بازگشت

كتاب الامام الحسين الي اشراف اهل البصرة و استشهاد رسوله بالبصرة


(كتاب الامام الحسين عليه السلام الي اشراف اهل البصره، و ستشهاد رسوله بالبصره بامر ابن الدعي ابن زياد، و خيانه المنذر بن الجارود) [1] .

قال عبدالرحمان بن مل: [2] وقد كان الحسين بن عليهماالسلام كتب الي وجوه اهل البصره و بعثه مع مولي لهم يقال له: سليمان، فقدم البصره في الايام التي قدمها رسول يزيد من الشام، و كانت نسخه كتابه عليه السلام نسخه واحده الي مالك بن مسمع البكري والي الاحنف بن قيس والي المنذر بن جارود و الي مسعود بن عمرو، والي قيس بن الهيثم والي عمرو بن عبيدالله بن معمر، فجاءت منه نسخه واحده الي جميع اشرافها:

(بسم الله الرحمن الرحيم) اما بعد فان الله اصطفي محمدا صلي الله عليه و سلم علي خلقه و اكرمه بنبوته و اختاره لرسالته، ثم قبضه الله اليه وقد نصح لعباده و بلغ ما ارسل به صلي الله عليه و سلم، و كنا اهله و اولياءه و ورثته و احق الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك، فرضينا [3] و كرهنا الفرقه واحببنا العافيه، و نحن نعلم انا احق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه، وقد احسنوا واصلحوا تحروا الحق فرحمهم الله و غفر لنا و لهم.


وقد بعثت رسولي اليكم بهذا الكتاب وانا ادعوكم الي كتاب الله و سنه نبيه صلي الله عليه و آله و سلم فان السنه قد اميتت وان البدعه قد احييت!! وان تسمعوا قولي و تطيعوا امري اهدكم سبيل الرشاد، والسلام عليكم و رحمه الله [4] .

فكل من قرا ذلك الكتاب من اشراف الناس كتمه غير المنذر بن الجارود [5] فانه خشي بزعمه ان يكون دسيسا من قبل عبيدالله، فجاءه بالرسول من العشيه التي يريد صبيحتها ان يسبق الي الكوفه واقراه كتابه فقدم (عبيدالله) الرسول فضرب عنقه [6] (ثم) صعد المنبر فحمد الله واثني عليه ثم قال:


اما بعد فوالله ما تقرن بي الصعبه و لا يقعقع لي بالشنان، واني نكل لمن عاداني و سم لمن حاربني، انصف القاره من راماها.

يا اهل البصره ان اميرالمؤمنين و لاني الكوفه، وانا غاد اليها الغداه، وقد استخلفت عليكم عثمان بن زياد بن ابي سفيان، و اياكم والخلاف والارجاف، فوالله الذي لا اله غيره لئن بلغني عن رجل منكم خلاف لاقتلنه و عريفه و وليه [7] و لآخذن الادني بالاقصي حتي تستمعوا لي ولا يكون فيكم مخالف ولا مشاق!!! انا ابن زياد، اشبهته من بين من وطي ء الحصي ولم ينزعني شبه خال ولا عم.

ثم شخص الي كوفه و معه المنذر بن الجارود العبدي و شريك بن الاعور الحارث و مسلم بن عمر والباهلي و حشمه و غلمانه، فوردها متلثما بعمامه سوداء [8] و كان الناس بالكوفه يتوقعون ورود الحسين، فجعلوا (حينما رأوه يدخل الكوفه) يقولون (له): مرحبا بابن رسول الله قدمت خير مقدم.- و هم يظنون انه الحسين- فساء ابن زياد تباشير الناس بالحسين و غمه، و صار الي القصر و دخله وأمر فنودي: الصلاه جامعه. (فاجمتع الناس) فخطب الناس فاعلمهم ان يزيد ولاه مصرهم و امره بانصاف مظلومهم و اعطاء محرومهم والاحسان الي سامعهم و مطيعهم، والشده علي عاصيهم و مريبهم، و وعد المحسن و اوعد المسي ء [9] .


و عن المعلي بن كليب عن ابي وداك جبر بن نوف [10] قال: لما نزل (ابن زياد) القصر، نودي: الصلاه جامعه. فاجتمع الناس فخرج الينا (ابن مرجانه فصعد المنبر) فحمد الله واثني عليه ثم قال:

اما بعد فان اميرالمؤمنين اصلحه الله ولاني مصركم و ثغركم و امري بانصاف مظلومكم و اعطاء محرومكم و بالاحسان الي سامعكم و مطيعكم و بالشده علي مريبكم و عاصيكم، وانا متبع فيكم امره و منفذ فيكم عهده، فانا لمحسنكم و مطيعكم كالوالد البر، و سوطي و سيفي علي من ترك امري و خالف عهدي فليبق امرو علي نفسه، الصدق ينبي ء عنك لا الوعيد.

ثم نزل (عن المنبر) فاخذ العرفاء والناس اخذا شديدا فقال: اكتبوا لي الغرباء و من فيكم من طلبه اميرالمؤمنين و من فيكم من الحروريه واهل الريب الذين رايهم الخلاف والشقاق، فمن كتبهم لنا فبري ء، و من لم يكتب لنا احدا فيضمن لنا ما في عرافته ان لا يخالفنا منهم مخالف، و لا يبغي علينا منهم باغ، فمن لم يفعل برئت منه الذمه، و حلال لنا ماله و سفك دمه!!! [11] .

وايما عريف وجد في عرافته من بغيه اميرالمؤمنين احد لم يعرفه الينا صلب علي باب داره والغيت تلك العرافه من الطعاء و سير الي موضع بعمان الزاره [12] .


و بلغ مسلم بن عقيل قدوم عبيدالله بن زياد (الكوفه) وانصراف النعمان (بن بشير) عنها، و ما كان من خطبه ابن زياد و وعيده (و ما اخذ به العرفاء والناس) فخاف علي نفسه، فخرج من الدار التي كان فيها (وقد عرف بها) بعد عتمه حتي اتي دار هاني ء بن عروه المذحجي [13] - و كان من اشراف اهل الكوفه- فدخل داره الخارجه [14] فارسل اليه- و كان في دار نسائه- يساله الخروج اليه، فخرج اليه (هاني ء) فقام سلم فسلم عليه و قال: اني اتيتك لتجيرني و تضيفني.

فقال له هاني ء: لقد كلفتني شططا بهذا الامر [15] غير انه قد لزمني ذمام لذلك. فادخله دار نسائه وأفرد له ناحيه منها.

و جعلت الشيعه تختلف اليه في دار هاني ء.


و كان هاني ء بن عروه مواصلا لشريك بن الأعور البصري الذي قام مع ابن زياد (و جاء معه من البصره) و كان ذا شرف و خطر بالبصره، فانطلق هاني ء اليه حتي اتي به منزله، وأنزله مع مسلم بن عقيل في الحجره التي كان فيها [16] .

و كان شريك من كبار الشيعه بالبصره، فكان يحث هانئا علي القيام بامر مسلم.

و جعل مسلم يبايع من اتاه من اهل الكوفه وياخذ عليهم العهود والمواثيق الموكده بالوفاء.

و مرض شريك بن الأعور في منزل هاني ء بن عروه مرضا شديدا، و بلغ ذلك عبيدالله بن زياد، فارسل اليه يعلمه انه ياتيه عائدا.

فقال شريك لمسلم بن عقيل: انما غايتك و غايه شيعتك هلالك هذا الطاغيه، وقد امكنك الله منه، و هو صائر الي ليعودني فقم فادخل الخزانه حتي اذا اطمئن عندي فاخرج اليه فاقتله ثم صر الي قصر الاماره فاجلس فيه، فانه لاينازعك فيه احد من الناس، و ان رزقني الله العافيه صرت الي البصره فكيفتك امرها، و بايع لك اهلها.

فقال هاني ء بن عروه: ما احب ان يقتل في داري ابن زياد!!!

فقال له شريك: ولم؟ فوالله ان قتله لقربان الي الله؟ ثم قال شريك لمسلم: لا تقصرن في ذلك.

فبينما هم علي ذلك اذ قيل لهم: الأمير بالباب. فدخل مسلم بن عقيل الخزانه.

و دخل عبيدالله بن زياد علي شريك فسلم عليه و قال: ما الذي تجد و تشكو؟ فلما طال سوآله اياه، استبطأ شريك خروج مسلم و جعل يقول و يسمع مسلما:



ما تنظرون بسلمي عند فرصتها

فقد وفي ودها واستوسق الصرم



و جعل يردد ذلك، فقال ابن زياد لهاني ء: ايهجر؟- يعني يهذي؟- فقال هاني ء: نعم اصلح الله الأمير لم يزل هكذا منذ اصبح. ثم قام عبيدالله و خرج.


فخرج مسلم بن عقيل من الخزانه فقال (له) شريك: ما الذي منعك منه؟

قال مسلم: منعني منه خلتان: (احداهما كراهيه هاني ء لقتله في منزله، والثانيه: قول رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم: «ان الايمان قيد الفتك، لا يفتك مومن».

فقال شريك: اما والله لو قتله لاستقام لك امرك واستوسق لك سلطانك.

و لم يعش شريك بعد ذلك الا اياما حتي توفي و شيع ابن زياد جنازته و تقدم فصلي عليه.

و لم يزل مسلم بن عقيل ياخذ البيعه من اهل الكوفه حتي بايعه منهم ثمانيه عشر الف رجل في ستر و رفق.

(قال ابو الوداك جبر بن نوف:) و كان هاني ء يغدو و يروح الي عبيدالله (حين قدم من البصره) فلما نزل به مسلم انقطع من الاختلاف (اليه) و تمارض فجعل لا يخرج (اليه). [17] .


و خفي علي عبيدالله بن زياد موضع مسلم بن عقيل، فطلب مولي له من اهل الشام [18] يسمي معقلا و ناوله ثلاث آلاف درهم في كيس و قال (له): خذ هذا المال وانطلق فالتمس مسلم بن عقيل، و تات له بغايه التاتي [19] .


فانطلق معقل [20] حتي دخل المسجد الاعظم و جعل لا يدري كيف يتاتي (له) الامر [21] ثم انه نظر الي رجل يكثر الصلاه الي ساريه من سواري المسجد، فقال في نفسه: ان هؤلاء الشيعه يكثرون الصلاه واحسب هذا منهم؟ فجلس حتي اذا انفتل من صلاته [22] قام فدنا منه و جلس (عنده) فقال: جعلت فداك اني رجل من اهل الشام مولي لذي الكلاع [23] وقد انعم الله علي الله علي بحب اهل بيت رسول الله صلي الله عليه و سلم و حب من احبهم و معي هذه الثلاثه الآلاف درهم احب ايصالها الي رجل منهم بلغني انه قدم هذا المصر داعيه للحسين بن علي عليه السلام فهل تدلني عليه لأوصل هذا المال اليه ليستعين به علي بعض اموره و يضعه حيث احب من شيعته.

(ف) قال له الرجل: و كيف قصدتني بالسوآل عن ذلك دون غيري ممن هو في المسجد؟ قال (له معقل): لاني رايت عليك سيماء الخير فرجوت ان تكون ممن يتولي اهل بيت رسول الله صلي الله عليه و سلم.


(ف) قال له الرجل: ويحك قد وقعت علي بعينك؟ انا رجل من اخوانك واسمي مسلم بن عوسجه وقد سررت بك، و ساءني ما كان من حسي قبلك؟ فاني رجل من شيعه اهل هذا البيت؟ خوفا من هذا الطاغيه ابن زياد، فأعطني ذمه الله و عهده ان تكتم (علي) هذا عن جميع الناس. فأعطاه (معقل) من ذلك ما أراد.

