بازگشت

خطبه الامام زين العابدين علي منبر دمشق بمحضر يزيد و اشراف اهل الشام


روي ابوالفرج المرواين في اواخر مقتل الامام الحسين عليه السلام، من كتاب مقاتل الطالبين، ص 121، قال:

ثم امر يزيد علي بن الحسين اين يصعد المنبر فيخطب [1] فيعذر الي الناس مما كان من ابيه!!! فصعد [علي بن الحسين] المنبر فحمد الله و اثني عليه و قال:

ايها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فانا اعرفه بنفسي: انا علي بن الحسين، انا ابن البشير النذير، انا ابن الداعي الي الله باذنه، انا ابن السراج المنير. [2] .

ثم قال ابوالفرج: و هي خطبه طويله كرهت الاكثار بذكرها و ذكر نظائرها.


خطبه الامام زين العابدين عليه السلام في اهل الشام من طريق آخر

روي الحافظ السروي [3] قال: و [جاء] في كتاب الاحمر [ما هذا لفظه:]

قال الاوزاعي: لما اتي بعلي بن الحسين عليهماالسلام و راس ابيه الي يزيد بالشام، قال [يزيد] لخطيب بليغ: خذ بيد هذا الغلام، فات به المنبر، و اخبر الناس بسوء راي ابيه و جده و فراقهم الحق و بغيهم علينا!!!

قال: [فصعد الخطيب المنبر] فلم يدع شيئا من المساوي الا ذكره فيهم، فلما نزل [الخطيب] قام علي بن الحسين، فحمد الله بمحامد شريفه، و صلي علي النبي صلاه بليغه موجزه، ثم قال:

معاشر الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فانا اعرفه نفسي انا ابن مكه و مني [و] انا ابن المروه و الصفا، انا ابن محمد المصطفي انا ابن من لا يخفي؟ انا ابن من علا فاستعلي فجاز سدره المنتهي و كان من ربه كقاب قوسين او ادني انا ابن من صلي بملائكه السماء مثني مثني انا ابن من اسري به من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي انا ابن علي المرتضي انا ابن فاطمه الزهراء 7 انا ابن خديجه الكبري انا ابن المتقول ظلما، انا ابن المجزوز الراس من القفا، انا ابن العطشان حتي قضي انا ابن طريح كربلاء انا ابن مسلوب العمامه و الرداء، انا ابن من بكت عليه ملائكه السماء، انا ابن من ناحت عليه الجن في الارض و الطير في الهواء، انا ابن من راسه علي السنان يهدي انا ابن من حرمه من العراق الي الشام تسبي.


ايها الناس ان الله تعالي - و له الحمد ز ابتلانا اهل البيت ببلاء حسن حيث جعل رايه الهدي و العدل و التقي فينا، و جعل رايه الضلاله و الردي في غيرنا، [و] فضلنا اهل البيت بست خصال: فضلنا بالعلم و الحلم و الشجاعه و السماحه و المحبه و المحله في قلوب المومنين، و اتانا ما لم يوت احدا من العالمين: فينا مختلف الملائكه و تنزيل الكتب.

قال: فلم يفرغ [علي بن الحسين من كلامه] حتي قال الموذن: الله اكبر. فقال علي: الله اكبر كبيرا. فقال الموذن: اشهد ان لا اله الا الله. فقال علي بن الحسين: اشهد بما تشهد به. فلما قال الموذن: اشهد ان محمدا رسول الله. قال علي: يا يزيد [محمد] هذا جدي او جدك؟ فان قلت: [هو] جدك فقد كذبت، و ان قلت: جدي فلم قتلت ابي و سبيت حرمه و سبيتني؟.

ثم قال: معاشر الناس هل فيكم من ابوه و جده رسول الله صلي الله عليه و آله [و سلم؟]. فعلت الاصوابت بالبكاء.


صوره اخري لخطبه الامام علي بن الحسين عليهماالسالم بمحضر من اشراف الشام و يزيد

روي الخوارزمي في كتابه مقتل الحسين عليه السلام: ج 2 ص 69 ط 1، قال:

و روي ان يزيد، امر بمنبر و خطيب ليذكر للناس مساوي الحسين و ابيه علي عليهماالسلام، فصعد الخطيب المنبر فحمد الله و اثني عليه، و اكثر الوقيعه في علي و الحسين، و اطنب في تقريظ معاويه و يزيد!!!

