بازگشت

خطبه الامام الحسين في منزل بيضه


و قال (ابو مخنف: عن) عقبه بن ابي العيزار [1] (قال):

قام حسين ب«ذي حسم» فحمد الله واثني عليه ثم قال:

انه قد نزل (بنا) من الامر ما قد ترون، وان الدنيا قد تغيرت و تنكرت، وادبر معروفها و استمرت جدا [2] فلم يبق منها الا صبابه كصبابه الاناء و خسيس عيش كالمرعي الوبيل، ألا ترون ان الحق لا يعمل به، وان الباطل لا يتناهي عنه؟! ليرغب المومن في لقاء الله محقا فاني لا اري الموت الا شهاده ولا الحياه مع الظالمين الا برما [3] .

فقام زهير بن القين البجلي فقال لاصحابه: تتكلمون ام اتكلم؟ قالوا: بل تكلم (انت). فحمد الله فاثني عليه ثم قال: قد سمعنا هداك الله يا ابن رسول الله مقالتك، والله لو كانت الدنيا لنا باقيه و كنا فيها مخلدين الا ان فراقها في نصرك و مواساتك، لآثرنا الخروج معك علي الاقامه فيها!!

قال (ابن ابي العيزار): فدعا له الحسين ثم قال له خيرا.


قال ابو مخنف: عن عقبه بن ابي العيزار: ان الحسين خطب اصحابه و اصحاب الحر ب «البيضه» [4] فحمد الله واثني عليه ثم قال:

ايها الناس ان رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم قال: «من راي سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله مخالفا لسنه رسول الله، يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقا علي الله ان يدخله مدخله».

الا وان هؤلاء (قوم) قد لزموا طاعه الشيطان، و تركوا طاعه الرحمان وأظهروا الفساد، و عطلوا الحدود واستاثروا بالفي ء واحلوا حرام الله و حرموا حلاله، وانا احق من غير، قد أتتني كتبكم و قدمت علي رسلكم ببيعتكم انكم لا تسلموني ولا تخذلوني فان تممتم علي بيعتكم؟ تصيبوا رشدكم فانا الحسين بن علي، و ابن فاطمه بنت رسول الله نفسي مع انفسكم و اهلي مع أهليكم فلكم في اسوه، وان لم تفعلوا و نقضتم عهدكم و خلعتم بيعتي من أعنقاكم فلعمري ما هي لكم بنكر، لقد فعلتموها بابي واخي و ابن عمي مسلم والمغرور من اغتر بكم- فحظكم اخطاتم و نصيبكم ضيعتم (و من نكث فانما ينكث علي نفسه) و سيغني الله عنكم والسلام عليكم و رحمه الله و بركاته [5] .


خطبته عليه السلام في منزل ذي حسم.

واقبل الحر يسايره و هو يقول له: يا حسين اني اذكر الله في نفسك فاني اشهد لئن قاتلت لتقاتلن [6] ولئن قوتلت لتهلكن فيما اري!!

فقال له الحسين: أفبالموت تخوفني؟! و هل يعدو بكم الخطب ان تقتلوني؟ ما ادري ما (ذا) اقول لك؟ ولكن اقول كما قال أخو الاوس لابن عمه ولقيه و هو يريد نصره رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم فقال له: اين تذهب؟ فانك مقتول. فقال:



سأمضي و ما بالموت عار علي الفتي

اذا ما نوي حقا و جاهد مسلما



و آسي الرجال الصالحين بنفسه

و فارق مثبورا يغش و يرغما [7] .



(فان عشت لم اندم وان مت لم الم

كفي بك ذلا ان تعيش و ترغما)



فلما سمع ذلك منه الحر تنحي عنه.



پاورقي

[1] هذه الفقره في تاريخ الطبري کانت موخره عن الخطبه التاليه و بما ان الظاهر تقدم صدورها عن الخطبه التاليه قدمناها.

و عقبه بن ابي العيزار الکوفي ذکره البخاري تحت الرقم: (2937) من التاريخ الکبير في القسم الثاني من ج 3 ص 443 قال: سمع ابراهيم والشعبي واباه. سمع منع عبدالواحد، منقطع؟. و ذکره ايضا ابن سعد في الطبقه الخامسه من الکوفيين و قال: (هو) مولي لبني اود من مذحج، و کان قليل الحديث هکذا ذکره في الطبقه الخامسه من طبقات الکوفيين من الطبقات الکبري: ج 6؟ ص 362.