فقال له مسلم بن عوسجه: انصرف يومك هذا، فاذا كان غد فأتني في منزلي حتي أنطلق معك الي صاحبنا- يعني مسلم بن عقيل- فأوصلك اليه.

فمضي الشامي فبات ليلته فلما اصبح غدا الي مسلم بن عوسجه في منزله فانطلق به (ابن عوسجه) حتي ادخله علي مسلم بن عقيل فاخبره بامره و دفع اليه الشامي ذلك المال و بايعه.

فكان الشامي يغدو الي مسلم بن عقيل فلا يحجب عنه، فيكون نهاره كله عنده فيتعرف جميع اخبارهم، فاذا امسي واظلم عليه الليل دخل علي عبيدالله بن زياد فاخبره بجميع قصصهم و ما قالوا و (ما) فعلوا في ذلك، واعلمه نزول مسلم في دار هاني ء بن عروه.

(و كان هاني ء قبل نزول مسلم في بيته، يغدو و يروح الي عبيدالله، فلما نزل به مسلم انقطع من الاختلاف اليه، و تمارض فجعل لايخرج.

فقال ابن زياد لجلسائه: مالي لا أري هانئا؟ فقالوا: هو شاك. فقال: لو علمت بمرضه لعدته).

ثم ان محمد بن الأشعث و أسماء بن خارجه دخلا علي ابن زياد، فقال لهما: ما فعل هاني ء بن عروه؟ فقالا: أيها الامير انه عليل منذ ايام. فقال ابن زياد: كيف (يكون مريضا) وقد بلغني انه يجلس علي باب داره عامه نهاره؟ فما يمنعه من اتياننا وما يجب عليه من حق التسليم (علينا)؟ قالا: سنعلمه ذلك و نخبره باستبطائك اياه.

فخرجا من عنده واقبلا حتي دخلا علي هاني ء بن عروه فاخبراه بما قال لهما: ابن زياد، ثم قالا له: أقسمنان عليك الا قمت معنا اليه الساعه لتسل سخيمه قلبه [24] .


و قال الطبري: قال ابومخنف: فحدثني المجالد بن سعيد (المترجم في طبقات الكوفيين من الطبقات الكبري: ج 6 ص 349) قال:

دعا عبيدالله محمد بن الأشعث و اسماء بن خارجه- قال ابو مخنف: (و) حدثني الحسن بن عقبه المرادي [25] انه بعث معهما عروبن الحجاج الزبيدي. قال ابو مخنف: و حدثني نمير بن وعله عن ابي الوداك [26] قال: كانت روعه اخت عمرو بن الحجاج تحت هاني ء بن عروه، و هي ام يحيي بن هاني ء. (و بالاسانيد المقتدمه قالوا-):

(دعا ابن زياد ابن الأشعث و ابن خارجه و ابن الحجاج) فقال لهم: ما يمنع هاني ء بن عروه من اتياننا؟ قالوا: ما ندري اصلحك الله و (بلغنا) انه ليتشكي. قال: قد بلغني انه قد برا، و هو يجلس علي باب داره، فالقوه فمروه ان لا يدع ما عليه في ذلك من الحق، فاني لا احب ان يفسد عندي مثله من اشراف العرب.

فاتوه حتي وقفوا لعيه عشيه و هو جالس علي بابه، فقالوا (له): ما يمنعك من لقاء الامير، فانه قد ذكرك؟ وقد قال: لو اعلم انه شاك لعدته. فقال لهم: الشكوي تمنعني. فقالوا له: يبلغه انك تجلس كل عشيه علي باب دارك، وقد استبطاك، والابطاء والجفاء لا يحتمله السلطان، اقسمنا عليك لما ركبت معنا (لزيارته).

فدعا (هاني ء) بثيابه فلبسها، ثم دعا ببغله فركبها (وانطلق معهم) حتي اذا دنا من القصر، كان نفسه احسست ببعض الذي كان؟ فقال لحسان؟ بن اسماء بن خارجه: يا ابن اخي اني والله لهذا الرجل لخائف فما تري؟ اي عم والله ما اتخوف عليك شيئا و لم تجعل علي نفسك سبيلا و انت بري ء؟- و زعموا ان اسماء؟ لم يعلم في اي شي ء بعث اليه عبيدالله، فاما محمد (بن الأشعث) فقد علم به-.

فدخل القوم علي ابن زياد، و دخل معهم (هاني ء) فلما طلع قال عبيدالله: اتتك بحائن رجلاه!- وقد عرس عبيدالله اذ ذاك بام نفع ابنه عماره بن عقبه- فلما دنا (هاني ء) من ابن زياد، و عنده شريح القاضي التفت (ابن زياد) نحوه فقال:



اريد حباءه و يريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد




وقد كان اول ما قدم مكرما ملطفا له، فقال له هاني ء: و ما ذاك ايها الامير؟ قال: ايه يا هاني ء ما هذه الامور التي تربص في دورك لأميرالمؤمنين و عامه المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فادخلته دارك و جمعت له السلاح والرجال في الدور حولك، و ظننت ان ذلك يخفي علي؟ قال؟ (هاني ء): ما فعلت و ما مسلم عندي. قال: بلي قد فعلت. قال: ما فعلت. قال: بلي. فلما كثر ذلك بينهما و ابي هاني ء الا مجاحدته و مناكرته دعا ابن زياد معقلا ذلك العين، فجاء حتي وقف بين يديه، فقال: أتعرف هذا؟ قال: نعم. و علم هاني ء عند ذلك انه كان عينا عليهم وانه قد اتاه باخبارهم!!!

فسقط (هاني ء) في خلده (و نفسه) ساعه ثم ان نفسه راجعته، فقال له: اسمع مني و صدق مقالتي فوالله لا اكذبك، والله الذي لا اله غيره ما دعوته الي منزلي و لا علمت بشي ء من ارمه حتي رايته جالسا علي بابي فسالني النزول علي، فاستحييت من رده و دخلني من ذلك ذمام فأدخلته داري وضفته و آويته، وقد كان من امره الذي بلغك، فان شئت أعطيت الآن موثقا مغلظا و ما تطمئن اليه ان لا ابغيك سوءا، وان شئت أعطيتك رهينه لتكون في يدك حتي آتيك، وانطلق اليه فامره ان يخرج من داري الي حيث شاء من الارض، فاخرج من ذمامه و جواره!!!

فقال (ابن زياد): لا والله لا تفارقني ابدا حتي تاتيني به. قال: والله لا آتيك به.

فلما كثر الكلام بينهما قام مسلم بن عمرو الباهلي (شريب يزيد)- وليس بالكوفه (حين ذاك) شامي و لا بصري غيره- فقال: اصلح الله الامير خلني و اياه حتي اكلمه- لما رآي لجاجته و تابيه علي ابن زياد ان يدفع اليه مسلما- فقال لهاني ء: قم الي هاهنا حتي اكلمك.

فقام (هاني ء) فخلا به ناحيه من ابن زياد، و هما منه علي ذلك قريب حيث يراهما، اذا رفعا اصواتهما سمع ما يقولان، واذا خفضا خفي علي ما يقولان، فقال له مسلم: يا هاني ء اني انشدك الله ان تقتل نفسك، و تدخل البلاء علي قومك و عشيرتك، فوالله اني لانفس بك عن القتل- و هو يري ان عشيرته ستحرك في شانه- ان هذا الرجل ابن عم القوم، وليسوا قاتليه و لا ضائريه، فادفعه اليه انه ليس عليك بذلك مخزاه و لا منقصه (و) انما تدفعه الي السلطان. (ف) قال (هاني ء): بلي والله ان علي في ذلك للخزي والعار ان ادفع جاري وضيفي وانا حي صحيح اسمع وأري، شديد الساعد، كثير الاعوان! والله لو لم اكن الا واحدا ليس لي ناصر لم ادفعه حتي اموت دونه، فاخذ يناشده و هو يقول: والله لا ادفعه اليه ابدا.


فسمع ابن زياد ذلك، فقال: ادنوه مني، فادنوه منه، فقال: والله لتاتيني به او لاضربن عنقك. قال: اذا تكثر البارقه [27] حل دارك.- و هو يظن ان عشيرته سيمنعونه- فقال ابن زياد: وا لهفي عليك ابا البارقه تخوفني؟ فقال: ادنوه مني. فادني (منه) فاستعرض وجهه بالقضيب فلم يزل يضرب انفه و جبينه و خده حتي كسر انفه و سيل الدماء علي ثيابه، و نثر لحم خديه و جبينه علي لحيته حتي كسر القضيب [28] .

و ضرب هاني ء بيده الي قائم سيف شرطي من تلك الرجال فجذبه الرجل و منع، فقال عبيدالله: احروري سائر اليوم؟ احللت بنفسك (الهلاك) قد حل لنا قتلك!! خذوه فألقوه في بيت من بيوت الدار، واغلقوا عليه بابه واجعلوا عليه حرسا. ففعل ذلك به.

فقام اليه اسماء بن خارجه فقال: ارسل غدر سائر اليوم؟ امرتنا ان نجيئك بالرجل حتي اذا جئناك به وأدخلناه عليك هشمت وجهه وسيلت دمه علي لحيته و زعمت انك تقتله؟ فقال له عبيدالله: وانك لهاهنا؟ فامر به فلهز و تعتع به، ثم ترك فحبس [29] .

واما محمد بن الاشعث فقال: قد رضينا بما رآي الأمير؟ لنا كان ام علينا انما الأمير مؤدب [30] .

وبلغ عمرو بن الحجاج (الزبيدي) ان هانئا قد قتل، فاقبل فد مذحج حتي احاط بالقصر و معه جمع عظيم، ثم نادي انا عمرو بن الحجاج (و) هذه فرسان مذهج و وجوهها، لم تخلع طاعه و لم تفارق جماعه، وقد بلغهم ان صاحبهم يقتل فأعظموا ذلك.

فقيل لعبيدالله: هذه مذهج بالباب: فقال لشريح القاضي: ادخل علي صاحبهم فانظر اليه، ثم اخرج فاعلمهم انه حي لم يقتل وانك قد رايته. فدخل اليه شريح فنظر اليه.


قال ابو مخنف: فحدثني الصقعب بن زهير، عن عبدالرحمان بن شريح قال: سمعته يحدث اسماعيل بن طلحه (بن عبيدالله التيمي، في ايام عبدالله بن الزبير، قال:)

قال (شريح:) دخلت علي هاني ء فلما رآني قال: يا الله يا للمسلمين اهلكت عشيرتي؟ فاين اهل الدين؟ و اين اهل المصر؟ (أ) تفاقدوا؟ (أ) يخلوني و عدوهم و ابن عدوهم؟! (كان يقول ذلك) والدماء تسيل علي لحيته، اذ سمع الرجه علي باب القصر، و خرجت واتبعني (توصيته) فقال: يا شريح اني لأظنها أصوات مذحج و شيعتي من المسلمين (قل لهم:) ان دخل علي عشره نفر أنقذوني. [31] .

قال (شريح): فخجرت اليهم و معي حميد بن بكير الأحمري- ارسله معي ابن زياد، و كا من شرطه ممن يقوم علي رأسه [32] وايم الله لولا مكانه معي لكنت ابلغت اصحابه ما امرني به (هاني ء)- فلما خرجت اليهم قلت (لهم:) ان الأمير لما بلغه مكانكم و مقالتكم في صاحبكم امرني بالدخول اليه، فاتيته فنظرت اليه فامرني ان القاكم و ان اعلمكم انه حي، وان الذي بلغكم من قتله كان باطلا.

فقال عمرو (بن الحجاج) واصحابه: فاما اذ لم يقتل فالحمد لله. ثم انصرفوا!!!