فصاح به علي بن السين: ويلك ايها الخاطب اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق، فتبوا مقعدك من النار!

ثم [التفت علي بن الحسين الي يزيد، و] قال: يا يزيد ائذن لي حتي اصعد هذه الاعواد، فاتكلم بكلمات فيهن لله رضا و لهولاء الجالسين اجر و ثواب.

فابي يزيد [ان ياذن له] فقال الناس: يا اميرالمومنين ائذن له ليصعد فلعلنا نسمع منه شيئا؟ فقال لهم [يزيد ياذن له] فقال الناس: يا اميرالمومنين ائذن له ليصعد فلعلنا نسمع منه شيئا؟ فقال لهم [يزيد: انه] ان صعد المنبر لم ينزل الا بفضيحتي و فضيحه آل ابي سفيان. فقالوا: و ما قدر ما يحسن هذا الفتي؟ فقال: انه من اهل بيت قد زقوا العلم زقا!! و لم يزالوا به حتي اذن له بالصعود.

فصعد [علي بن الحسين] المنبر فحمد الله و اثني عليه، ثم خطب خطبه ابكي منها العيون، و اوجل منها القلوب، فقال فيها:

ايها الناس اعطينا ستا و فضلنا بسبع، اعطينا العلم و الحلم و السماحه و الفصاحه و الشجاعه و المحبه في قلوب المومنين.

و فضلنا بان منا النبي المختار محمدا صلي الله عليه و آله و سلم، و منا الصديق، و منا الطيار و منا اسد الله و اسد الرسول، و منا سيده نساء العالمين فاطمه البتول، و منا سبطا هذه الامه و سيدا شباب اهل الجنه، فمن عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني انباته بحسبي و نسبي:

انا ابن مكه و مني انا ابن زمزم و صفا، انا ابن من حمل الزكاه باطراف الرداء، اثا ابن خير من اثتزر و ارتدي انا ابن خير من انتعل و احتفي انا ابن خير من طاف و سعي انا ابن خير من حج و لبي انا ابن من حمل علي البراق في الهواء، انا ابن من اسري به من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي فسبحان من اسري؟ انا ابن من بلغ به جبرائيل


الي سدره المنتهي انا ابن من دني فتدلي فكان من ربه قاب قوسين او ادني انا ابن من صلي بملائكه السماء، انا ابن من اوحي اليه الجليل ما اوحي انا ابن محمد المصطفي انا ابن علي المرتضي انا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتي قالوا: لا اله الا الله. انا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين، و طعن برمحين، و هاجر الهجرتين، و بايع البيعتين، و صلي القبلتين، و قاتل ببدر و حنين، و لم يكفر بالله طرفه عين، انا ابن صالح المومنين، و وارث النبيين، و قامع الملحدين، و يعسوب المسلمين، و نور المجاهدين، وزين العابدين، و افضل القائمين من آل ياسين، و رسول رب العالمين.

انا ابن المويد بجبرائيل، المنصور بيميكائيل، انا ابن المحامي عن حرم السلمين، و قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين، و المجاهد اعداءه الناصبين، و افخر من مشي من قريش اجمعين، و اول من اجاب و استجاب لله من المومنين، و اقدم السابقين، و قاصم المعتدين، و مبير المشركين، و سهم من مرامي الله علي المنافقين، و لسان حكمه العابدين:

ناصر دين الله، و ولي امر الله، و بستان حكمه الله، و عبيه علم الله.

سمح سخي بهلول زكي، ابطحي رضي مرضي، مقدام همام، صابر صوام، مهذب قوام 7 شجاع قمقام، قاطع الاصالاب، و مفرق الاحزاب.

اربطهم جنانا، و اطلقهم عثانا، و اجراهم لسانا، و امضاهم عزيمه و اشدهم شكيمه.

اسد باسل، و غيث هاطل، يطحنهم في الحروب - اذا ازدلفت الاسنه، و قربت الاعنه - طحن الرحي و يذروهم ذرو الريح الهشيم.

ليث الحجاز، و صاحب الاعجاز، و كبش العراق، [و] الامام بالنص و الاستحقاق. مكي مدني ابطحي تهامي خيفي عقبي بدري احدي شجري مهاجري.

