بازگشت

خاتمة فصل العبرات و البكاء


اقول: وقد تجلي من الاخبار المتواتره المتقدمه ان البكاء علي الحسين عليه السلام من سنه النبي و اهل بيته عليهم السلام، و للمسلمين برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اسوه حسنه، و حينئذ نقول لمن يفتي بحرمه البكاء واقامه العزاء علي ريحانه رسول الله، و يدعي انه مسلم من اين اخذت هذه النزعه؟ فان كنت جاهلا بعمل النبي وتقريره، فليس لك ان تفتي بالجهل و تنسبه الي الشريعه، و ان كنت عالما بما تقدم من الاخبار المتقدمه ففتواك بالحرمه و عدم الجواز معارضه منك مع النبي صلي الله عليه و آله و سلم و معارض النبي كافر غير مسلم، و مع ذلك ليس لك ان تفتي بالحرمه، لان سلفك و قادتك من يزيد و بنات معاويه و عمر بن سعد بكوا علي الحسين، و عقدت بنات معاويه مجلس عزاء و تابين للحسين عليه السلام كما ياتي في اواخر كتابنا هذا.

ياويلكم يا أعداء آل بيت النبي اذا انتم لاتواسون النبي و اهل بيته في الكباء علي الحسين، فباكوا لبكاء عمر بن سعد، و ابكوا لبكاء يزيد بن معاويه وابكوا لبكاء عبدالرحمان بن الحكم و ابكوا لبكاء زوجه يزيد بنت عبدالله بن عامر، وابكوا لبكاء بنات معاويه، والا فاعلموا انكم كما لستم من متابعي النبي والمؤمنين به، لستم من الامويين الذين تعتزون بهم فلا تقولوا بملي ء افواهكم انا مسلمون، بل لا تقولوا انا من الاسره العربيه، فانها في اسلامها عاكفه علي تابين العظماء الراحلين عنهم والبكاء عليهم وانشاء المراثي فيهم كما كانوا في جاهليتهم عي ذلك، فليراجع المنصفون الي ما انشده الصحابه في مراثي النبي صلي الله عليه و آله و سلم كما في تاريخ الطبري والعقد الفريد و وسيله المتعبدين و غيرها، فضلا عن الكتب المولفه في خصوص المراثي.

فلنعطف علي ما عقدنا الكتاب لبيانه و شرحه، ولا يضرنا من ضل اذا اهتدينا، فنقول:

واعلموا عباد الله انه استشهد في (مثل) هذه الايام الامام الهمام [1] و حجه الله علي الأنام الحسين بن علي، نجل التبول والوصي، و ثمره فؤاد النبي، و صبت فيها المصائب والاذي علي اهل بيت المصطفي و ذبح فيها قره عين المرتضي، فاه علي المجدل بكربلاء و آه علي العتره من الاطفال والنساء.

ذبحوا سبط النبي في الشهر الحرام، ثم جعلوه هديه لاهل الشام، فويل لمن شفعاؤه خصماوه، و ويل من عتره النبي محمد اسراوه!!!




من يكتسب سخط النبي محمد

لينال في الدنيا رضي ابن معاويه



حرم الشفاعه في الحساب وسيق في

زمر الضلاله نحو نار حاميه



فجزاء قوم حاربوا من دونه

واستشهوا غرف الجنان العاليه



و جزاء من قتل الحسين و حزبه

يوم الجزاء خلوده في الهاويه



ما للظلمه طووا عن الدنيا كشحا؟ واعرضوا عن الآخره صفحا؟ واقتحموا الحسين بالعاديات ضبحا؟ و شنوا عليه الغاره صبحا؟ فقاتل عنه صفوه الأنام، حتي تساقط عنه الهام، ثم قاتل عتره الرسول دونه حتي طحنتهم رحي المنايا، وأحاطت بهم سهام الحنايا، ثم برز الليث الهؤل؟ والغيث الهطول، نجل المرتضي والبتول و عليه عمامه جده الرسول، فدكرهم حق جده خاتم الأنبياء، وحق ابيه سيد الأوصياء، وحق امه فاطمه الزهراء ليجودوا عليه بشربه من ماء!!! فجادوا عليه بالسيوف والنبال، فتقدم عليه السلام الي القتال، و صرع مرده الرجال وأقمص بالحتوف الابطال، مره عن اليمين و مره عن الشمال، حتي صار اهل الضلال باجمعهم البا عليه بالسيوف القواطع والأسل الطوال، فرموه و طعنوه وضربوه حالا بعد حال، و قاتل حتي اضعفته كثره النصال، ففاز بالشهاده و سلك مسلك السعاده فالسلام علي الحسين المقتول يوم الاثنين [2] .