قال ابو مخنف: حدثني يوسف بن يزيد [33] :

عن عبدالله بن خازم [34] قال: انا والله رسول ابن عقيل الي القصر لأنظر الي ما صار امر هاني ء، قال: فلما ضرب (هاني ء) و حبس ركبت فرسي و كنت اول (رجل من) اهل الدار دخل علي مسلم بن عقيل بالخبر، و اذا نسوه لمراد مجتمعات ينادين: يا عثرتاه ياثكلاه!! فدخلت علي مسلم بن عقيل بالخبر، فأمرني أن أنادي في اصحابه وقد ملأ منهم الدور حوله، وقد بايعه ثمانيه عشر الفا، و في الدور اربعه آلاف رجل، فقال لي: ناد: يا منصور امت. فناديت: يا منصور امت، و تنادي اهل الكوفه فاجتمعوا اليه.

فعقد مسلم لعبيدالله بن عمرو بن عزيز الكندي علي ربع كنده و ربيعه و قال: سر امامي في الخيل، ثم عقد لمسلم بن عوسجه الاسدي علي ربع مذهج و اسد، و قال: انزل في الرجال فانت عليهم؟ و عقد لابي ثمامه الصائدي علي ربع تميم و همدان، و عقد لعباس بن جعده الجدلي علي ربع اهل المدينه؟ ثم اقبل نحو القصر، فلما بلغ ابن زياد تحرز في القصر و غلق الابواب.


قال ابو مخنف: حدثني الحجاج بن علي (الهمداني) عن محمد بن بشر الهمداني [35] قال:

لما ضرب عبيدالله هانئا و حبسه خشي ان يثب الناس به، فخرج فصعد المنبر و معه اشراف الناس و شرطه و حشمه، فحمد الله و اثني عليه ثم قال: اما بعد ايها الناس فاعتصموا بطاعه الله و طاعه ائمتكم و لا تختلفوا ولا تفرقوا فتهلكوا و تذلوا و تقتلوا و تجفوا و تحرموا، ان اخاك من صدقك، وقد اعذر من انذر.

قال: ثم ذهب لينزل، فما نزل عن المنبر حتي دخلت (جواسيسه) النظاره المسجد من قبل التمارين يشتدون و يقولون: قد جاء ابن عقيل، قد جا ابن عقيل! فدخل عبيدالله القصر مسرعا واغلق ابوابه.

قال ابو مخنف: و حدثني يونس بن ابي اسحاق، عن عباس الجدلي [36] قال:

خرجنا مع ابن عقيل اربعه الآف، فما بلغنا القصر الا و نحن ثلاث مائه!!! قال (الجدلي): واقبل مسلم في ناس من مراد، حتي احاط بالقصر، ثم ان الناس تداعوا الينا واجتمعوا، فوالله ما لبثنا الا قليلا حتي امتلا المسجد والسوق من الناس، و ما زالوا يثوبون حتي المساء.

فضاق بعبيدالله ذرعه و كان كبر امره ان يتمسك بباب القصر، وليس معه الا ثلاثون رجلا من الشرط، و عشرون رجلا من اشراف الناس و اهل بيته و مواليه، واقيل اشراف الناس ياتون ابن زياد من قبل الباب الذي يلي دار الروميين، و جعل من بالقصر مع ابن زياد يشرفون عليهم فينظرون اليهم فيتقون ان يرموهم بالحجاره، و هم لا يفترون (عن اللعن) علي عبيدالله و علي ابيه!!!


و دعا عبيدالله كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي [37] فامره ان يخرج فيمن اطاعه من مذهج فيسير بالكوفه، و يخذل الناس عن ابن عقيل، و يخفوهم الحرب، و يحذرهم عقوبه السلطان.

وامر (ايضا) محمد بن الأشعث ان يخرج فيمن اطاعه من كنده و حضرموت فيرفع رايه امان لمن جاءه من الناس، و قال مثل ذلك للقعقاع بن شور الذهلي [38] : ان كثيرا (ابن شهاب) الفي رجلا من كلب يقال له: عبدالاعلي بن يزيد، قد لبس سلاحه يريد ابن عقيل في «بني فتيان» فاخذه حتي ادخله علي ابن زياد، فاخبره خبره، فقال (عبد الأعلي) لابن زياد: انما أردتك. قال (ابن زياد): و كنت وعدتني ذلك من نفسك؟ فأمر به فحبس.


و خرج محمد بن الاشعث حتي وقف عند دور بني عماره، و جاءه عماره بن صلخب الازدي و هو يريد ابن عقيل، عليه سلاحه فاخذه (ابن الاشعث) فبعث به الي ابن زياد فحبسه.

فبعث ابن عقيل من المسجد، عبدالرحمان بن شريح الشبامي الي محمد بن الأشعث، فلما رآي محمد بن الاشعث كثره من اتاه، اخذ يتنحي و يتاخر.

وارسل القعقاع بن شور الي محمد بن الاشعث: قد حلت علي ابن عقيل (و من معه طريق) الفرار [39] .

فتاخر (ابن الاشعث) عن موقفه فاقبل حتي دخل علي ابن زياد من قبل دار الروميين.

فلما اجتمع عند عبيدالله كثير بن شهاب، و محمد والقعقاع فيمن اطاعهم من قومهم قال له كثير- و كانوا مناصحين لابن زياد-: اصلح الله الامير معك في القصر ناس كثير من اشراف الناس و من شرطك و اهل بيتك و مواليك، فاخرج بنا اليهم. فابي (عليه) عبيدالله، و عقد لشبث بن ربعي لواءا فاخرجه.

واقام الناس مع ابن عقيل يكبرون و يثوبون حتي المساء [40] .

فبعث عبيدالله الي الاشراف فجمعهم اليه ثم قال: اشرفوا علي الناس فمنوا اهل الطاعه الزياده والكرامه، و خوفوا اهل المعصيه الحرمان والعقوبه، واعلموهم فصول الجنود من الشام اليهم [41] .


قال ابو مخنف: حدثني سليمان بن ابي راشد:

عن عبدالله بن خازم الكثيري من الازد، من بني كثير، قال: اشرف علينا الاشراف، فتكلم كثير بن شهاب اول الناس حتي كادت الشمس ان تجب [42] فقال: ايها الناس الحقوا بأهاليكم ولا تعجلوا الشر، ولا تعرضوا انفسكم للقتل، فان هذه جنود اميرالمومنين يزيد قد اقبلت، وقد اعطي الله الامير عهدا: لئن اتممتم علي حربه و لم تنصرفوا من عشيتكم ان يحرم ذريتكم العطاء و يفرق مقاتلتكم في مغازي اهل الشام علي غير طمع؟ و ان ياخذ البري ء بالسقيم، والشاهد بالغائب، حتي لايبقي له فيكم بقيه من اهل المعصيه الا اذاقها و بال ما جرت ايديها!!!

و تكلم (بقيه) الاشراف بنحو من كلام هذا، فلما سمع مقالتهم الناس اخذوا يتفرقون، واخذوا ينصرفون!!!

قال ابو مخنف: فحدثني المجالد بن سعيد [43] : ان المراه كانت تاتي ابنها او اخاها فتقول: انصرف الناس يكفونك؟ و يجي ء الرجل الي ابنه او اخيه فيقول: غدا ياتيك اهل الشام فما تصنع بالحرب والشر انصرف فيذهب به!!!

فمازالوا يتفرقون و يتصدعون حتي امسي ابن عقيل وما معه (الا) ثلاثون نفسا في المسجد!!! حتي صليت المغرب فما صلي مع ابن عقيل الا ثلاثون نفسا!!!

فلما رآي (مسلم) انه قد امسي وليس معه الا اولئك النفر خرج متوجها نحو ابواب كنده، و بلغ الأبواب و معه منهم عشره!!! ثم خرج من الباب واذا ليس معه انسان!!! فالتفت فاذا هو لايحس احدا يدله علي الطريق، و لا يدله علي منزله و لا يواسيه بنفسه ان عرض له عدو!!!


فمضي (مسلم) علي وجهه يتلدد في ازقه الكوفه [44] لا يدري اين يذهب!!! حتي خرج الي دور بني جبله من كنده، فمشي حتي انتهي الي باب امراه يقال لها: طوعه- (و هي) ام ولد كانت للاشعث بن قيس فاعتقها، فتزوجها اسيد الحضرمي فولدت له (ابنا سموه) بلالا، و كان بلال قد خرج مع الناس (حينما توجه مسلم بمن معه الي محاربه ابن زياد، في القصر)- فسلم عليها ابن عقيل، فردت عليه، فقال لها: يا امه الله اسقيني ما أ. فدخحلت (فحملت معها ما أ) فسقته، (فشرب مسلم الماء) فجلس، وأدخلت (طوعه) الاناء ثم خرجت (فراته چالسا) فقالت: يا عبدالله الم تشرب الماء؟ قال: بلي. قالت: فاذهب الي اهلك. فسكت (مسلم) ثم عادت فقالت مثل ذلك، فسكت، ثم قالت له: في الله [45] سبحان الله يا عبدالله فمر الي اهلك عافاك الله، فانه لايصلح لك الجلوس علي بابي ولا احله لك؟! فقام (مسلم) فقال: يا امه الله ما لي في هذا المصر، منزل و لا عشيره، فهل لك الي اجر و معروف ولعلي مكافئك به بعد اليوم؟! فقالت: يا عبدالله و ما ذاك؟ قال: انا مسلم بن عقيل، كذبني هؤلاء القوم و غروني. قالت: انت مسلم؟ قال: نعم. قالت: ادخل. فادخلته بيتا في دارها غير البيت الذي تكون (تعيش) فيه، و فرشت له، و عرضت عليه العشاء فلم يتعش (مسلم).

ولم يكن باسرع من ان جاء ابنها، فرآها تكثر الدخول في البيت والخروج منه، فقال: والله انه ليريبني كثره دخولك هذا البيت، و خروجك منه منذ الليله؟ ان لك لشانا؟! قالت: يا بني اله عن هذا. قال لها: والله لتخبرني. قالت: اقبل علي شانك و لا تسالني عن شي ء. فالح عليها. فقالت: يا بني لاتحدثن احدا من الناس بما اخبرك به، و أخذت عليها الايمان، فحلف لها، فاخبرته، فسكت واضطجع [46] .


و لما طال علي ابن زياد، واخذ لا يسمع لاصحاب ابن عقيل صوتا كما كان يسمعه قبل ذلك، قال لأصحابه، اشرفوا فانظروا هل ترون منهم احدا؟ فاشرفوا فلم يروا احدا، قال: فانظروا لعلهم تحت الظلال قد كمنوا لكم. ففرعوا بحابح المسجد [47] و جعلوا يخفضون شعل النار في أيديهم ثم ينظرون هل في الظلال احد؟ و كانت احيانا تضي ء لهم و احيانا لا تضي ء لهم كما يريدون، فدلوا القناديل و أنصاف الطنان [48] تشد بالحبال ثم تجعل فيها النيران، ثم تدلي حتي تنتهي الي الارض، ففعلوا ذلك في اقصي الظلال وادناها واوسطها حتي فعلوا ذلك بالظله التي فيها المنبر، فلما لم يروا شيئا اعلموا ابن زياد (بذلك).

(فامر ابن زياد بفتح الباب الي المسجد) ففتح باب السده التي في المسجد، ثم خرج فصعد المنبر، و خرج اصحابه معه، فامرهم فجلسوا حوله قبيل العتمه؟ وامر عمرو بن نافع فنادي: الا برئت الذمه من رجل من الشرطه والعرفاء او المناكب او المقاتله صلي العتمه الا في المسجد [49] .

فلم يكن الا ساعه حتي امتلي ء المسجد من الناس، ثم امر مناديه فاقام الصلاه، فقال (له) الحصين بن تميم- و كان الحصين (هذا) علي شرطه و هو من بني تميم- [50] : ان شئت صليت بالناس، او يصلي بهم غيرك و دخلت انت فصليت في القصر، فاني لا آمن ان يغتالك بعض اعدائك. فقال: مر حرسي فليقوموا ورائي كما كانوا يقفون، و در فيهم فاني لست بداخل اذا؟.