من العرب سيدها و من الوغي ليثها، وارث المشعرين، و ابوالسبطين: الحسن و الحسين، مظهر العجائب، و مفرق الكتائب، و الشهاب الثاقب، و النور العاقب؟ اسد الله الغالب، مطلوب كل طالب [و] غالب كل غالب، ذاك جدي علي بن ابي طالب.

انا ابن فاطمه الزهراء، انا ابن سيده النساء، انا ابن الطهر البتول، انا ابن بضعه الرسول.


قال [الرواي]: و لم يزل يقول: انا انا، حتي ضج الناس بالكباء و النجيب، و خشي يزيد ان تكون فتنه، فقطع عليه الكلام [4] و امر الموذن ان يوذن، فسكت [علي بن الحسين] فلما قال الموذن 6 الله اكبر. قال علي بن الحسين: كبرت تكبيرا لا يقاس، و لا يدرك بالحواس، لا شي ء اكبر من الله.

فلما قال [الموذن]: اشهد ان لا اله الا الله. قال علي: شهد بها شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عظمي.

فلما قال: اشهد ان محمدا رسول الله. التفت علي من اعلي المنبر الي يزيد، و قال: يا يزيد محمد هذا جدي ام جدك؟ فان زعمت انه جدك فقد كذبت، و ان قلت: انه جدي فل قتلت عترته؟

قال [الرواي: و لما] فرغ الموذن من الاذان و الاقامه، تقدم يزيد، و صلي صلاه الظهر. [5] .


و ايضا روي الخوارزمي في آخر الفصل الحادي عشر من كتابه: مقتل الحسين عليه السلام: ج 2 ص 72 قال:

و خرج علي بن الحسين [عليهماالسلام] ذات يوم فجعل يمشي في سوق دمشق، فاستقبله المنهال بن عمرو الضبابي [6] فقال [له]: كيف امسيت يا ابن رسول الله؟ فقال: امسينا و الله كبني اسرائيل في ال فرعون!! يذبحون ابنائهم و يستحيون نساءهم!!!

يا منهال امست العرب تفتخر علي العجم بان محمدان صلي الله عليه و آله و سلم عربي، و امست قريش تفتخر علي سائر بان محمدا قرشي منها، و امسينا آل بيت محمد و نحن مغصوبون مظلومون مقهورون مقتلون مشردون، فانا لله و انا اليه راجعون علي ما امسينا يا منهال؟. [7] منقوصا حقه!!!

ثم قال الخوارزمي: و روي هذا الحديث، عن الحارث بن الجارود التيمي انه رآي علي بن الحسين بالمدينه فقال له: كيف اصبحت؟

و ساق الحديث [كما ذكر هاهنا].

اقول: و الحديثان ايجابيان لا تنافي بينهما، و لا مانع لتعددهما، و قد تقدم في مقدمه كتابنا هذا، صور الحديث عن غير واحد من اهل البيت عليهم السلام فراجع.


و روي سبط ابن الجوزي في اواخر ما جري علي اهل البيت عليهم في الشام، في كتابه: مرآه الزمان المخطوط، ص 101، قال:

و قال يزيد لعلي بن الحسين: ان احببت الاقامه عندنا وصلنا رحمك و عرفنا حقك، و ان احببت رددناك الي بلدك؟ فقال [علي بن الحسين]: بل تردني الي بلدي.

فوصلهم [يزيد] وردهم و بعث معهم محرز بن حزيب الكلبي؟ [8] .


و روي الخوارزمي في كتابه: مقتل الحسين عليه السلام: ج 2 ص 59، ط 1 قال: اخبرنا العلامه فخر خوارزم ابوالقاسم محمود عمر الزمخشري [قال:] اخبرنا الفقيه ابوالحسن علي بن ابي طالب الفرزادي بالري؟ اخبرنا الفقيه ابوبكر طاهر بن الحسن السمان الرازي اخبرني عمي الشيخ الزاهد ابو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان الرازي اخبرني ابوالحسين عبيدالله بن احمد بن محمد بن ابي خراسان؟ بقراءتي عليه، حدثني محمد بن عبدالله [بن] عتاب، حدثني الحارث بن محمد بن ابي اسام، حدثني محمد بن سعد، اخبرني محمد بن عمر، حدثني محمد بن عبدالله بن عبيد بن عمير:

عن عكرمه بن خالد، قال: اتي براس الحسين الي يزيد بن معاويه بدمشق فنصب، فقال يزيد: علي بالنعمان بن بشير. [فارسلوا اليه] فلما جاء قال [له يزيد]: كيف رايت ما فعل عبيدالله بن زياد؟ قال [النعمان]: الحرب دول. فقال [يزيد]: الحمد لله الذي قتله. قال النعمان: قد كان اميرالمومنين - يعني معاوه - يكره قتله. فقال [يزيد] ذلك قبل ان يخرج، و لو خرج علي اميرالمومنين و الله قتله ان قدر [عليه]. قال النعمان: ما كنت ادري ما كان يصنع.