و ذکره ايضا ابن حبان في حرف العين من کتاب الثقات: ج 7 ص 247 قال: عقبه بن ابي العيزار الکوفي يروي عن الشعبي والنخعي.

روي عنه عبدالواحد بن زياد، يعتبر حديثه من غير ابنه يحيي عنه، لأن يحيي بن عقبه ضعيف الحديث.

وذکره ايضا ابن حجر في لسان الميزان: ج 4 ص 179.

[2] کذا في اصلي، فان صح فهو بمعني: مسرعه، يقال: جد في الامر- علي زنه مد و بابه-: اسرع فيه.

و في غير واحد من المصادر: «واستمرت حذاء...».

[3] کذا في اصلي فان صح کون الاصل هکذا: فمعناه: موت المومن الراغب في لقاء الله محقا شهاده.

و في الحديث: (76) من ترجمه الامام الحسين تحت الرقم: (2842) من المعجم الکبير ج 3 ص 122: «واني لا اري الموت الا سعاده...».

و هکذا جاء في غير واحد من المصادر.

[4] ذکرها ياقوت في نفس الماده من کتاب معجم البلدان: ج 1، ص 532 ط بيروت قال:

و قال ابو محمد الاعرابي الأسود: البيضه- بکسر الباء-: ماء بين «واقصه» الي «العذيب» متصله ب «الحزن» لبني يربوع. بفتح الباء لبني دارم.

[5] و قريبا منه رواه البلاذري في ترجمه الامام الحسين من انساب الاشراف: ج 3 ص 171، قال: ثم ان الحسين سار في اصحابه والحر بن يزيد يسايره، و خطب الحسين عليه السلام فقال:

ان هولاء قوم لزموا طاعه الشيطان، و ترکوا طاعه الرحمان، فاظهروا الفساد، و عطلوا الحدود، واستاثروا بالفي‏ء، وانا احق من غير، وقد ائتني کتبکم و قدمت علي رسلکم فان تتموا علي بيعتکم تصيبوا رشدکم.

و وبخهم بما فعلوا بابيه واخيه قبله.

[6] هذا هو الظاهر من السياق، و في اصلي: «لئن قاتلت لتقتلن...».

[7] و في تاريخ الکامل لابن الأثير:



و واسي رجالا صالحين بنفسه

و خالف مثبورا و فارق مجرما



و في انساب الاشراف: ج 3 ص 171، ط 1:



و آسي الرجال الصالحين بنفسه

و فارق مثبورا و خالف مجرما



فقام زهير بن القين فقال: والله لو کنا في الدنيا مخلدين لآثرنا فراقها في نصرتک و مواساتک.

فدعا له الحسين (عليه‏السلام) بخير.

واقبل الحر بن يزيد يقول: يا حسين اذکرک الله في نفسک، فاني اشهد لئن قاتلت لتقاتلن، ولئن قوتلت لتهلکن.

فقال الحسين: أبالموت تخوفني؟ (اني) اقول (لک) کما قال اخو الأوس...

فلما سمع ذلک الحر بن يزيد تنحي باصحابه في ناحيه «عذيب الهجانات»- و هي التي کانت هجائن النعمان بن المنذر ترعي- واذا هم باربعه نفر مقبلين من الکوفه علي رواحلهم يجنبون فرسا لنافع بن هلال يقال له: الکامل، و کان الاربعه النفر: نافع بن هلال المرادي و عمرو بن خالد الصيداوي و سعد مولاه، و مجمع بن عبدالله العائذي من مذجح.

فقال الحر: ان هولاء ليسوا ممن اقبل معک فانا حابسهم او رأدهم!!

فقال الحسين: اذا امنعهم مما امنع منه نفسي انما هولاء انصاري و أعواني وقد جعلت لي ان لا تعرض لي حتي ياتيک کتاب ابن زياد.

فکف (الحر) عنهم.

و سالهم الحسين عن الناس؟ فقالوا: اما الاشراف فقد اعظمت رشوتهم و ملئت غرائرهم ليستمال و دهم و تستنزل نصائحهم فهم عليک البا واحدا، و ما کتبوا اليک الا ليجعلوک سوقا و مکبسا!!!

واما سائر الناس بعد فافئدتهم تهوي اليک و سيوفهم غدا مشهوره عليک!!!

و کان الطرماح بن عدي دليل هؤلاء النفر، فاخذ بهم علي «الغريين» ثم طعن بهم في الجوف، و خرج بهم علي «البيضه» الي «عذيب الهجانات» و کان (الطرماح) يقول و هو يسير: «يا ناقتي لا تذعري من زجري...».