فصلي بالناس ثم قام فحمد الله واثني عليه، ثم قال: اما بعد فان ابن عقيل السفيه الجاهل قد اتي ما قد رايتم من الخلاف والشقاق، فبرئت ذمه الله من رجل وجدناه في داره، و من جاء به فله ديته، اتقوا الله عباد الله والزموا طاعتكم و بيعتكم و لا تجعلوا علي انفسكم سبيلا.

(ثم قال:) يا حصين بن تميم ثكلتك امك ان صاح باب سكه من سكك الكوفه [51] او خرج هذا الرجل و لم تأتني به، وقد سلطتك علي دور اهل الكوفه، فابعث مراصده علي افواه السكك، واصبح غدي و استبر الدور و جس خلالها [52] حتي تاتيني بهذا الرجل.

ثم نزل ابن زياد (عن المنبر) فدخل (القصر) وقد عقد لعمرو بن حريث (خدين المجرمين) رايه و امره علي الناس.


فلما اصبح جلس مجلسه وأذن للناس فدخلوا عليه، واقبل محمد بن الأشعث فقال (له): مرحبا بمن لا يستغش و لا يتهم، ثم اعقده الي جنبه.

واصبح ابن تلك العجوز و هو بلال ابن اسيد الذي اوت امه ابن عقيل، فغدا الي عبدالرحمان بن محمد بن الأشعث فاخبره بمكان ابن عقيل عند امه!!!، فاقبل عبدالرحمان حتي اتي اباه و هو عند ابن زياد، فساره، فقال له ابن زياد: ما قال لك؟ قال: اخبرني ان ابن عقيل في دار من دورنا. فنخس بالقضيب في جنبه ثم قال (له): قم فاتني به الساعه.

قال ابو مخنف: فحدثني قدامه بن سعيد بن زائده بن قدامه الثقفي [53] ان ابن الاشعث حين قام ليأتيه بابن عقيل بعث (ابن زياد) الي عمرو بن حريث- و هو في المسجد خليفته علي الناس-: ان ابعث مع ابن الاشعث ستين او سبعين رجلا كلهم من قيس- وانما كره ان يبعث معه قومه لانه قد علم ان كل قوم يكرهون ان يصادف فيهم مثل ابن عقيل- فبعث معه عمرو بن حريث، عبيدالله بن عباس السلمي في ستين او سبعين من قيس، حتي اتوا الدار التي فيها ابن عقيل، فلما سمع (مسلم) وقع حوافر الخيل و اصوات الرجال، عرف انه قد أتي، فخرج اليهم بسيفه، واقتحموا عليه الدار، فشد عليهم يضربهم بسيفه حتي اخرجهم من الدار، ثم عادوا اليه، فشد عليهم كذلك، فاختلف هو و بكير بن حمران الأحمري ضربتين [54] فضرب بكير فم مسلم فقطع شفته العليا، واشرع السيف في السفلي، و نصلت لها ثنيتاه [55] فضربه مسلم ضربه في راسه منكره، و ثني باخري علي حبل العاتق كادت تطلع علي جوفه.


فلما راوا ذلك اشرفوا عليه من فوق ظهر البيت، فاخذوا يرمونه بالحجاره، و يلهبون النار في اطنان القصب، ثم يقلبونها عليه، من فوق البيت.

فلما رآي (مسلم) ذلك، خرج عليهم مصلتا بسيفه في السكه فقاتلهم؟ فاقبل عليه محمد بن الاشعث، فقال: يا فتي لك الامان، لاتقتل نفسك. فاقبل (مسلم) يقاتلهم وهو يقول:



اقسمت لااقتل الا حرا

و ان رايت الموت شيئا نكرا



كل امري ء يوما ملاق شرا

(أ) و يخلط البارد سخنا مرا



رد شعاع الشمس فاستقرا

اخاف ان كذب او اغرا



فقال له محمد بن الاشعث: انك لا تكذب ولا تخدع ولا تغر، ان القوم بنو عمك، وليسوا بقاتليك ولا ضاربيك.

وقد (كان مسلم) اثخن بالحجاره و عجز عن القتال وانبهر [56] فاسند ظهره الي جنب تلك الدار، فدنا منه محمد بن الاشعث فقال: لك الأمان. فقال (مسلم): آمن انا؟ قال (ابن الاشعث): نعم. و قال القوم: انت آمن غير عمرو بن عبيدالله بن العباس السلمي [57] فانه قال: لا ناقه لي في هذا و لا جمل، و تنحي.

فقال مسلم: لولم تومنوني ما وضعت يدي في ايديكم. فاجتمعوا حوله وانتزعوا سيفه من عنقه، واتي ببغله فحمل عليها [58] (و لما انتزعوا منه سيفه) فكانه عند ذلك آيس من نفسه فدمعت عيناه، ثم قال: هذا اول الغدر. قال محمد بن الأشعث: ارجو ان لا يكون عليك باس. قال (مسلم): ما هو الا الرجاء اين امانكم؟ انا لله وانا اليه راجعون، و بكي، فقال له عمرو بن عبيدالله بن عباس: ان من يطلب مثل الذي طلبت، اذا نزل به مثل الذي بك لم يبك. قال (مسلم): اني والله ما لنفسي ابكي، و لا لها من القتل ارثي- و ان كنت لم احب لها طرفه عين تلفا- ولكن ابكي لاهلي المقبلين الي، ابكي لحسين و آل حسين!!


ثم اقبل (مسلم) علي محمد بن الاشعث فقال: يا عبدالله اني اراك والله ستعجز عن اماني، فهل عندك (من) خير؟ (أ) تستيطع ان تبعث من عندك رجلا علي لساني يبلغ حسينا؟ فاني لا أراه الا قد خرج اليكم اليوم مقبلا، او هو يخرج غدا هو و اهل بيته، وان ما تري من جزعي لذلك، فيقول (الذي تبعثه الي الحسين، له عن لساني): ان ابن عقيل بعنثي اليك و هو في ايدي القوم أسير، لا يري ان تمسي حتي تقتل؟! و هو يقول: ارجع باهل بيتك، ولا يغرك اهل الكوفه، فانهم اصحاب ابيك الذي كان يتمني فراقهم بالموت او القتل، ان اهل الكوفه كذبوك و كذبوني وليس لمكذب راي؟! [59] .

واقبل محمد بن الاشعث بابن عقيل الي باب القصر، فاستاذن فاذن له، (فدخل) فاخبر عبيدالله خبر ابن عقيل و ضرب بكير اياه. فقال (ابن زياد): بعدا له.

فاخبره محمد بن الاشعث بما كان منه و ما كان من امانه اياه. فقال عبيدالله: ما انت والامان؟ كان ارسلناك تومنه؟ انا ارسلناك لتاتينا به. فسكت (ابن الأشعث) [60] .

وانتهي ابن عقيل الي باب القصر و هو عطشان، و علي باب القصر ناس جلوس ينتظرون الاذن، منهم عماره بن عقبه بن الي معيط، و عمرو بن حريث، و مسلم بن عمرو (الباهلي) و كثير بن شهاب (الحارثي).


قال ابو مخنف: فحدثني قدامه بن سعد. [61] ان مسلم بن عقيل حين انتهي الي باب القصر، فاذا (راي) قله بارده موضوعه علي الباب: فقال: اسقوني من هذا الماء. فقال له مسلم بن عمرو (الباهلي): اتراها ما ابردها! لا والله لا تذوق منها قطره ابدا حتي تذوق الحميم في نار جهنم!!

قال له ابن عقيل: ويحك من انت؟ قال: انا من عرف الحق اذا انكرته، و نصح لامامه اذ غششته، و سمع وأطاع اذ عصيته و خالفته [62] انا مسلم بن عمرو الباهلي!!

فقال ابن عقيل: لامك الثكل ما أجفاك وافظك واقسي قلبك وأغلظك؟! انت يا ابن باهله اولي بالحميم والخلود في نار جهنم مني. ثم جلس متساندا الي حائط.

قال ابو مخنف: فحدثني قدامه بن سعد، ان عمرو بن حريث بعث غلاما (له) يدعي سليمان فجاءه بماء في قله فسقاه.

قال ابو مخنف: و حدثني سعيد بن مدرك بن عماره: ان عماره بن عقبه بعث غلاما له يدعي قيسا فجاءه بقله عليها منديل و معه قدح فصب فيه ماءا ثم سقاه، فاخذ كلما شرب امتلا القدح دما، فلما ملا القدح المره الثالثه (و) ذهب ليشرب سقطت ثنيتاه فيه! فقال: الحمد لله، لو كان من الرزق المقسوم شربته.

وادخل مسلم علي ابن زياد، فلم يسلم عليه بالامره، فقال له الحرسي: الا تسلم علي الامير؟! فقال له: ان كان يريد قتلي فما سلامي عليه، و ان كان لا يريد قتلي فلعمري ليكثرن سلامي عليه. فقال له ابن زياد: لعمري لتقتلن. قال: كذلك؟ قال: نعم. قال: فدعني اوص الي بعض قومي؟ (قال: أوص).


فنظر (مسلم) الي جلساء عبيدالله و فيهم عمر بن سعد، فقال: يا عمر ان بيني و بينك قرابه، ولي اليك حاجه وقد يجب لي عليك نجح حاجتي و هو سر. فابا (عمر) ان يمكنه من ذكرها! فقال له عبيدالله: لاتمتنع ان تنظر في حاجه ابن عمك.

فقام (عمر، وانطلق) معه فجلس حيث ينظر اليه ابن زياد، فقال له (مسلم): ان علي بالكوفه دينا استدنته منذ قدمت الكوفه (و هو) سبعمائه درهم (فبع سيفي و درعي) فاقضها عني [63] وانظر جثتي فاستوهبها من ابن زياد، فوارها، وابعث الي حسين، من يرده (من طريقه) فاني قد كتبت اليه اعلمه ان الناس معه، و لا اراه الا مقبلا.

فقال عمر لابن زياد: اتدري ما قال لي؟!. انه ذكر كذا و كذا!!

(ف) قال له ابن زياد: انه لا يخونك الامين، ولكن قد يوتمن الخائن [64] اما مالك فهو لك، ولسنا نمنعك ان تصنع فيه ما احببت، واما حسين فانه ان لم يردنا لم نرده، واما جثته فانا لن نشفعك فيها، انه ليس باهل منا لذلك، قد جاهدنا و خالفنا و جهد علي هلاكنا.

ثم ابن زياد، قال: ايه يا ابن عقيل اتيت الناس وأمرهم جمع و كلمتهم واحده لتشتتهم و تفرق كلمتهم و تحمل بعضهم علي بعض؟!

قال (مسلم): كلا لست اتيت (لما قلت) ولكن اهل (هذا) المصر زعموا ان اباك قتل خيارهم و سفك دماءهم و عمل فيهم أعمال كسري و قيصر، فأتيناهم لنامر بالعدل، و ندعو الي حكم الكتاب؟!


قال (ابن زياد): و ما أنت و ذاك يا فاسق؟ أو لم نكن نعمل بذلك فيهم اذ انت بالمدينه تشرب الخمر!!

قال (مسلم): انا اشرب الخمر؟ والله ان الله ليعلم انك غير صادق، وانك قلت بغير علم، واني لست كما ذكرت، وان احق بشرب الخمر مني و اولي بها من يلغ في دماء المسلمين و لغا فيقتل النفس التي حرم الله قتلها، و يقتل النفس بغير النفس، و يسفك الدم الحرام، و يقتل علي الغضب والعداوه و سوء الظن، و هو يلهو و يلعب كان لم يصنع شيئا!!!