ثم خرج النعمان، فقال [يزيد لخواصه]: هو كما ترون الينا منقطع، و قد ولاه اميرالمومنين و رفعه، ولكن ابي كان يقول: لم اعرف انصاريا قط الا يحب عليا و اهله و يبغض قريشا باسرها. [9] .


و روي ابن عبد ربه في عنوان: «مقتل الحسين بن علي عليهماالسلام» من كتاب العسجده الثانيه في الخلفاء و تواريخهم من العقد الفريد: ج 3 ص 137 قال:

عن علي بن عبدالعزيز، عن محمد بن الضحاك بن عثمان الحزامي عن ابيه، قال:

و سار الحسين الي الكوفه - و ساق بعض ما جري علي الامام الحسين عليه السلام الي ان قال -:

فقتله عبيدالله بن زياد، و بعث براسه و ثقله الي يزيد، فلما وضع الراس بين يديه تمثل بقول حصين بن الحمام المري [ظ]:



نفلق هاما من رجال اعزه

علينا و هم كانوا اعق و اظلما



فقال له علي بن الحسين - و كان في السبي -: كتاب الله اولي بك من الشعر، يقول الله: (ما اصاب من مصيبه في الارض و لا في انفسكم الا في كتاب من قبل ان نبراها، ان ذلك علي الله يسير، لكيلا تاسوا علي ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم ان الله لا يحب كل مختال فخور) [22/ الحديد: 57].

فغضب يزيد، و جعل يعبث بحليته، ثم قال: غير هذا من كتاب الله اولي بك و بابيك، قال الله: (و ما اصابكم من مصيبه فبما كسبت ايديكم و يعفو عن كثير) [30 / الشوري: 42]

[ثم قال يزيد:] ما ترون يا اهل الشام في هولاء؟ فقال له رجل منهم: لا تتخذ م كلب سوء جروا!!!

[و] قال النعمان بن بشير الاصناري: انظر ما كان يصنعه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بهم لو رآهم في هذه الحاله، فاصنعه بهم. قال [يزيد]: صدقت، خلوا عنهم و اضربوا عليهم القباب، و امال عليهم المطبح؟ و اخرج اليهم جوائز كثيره، و قال: لو كان ين ابن مرجانه و بينهم نسب ما قتلهم. ثم ردهم الي المدينه.


و بالسند المتقدم عن ابي مخنف، عن الحارث بن كعب، عن فاطمه بنت علي عليهماالسلام قالت:

ثم قال يزيد: يا نعمان بن بشير، جهزهم بما يصلحهم و ابعث معهم رجلا من اهل الشام، امينا صالحا، و ابعث معه خيلا و اعوانا فيسير بهم الي المدينه؟.

ثم امر بالنسوه ان ينزلن في دار علي حده، معهن ما يصلحهن و معهن اخوهن علي بن الحسين في الدار التي هن فيها.

فخرجن حتي دخلن دار يزيد، فلم تبق من آل معاويه امراهالاسقبلتهن تبكي وتنوح علي الحسي،فاقاموا عليه المناحه ثلاثا. [10] .

و كان يزيد لا يتغدي و لا يتعشي الا دعا علي بن الحسين اليه، فدعاه ذات يوم و دعا [معه] عمرو بن الحسن بن علي و هو غلام صغير، [و كان مع يزيد ابنه خالد] فقال لعمرو بن الحسن: اتصارع هذا الفتي [11] يعني خالدا ابنه. قال: لاولكن اعطني سكينا و اعطه سكينا ثم اقاتله!!! فاخذه يزيد و ضمه اليه [12] ثم قال: «شنشنه اعرفها من اخزم» هل تلد الحيه الا حيه؟!!


