وهـن غـامـر تـمثّل في حبّ الدنيا وكراهية الموت، هذا الوهن الذي جثم علي قلب هذه الامّة نتيجة الافساد الامويّ المتعمّد.

انّ من يتأمّل في خطب قادة ثورة التوّابين يكتشف بوضوح كيف أنّ ثورة الامام الحسين (ع) كانت قـد عـصـفـت بـكـلّ ركـام مـعـانـي العـجـز والوهـن والانـهـيـار والتـلوّن، وأحـلّت محل ذلك الرغبة في الاستقامة والتحرّر والاستشهاد.


پاورقي

[1] الکامل في التأريخ، 4:178.

[2] ثورة الحسين (ع) ظروفها الاجتماعيّة وآثارها الانسانيّة: 264.