فقال له ابن زياد: يا فاسق ان نفسك منتك ما حال الله دونه و لم يرك اهله [65] .

قال (مسلم): فمن اهله يا ابن زياد؟ قال: اميرالمؤمنين يزيد! فقال: الحمد لله علي كل حال، رضينا بالله حكما بيننا و بينكم. قال: كانك تظن ان لكم في الامر شيئا؟ قال (مسلم): والله ما هو الظن ولكنه اليقين [66] قال: قتلني الله ان لم اقتلك قتله لم يقتلها احد في الاسلام!

قال (مسلم): اما انك احق من احدث في الاسلام ما لم يكن فيه، اما انك لا تدع (من) سوء القتله، و قبح المثله، و خبث السيره، و لؤم الغلبه، ما لا احد من الناس احق بها منك [67] .


فاقبل ابن سميه يشتمه و يشتم حسينا و عليا و عقيلا، و اخذ مسلم لايكلمه [68] .

ثم قال: اصعدوا به فوق القصر، فاضربوا عنقه ثم اتبعوا جسده راسه.

(فتجلد مسلم والتفت بنجده و شهامه الي محمد بن الاشعث) فقال: يا ابن الاشعث اما والله لولا انك آمنتي ما استسلمت، قم بسيفك دوني فقد اخفرت ذمتك [69] ثم قال: يا ابن زياد لو كانت بيني و بينك قرابه ما قتلتني [70] .

ثم قال ابن زياد: اين هذا الذي ضرب ابن عقيل راسه و عاتقه بالسيف؟ فدعي فقال: اصعد (به) فكن انت الذي تضرب عنقه.

فصعد به، و هو يكبر و يستغفر و يصلي علي ملائكه الله و رسله، و هو يقول: اللهم احكم بيننا و بين قوم غرونا و كذبونا و اذلونا. واشرف به علي موضع الجزارين اليوم، فضربت عنقه، واتبع جسده راسه!!!

قال ابو مخنف: حدثني الصعقب بن زهير، عن عون بن ابي جحيفه [71] قال:

(لما) نزل الاحمري بكير بن حمران الذي قتل مسلما، فقال له ابن زياد: قتلته؟ قال: نعم. قال: فما كان يقول وانتم تصعدون به؟ قال: كان يكبر و يسبح و يستغفر، فلما ادنيته لأقتله قال: اللهم احكم بيننا و بين قوم كذبونا و غرونا و خذلونا و قتلونا.


فقلت له: ادن مني الحمد لله اقادني منك! فضربته ضربه لم تغن شيئا، فقال: اما تري في خدش تخدشنيه وفاءا من دمك ايها العبد!- فقال ابن زياد: او فخرا عند الموت؟!- قال: ثم ضربته الثانيه فقتلته.

قال ابو مخنف: حدثني الصقعب بن زهير عن عون بن ابي جحيفه قال:

كان مخرج مسلم بن عقيل بالكوفه يوم الثلثاء لثمان ليال مضين من ذي الحجه سنه سسين.

و يقال: (كان خروج مسلم) يوم الأربعاء لسبع مضين (من ذي الحجه) سنه ستين (قبل يومين) من يوم عرفه، بعد مخرج الحسين من مكه مقبلا الي الكوفه بيوم.

قال (ابن ابي جحيفه): و كان مخرج الحسين من المدينه الي مكه يوم الاحد لليلتين بقيتا من رجب سنه ستين، و دخل مكه ليله الجمعه مضين من شعبان، فاقام بمكه شعبان و شهر رمضان و شوالا و ذا القعده، ثم خرج منها لثمان مضين من ذي الحجه يوم الثلثاء يوم الترويه، في اليوم الذي خرج فيه مسلم بن عقيل.



پاورقي

[1] والکتاب قد تقدم عند ذکر توجه مسلم الي الکوفه، وانما اعدنا ذکره‏ها هنا لمسيس الحاجه الي ذکره.

[2] و هو أبوعثمان النهدي من رجال صحاح السنه مترجم في تهذيب التهذيب: ج 6 ص 277، قال ابن حجر في اواسط ترجمته من تهذيب التهذيب:

قال عبدالقاهر بن السري عن ابيه عن جده، قال:

کان ابوعثمان (النهدي) من قضاعه، و ادرک النبي صلي الله عليه و سلم (و آمن به) و لم يره، و سکن الکوفه، فلما قتل الحسين (عليه‏السلام) تحول الي البصره، و حج ستين (مره) ما بين حجر و عمره، و کان يقول: اتت علي مائه و ثلاثون سنه، و ما مني شي‏ء الا وقد انکرته خلا املي!!!

قيل: مات سنه: «75» و قيل: سنه: «95» و قيل: سنه: «100» و قيل: مات بعد سنه: «100».

ثم قال ابن حجر: حکي في ميم «مل» الحرکات الثلاث (مع تثقتيل اللام) و هو معدود، فيمن عاش في الجاهليه ستين سنه، و في الاسلام اکثر من ذلک.

[3] کرضايه المريض بقطع رجله او يده المعلوله، کراهه سرايه العله الي بقيه بدنه، او کرضايه التاجر و صاحب البضاعه، ممن يهجم عليه، من اللصوص والطغاه، بنهب ثروته، کراهه تجاوزهم علي حرمه، او قتلهم اياه او بعض من ينتمي اليه.

[4] وقد اشار البلاذري الي هذا الکتاب و ذکر جملتين منه في ترجمه مسلم قدس الله نفسه من کتاب انساب الأشراف: ج 2 ص 78 طبعه بيروت.

وأورده ابن کثير بنقص قليل- نقلا عن هشام الکلبي و ابي مخنف- بعد ذکره شهاده مسلم في کتابه: البدايه والنهايه ج 8 ص 157، ط دار الفکر.

[5] و هذا اللئيم وان کان من عشيره عبد القيس و کان جلهم علي الاستقامه و موده اهل البيت عليهم‏السلام، و کان ابوه ايضا من الصلحاء، ولکن هذا الخبيث کان من بدايه امره و ريعان شبابه منقادا لهواه، سالکا منهاج المترفين المغرقين في الهشوات والملاذ النفسانيه، کما يکشف عن ذلک جليا عزل اميرالمؤمنين عليه‏السلام اياه عن ولايه «اصطخر» و قوله فيه: «انه لنظار في عطفيه، ختال في برديه، تفال في شراکيه».

و کذلک مصاهرته مع ابن مرجانه و تزويج ابنته به، ايضا علي انه علي نزعه الظالمين، ثم تسليمه رسول الامام الحسين عليهماالسلام الي ابن مرجانه، ايضا دليل علي انحرافه، مع انه کان متمکنا من التوريه، والحيله لفراره عن الضرر الاحتمالي علي فرض عدم تسليم الرسول الي ابن العاهره.

ثم مصاحبته ابن مرجانه من البصره الي الکوفه، مع عدم بروز شي‏ء من الحسنات منه، نظير ما برز من شريک بن الاعور رحمه الله، ايضا دليل علي انه کان من الذين رکنوا الي الدنيا، و رضوا بحکم الطواغيت، و نسوا الله فنسيهم فسوف يلقون غيا!!!.

[6] و ذکره ايضا الدينوري في کتاب الاخبار الطوال، ص 131، قال:

فلما اتاهم (اي اشراف اهل البصره) هذا الکتاب، کتموه جميعا الا المنذر بن الجارود، فانه افشاه- لتزويجه ابنته هندا من عبيدالله بن زياد- فاقبل حتي دخل عليه، فاخبره بالکتاب، و حکي له ما فيه!!!

فامر عبيدالله بن زياد، بطلب الرسول، فطلبوه فاتوه به فضربت عنقه

ثم اقبل (ابن زياد) حتي دخل المسجد الأعظم فاجتمع له الناس، فقام فقال: انصف القاره من راماها....

[7] و هذا هو الرد علي الله و علي کتابه حيث يقول: (و لا تزر وازره و زر اخري) کما في الآيه: (164) من سوره الانعام، والآيه: (15) من سوره الاسراء، (و 18) من سوره فاطر، و (7) من سوره الزمر، و (38) من سوره النجم.

[8] متلثما: شاذا ولا بسا اللثام علي انفه و ما حوله کي لايعرف.

واللثام- علي زنه النقاب-: ما يشد علي الانف و ما حوله.

وروي ابن سعد، في ترجمه الامام الحسين عليه‏السلام من کتاب الطبقات الکبري: ج 8/ الورق 54/ ب/ قال:

فاقبل عبيدالله بن زياد، علي الظهر سريعا حتي قدم الکوفه، فاقبل متعمما متنکرا حتي دخل السوق، فلما راته السفله واهل السوق، خرجوا يشتدون بين يديه- و هم يظنون انه حسين، و ذاک انهم کانوا يتوقعونه- فجعلوا يقولون لعبيدالله: يا ابن رسول‏الله الحمد لله الذي اراناک. و جعلوا يقبلون يده و رجله!!! فقال عبيدالله: لشد ما فسد هولاء.

[9] و قريبا منه اورده الدينوري في کتاب الاخبار الطوال، ص 232.

والمستفاد مما تقدم من کتاب مسلم و رسالته الي الامام الحسين عليه‏السلام، ان وصول ابن زياد، الي الکوفه، و لحوقه بها کان بعد العاشر من شهر ذي العقده من سنه: «60» الهجريه.

وروي الطبري في حوادث سنه «60» من تاريخه: ج 5 ص 359 طبعه بيروت، قال:

واما عيسي بن يزيد الکناني؟ فانه قال- فيما ذکر عمر بن شبه عن هارون بن مسلم، عن علي بن صالح، عنه (اي عن عيسي بن يزيد الکناني؟)- قال: لما جاء کتاب يزيد الي عبيدالله بن زياد، انتخب من اهل البصره خمس مائه فيهم عبدالله بن الحارث بن نوفل، و شريک بن الاعور- و کان شيعه- و کان اول من سقط بالناس شريک؟ فيقال: انه تساقط غمره و معه ناس؟ ثم سقط عبدالله بن الحارث، و سقط معه ناس، و رجوا ان يلوي عليهم عبيدالله و يسبقه الحسين الي الکوفه، فجعل (ابن زياد) لايلتفت الي من سقط، و يمضي حتي ورد القادسيه؟ فسقط مهران مولاه، فقال: ايا مهران علي هذه الحال ان امسکت عنه حتي تنظر الي القصر، فلک مائه الف. قال: لا والله ما استطيع.

فنزل عبيدالله فاخرج ثيابا مقعطه من مقطعات اليمن، ثم اعتجر بمعجره يمانيه فرکب بغلته ثم انحدر راجلا وحده؟ فجعل يمر بالمحارس؟ فکلما نظروا اليه لم يشکوا انه الحسين، ف (کانوا) يقولون: مرحبا بک ياابن رسول‏الله. و جعل (ابن زياد) لا يکلمهم، و خرج اليه الناس من دورهم و بيوتهم!!!

و سمع بهم النعمان بن بشير، فغلق عليه و علي خاصته (باب القصر) وانتهي اليه عبيدالله، و هو لايشک انه الحسين و معه الخلق يضجون!!! فکلمه النعمان فقال: انشدک الله الا تنحيت عني ما انا بمسلم اليک امانتي، و ما لي في قتالک من ارب. فجعل لا يکلمه.

ثم انه دنا و تدلي الاخر بين شرفتين؟ فجعل يکلمه فقال: افتح لا فتحت، فقد طال ليلک.

فسمعها انسان خلفه فتکفي‏ء الي القوم فقال: اي قوم (هو) ابن مرجانه والذي لا اله غيره؟

فقالوا: ويحک انما هو الحسين.

ففتح له النعمان (الباب) فدخل و ضربوا الباب في وجوه الناس فانفضوا.