و بالسند المتقدم علي ابي مخنف، عن الحارث بن كعب، قال:

و لما ارادوا ان يخرجوا [من دمشق] دعا يزيد علي بن الحسين، ثم قال [له]: لعن الله ابن مرجانه، اما و الله لو اني صاحبه ما سالني خصله ابدا الا اعطيتها اياه، و لدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت و لو بهلاك بعض ولدي ولكن الله قضي ما رايت [13] كاتبني و انه [الي] كل حاجه تكون لك.

فكساهم [يزيد] و اوصي بهم ذلك الرسول، فخرج بهم [الرسول] و كان يسايرهم بالليل، فيكونون امامه حيث لا يفوتون طرفه، فاذا نزلوا تنحي عنهم و تفرق هو و اصحابه حولهم كهيئه الحرس لهم، و ينزل منهم بحيث اذا اراد انسان منهم و ضوءا او قضاء حاجه لم يحتشم، فلم يزل ينازلهم في الطريق هكذا و يسالهم عن حوائجهم و يلطفهم حتي دخلوا [ناحيه] المدينه.


و بالسند المتقدم، عن الطبري عن ابي مخنف قال:

قال الحارث بن كعب: قالت لي فاطمه بنت علي: قلت لاختي زينب: يا اخيه لقد احسن هذا الرجل الشامي الينا في صحبتنا، فهل لك ان نصله؟ فقالت [زينب]: و الله ما معنا شي ء نصله به الا حلينا. قلت لها: فنعطيه حلينا؟ [قالت: نعم] قالت: فاخذت سواري و دملجي و اخذت اختي سوارها و دملجها فبعثنا بذلك اليه و اعتذرنا اليه،و قلنا له: هذا جزاوك بصحبتك ايانا بالحسن من الفعل.

قال [الشامي]: لو كان الذي صنعت انما هو للدنيا، كان في حليكن و دونه ما يرضيني و لكن و الله ما فعلته الا لله و لقرابتكم من رسل الله صلي الله عليه و آله و سلم.


و روي السيد ابن طاوس في كتاب اللهوف، ص 177، قال:

قال بشير بن حذلم: فلما قربنا من المدينه نزل علي بن الحسين عليهماالسلام فحط رحله و ضرب فسطاطه و انزل نساءه، و قال:: يا بشير رحم الله اباك لقد كان شاعرا، فهل تقدر علي شي ء منه؟ قلت: بلي يا ابن رسول الله اني لشاعر. قال: فادخل المدينه و انع ابا عبدالله.

قال بشير: فركبت فرسي و ركضت حتي دخلت المدينه، فلما بلغت مسجد النبي صلي الله عليه و آله رفعت صوتي بالبكاء وانشات اقول:



يا اهل يثرب لا مقام لكم بها

قتل الحسين فادمعي مدارا



الجسم منه بكربلاء مضرج

و الراس منه علي القنات يدار



ثم قلت: [ايها الناس] هذا علي بن الحسين مع عماته و اخواته قد حلوا بساحتكم و نزلوا بفناءكم و انا رسوله اليكم اعرفكم مكانه.

[قال بشير:] فما بقيت في المدينه مخدره و لا محجبه الا برزن من خدورهن مكشوفه شعورهن مخمسه وجوهن ضاربات خدودهن يدعون بالويل و الثبور، فلم ار باكيا [و لاباكيه] اكثر من ذلك اليوم، و لا يوما امر علي المسلمين منه، و سمعت جاريه توح علي الحسين فتقول:



نعا سيدي ناع نعاه فاوجعا

و امر ضني ناع نعاه فافجعا



فعيني جودا بالدموع و اسكبا

وجودا بدمع بعد دممعكما معا



علي من دهي عرش الجليل فزعزعا

فاصبح هذا المجد و الدين اجدعا



علي ابن نبي الله و ابن وصيه

و ان كان عنا شاحظ الدار اشسعا



ثم قالت: ايها الناعي جددت حزننا بابي عبدالله، و خدشت منا قروحا لما تندمل، فمن انت رحمك الله؟

فقلت: انا بشير بن حذلم وجهني مولاي علي بن الحسين عليهماالصلاه و السلام و هو نازل في موضع كذا و كذا مععيال ابي عبدالله و نسائه.

