بازگشت

نقل ان الابيات لسليمان بن قتييه






مررت علي أبيات آل محمد

فلم أرها أمثالها يوم حلت



فلا أبعد الله الديار و أهلها

و ان أصحبت عنها برغم تخلت



و كانوا رجاء ثو صاروا رزيه

لقد عظمت تلك الرزايا و جلت



ألا أن قتل السبط من آل هاشم

أذل رقاب المسلمين فذلت



ألت تر أن الشمس أضحت مريضه

لقتل حسين و البلاد اقشعرت



فليت الذي أه وي اليه بسيفه

أصاب به يمني يديه فشلت



عن مسلم الجصاص قال: دعاني ابن زياد لاصلاح دار الاماره بالكوفه فبينما أنا أجصص الأبواب و اذا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفه، فأقبلت علي خادم و كان يعمل معنا فقلت: ما لي أري الكوفه تضج؟ قال: الساعه أتوا برأس خارجي خرج علي يزيد بن معاويه، فقلت: من هذا الخارجي؟ قال: الحسين بن علي، قال: فتركت الخادم حتي خرجت و لطمت وجهي حتي خشيت علي عيني أن تذهبا و غسلت يدي من الجص و خرجت من ظهر القصر و أتيت الي الكناس فبينما أنا واقف و الناس يتوقعون وصول السبايا و الرؤوس اذ قد أقبلت نحو أربعين شقه تحمل علي أربعين جملا فيها الحرم و ا لنساء و أولاد فاطمه و اذا بعلي بن الحسين علي بعير بغير وطاء و أوداجه تشجب دما و هو مع ذلك يبكي و يقول:



يل أمه السوء لا سقيا لربعكم

يا أمه لم تراعي جدنا فينا



لو أننا و رسول الله يجمعنا

يوم القيامه ما كنتم تقولونا



تسيرونا علي الأقتاب عاريه

كأننا لم نشيد فيكم دينا



بني أميه ما هذا الوقوف علي

تلك المصائب لا تبلون داعينا






تصفقون علينا كفكم فرحا

و أنتم في فجاج الأرض تسبونا



أليس جدي رسول الله ويلكم

أهدي البريه من سبل المضلينا



يا وقعه الطف قد أورثتني حزنا

و الله يهتك أستار المسيئينا



قال: و ثار أهل الكوفه يناولون الأطفال الذين علي المحال بعض التمر و الخبز و الجوز فصاحت بهم أم كلثوم و قالت يا أهل الكوفه ان الصدقه علينا حرام و صارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال و من أفواههم و ترمي به الي الأرض قال: كل ذلك و الناس يبكون علي ما أصابهم، ثم أن أم كلثوم أطلعت رأسها من المحمل و قالت لهم: يا أهل الكوفه تقتلنا رجالكم و تبكينا نساؤكم فالحاكم بيننا و بينكم الله يوم فصل القضاء فبينما هي تخاطبهم و اذا بضجه قد ارتفعت و اذا هم بارؤوس بمقدمهم رأس الحسين و هو رأس أزهري قمري أشبه الخلق برسول الله و لحيته كسواد التيح قد اتصل بها الخطاب و وجهه دائره قمر طالع و الريح تلعب بها يمينا و شمالا، فالتفتت زينب فرأت رأس أخيها فنطحت جبينها بمقدم المحمل حتي رأينا الدم يخرج من تحت قناعها و أومت اليه بحرقه و جعلت تقول:



يا هلالا لما استتم كمالا

غاله خسفه فأبدي غروبا



ما توهمت يا شقيق فؤادي

كان هذا مقدرا مكتوبا



يا أخي فاطم الصغري كلمها

فقد كاد قلبها أن يذوبا



يا أخي قلبك الشفيق علينا

ما له قد قسا و صار صليبا



يا أخي لو تري عليا لدي الأسر

مع اليتم لا يطيق وجوبا



كلما أوجعوه بالضرب ناداك

بذل يفيض دمعا سكوبا



يا أخي ضمه اليك و قربه

و سكن فؤاده المرعوبا



ما أذل اليتيم حين ينادي

ب.بيه و لا يراه مجيبا



قال: ثم أن ابن زياد اللعين جلس في قصر الاماره و أذن للناس اذنا عاما و أمر باحضار رأس الحسين فاحضر بين يديه و جعل ينظر اليه و يبتسم و كان بيده قضيب فجعل يضرب به ثناياه. قال: و كان الي جانبه رجل من الصحابه يقال له