واصبح (ابن مرجانه وأمر ان ينادي: الصلاه جامعه. فنادوا بها فاجتمع الناس في المسجد، فخرج ابن مرجانه الي المسجد) فجلس علي المنبر، فقال: ايها الناس اني لاعلم انه قد سار معي واظهر الطاعه لي من هو عدو للحسين حين ظن ان الحسين قد دخل البلد، و غلب عليه، والله ما عرفت منکم احدا. ثم نزل....

[10] لم أعثر بعد علي ترجمه لمعلي بن کليب.

واما ابو الوداک: جبر بن نوف، فقد وثقه جماعه من الحريزيين، ورواه عنه جماعه من اصحاب صحاحهم منهم مسلم و ابو داود، والترمذي والنسائي و ابن ماجه القزويني.

و عقد له ابن حجر ترجمه في حرف الجيم من تهذيب التهذيب: ج 2 ص 60.

[11] و کل من الم بتاريخ السلف والحوادث الغابره، يجد و يعرف انه قلما تحقق في الدنيا هذه النزعه والسجيه الطاغوتيه، حتي من طغاه الکفار والملاحده، ولکن اصبح المسلمون اذل من قوم «سبا» بلعب ابن هند بالمسلمين، و ترشيحه امثال زياد، و ابنه و مسلم بن عقبه المري و أمثالهم لمجابهه الغياري من المسلمين والقائمين بالحق منهم!!!.

[12] ذکرها ياقوت في حرف الزاء في ماده: «الزاره» من معجم البلدان: ج 3 ص 126، قال:

قال ابو منصور: «عين الزاره» بالبحرين معروفه، والزاره قريه کبيره بها.

و قال ابو احمد العسکري: «الخط والزاره والقطيف» قري بالبحرين و هجر.

و «عمان» ايضا ذکرها ياقوت في حرف العين من کتاب معجم البلدان: ج 4 ص 150، قال: عمان- بضم اوله و تخفيف ثانيه و آخره نون- اسم کوره عربيه علي ساحل بحر اليمن والهند، و عمان في الاقليم الاول طولها اربع و ثلاثون درجه، و ثلاثون دقيقه، و عرضها تسع عشره درجه و خمس و اربعون دقيقه في شرقي «هجر» تشتمل علي بلدان کثيره ذات نخل و زروع، الا ان حرها يضرب به المثل، واکثر اهلها في ايامنا خوارج اباضيه ليس بها غير هذا المذهب، الا طاري‏ء غريب، و هم لا يخفون ذلک.

[13] هذا هو الصواب، و في اصلي من کتاب الاخبار الطوال: «هاني‏ء بن ورقه المذهجي». و قريبا ما سقناه عن کتاب الاخبار الطوال، أورده الطبري مسندا في تاريخه: ج 5 ص 362. و ذکره أيضا البلاذري في ترجمه مسلم قدس الله روحه، غير ان فيه: «هاني‏ء بن عروه بن نمران المرادي» کما في کتاب انساب الاشراف: ج 2 ص 79 طبعه بيروت.

والظاهر ان لفظه: «نمران» في انساب الاشراف مصحفه عن «عمران».

و مما يويد التصحيف في کل من الأخبار الطوال و أنساب الاشراف، ما اورده ابن حجر في ترجمه هاني‏ء في القسم الثالث، من المسمين بالهاني‏ء في حرف الهاء تحت الرقم: «9032» من کتاب الاصابه: ج 6 ص 299، قال:

هاني‏ء بن عروه بن الفضفاض بن عمران بن عمرو بن حفاس بن عبد يغوث المرادي ثم العطيفي... مخضرم سکن الکوفه و کان من خواص علي.

ولما بايع اهل الکوفه مسلم بن عقيل بن ابي‏طالب، للحسين بن علي، نزل (مسلم) علي هاني‏ء المذکور....

[14] اي الدار التي تهيا لاستقبال الضيوف، و تجعل منتدي للجلوس والاستئناس و مبادله الآراء في الامور المهمه، و تسمي في عصرنا بالبرانيه.

و تقابلها الدخلانيه التي تخص حرم الرجل من النساء والبنات، و من بحکمهن.

[15] الشطط: الامر الثقيل الشاق.

اقول: و حيث ان بني‏اميه و شيعتهم حالوا بين الناس و بين معرفه معالي شيعه اميرالمؤمنين عليه‏السلام فلنذکر هنا، ما ظفرنا عليه من معالي هذا الصحابي العظيم فتقول:

روي ابن ابي‏الحديد: في شرح المختار: «178» من قصار کلم اميرالمؤمنين عليه‏السلام من نهج‏البلاغه: ج 18، ص 407 طبع الحديث بمصر، قال:

وفد اهل الکفوه علي معاويه، حين خطب لابنه يزيد، بالعهد، و في اهل الکوفه هاني‏ء بن عروه المرادي- و کان سيدا في قومه- فقال يوما في مسجد دمشق والناس حوله: العجب لمعاويه يريد ان يقسرنا علي بيعه يزيد، و حاله حاله؟ و ما ذاک والله بکائن!!!

و کان في القوم غلام من قريش جالسا فتحمل الکلام (من هاني‏ء) الي معاويه! فقال معاويه: انت سمعت هانئا يقولها؟ قال: نعم. قال: فاخرج فات حلقته فاذا خف الناس عنه فقل له: «ايها الشيخ قد وصلت کلمتک الي معاويه، ولست في زمن ابي‏بکر و عمر! ولا احب ان تتکلم بهذا الکلام فانهم بنواميه وقد عرفت جراتهم و اقدامهم، و لم يدعني الي هذا القول الا النصحيه والاشفاق عليک». فانظر ما يقول (في جوابک) فاتني به.

فاقبل الفتي الي مجلس هاني‏ء خف من عنده دنا منه فقص عليه الکلام واخرجه مخرج النصيحه له!!!

فقال له هاني‏ء: والله يا ابن اخي ما بلغت نصيحتک کل ما اسمع؟! وان هذا الکلام لکلام معاويه أعرفه!!!

فقال الفتي: و ما انا و معاويه؟ والله ما يعرفني!!! قال (الهاني‏ء): فلا عليک، اذا لقيته ففقل له: يقول له هاني‏ء: والله ما الي ذلک من سبيل، انهض يا ابن اخي راشد...

وروي ابوالفرج الاصبهاني في ترجمه لبيد بن ربيعه، من کتاب الاغاني: ج 15، ص 371، طبعه تراثنا، قال:

اخبرنا احمد بن عبدالله بن عمار، قال: حدثنا يعقوب الثقفي و ابن عياش، و مسعر بن کدام- کلهم- عن عبدالملک بن عمير، قال:

اخبرني من ارسله القراء الاشراف- قال الهيثم؟: فقلت لابن عياش: من القراء الاشراف؟ قال: سليمان بن صرد الخراعي والمسيب بن نجبه الفزاري و خالد بن عرفطه الزهري و مسروق بن الاجدع الهمداني، و هاني‏ء بن عروه المرادي- الي لبيد بن ربيعه، و هو في المسجد، (يستفتونه عن اشعر شعراء العرب؟ قال: فذهبت اليه) فقلت (له) يا ابا عقيل اخوانک يقرونک السلام، و يقولون: اي العرب اشعر؟...

و يبالي انه کان معدودا ايضا في جمله القراء الذين کتبوا الي عثمان بن عفان، و طلبوا منه ان يعزل بني‏اميه عن السلطه علي الناس او يعتزل هو عن الخلافه والزعامه علي الناس، ولکن لم يتيسر لي الرجوع والتحقيق، فيراجع مظانه من ترجمه عثمان و سيرته، وليلاحظ ايضا نهج السعاده: ج 2 ص 89 ط 1.

[16] اي الحجره التي کان مسلم يأوي اليها و يسکنها.

[17] و في روايه الطبري عن عمر بن شبه عن هارون بن مسلم عن علي بن صالح، عن عيسي بن يزيد الکناني؟- ما موجزه- قال:

و قدم شريک بن الأعور (من البصره) شاکيا (و نزل علي هاني‏ء) فقال لهاني‏ء: مر مسلما يکون عندي فان عبيدالله يعودني. (فأبلغه هاني‏ء مقاله شريک، فجاءه) فقال شريک لمسلم: أرايتک ان أمکنتک من عبيدالله أضاربه انت بالسيف؟ قال: نعم والله. فقال: له (انه سياتي الي عيادتي، ف) اذا (جاء، و) سمعتني أقول: اسقوني ماءا، فاخرج عليه فاضربه.

فجاء عبيدالله شريکا في منزل هاني‏ء و جلس علي فراش شريک، و قام علي راسه مهران (مولاه) فقال شريک: اسقوني ماءا. فخرجت جاريه بقدح فرأت مسلما (مصلتا سيفه) فزالت، فقال شريک: اسقوني ماءا (فلم يخرج مسلم) ثم قال الثالثه: ويلکم تحموني الماء؟ اسقونيه و لو کانت فيه نفسي!!!

ففطن مهران، فغمز عبيدالله، فوثب (ليخرج) فقال له شريک: ايها الأمير اني اريد ان اوصي اليک. قال (عبيدالله): اعود اليک.

فجعل مهران يطرد به و قال: ارادوا الله و قتلک! قال (عبيدالله): و کيف مع اکرامي شريکا و في بيت هاني‏ء و يد ابي عنده يد؟!!.

[18] و في اصلي من کتاب الاخبار الطوال: فقال لمولي له من اهل الشام، و ناوله ثلاثه آلاف درهم....

[19] تاتي الامر: تسهل. و تاتي للامر: ترفق له و تقصد.

وروي البلاذري في ترجمه مسلم قدس الله نفسه، من کتاب انساب الاشراف: ج 2 ص 79، طبعه بيروت، قال:

و مرض هاني‏ء بن عروه المرادي فاتاه عبيدالله بن زياد عائدا، فقيل لمسلم بن عقيل: اخرج اليه فاقتله. فکره هاني‏ء ان يکون قتله في منزله، فامسک مسلم عنه!!!

و نزل شريک بن الأعور الحارثي ايضا علي هاني‏ء بن عروه، فمرض عنده فعاده ابن زياد- و کان شريک شيعيا شهد الجمل و صفين مع علي (عليه‏السلام) فقال لمسلم: ان هذا الرجل ياتيني عائدا فاخرج اليه فاقتله. فلم يفعل (مسلم) لکراهه هاني‏ء ذلک، فقال شريک: ما رايت احدا امکنته فرصه فترکها الا اعقبته ندما و حسره و انت اعلم؟! و ما علي هاني‏ء في هذا لولا الحصر!!! و مات شريک بن الأعور في دار هاني‏ء من مرضه ذلک (بثلاثه ايام بعده).

ثم قال البلاذري: و اسم الاعور: الحارث.

و ذکر ابن سعد، فيما أورده من جوامع ما رووه له في مقتل الامام الحسين عليه‏السلام من الطبقات الکبري: ج 8/ الورق 54/ ب/ قال:

و کان قدم مع عبيدالله من البصره شريک بن الأعور الحارثي و کان شيعه لعلي، فنزل ايضا علي هاني‏ء بن عروه، فاشتکي شريک، فکان عبيدالله يعوده في منزل هاني‏ء، و مسلم بن عقيل هناک لا يعلم به!!!

فهيوا لعبيدالله ثلاثين رجلا يقتلونه اذ دخل عليهم! واقبل عبيدالله فدخل علي شريک يتساءل به، فجعل شريک يقول: ما تنظرون بسلمي ان تحيوها؟ اسقوني و لو کانت فيها نفسي!!! فقال عبيدالله: ما يقول؟ قالوا: يهجر! و تحشحش القوم في البيت، فانکر عبيدالله ما رآي منهم فوثب فخرج، و دعا مولي لهاني‏ء بن عروه کان في الشرطه فساله فاخبره الخبر؟!...