قال [بشير]: فتركوني مكاني و بادروا [الي علي بن الحسين و عماته و اخواته] فضربت فرسي حتي رجعت اليهم فوجدت الناس قد اخذوا الطرق و المواضع، فنزلت علي فرسي و تخطيت رقاب الناس حتي قربت من باب الفسطاط، و كان علي بن


الحسين عليهماالسلام داخلا فخرج و معه خرقه يمسح بها دموعه، و خلفه خادم معه كرسي فوضعه له فجلس عليه و هو لا يتمالك من العبره، فارتفعت اصوات الناس بالبكاء، و حنين الجواري و النساء، و الناس من كل ناحيه يعزونه، فضجت تلك البقعه ضجه شديده، فاوما [علي بن الحسين اليهم] بيده ان اسكتوا. فسكنت فورتهم فقال عليه السلام:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، باري ء الخلائق اجمعين، الذي بعد فارتفع في السماوات العلي و قرب فشهد النجوي نحمده علي عظائم الامور، و فجائع الدهور، و الم الفجائع، و مضاضه اللواذع [14] و جليل الرزء و عظيم المصائب الفاظه الكاظه الفادحه الجائحه. [15] .

ايها الناس ان الله و له الحمد ابتلانا بمصائب جليله، و ثلمه في الاسلام عظيمه، قتل ابوعبدالله و عترته، و سبي نساوه و صبيته، وداروا براسه في البلدان، من فوق عال السنان، و هذه [هي] الرزيه التي لا مثلها رزه.

ايها الناس فاي رجالات منكم يسرون بعد قتله؟ ام ايه عين منكم تحبس دمعها و تضن عن انهمالها [16] فلقد بكت السبع الشداد لقتله، و بكت البحار بامواجها، و السماوات باركگانها، و الارض بارجائها، و الاشجار باغصانها، و الحيتان في لجج البحار، و الملائكه المقربون، و اهل السماوات اجمعون.

ايها الناس اي قلب لا ينصدع لقتله، ام اي فوآد لا يحن اليه [17] ام اي سمع يسمع هذه الثلمه التي ثلمت في الاسلام و لا يصم. [18] .


ايها الناس اصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين عن الامصار [19] كانا اولاد ترك و كابل، من غير جرم اجترمناه، و لا مكروه ارتكبناه، و لا تثمه في الاسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين، ا هذا الا اختلاق.

و الله لو ان النبي تقدم اليهم في قتالنا، كما تقدم اليهم في الوصاه بنا لما ازدادوا علي ما فعلوا بنا [20] فانا لله و انات اليه راجعون، من مصيبه ما اعظمها و اوجعها و اكظها و افظها و امرها و افدحها [21] فعند الله نحتسب فيما اصابنا و ما بلغ بنا، انه عزيز ذوانتقام.



قال الراوي: فقام صوحان بن صعصعه بن صوحان - و كان زمنا - فاعتذر اليه صلوات الله عليه، بما [كان] عنده من زمانه رجليه، فاجابه بقبول عذره و حسن الظن فيه، و شكر له و ترحم علي ابيه.

و روي ابن الجوزي في كتابه: الرد علي المتعصب العنيد، ص 51 طبعه بيروت، قال:

اخبرنا ابن نصار، قال: انبانا ابو محمد ابن السراج، قال: انبانا ابو طاهر ابن العلاف، قال: انبانا ابن اخي ميمي قال: حدثنا الحسين بن صفوان، قال: انبانا ابو بكر ابن ابي الدنيا، قال: حدثنا ابو الوليد، قفال: حدثنا خالد بن يزيد، قال: حدثني عمار الدهني:

عن ابي جعفر [عليه السلام] قال: [لما] قدموا المدينه، خرجت امراه من بنات عبدالمطلب ناشره شعرها، واضعه كمها علي راسها تلقاهم و [هي] تقول:



ماذا تقولون ان قال النبي لكم

كاذا فعلتم و انتم آخر الامم



بعترتي و باهلي بعد مفتقدي

منهم اسري و قتلي ضرجوا بدم



ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم

ان تخلفوني بسوء في ذوي رحم





پاورقي

[1] هذا توضيح لفظ ابي الفرجح، و في مقاتل الطالبيين هذا: «ثم امره ان يصعد المنبر...».

[2] و بعده هکذا: «و هي خطبه طويله کرهت الاکثار بذکرها و ذکر نظائرها».

[3] رواه في اواخر ترجمه الامام عاي بن الحسين عليه‏السلام من کتابه: مناقب ال ابي طالب: ج 3 ص 305، و في ط: ج 4 ص 186، و في طبعه بيروت: ج 4 ص 168.