لقد ذبحوا الحسين ابن البتول

و قالوا: نحن: أشياع الرسول



بشربه قطره بخلوا عليه

و خاض كلابهم وسط السيول



قصاري همهم ريح شمال

و كاسات من الراح الشمول



وان موفقا ان لم يقاتل

امامك ياابن فاطمه البتول



فسوف يصوغ فيك محبرات

تنقل في الحزون و في السهول



ثم جعل يزيد ينكت بالمحضره والقضيب ثنايا الحسين النجيب!!! تلك الثنايا التي كانت مقبل الحيبب، فآه من رزيه ما اوجعها؟ و آه من مصيبه ما افجعها؟! شقوا بالسنه الحياه حياه القلوب، اذ لا قيمه للحبوب عند المحبوب؟ واقضوا حتي النبي المختار بارسال المدامع الغزار علي اولئك الأبرار.



نعم بادكاري كربلاء و من بها

تفاقم كربي واستحم بلائي



وانفد عيني ماءها ببكائها

عليهم وقد امددتها بدمائي



يا ويح قوم قتلوهم اذا بدا

شفيعهم من جمله الخصماء



و ساقوا بني بنت النبي محمد

الي الشام في السوق العنيف كشاء




صفت الدنيا للطغاه و ذوي العناد، و آل الرسول مشردون في البلاد، محجبون اشفاقا علي انفسهم من مكرهم، و نحف اجسمامهم خوفا من غائله كيدهم و غدرهم.



ايامن وحش البر غائله الوري

و آل النبي المصطفي غير آمن؟



تكدرت الدينا عليهم وقد صفت

لكل عنيد شاطر متماجن



اتقتل سادات العباد بسيف يزيد بن معاويه، و عبيدالله بن زياد؟!!!



لقد قتلوا التقي ابن التقيي

باسياف الشقي ابن الشقيي



وقد ذبحوا الحسين بكربلاء

لأمر عبيد الباغي الدعيي



واهدوا راسه في راس رمح

لنحو يزيد العاتي البغيي



و ساقوا نسوه المختار اسري

و قالوا نحن اشياع النبيي



و اجر رسول رب العرش لما

اشار به وداد بني عليي



بنات الظلمه في القصور، نواعم في الخدور يركبن مطايا الشهوات و يسحبن أذيال الخطايا بالخطوات، و بنات الرسول في الفلوات، مكشوفات الرؤوس تحت الخفقات من السياط والهفوات!!!



بنات زياد في القصور قد استوت

علي سرر العلي من كل جانب؟



و ان بنات الهاشمي محمد

رسول الهدي تكبن سير السباسب؟



سوافر يندبن الحسين بنوحه

تحل بها الاحزان خيط السواكب



معاشر المسلمين من كان فيكم مصاب فليتعز بمن كان منه اعز، و من كان فيكم مظلوم فليتسل، فقد ظلم من منه كان اجل، و من كان فيكم من حالف البلاء فيتذكر مبتلي كربلاء المحروم من الماء، المذبوح من القفا، علي الظماء، المجدل في تلك التربه، المسوقه نساوه سوق الاماء، يهون عليه امر الغربه و عسر الكربه!!!



اذا ذكرت نفسي مصائب فاطم

بأولادها هانت علي مصائبي



ولم اتذكر منعهم عن مشارب

علي ظما الا وعفت مشاربي



اسيغ مياهي بعدهم ثم ادعي

باني في دعوي الهوي غير كاذب



سقوا حسنا سما ذعافا و جدلوا

اخاه حسينا بالقفا والقواضب



فضائلهم ليست تعد و تنتهي

وان عددت يوما قطار السحائب



و ان يزيدا رام ان يتسفلوا

و ان يتردوا في مهاوي المعاطب



وقد رفع العدل المهيمن حالهم

بمنزله قعساء فوق الكواكب




لبئس ما كان يزيد و حزبه يحتقبون، و ساء ما يرتكبون، و سوف ترونهم في جهنم يصطلون، و يصطرخون و يضطربون فانهم الي ربهم راجعون (و سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون).



لقد قتلوا عليا اذ تجلي

لاهل الحق فحلا في الضراب



وقد قتلوا الرضا الحسن المرجي

جواد العرب بالسم المذاب



وقد منعوا الحسين الماء ظلما

و جدل بالعطان و بالضراب



وقد صلبوا امام الحق زيدا

فيا لله من ظلم عجاب



قتلوا الحسين بن علي ولد رسولهم ولم يبالوا بالنص الجلي في حفده نبيهم؟! ثم لبثوا في شمالهم علي شرب شمولهم و جر فضول ذيولهم!!!