اقول: و هذا الذيل من متفردات روايه ابن سعد، لم يذکره احد من القدماء، و هذا قرينه علي ان ابن سعد، لم يف بقوله: من ايراد ما اجمع عليه مشايخه الذين يذکر عنهم مقتل الحسين عليه‏السلام.

وروي الطبري في تاريخه: ج 5 ص 361، قال:

و ذکر هشام عن ابي مخنف، عن المعلي بن کليب، عن ابي الوداک: (جبر بن نوف) قال: نزل شريک بن الأعور، علي هاني‏ء بن عروه المرادي و کان شريک شيعيا وقد شهد صفين مع عمار- و ساق حديث انتقال مسلم من دار المختار الي دار هاني‏ء، و مجي‏ء جاسوس ابن مرجانه الي مسلم، و بيعته مع مسلم مع المواثيق المغلظه الي ان قال-:

فمرض هاني‏ء بن عروه فجاء عبيدالله عائدا له، فقال له عماره بن عبيد السلولي: انما جماعتنا و کيدنا قتل هذا الطاغيه، فقد أمکنک الله منه فاقتله.

فقال هاني‏ء: ما احب ان يقتل في داري!!! فخرج (عبيدالله ولم يتعرض له مسلم لکراهه هاني‏ء ذلک).

لما مکث الا جمعه حتي مرض شريک بن الاعور- و کان کريما علي ابن زياد و علي غيره من الأمراء، و کان شديد التشيع- فارسل اليه عبيدالله: اني رائح اليک العشيه.

فقال (شريک) لمسلم: ان هذا الفاجر عائدي العيشه فاذا جلس (عندي) فاخرج اليه فاقتله ثم اقعد في القصر، (و) ليس احد يحول بينک و بينه، فان برئت من وجعي هذا (في) في ايامي هذه سرت الي البصره و کفيتک أمرها!!

فلما کان من العشي اقبل عبيدالله لعياده شريک، فقام مسلم بن عقيل ليدخل، فقال له شريک: لا يفوتنک اذا جلس.

فقام هاني‏ء بن عروه اليه فقال: اني لا احب ان يقتل في داري. کانه استقبح ذلک!!! فجاء عبيدالله بن زياد، فدخل (علي شريک) فجلس (عنده) فسال شريکا عن وجعه و قال: ما الذي تجد؟ و متي اشتکيت؟ فلما طال سؤاله اياه ورآي ان الاخر لا يخرج، خشي ان يفوته فاخذ يقول: «ما تنظرون بسلمي ان تحيوها؟» اسقنيها و ان کانت فيها نفسي؟ فقال ذلک مرتين او ثلاثا.

فقال عبيدالله- و (هو) لايفطن (ما أراده)-: ما شانه؟ اترونه يهجر؟ فقال له هاني‏ء: نعم اصحلک الله ما زال هذا ديدنه قبل عمايه الصبح؟ حتي ساعته هذا!! ثم انه قام فانصرف. فخرج مسلم فقال له شريک: ما منعک من قتله؟ فقال (مسلم: منعتني منه) خصلتان: اما احدهما فکراهه هاني‏ء ان يقتل (الرجل) في داره!!

واما الاخر: فحديث حدثه الناس عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «ان الايمان قيد الفتک، ولا يفتک مومن».

فقال هاني‏ء: اما والله لو قتلته لقتلت فاسقا فاجرا کافرا غادرا، ولکن کرهت ان يقتل في داري!!!

ولبث شريک بن الاعور بعذ ذلک ثلاثا ثم مات.

اقول: المستفاد، من کلام هاني‏ء الذي مر آنفا انهم قراوا جمله: «لايفتک مومن» مجهولا، و ان الفتک بخصوص قيد الايمان منهي لا الفتک مطلقا، و علي هذا التفسير، فالفتک بابن زياد و امثاله لا ينافي الايمان، لانه غير داخل في قوله صلي الله عليه و آله و سلم: «الايمان قيد الفتک...».

[20] هذا هو الظاهر، و في اصلي: «فانطلق الرجل».

[21] يتاتي له الامر: يتيسر و يسهل.

[22] انفتل: سلم وانصرف عن الصلاه.

[23] لعل وجه نسبه مولويته الي ذي الکلاع، انه کان معروفا بالميل الي علي و اهل البيت عليهم‏السلام، وان کان مع معاويه.

و في المقتل المروي عن عمار الذهني عن الامام الباقر عليه‏السلام- المذکور في أواخر حوادث سنه «60» من تاريخ الطبري: ج 5 ص 348، و في ترتيب أمالي السيد المرشد بالله: ج 1، ص 190- قال:

فلم يزل (مولي ابن زياد) يتلطف و يترفق حتي دل علي شيخ من اهل الکوفه يلي البيعه (للحسين عليه‏السلام) فلقيه فاخبره (بقصته) فقال الشيخ: لقد سرني لقاؤک اياي، و ساءني، فاما ما سرني من ذلک، فمما هداک الله له، واما ما ساءني فان امرنا لم يستحکم بعد...

و في الحديث المتقدم عن الطبري بسنده عن ابي الوداک: جبر بن نوف، قال:

ثم ان معقلا مولي ابن زياد، الذي دسه بالمال الي ابن عقيل واصحابه، اختلف الي مسلم بن عوسجه اياما ليدخل علي ابن عقيل، فاقبل به (ابن عوسجه) حتي ادخله عليه، بعد موت شريک بن الاعور، فاخبره خبره کله، فاخذ ابن عقيل بيعته، و امر ابا ثمامه الصاعدي فقبض ماله الذي جاء به، و هو الذي کان يقبض أموالهم و ما يعين به بعضهم بعضا يشتري لهم السلاح، و کان به بصيرا و کان من فرسان العرب، و وجوه الشيعه.

واقبل ذلک الرجل يختلف اليهم فهو اول داخل و آخر خارج!!! يسمع أخبارهم و يعم اسرارهم ثم ينطلق بها حتي يقرها في اذان ابن زياد!!!.

[24] السخيمه: الضغينه، والموجده التي تحدث في النفس.

[25] لم يتيسر لي الرجوع الي مظان ترجمه الحسن بن عقبه المرادي.

[26] لنمير بن وعله ذکر في کتاب لسان الميزان: ج 6 ص 171.

واما ابو الوداک فهو جبر بن نوف البکالي الهمداني من رجال صحاح القوم، و هو مترجم في تهذيب التهذيب: ج 2 ص 60.

[27] البارقه: السيوف اللامعه کالسحابه التي تبرق و تتلمع.

و کان هاني‏ء رحمه الله اذا هاج لامر يرکب في اربعه آلاف دارع و ثمانيه آلاف راجل، و اذا اجابته احلافه من کنده و غيرها کان في ثلاثين الف دارع

هکذا اورده المسعودي في کتاب مروج الذهب: ج 3 ص 59 ط بيروت.

[28] والقضيب: العصي. الغصن المقطوع من الشجره.

[29] لهز: ضرب بجمع الکف في لهزمته و رقبته. و تعتع: حرک بعنف.

[30] و هکذا شان اللئام الطغام الأذلاء الذين يتبعون الطواغيت طمعا في فضلاتهم؟!.

[31] والظاهر انه من آل شبام من همدان، وجلهم کانوا من شيعه اميرالمؤمنين عليه‏السلام و لهم في حرب صفين و محاربه المختار مع قتله الحسين عليه‏السلام مساعي مشکوره.

[32] و ابو هذا الرجس هو الذي ضرب بالسيف علي شفتي سملم أثناء المناوشه ثم قتله صبرا بامر ابن زياد، و هو من شرط ابن زياد و تقدم ذکره استطرادا.

و هذا الشقي اعني بکير بن حمران الاحمري من قديم الايام کان من اعضاد الظالمين، و هو الذي اخذ العبد الصالح کعب بن عبده- بامر العاصي بن العاصي سعيد بن العاص- الي منفاه بلده دباوند؟ کما في کتاب الغدير: ج 9 ص 48 نقلا عن انساب الاشراف: ج 5 ص 43 -41، و تاريخ الطبري: ج 5 ص 137، والرياض النضره: ج 2 ص 140، والصواعق المحرقه ص 68 و غيرها.

[33] لم يتيسر لي الرجوع الي مظان ترجمته.

[34] و هو الازدي الکثيري کما ياتي قريبا، و خرج في سنه (65) مع التوابين الي عين الورده و له في المحاربه مع جند بني‏اميه مساعي مشکوره.

اما مسلم بن عوسجه و ابو ثمامه عمرو بن عبدالله الصاعدي فهما من الشموس البازغه في شهداء کربلاء.

واما عبدالله بن عمرو بن عزيز الکندي فخرج مع التوابين و استشهد في عين الورده، واما عباس بن جعده الجدلي فلم اطلع بعد علي ترجمه له.

[35] کذا في اصلي هاهنا و فيما ياتي، و لم تتبين لي معرفته، وليلاحظ ما ذکر تحت الرقم: (10314) و ما يليه من معجم رجال الحديث: ج 15، ص 148، ط 1، و ترجمه يونس بن ابي اسحاق من تهذيب التهذيب ج 11، ص 433.

[36] لم اطلع علي ترجمه لعباس بن جعده الجدلي فيما عندي من کتب الرجال.

واما يونس بن ابي اسحاق ابواسرائيل فهو من رجال صحاح القوم مترجم في تهذيب التهذيب: ج 11، ص 433.

[37] و هذا الشقي من قديم الايام کان عضيدا للطواغيت و هو الذي حمل حجر بن عدي الکدي واصحابه رحمهم الله الي معاويه فقتلهم معاويه بمرج عذراء.

وقد کان ولاه معاويه في ايامه مدينه الري کما في ترجمه من تاريخ دمشق: ج ص... و مختصره: ج 21 ص 138، ط 1، و ليراجع ترجمته من کتاب الاصابه: ج 4 ص 293.

وايضا يراجع ترجمه عبدالله بن الحجاج من تاريخ دمشق ص 103، ط 1، و کذلک مختصر ابن منطور: ج 12، ص 98.

[38] ذکره ابن حجر في ترجمه يحيي هذا في کتاب تهذيب التهذيب: ج 11، ص 201 قال:

و اسم ابي حيه: حي، روي (يحيي) عن ابيه (حي) و يزيد بن البراء بن عازب، و عبدالرحمان بن ابي ليلي والضحاک بن مزاحم والحسن البصري و ابي برده بن ابي موسي و شهر بن حوشب و اياد بن لقيط و عبدالله بن عيسي بن عبدالرحمان بن ابي ليلي و مغراء العبدي و جماعه.

و (روي) عنه السفيانان والحسن بن صالح و جرير و هشيم والنضر بن زراره و عبده بن سليمان الکلابي و وکيع و ابو بدر شجاع بن الوليد و جعفر بن عون و ابو نعيم و غيرهم.

اقول: وقد ذکر ابن حجر في اول الترجمه انه من رجال ابي داود، والترمذي و ابن ماجه.

ثم ساق اقوال الحريزيين حول توثيق الرجل و تضعيفه الي ان قال: قال الغلابي عن ابن معين (انه) مات سنه سبع و اربعين و مائه. و فيها ارخه (ايضا) ابن سعد و مطين.

و قال ابو نعيم و غيره: مات سنه خمسين (و مائه بالکناسه).

اقول: و قال المرزباني: مات ابو جناب في السنه التي مات فيها الأعمش.

هکذا رواه عن المرزباني في ترجمه ابي جناب تحت الرقم: (65) من کتاب نور القبس تلخيص کتاب المقتبس ص 263.

وايضا له ترجمه مختصره في الطبقه الخامسه من الکوفيين في الطبقات الکبري: ج 6 ص 360.

[39] هذا هو الظاهر، و في اصلي تصحيف، و ما بين المعقوفين زياده توضيحيه منا.