زيد بن أرقم و كان شيخا كبيرا، فلما رآه يفعل ذلك قال له: ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين فوالله الذي لا اله الا هو لقد رأيت ثنايا رسول الله ترشف ثناياه ثم انتحب و بكي؛ فقال ابن زياد: أتبكي؟ أبكي الله عينك و الله لولا أنك شيخ قد خرفت و ذهب عقلك لأضربن عنقك. فنهض عنه موليا ثم دخلت عليه زينب بنت علي و هي متنكره و عليها أرذل ثيابها، فجلست ناحيه و قد حف بها اماؤها؛ فقال ابن زياد: من هذه؟ فلم تجبه فأعاد القول ثانيه، فقال له بعض الخدم: زينب بنت علي، فأقبل عليها ابن زياد و قال لها: الحمدلله الذي فضحكم و قتلكم فقالت: الحمدلله الذي أكرمنا بنبيه محمد و طهرنا من الرجس تطهيرا، انما يفتضح الفاسق و يكذب الفاجر و هو أنت يا عدو الله و عدو رسوله. فقال لها: كيف رأيت صنع الله بأخيك و أهل بيته؟ فقالت: كتب الله عليهم القتل فبرزوا الي مضاجعهم و سيجمع الله بينك و بينهم و تتحاجون و تتخاصمون عنده، و ان لك يا بن زياد موقفا فاستعد له جوابا و اني لك به. فغضب ابن زياد و استشاط فقال عمروبن حريث: انها امرأه و المرأه لا تؤاخذ بشي ء من خطاياها. فقال ابن زياد قد شفي الله نفسي من طاغيتك و العصاه من أهل بيتك. فرقت زينب و بكت و قالت: لعمري لقد قتلت كهلي وابرزت أهلي و قطعت فرعي واجتثت أصلي فان يشفك هذا فقد اشتفيت. فقال ابن زياد: هذه سجاعه و لعمري كان أبوها أسجع منها، فقالت: ما للمرأه و السجاعه و أني لي السجاعه و اني لفي شغل عنها ولكن صدري نفث بما قلت؛ ثم عرض عليه علي بن الحسين، فقال له: من أنت؟ قال: أنا علي بن الحسين، و قد كان لي أخ أكبر مني قتلوه الناس، فقال له ابن زياد: قتله الله؛ فقال علي بن الحسين: الله يتوفي الأنفس حين موتها، قال: فغضب ابن زياد و قال: ألك جرأه علي جوابي و فيك بقيه الرد علي اذهبوا اليه فاضربوا عنقه، فتعلقت به زينب و قالت: يا بن زياد حسبك من دمائنا واعتنقته و قالت: و الله لا أفارقه و ان قتلتموه فاقتلوني معه، فنظر ابن زياد و قال: وا عجبا للرحم و الله اني لأظنها تود أن أقتلها دونه، دعوه فاني أراه لما به مشغول. ثم قام من مجلسه و خرج من القصر و جاء لمسجد و صعد المنبر و قال: الحمدلله الذي أظهر الح ق و أهله