و رواه عنه المجلسي العظيم قدس الله نفسه، في اواخر مقتل الحسين عليه السلام من کتاب بحار الانوار: ج 45 ص 174.

[4] و في اصلي هکذا: «و خشي يزيد ان تکون فتنه فامر الموذن ان يوذن فقطع عليه الکلام و سکت».

[5] و الخطبه رواها کما هنا، الحافظ السروي في ترجمه الامام زين العابدين عليه‏السلام من مناقب آل ابي طالب: ج 4 ص 168، قال في ذيلها: فعلت الاصوات بالبکاء، فقام اليه رجل من شيعته يقال له: المنهال بن عمرو الطائي - و في روايه: مکحول صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم - فقال له: کيف امسيت يا ابن رسول الله؟ فقال: ويحک کيف امسيت؟ امسينا فيکم کهيئه بني اسرائيل في ال فرعون؟ يذبحون ابنائهم و يستحيون نساءهم!!! و امست العرب تفتخر علي العجم بان محمدا منها؟ و امسي آل محمد مقهورين مخذولين، فالي الله نشکو کثره عدونا و تفرق ذات بيننا، و تظاهر الاعداء علينا.

و رواها عنه المجلسي رفع الله مقامه في بحار الانوار: ج 45 ص 137، نقلا عن کتاب المناقب.

و رواها ايضا الطبرسي بنحو الاختصار، في کتاب الاحتجاج: ج 2 ص 159، و ذکر في اخرها ما هذا لفظه:

فنزل [علي بن الحسين، عن المنبر] فاخذ ناحيه باب المسجد، فلقيه مکحول صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقال له: کيف امسيت يا ابن رسول الله؟ قال: امسينا بينکم مثل بني اسرائيل في ال فرعون، يذبحون ابناءهم و يستحيون نساءهم و في ذلک بلاء من ربکم عظيم!!!.

[6] کذا في اصلي.

[7] و بعده في اصلي هکذا:

و ذکر السيد ابوطالب هذا الحديث: و زاد فيه:

و اصبح خير الامه يشتم علي المنابر، و اصبح شر الامه يمدح علي المنابر، و اصبح مبغضنا يعطي الاموال، و من يح.

[8] هکذا في ترجمه الرجل من النسخه الظاهريه من تاريخ دمشق: ج 19 / الورق...

و مثله في اواخر ترجمه الامام الحسن عليه من الطبقاتالکبري: ج 8 / الورق 66 / ب / ولکن فيه «محرز بن حريث» و في النسخه المخطوطه لکتاب مرآه الزمان - لسبط ابن الجوزي -: و بعث معهم بجرير بن الحريث الکلبي.

و بعده في کتاب مرآه الزمان هکذا: «و خطب يزيد الرباب بنت امري‏ء القيس زوجه الحسين رضي الله عنه!!! فقالت: تقتل زوجي و تنکحني؟ و الله لا کان لي حمو آخر بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

[9] لا شک ان يزيد کان اعرف من النعمان بن بشير بن ايا معاويه و نزعاته، و المتضلع في قصص معاويه و جرائمه يدرک و يعلم علما لا يشويه شک ان معاويه خلف لابيه، فلو کان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ينازعه في رياسته و هو يتمکن عليه لکان يقتله، فضلا عن الحسين و ابيه و اخيه، و اما مدارا، معاويه معه في ايام حياته فانما کانت دهاءا و شيطنه لاجل التحفظ علي رياسته، لا لاجل انه کان يکره قتل الحسين، و کيف کان يکره قتل الحسين و قد حرض بتمام جهده علي قتل اميرالمومنين عليه‏السلام، و قد سم الامام الحسن عليه‏السلام بواسطه بنت الاشعث، ضاعف الله عذابهما.

اما بغض الانصار قريشا فانه کان لعلمهم بان جمهور قريش علي نزعتهم الجاهليه، و اما حبهم لعلي و اولاده عليهم السلام فلا نهم کانوا يعرفون بانهم هم اوصياء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و کانوا يرون ان حبهم علامه الايمان، و بغضهم علامه النفاق، اخذا من قول الرسول الاکرم: «يا علي لا يحبک الا مومن، و لا يبغضک الا منافق» ولکن بالنسبه الي النعمان بن بشير و امثاله، لم يتجاوز حبهم عن التماي القلبي و الاعتقاد الجوانحي و لم يصل حبهم الي مرحله الدوران مع اهل البيت و الکينونه معهم و التبري من اعدائهم و لذا اتصلوا بمعاويه، حرصا علي الدنيا و فرارا من العداله العلويه!!!.