افي صلاتهم يصلون علي محمد و آله [3] و يمنعونهم من مشرعه الماء و زلاله؟! و يجمعون علي حرب الحسين و قتاله؟! و يذبحونه ولا يستحيون من شيبه و جماله؟!



ان حق رسول الله علي اممه ان يعظموا ترابا الم برممه، بل تراب نعل قدمه، بل تراب نعل قدم خادم من خدمه.

ثم هؤلاء الطغاه قتلوا شبل اسد ساد في اجمه، ونكتوا بالمحضره ثنايا فم كانت مراشف فمه؟!! و تنافسوا في ذبحه و اراقه دمه!!!

و كان حق الرسول ان يكتحلوا بغبار من شعر جسده، و هؤلاء ذبحوا الحسين بكربلاء اكرم وله، و قره عينيه و فلذه كبده، ذلك الفتي الذي نشا بين يدي الرسول، و بين علي الضرغام الصؤل و فاطمه البتول؟!

سبحان الله ثم سبحان الله من يزيد و عبيدالله؟ عدوا لله و عدوا رسول الله الناكتين ثنايا حبيب حبيب الله.


ليت شعري ما اعذار هولاء الشطار الفجار الأشرار، في قتل هولاء الاخيار الاحبار، عند رسول الله المختار، و عند علي الكرار، و عند فاطمه المستغفره بالأسحار، اذا جاءت بثوب مخضوب بدم الحسين- المقتول بأسياف اصحاب الخمر والقمار والزمار- واحتوت علي ساق عرش الواحد القهار، و رفعت شكواها الي الملك الجبار، ثم جاء النداء: يا زبانيه النار شدوا الطغاه بالسلاسل والاغلال من النار، و سوقوهم الي اسفل دركات النار، فسحقا و تعسا للظلمه ذوي الخسار والصغار، (يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم و لهم اللعنه و سوء الدار).

ان المصيبه بالحسين عليه السلام من اعظم المصائب، فصبوا فيها شآبيب الدموع السواكب، بتصعيد الزفرات الغوالب،: و استنفروا بالبكاء الدماء، و اعقبوا الكرب والبلاء بتذكركم ايام كربلاء.

ان المصيبه بقتل نجل الرسول والبتول، و علي الليث الصول مصيبه لا يجبر كسرها، ولا يمكن بجرها، و شعله في صدور المومنين لا ينطفي جمرها، عظيمه في العظائم يتجدد علي الايام ذكرها، وليله بليه ورزيه لايتنفس فجرها، و قارعه زلزلت منها الارض برها و بحرها.

عجبا لمن يتذكر مصارع هولاء الأتقياء الشهداء الظماء من اهل بيت خاتم الأنبياء، ثم يتمتع بعدهم بشربه من الماء.

سبحان الله اي ظلم جري علي اصحاب الحراب والمحراب، وارباب الكتيبه و فتيان الطعان والضراب و رجل العبي ء والعباب.

ما عذر كلاب منعوهم عن الطعام والشراب، والفرات مكرعه للخنازير والكلاب!!!

حبسوا ساده الخلق الأطياب، في صحراء الاكتاب والاغتراب، ثم ذبحوا تلك النفوس الزكيه، و عرضوها للنسور، والذئاب، و عفروا تلك البدريه كالبدور في التراب!!!

كيف السلو و آل الرسول مشردون في البلاء منحجرون في كل شعب وواد، و منحجرون في كل سرب و مطموره و مهواه بغير زاد؟!! مستشعرون الخوف و مكتحلون بالسهاد، قد ضربت عليهم الارض بالاسداد!!!


بنات الظلمه في الخدور والقصور علي سرر السرور لابسه حبر الحبور مسبلات الستور، و بنات الرسول في حر الشمس والحرور و مهب الصبا والدبور ضاربات الصدور، ناتفات الشعور، علي كسوف تلك الشموس والبدور و غروبها في مغارب القبور، و مصيرها الي بطون السباع و حواصل الطيور!!!

هذا ما تيسر لنا، من ذكره في مقدمه كتابنا هذا، واما المقصد ففيه مطالب:



پاورقي

[1] هذه الخاتمه اخذناها و هذبناها من مقتل الامام الحسين عليه‏السلام للخوارزمي: ج 1، ص 158، ط 1.

[2] وليلاحظ ما يأتي حول زمان شهاده الامام الحسين عليه‏السلام.

[3] ولله در الشافعي حيث يقول:



يصلي علي المبعوث من آل هاشم

و يغزي بنوه ان ذا العجيب.