و نصر الأمير يزيد بن معاويه و حزبه و قتل الكذب ابن الكذاب و شيعته، فقام اليه عبدالله عفيف الأزدي و كان من شيعه علي عليه السلام و قال بأعلي صوته: يا عدو الله الكذاب أنت و أبوك و الذي ولاك و أبوه يا ابن مرجانه تقتل أولاد الأنبياء و تقوم مقام الصديقين الأتقياء قال ابن زياد: علي به فأخذته الحلاوزه فنادي معاشر الأزد فاجتمع منهم جمع كثير فانتزعوه من أيديهم، فلما كان الليل أمر ابن زياد من يأتيه به وقد كان كف بصره فهجموا عليه و لم يكن عنده غير ابنته فقال لها: يا بينه ناوليني سيفي و قولي خلفك و امامك و عن يمينك و عن شمالك، فقتل منهم مقتله عظيمه، ثم ظفروا به واخذوه أسيرا الي ابن زياد فقال له: الحمدلله الذي أعمي عينيك، فقال له الحمدلله الذي فتح عينيك و أعمي قلبك، فأمر به فضربت عنقه و صلب رحمه الله عليه. قال من حضر: رأيت نارا قد خرجت من القصر كادت تحرقه فقام ابن زياد عن سريره هاربا و دخل بعض بيوته كل ذلك و لم يرتدع اللعين عن غيه و شقاوته، قم التفت الي السبي فرأي زينب و هي تتخفي بين النساء و تستر وجهها بكمها لأن قناعها أخذ منها فقال لها: يا زينب كلميني بحق جدك رسول الله، فقالت: و ما الذي تريد و قد هتكتني بين النسا ء؟ قال: كيف رأيت صنع الله بأخيك أراد أن يكابر الأمير يزيد في مكه فخيب الله أمله و قطع رجاه، فقالت زينب: ويلك يا ابن مرجانه كم تسحب علينا أثواب غيك فان أخي ان طلب الخلافه فلا عدوان عليه فانه طلب مير اث جده و أبيه و انه أحق بالأمر منك و ممن أمرك لكنك استجرت الجحيم لنفسك فاستعد لله جوابا اذا كان هو القاضي و الخصم جدي رسول الله و السجن جهنم. قال: فغار علي بن الحسين علي عمته فقال لابن زياد: الي كم تهتك عمتي بين من يعرفها و من لا يعرفها قطع الله يديك و رجليك. قال: فاستشاط ابن زياد و أمر بضربه فمنع من ذلك. قال: ثم ان اللعين دعا بالشمر و خولي و شبث بن ربعي و عمر بن الحاج و ض م اليهم ألف فارس و زودهم و أمرهم بأخذ السبايا و الرؤوس الي دمشق عند يز يد و أمر أن يشروهم في كل بلده يدخلونها فساروا علي الفرات واخذوا علي أول منزل نزلوا و كان المنزل خرابا فوضعوا الرأس بين أيديهم و السبايا قريبا منه و اذا بكف خارج من الحائط و قلم يكتب بدم هكذا.




أترجوا أمه قتلت حسينا

شفاعه جده يوم الحساب



فلا والله ليس لهم شفيع

و هم يوم القيامه في العذاب



قال: ففزعوا من ذلك وارتاعوا ورحلوا من ذلك المنزل و اذا بهاتف يسمعونه و لا يرونه و هو يقول:



ماذا تقولون اذ قال النبي لكم

ماذا فعلتم و أنتم آخر الأمم



بعترتي و بأهلي عند مفتقدي

منهم أساري و منهم ضرجوا بدم



ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي



قال: فلما و صلوا الي تكريت أنفذوا الي صاحب البلد أن تلقانا فان معنا رأس الحسين و سباياه، فلما أخيرهم الرسول بذلك نشرت الأعلام و خرجت الغلمه يتلقونهم، فقالت النصاري: ما هذا؟ فقالوا: رأس الحسين، فقالوا: هذا رأس ابن بنت نبيكم؟ قالوا: نعم، قال: فعظم ذلك عليهم و صعدوا الي (بيعهم) و ضربوا النواقيس تعظيما لله رب العالمين و قالوا: اللهم انا اليك براء مما صنع هؤلاء الظالمون. قال: فلما رحلوا من تكريت و أتوا علي و اداي النخله سمعوا بكاء الجن و هن يلطمن الخدود علي و جوههن و يقلن:



مسح النبي جبينه فله بريق في الخدود

أبواه من عليا قريش جده خير الجدود



و أخري تقول:



ألا يا عين جودي فوق خدي

فمن يبكي علي الشهداء بعدي



علي رهط تقودهم المنايا

الي متكبر في الملك عبد



قال: فلما وصلوا الي بلده يقال لها مرشاد خرج المشايخ و المخدرات و الشبان يتفرجون علي السبي و الرؤوس و هم مع ذلك يصلون علي محمد و آله و يلعنون أعداءهم و هو من العجائب، ثم رحلوا عنه الي مدينه يقال لها بعلبك و كتبوا الي صاحبها بأن تلقانا فان معنا رأس الحسين بن علي فأمر بالرايات فنشرت و خرج الغلمان يتلقونهم علي نحو من سته أميال فرحا بهم. قال: فدعت عليهم


أم كلثوم فقال: أباد الله كثرتكم و سلط عليكم من يقتلكم. قال: فعند ذلك بكي علي بن الحسين و قال:



هو الزمان فلا تفني عجائبه

عن الكرام و ما تهدا مصائبه



فليت شعري الي كم ذا تجاذبنا

فنونه و ترانا كم نجاذبه



يسري بنا فوق أقتاب بلا و طاء

و سائق العيس يحمي عنه غاربه



كأننا من أساري الروم بينهم

كأنما قاله المختار كاذبه



كفرتم برسول الله ويحكم

فكنتم مثل من ضلت مذاهبه



قال: و نصبوا الرمح الذي فيه الرأس الي جانب صومعه راهب فسمعوا هاتفا يقول:



و الله ما جئتكم حتي بصرت به

بالطف منعفر الخدين منحورا



و حوله فتيه تدمي نحورهم

مثل المصابيح يغشون الدجي نورا



كان الحسين سراجا يستضاء به

الله أعلم أني لم أقل زورا



فقالت أم كلثوم: من أنت يرحمك الله؟ قال أنا ملك من الجن أتيت أنا و قومي لننصر الحسين فصادفناه و قد قتل. قال: فلما سمعوا بذلك رعبت قلوبهم و قالوا: اننا علمنا أننا من أهل النار بلا شك. فلما جن الليل أشرف الراهب من صومعته و نظر الي الرأس و قد سطع منه نور و قد أخذ في عنان السماء و نظر الي باب قد فتح من السماء و الملائكه ينزلون و هم ينادون يا أبا عبداللع عليك السلام فجزع الراهب من ذلك فلما أصحبوا و هموا بارحيل أشرف الراهب عليهم و قال: ما الذي معكم؟ قالوا: رأس الحسين بن علي، فقال: و من أمه؟ قالوا: فاطمه بنت محمد. قال: فجعل الراهب يصفق بكلتا يديه و هو يقول: لا حول و لا قوه الا بالله العلي العظيم صدقت الأحبار فيما قالت: فقالوا: و ما الذي قالت الأحبار؟ قال: يقولون اذا قتل هذا الرجل مطرت السماء دما، و ذلك لا يكون الا النبي أو ولد وصي؛ ثم قال: وا عجباه من أمه قتلت ابن بنت نبيها وابن وصيه! ثم أنه أقبل علي صاحب الرأس الذي يلي أمره و قال له أرني الرأس لأنظر اليه، فقال: ما أا بالذي أكشه الا بين يدي الأمير يزيد لأحظي عنده


بالجائزه و هي بدره عشره آلاف درهم، فقال الراهب: أنا أعطيك ذلك، فقال: احضره فاحضر له ما قال، ثم أخذ الرأس و كشف عنه و تركه في حجره فبدت ثناياه فانكب عليها الراهب و جعل يقبلها و يبكي و يقول: يعز علي يا أبا عبدالله لاكون أول قتيل بين يديك ولكن اذا كان في الغد فاشهد لي عند جدك أني أشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا عبده و رسوله، ثم رد الرأس بعد أن أسلم و أحسن اسلامه، فسار القوم ثم جلسوا يقتسمون الدراهم فاذا هي خزف مكتوب عليها (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) قال: ثم ساروا الي أن قربوا من دمشق و اذا بهاتف يقول:



رأس ابن بنت محمد و وصيه

يا للرجال علي قناه يرفع



و المسلمون بمنظر و بمشهد

لا جازع فيهم و لا متوجع



كحلت بمنظرك العيون عماءها

و أصم رزؤك كل أذن تسمع



ما روضه الا تمنت أنها

لك تربه و لخط جنبك مضجع



منعوا زلال الماء آل محمد

و غدت ذئاب البر فيه تكرع



عين علاها الكحل فيه تفرقعت

و يد تصافح في البريه تقطع



قال: فلما وردوا اي دمشق جاء البريد الي يزيد و هو معصب الرأس و يداه و رجلاه في طشت من ماء حار بين يديه طبيب يعالجه و عنده جماعه من بني أميه يحادثونه فحين رآه قال له أقر عينيك بورود رأس الحسين فنظره شزرا! و قال: لا أقر الله عينيك. ثم قال لطبيب: اسرع واعمل ما تريد أن تعمل. قال: فخرج الطبيب عنه و قد أصلح جميع ما أراد أن يصلحه، ثم أنه أخذ كتابا بعثه اليه ابن زياد و قرأه؛ فلما انتهي الي آخره عض علي أنامله حتي كاد أن يقطعها ثم قال: انا لله و انا اليه راجعون و دفعه الي من كان حاضرا، فلما قرأوه قال بعضهم لبعض: هذا ما كسبت أيديكم فما كان الا ساعه و اذا بالرايات قد أقبلت و من تحتها التكبير و اذا بصوت هاتف لا يري شخصه يقول:



جاؤوا برأسك يا بن بنت محمد

مترملا بدمائه ترميلا



و يكبرون بأن قتلت و انما

قتلوا بك التكبير و التهليلا




قال: ثم دخلوا بالسبايا الرؤوس الي دمشق و علي بن الحسين معهم علي جمل بغير و طاء و هو يقول:



أقاد ذليلا في دمشق كأنني

من الزنج عبد غاب عنه نصير



و جدي رسول الله في كل مشهد

و شيخي أمير المؤمنين أمير



فيا ليت لم انظر دمشق و لم أكن

يراني يزيد في البلاد أسير



قال: ثم أتوا الي باب الساعات فوقفوا هناك ثلاث ساعات يطلبون الاذن من يزيد فبينما هم كذلك اذ خرج مروان بن الحكم فلما نظر الي رأس الحسين عليه السلام صار ينظر الي اعطافه جذلا طربا، ثم خرج أخوه عبدالرحمن فلما نظر الي الرأ س بكي، ثم قال: أما أنتم قد حجبتم عن جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و الله لا جامعتكم علي أمر أبدا. قال: ثم قال بالعزيز علي يا أبا عبدالله ما نزل بك ثم أنشأ يقول:



سميه أمسي نسلها عدد الحصي

و بنت رسول الله ليس لها نسل



امام غريب الطف ادني برأسه

من ابن زياد و هو في العلم الرذل



قال: ثم أن يزيد لعنه الله بعث يطلب الرأس فلما أوتي به اليه وضعه في طشت من ذهب و جعل ينكث ثناياه بقضيب كان عنده و هو يقول رحمك الله يا حسين لقد كنت حسن المضحك ثم أنشأ:



نفلق هاما من رجال أعزه

علينا و هم كانوا أعق واظلما



قال: ثم نظر الي علي بن الحسين و قال: أبوك قطع رحمي و جهل حقي و نازعني في سلطاني ففعل الله به ما رأيت: فقال علي بن الحسين: (ما أصابكم من مصيبه في الأرض و لا في أنفسكم الا في كتاب من قبل أن نبرأها ان ذلك علي الله يسير) فقال يزيد لولاه خالد: أجب علي بن الحسين علي جوابه فلم يدر خالد ما يقول فقال أبوه قل له: (ما أصابكم من مصيبه فيما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير) فقال علي بن الحسين: (الله يتوفي الأنفس حين موتها) فكست يزيد و اذا بغراب ينعق و يصيح في أعلي القصر فأنشأ اللعين يقول:




يا غراب بين ما شئت فقل

انما تندب أمرا قد فعل



كل ملك و نعيم زائل

و بنات الدهر يلعبن بكل



ليت أشياخي ببدر شهدوا

وقعه الخزرج من وقع الأسل



لأهلوا واستهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



قد قتلنا القوم من ساداتهم

وعدلناه ببدر فاعتدل



و أخذنا من علي ثارنا

و قتلنا الفارس الندب البطل



لست من خندف ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل



لعبت هاشم في الملك فلا

خبر جاء و لا وحي نزل



قال: ثم انه التفت الي القوم و قال: كيف صنعتم بهم؟ فقالوا: جاءنا بثمانيه عشر من أهل بيته و سبعين رجلا من شيعته و أنصاره فسألناهم النزول علي حكم الأمير يزيد فأبوا فغدونا عليهم من شرق الأرض و غربها و أحطنا بهم من كل ناحيه حتي أخذت السيوف مأخذها من هام القوم فلاذوا بنا كما يلوذ الحمام من الصقر فما كان الا ساعه حتي أتينا علي آخرهم فهاتيك أجسادهم مجرده ثيابهم مرمله و خدودهم معفره تصهرهم الشمس و تسفي عليهم الريح و زوارهم العقبان و الرخم. قال: فأطرق يزيد رأسه و قال: كنت أرضي من طاغيتكم بدون قتل الحسين قال: ثم أن هند بنت عبدالله بن عمر زوجه يزيد دعت برداء و تقنعت و وقفت خلف الستار، فلما رأت الرأس بين يدي يزيد قالت: ما هذا؟ فقال: رأس الحسين بن فاطمه فكبت هند و قالت: عزيز علي فاطمه أن تري رأس ابنها بين يديك يا يزيد ويحك فعلت فعله استوجبت بها النار يوم القيامه و الله ما أنا لك بزوجه و لا أنت ببعل؛ ويلك بأي وجه تلقي الله وجده رسول الله؟ فقال لها: ارتدعي يا هند من كلامك هذا و الله ما أخبرت بذلك و لا أمرت به فعند ذلك خرجت عنه و تركته. ثم دخل عليه الشمر اللعين يطلب منه الجائزه و هو يقول:



املأ ركابي فضه أو ذهبا

قتلت خير الخلق أما و أبا



قال: فنظر اليه يزيد شزرا و قال: أملأ ركابك حطبا و نارا ويلك اذا علمت أنه خير الخلق أما و أبا فلم قتلته و جئتني برأسه؟ أخرج من بين يدي لا جائزه


لك عندي. فخرج علي وجهه هاربا قد خسر الدنيا و الآخره ذلك هو الخسران المبين. قال: و حضر عند يزيد رأس الحالوت فرآه يقلب رأس الحسين بالقضيب، فقال له: اتأذن لي أن أسألك يا يزيد؟ فقال اسأل ما بدالك، فقال له: سألتك بالله هذا رأس من فما رأيت أحسن منه و لا من مضحكه؟ فقال: هذا رأس الحسين بن علي خرج علينا بأرض العراق فقتلناه فقال: رأس الجالوت فيما استوجب هذا الفعل؟ فقال: ويلك دعوه أهل العراق و كتبوا اليه و أرادوا أن يجعلوه خليفه فقتله عاملي عبيدالله بن زياد و بعث الي برأسه، فقال له: يا يزيد هو أحق منكم بما طلب و هو ابن بنت نبيكم ما أعجب أمركم ان بيني و بين داود نيفا و ثلاثين جدا و اليهود يعظمونني و يأخذون التراب من تحت قدمي و أنتم بالأمس نبيكم بين أظهركم و اليوم شددتم علي ولده فقتلتموه و سبيتم حريمه و فرقتموهم في البراري و القفار انكم لأشر قوم! فقال له يزيد: ويلك أمسك عن هذا الكلام أو تقتل. ثم أن اللعين أمر باحضار السبايا فاحضروا بين يديه فلما حضروا عنده جعل ينظر اليهن و يسأل من هذه و من هذا؟ فقيل أم كلثم الكبري و هذه أم كلثوم الصغري و هذه صفيه و هذه أم هاني ء و هذه رقيه بنات علي و هذه سكينه و هذه فاطمه بنتا الحسين و هذا علي بن الحسين، فالتفت اللعين الي سكينه و قال: يا سكينه أبوك الذي كفر حقي و قطع رحمي و نازعني في ملكي، فبكت سكينه وقالت: لا تفرح بقتل أبي فانه كان مطيعا لله و لرسوله و دعاه اليه فأجابه و سعد بذلك و ان لك يا يزيد بين يدي الله مقاما يسألك عنه فاستعد للمسأله و جوابا و أني لك الجواب. قال لها: أسكتي يا سكينه فما كان لأبيك عندي ح قال: فوثب رجل من لخم و قال يا أمير: هب لي هذه الجاريه من الغنيمه فتكون خادمه عندي (يعني سكينه). قال فانضمت الي عمتها أم كلثوم و قالت: يا عمتاه أترين نسل رسول الله يكونون مماليكا للأدعياء؟ فقالت أم كلثوم لذلك الرجل: اسكت يا لكع الرجال قطع الله لسانك و أعمي عينيك و أيبس يديك و جعل النار مثواك ان أولاد الأنبياء لا يكونون خدمه لأولاد الأدعياء. قال: فوالله ما استتم كلامها حتي أجاب الله دعاءها في ذلك الرجل، فقالت الحمدلله الذي عجل لك العقوبه في الدنيا قبل الآخره فهذا جزاء من يتعرض بحرم رسول الله. نقل عن