[10] من هذا و امثاله يستفاد، ان النواصب الذين يمنعون من اقامه العزاء علي الحسين عليه‏السلام، و يفتون بتحريم قراءه مقتله، هم اکفر من يزيد، و الام من نساء معاويه و بناته!!!.

[11] هذا هو الصواب، و في اصلي: «فقال [يزيد] لعمر بن الحسن: اتقاتل هذا الفتي؟...».

[12] هذا تجويد عباره الطبري، و اليک لفظها: «فقال له يزيد فاخذه و ضمه اليه ثم قال: «شنشنه اعرفها من اخزم...».

[13] هذا تقليد منه لاخيه الشيطان، حيث نسب غوايته الي الله تعالي کما حکي الله عز و جل منه، في الايه: «29» من سوره الحجر: (قال رب بما اغويتني لازينن لهم في الارض...».

و روي ابن سعد، باسانيده المذکوره في مقتل الحسين عليه‏السلام من الطبقات الکبري: ج 8 / الورق 66 / أ / قال:

ثم دعا [يزيد] بعلي بن حسين و حسن بن حسن، و عمرو بن حسن، فقال لعمرو بن حسن - و هو يومئذ ابن احدي عشر سنه -: اتصارع هذا؟ - يعني خالد بن يزيد - قال 6لاوئلکن اعطني سکينا و اعطه سکينا حتي اقاتله! فضمه اليه يزيد، و قال: شنشنه اعرفها من اخزم، و هل تلد الحيه الا حيه!!!

ثم بعث يزيد الي المدينه، فقدم عليه بعده من ذوي السن من موالي بني هاشم ثم من موالي بني علي، و ضم اليهم ايضا عده من موالي ابي سفيان، ثم بعث بثقل الحسين و من بقي من نسائه و اهله و ولده معهم و جهزهم بکل شي‏ء، و لم يدع لهم حاجه بالمدينه الا امر لهم بها.

و قال لعلي بن الحسين: ان احببت ان تقيم عندنا فنصل رحمک و نعرف لک حقک فعلت، و ان احببت ان اردک الي بلادک و اصلک؟

قال [علي بن الحسين]: بل تردني الي بلادي. فرده الي المدينه و وصله، و امر الرل الذين وجههم معهم ان ينزلوا بهم حيث شاووا و متي شاوا.

و بعث بهم مع محرز بن حريث الکلبي؟ و رجل من بهراء و کانا من افاضل اهل الشام.

[14] الفجائع: جمع الفجيعه: الحوادث الموجعه. و الدهر: جمع الدهر. و المضاضه: وجع المصيبه و حرقتها. و اللاذع: ما يوجع و يوذي.

[15] هذا هو الصواب، و في اصلي: «الفاضعه الکاضه» و الفاضه: الداهيه و هي مونث الفاض و الکاظه من قولهم: کظه الغيض: ملاصدره. و کظ فلان خصمه: الجمه حتي لا يجد مخرجا يخرج اليه. و الفادحه: الثقيله. و الجائه: البليه المهلکه. و الداهيه العظيمه. و انظر ما ياتي في الرقم (8).

[16] تضن - علي زنه تفر و تمنع و بابهما -: تبخل. و الانهمال: فيضان العين بالدموع.

[17] لا ينصدع: لا ينشق. و لا يحن: لا يشتاق.

[18] الثلمه - بالضم ثم السکون ثم الفتحه -: محل الکسر من المسکور، من قولهم: ثم الحائط ثلما - علي زنه ضرب و بابه -: احدث فيه خللا. و ثلم الاناء: کسره من حافته. و لا يصم: لا يذهب.

[19] مذدودين: مطرودين. مدفوعين و شاسعين عن الامصار: مبعدين عنها.

[20] و من هنا و امثاله اخذه السيد مهدي بحر العلوم رفع الله مقامه و قال:



لو انهم امروا بالغض ما صنعوا

فوق الذي صنعوا لوجد جدهم.

[21] فسرنا هذه الالفاظ تحت الرقم: (2) في بدايه هذه الخطبه.