ثم ان القعقاع بن شور هذا، کان من عهد قديم قد فارق الحق والحقيقه، و رکن الي الباطل والضلاله، فارق عليا عليه‏السلام و لجي‏ء الي معاويه کما في الحديث: (201) من تلخيص کتاب الغارات، ص 533 ط 1، و کما في شرح المختار (57) من نهج‏البلاغه من شرح ابن ابي‏الحديد: ج 4 ص 87.

و ليراجع ترجمته من تاريخ دمشق: ج ص و مختصره: ج 12، ص 87.

[40] يثوبون: يلوحون برفع اياديهم و اهزاز الويتهم الي ابن زياد و زبانيته.

[41] فصول الجنود من الشام: خروجهم و انفصالهم منها الي الکوفه لتنکيل مخالفيهم.

[42] تجب- علي زنه تعد و بابه- تسقط. تغيب. تغرب.

[43] مجالد بن سعيد هذا من رجال مسلم و اربعه آخرين من ارباب الصحاح الست، مترم في تهذيب التهذيب: ج 10، ص 39.

[44] يتلدد: يلتفت يمينا و شمالا تحيرا. والازقه: جمع الزقاق: السکه. الطريق الضيق.

[45] اي اتق الله في.

[46] اضطجع: تمدد و وضع جنبه علي الارض.

[47] کذا في اصلي، و لم اجد «البحابح» فيما عندي من المعاجم اللغويه، والظاهر من سياق الکلام أن المراد منها هو الأستار المعلقه علي فضاء المسجد لأجل الوقايه عن المطر والحر والبرد والعجاج.

[48] الطنان- بکسر الطاء-: جمع الطن- بظم الطاء-: حزمه القصب.

[49] العتمه- محرکه-: القطعه من الليل او الثلث الاول منه.

والشرطه والشرطي- بظم الشين و سکون الراء فيهما-: واحد الشرط و هم خيار اعوان الولاه. اول کتيبه تحضر الحرب و تتهيا للتفادي. والعرفاء: جمع العريف: معرف القوم والقائم بامرهم المراقب لامورهم.

والمناکب: جمع المنکب- علي زنه المجلس-: شريف العشيره المتحمل امورهم علي کاهله و منکبه.

[50] وانظر ما تقدم عن اميرالمؤمنين عليه‏السلام في اخباره عن شهاده ابنه الحسين عليه‏السلام في المقدمه الثالثه ص 186.

[51] کذا في اصلي، والظاهر ان مراد الرجس من قوله: «ان صاح باب سکه...» معني کنائي و هي خفه وجود الجواسيس و قله حضور المقاتلين و تفرقهم و عدم التصاق بعضهم من بعض.

والسکک: جمع السکه: الطريق. و قيل: المستقيم منه.

[52] جس: طلب وامر بالتجسس البليغ، ماخوذ من قولهم: جاس الشي‏ء جوسا- علي زنه قال و بابه-: طلبه بالحرص الأکيد و بالاستقصاء.

و للحديث تتمه، و سياتي کاملا بروايه الطبري. و قريبا مما هنا، جاء ايضا في کتاب الفتوح- للاعثم الکوفي-: ج 5 ص 90، و کذلک في مقتل الخوارزمي: ج 1، ص 203. و ذکره ايضا ابن شهر آشوب في مناقب آل ابي‏طالب: ج 4 ص 91. و رواه عنه المجلسي رحمه الله في بحار الانوار: ج 44 ص 343.

[53] لم أعثر علي ترجمه للرجل عدا ما جاء في کتاب الاعلام ج 3 ص 40 قال: زائده بن قدامه بن مسعود الثقفي قائد من الشجعان من اهل الکوفه، و هو ابن عم المختار بن ابي عبيد، آخر ما وليه امره جيش سيره به الحجاج لقتال شبيب بن يزيد، فنشبت بينهما معارک قتل فيها زائده بأسفل الفرات سنه (76).

وايضا له ذکره في عنوان: «امر المختار بن ابي عبيد الثقفي» في الجزء (5) من کتاب انساب الاشراف ص 215 ط المستشرقين.

وايضا له ذکر في عنوان: «مقتل مصعب من کتاب الاغاني ج 19 ص 134، ط دار الفکر، قال: و زرق زائده بن قدامه مصعبا فصرعه و نادي: يا لثارات المختار.

[54] وانظر ما تقدم حوله عند ما صعد شريح القاضي علي سطح دار الاماره ليبلغ الثائرين انا هانئا حي و لم يقتل.

[55] نصلت ثنيتاه: اخرجتهما و قلعتهما من اصلهما.

[56] انبهر: بالغ في الدفاع حتي لم يبق له رمق. انقطع نفسه من السعي الشديد وراء الفارين منه من اعدائه و مقاتليه.

[57] ما وجدت له ترجمه تبين هويته اکثر من کونه من ذنابه الطواغيت.

[58] والظاهر من قرائن الحال انهم انما حملوه علي البغله ليوصلوه سريعا الي ابن مرجانه مخافه ان يلحقه صريخ فيخلصه من ايديهم.

[59] و بعد في تاريخ الطبري: ج 5 ص 375 ط الحديث بمصر، هکذا:

فقال ابن الاشعث: والله لأفعلن و لأعلمن ابن زياد اني قد امنتک. (ثم قال الطبري):

قال ابو مخنف: فحدثني جعفر بن حذيفه الطائي- وقد عرف سعيد بن شبيان الحديث؟- قال: دعا محمد بن الأشعث اياس بن العثل الطائي من بني مالک بن عمرو بن ثمامه- و کان شاعرا و کان لمحمد زوارا- فقال له: الق حسينا فابلغه هذا الکتاب، و کتب فيه الدي امره ابن عقيل، و قال له: هذا زادک و جهازک و متعه لعيالک.

(فتسلم اياس ما اعطاه ابن الاشعث) ثم خرج فاستقبله (اي الحسين عليه‏السلام) بزباله الأربع ليال فاخبره الخبر و بلغه الرساله. فقال له حسين: کل ما حم نازل، و عندالله نحتسب انفسنا و فساد امتنا.

وقد کان مسلم بن عقيل حيث تحول الي دار هاني‏ء بن عروه و بايعه ثمانيه عشر الفا قدم کتابا الي حسين مع عابس بن ابي شبيب الشاکري:

اما بعد فان الرائد لا يکذب اهله، وقد بايعني من اهل الکوفه ثمانيه عشر الفا، فعجل الاقبال فان الناس کلهم معک، ليس لهم في آل معاويه رأي و لا هوي والسلام.

[60] و هکذا شان اللئام الذين ينقادون للطواغيت طمعا في حطامهم فهم الام واخس من المشرکين الذين کانوا يتفادون بنفسهم و نفيسهم لأجل الحافظ علي عهدهم و ذمهم.

[61] کذا في اصلي في هذا الحديث و تاليه، و لم اجد له ترجمه فيما عندي من کتب الرجال، اللهم الا ان يکون «سعد» مصحفا عن «سعيد» و عليه فله ذکر في اصحاب الامام الباقر والصادق عليهماالسلام في رجال الطوسي و معجم رجال الحديث: ج 14، ص 83 ط 1.

[62] و هذا مقال جل الاشقياء المغترين بالحياه الدنيا، و کذلک زين للمسرفين ما کانوا يعملون، و قال تعالي في شان امثاله: (افمن زين له سوء عمله قرآه حسنا فان الله يضل من يشاء) (8/ فاطر: 25).

و نظير قول هذا الشقي قوله شقيقه مسلم بن عقبه المري- بعد ما انهب بامر يزيد مدينه الرسول ثلاثه ايام واقتض الأمويون الف عذراء من بنات المهاجرين والانصار فقال-: اللهم انه لم يکن قوم احب الي ان اقاتلهم من قوم خلعوا اميرالمؤمنين (يزيد) و نصبوا له الحرب، اللهم فکما اقررت عيني من (هلاک) اهل المدينه فابقني حتي تقر عيني من (هلاک) ابن الزبير!!! فويل للذين اتبعوا ائمه يقول الله تعالي فيهم: (و جلعناهم ائمه يدعون الي النار، و يوم القيامه لاينصرون) (32/ القصص: 28).

وانظر ترجمه الشقيين المسرفين المسمين بمسلم من تاريخ دمشق او مختصره: ج 24 ص 297 -293.

[63] و هذا کما يدل علي غباوه الکوفيين و لؤمهم حيث لم يتعاهدوا أمر ضيف مثل مسلم حتي اضطر الي الاستدانه، يدل ايضا علي کون مسلم علي قمه الورع والتقوي حيث لم يتصرف فيما کانون يجلبون اليه لمساعدته علي امره، حتي انه سلام‏الله عليه لم يتصرف في الثلاثه الآلاف التي قدم اليه معقل جاسوس ابن مرجانه، بل امره ان يدفعها الي ابي ثمامه الصائدي رفع الله مقامه کي يشتري العده للمجاهدين!.

[64] کلام ابن مرجانه هذا دال علي کمال وهن الرجس عمر عندهم حيث واجهه بمري‏ء من الناس و مسمع منهم بهذا الکلام.

وايضا کلام ابن مرجانه دال علي انه کان يعرف ترکيز عمر علي الخيانه و مع ذلک کان يرشحه لتولي سياده البلاد و قياده الجيش جلبا لقلوب سواد الناس اليه و سوء الاستفاده منه من جهه قرشيته و سوابق ابيه.

[65] هذا هو الظاهر، و في اصلي المطبوع: «ان نفسک تمنيک...».

[66] و نظير ذلک قد جري بين ابن عباس، وابن الزبير، علي ما رواه ابن عساکر في ترجمه عبدالله بن عباس من تاريخ دمشق کما في مختصر ابن منظور ج 12، ص 325 ط 1، قال:

لما خرج الحسين بن علي الي الکوفه اجتمع ابن عباس و عبدالله بن الزبير بمکه فضرب ابن عباس جنب ابن الزبر و تمثل (الرجز):



يا لک من قبره بمعمر

خلا لک الجو فبيضي و اصفري



و نقري ما شئت ان تنقري

خلا لک والله يا ابن الزبير الحجاز، و سار الحسين الي العراق.



فقال ابن الزبير لابن عباس: والله ما ترون الا انکم احق بهذا الامر من سائر الناس.

فقال له ابن عباس: انما يري من کان في شک، فاما نحن من ذلک فعلي يقين...

[67] هکذا داب الکملين من اولياء الله، يواجهون اطغي الطواغيت بمثل هذا الکلام بلا مبالات بهم و بسطوتهم!!!.

[68] و بعده في تاريخ الطبري هکذا:

و زعم (بعض) اهل العلم ان عبيدالله امر له بماء فسقي بخزفه؟ ثم قال له: انه لم يمنعنا ان نسقيک فهيا الا کراهه ان تحرم بالشرب فيها ثم نقتلک؟ و لذلک سقيناک في هذا.

اقول: والظاهر ان هذه القطعه من زيادات الطبري ولا تکون من تتمه روايه ابي مخنف.

و تعبير «زعم» بشعر بان الطبري لا يعتقد ذلک، لان من الامثله السائره عندالعرب: ان «زعموا مطيه الکذب».

[69] اخفرت: نقضت و غدرت.

[70] اراد مسلم رضوان‏الله‏عليه، سلب نسبته من قريش و نقض حکم معاويه في زياد من انه قرشي مولود من زنا ابي سفيان بامه سميه.

[71] عون هذا من رجال الصحاح الست مترجم في تهذيب التهذيب: ج 8 ص 170، و سير أعلام النبلاء: ج 5 ص 105، و تاريخ الاسلام.

و ابوه وهب بن عبدالله ايضا من رجال الصحاح الست مترجم في تهذيب التهذيب: ج 11، ص 164، و سير أعلام النبلاء: ج 3 ص 202.