علي بن الحسين عليه السلام أنه قال: لما وفدنا علي يزيد بن معاويه لعنه الله أتونا بحبال و ربطونا مثل الأغنام و كان الحبل بعنقي و عنق أم كلثوم و بكتف زينب و سكينه و البنيات و ساقونا و كلما قصرنا عن المشي ضربونا حتي أوقفونا بين يدي يزيد فتقدمت اليه و هو علي سرير مملكته و قلت له: ما ظنك برسول الله لو يرانا علي هذه الصفه؟ فبكي و أمر بالحبال فقطعت من أعناقنا و أكتافنا، و نقل أيضا: أن الحريم لما أدخلن الي يزيد بن معاويه كان ينظر اليهن و يسأل عن كل واحده بعينها و هن مربطات بحبل طويل و كانت بينهن امرأه تستر وجهها بزندها لأنها لم تكن عندها خرقه تستر وجهها فقال: من هذه؟ قالوا: سكينه بنت الحسين، فقال: أنت سكينه فبكت واختنقت بعبرتها حتي كادت تطلع روحها. فقال لها: و ما يبكيك؟ قالت: كيف لا تبكي من ليس لها سترا تستر وجهها و رأسها عنك و هن جلسائك؟ فبكي اللعين ثم قال: لعن الله عبيدالله بن زياد ما أقوي قلبه علي آل الرسول ثم قال لها ارجعي حتي آمركن بأمري!



كثير الحزن من مثلي قليل

فاقلل من مصابك يا عليل



مصابي لو علمت به عظيم

ورزئي حين تعلمه جليل



أصبت بسيد ساد البرايا

فليس لفضل سؤدده عديل



شريكي في مصيبتي الرسول

و فاطم و الوصي و جبرائيل



حسين بن النبي فدته نفسي

علي الرمضاء عريان قتيل



يري ماء الفرات علي ظماء

و ليس الي الورود له سبيل



يطاف برأسه في رأس رمح

و جثته ترضضها الخيول



و قد برزت خلائله سبايا

كسبي الروم موقفها ذليل



فأي مصيبه من ذاك أدهي

اذا ذكرت تفكها العقول



فماذا للنبي اذا رأته

غداه الحشر أمته تقول



و كلهم لعترته ظلوم

غشوم قاتل شأن خذول



ستعلم أمه قتلت حسينا

بأن عذاب قاتله و بيل



اذا عرضوا علي الرحمن صفا

و جاءت ثم فاطمه البتول



و في يدها قميص السبط تشكو

ظلامتها فينصفها الجليل






و يهوي الظالمون بها جميعا

الي قعر الجحيم لهم عويل



و تشفع في مواليها فتعطي

شفاعتها كما قال الرسول



و تقدمهم الي الفردوي حتي

تكون ثوابهم و لهم مقيل



و اني من مواليهم حياتي

لأن ثواب مولاهم جزيل



أحبهم و أبغض شأنئيهم

و ذلك لي الي ربي و سيل



و أنشر فضلهم نثرا و نظما

و أعلم أن ذاك لهم قليل



فانظروا يا اخواني: الي ما قد حل بذراري رسول الملك العلام من الطغاه الكفره اللئام، أخرجوهن من خدورهن مسلبات؛ للشعور ناشرات و للخدود لاطمات، و للمحامي و الكفيل فاقدات، و لمحاسن الوجوه بأيديهن ساترات. يعز علي ذكر هذا المصاب أو يسمح بسطره بناني أو أتمثله في خاطري و جناني، ولكن لا حيله فيما صدر مما جري به القضاء و القدر الا من فاتته نصرتهم يوم القتال فلا ييأس من مشاركتهم في تلك الحال فان الله تعالي جعل متابعتنا لهم فيما أمكن من الأفعال و حزننا و بكائنا بالدموع السجال و بث عيوب أعدائهم أهل الزيع و الضلال قائما مقام الجهاد معهم يوم القتال كما ورد في الخبر عن سيد الأوصياء و خير الأتقياء علي عليه السلام أنه قال لاصحابه: الزموا بيوتكم واصبروا علي البلاء و لا تتحركوا بأيديكم و سيوفكم و هواء ألس نتكم و لا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم فانه من مات منكم علي فراشه و هو علي معرفه حف ربه و حق رسوله كان كمن مات شهيدا و وقع أجره علي الله استوجب ثواب ما نوي من صالح عمله و قامت النيه مقام لاته و جهاده بسيفه و يده و ان لكل شي ء أجلا و انتهاء. و علي مثل أهل بيت الرسول فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون لمثلهم تذرف الدموع من العيون، أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان فنظم و قال فيهم: