بازگشت

الباب 3


يا اخواني في الدين: هل يحسن نوح النائحين الا علي الذريه الطاهره و هل يليق بكاء الباكين الا علي أولاد علي أمير المؤمنين؟ فوا حسرتاه علي تلك الأجساد المرمله بالدماء و علي تلك الأفواه اليابسه من الظماء، و يا لهفاه علي مولاي الحسين ينادي فلا يجاب قد شغله المصاب عن توديع الأولاد و الأحباب زخرفوا له الأكاذيب و قالوا له أقدم علي السعه و الترحيب و علي النزل الخصيب فنحن لك ما تريد أرقاء و عبيد، فحين أناح برحلهم و حط بمحلهم سارعوا اليه بالسيوف و ارماح و صارعوا في ميدان الكفاح فجادهم بمن معه من أبنائه و أهل بيته و أحبابه الي أن سقوا الحتوف رشقا بالنبال و طعنا بالرماح و ضربا بالسيوف. فيا وبلهم ما أجرأهم علي الله و علي انتهاك حرمه رسول الله ولكن سيعلمون أي منقلب ينقلبون. فبالله عليكم يا اخواني أ ديموا عليهم الحزن الطويل فان مصابهم عظيم جليل:



يا نفس صبرا فكل نائبه

سوي مصاب الحسين تحتمل



و يا جفوني سحي عليه فلي

عن كل رزء برزئه شغل



لهفي له يشتكي الأوام و للبيض

المواضي من نحره بلل



لهفي لذاك الجبين معفرا

كالشمس أني بدا لها الخجل



لهفي لنسوانه و قد كشفت

عن صدرهن السجوف و الكلل



هذي تنادي أخي و تلك أبي

و الدمع فوق الخدود منهل



و زينب مستجيره و لها

علي أخيها ندب و مرتجل



تصيح من حسره و من أسف

و القلب منها مروع و جل



أين علي بن الحسين ألا

أين المحامي و الفارس البطل



و فاطم تستغيث عمتها

صارخه دمع عينها خضل



يا سادتي يا بني النبي و من

عليهم في العاد أتكل






ما عنكم لابن حره عوض

و ليس منكم لعارف بدل



و أين عنكم بالولاء لكم

تمحي الخطايا و يغفر الزلل



فلا يفرح الظالمون بما هم عليه عاكفون و سيعلمون الي ما اليه يرجعون فتبا لمن أعمتهم أطماعهم الدنيويه و أهواژاؤهم المرديه الرديه، جعلوا يركضون في أوديه لا تعمي الضلال علي المطايا الأطماع فنكستهم الي الأذقان في أمر حمله لا يستطاع

ولكن لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور ألا ترون يا اخواني الي أول الرجلين عند نزول الموت حيث قال: كما نقله الثقات من الرجال: يا ليتني كنت نبنه في لبنه. و هل هذا الا نظير قوله تعالي: (و يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) و الي الثاني حيث قال: لو أن لي ملي ء الأرض ذهبا لا فتديت به من هول المطلع. و هل هذا الا مثل قوله تعالي: (و لو أن الذين ظلموا ما في الأرض جميعا و مثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامه) فشتان ما بين ذين و بين من قال حين ضرب علي أم رأسه: فزت و رب الكعبه. و لعمري أن نسبه هؤلاء و أضرابهم اليه افتراء علي الله و عليه. فيا سعد من تمسك بذراريه؛ و يا فلاح من اعتقده و كان من حزبه و مواليه. بنوه المعصومين سادات الدنيا و شفعاء الخلق في الآخره؛ أزالوهم عن مراتبهم التي رتبهم الله في العالمين فبذلك استحقوا منه العذاب المهين و اللعنه الي يوم الدين؛ نقل أنه لما قتل علي بن الحسين في طف كربلاء أقبل عليه الحسين و عليه جبه خز دكناء و عمامه مورده و قد أرخي و ما أسرع اللحوق بك، ثم وثب علي قدميه ببرده رسول الله و التحف بها وافرغ عليه درعه الفاضل و تقلد سيفه واستوي علي متن جواده و هو غائص في الحديد فأقبل علي أم كلثوم و قال لها: أوصيك يا أخيه بنفسك خيرا و اني بارز الي هؤلاء القوم. فأقبلت سكينه و هي صارخه و كان يحبها حبا شديدا فمضها الي صدره و مسح دموعها بكمه و قال:



سيطول بعدي يا سكينه فاعلمي

منك البكاء اذا الحمام دهاني



لا تحقرقي قلبي بدمعك حسره

ما دام مني الروح في جثماني



فاذا قتلت فأنت أولي بالذي

تأتينه يا خيره النسوان



و نقل آخر و هو: أنه لما قتل أصحاب الحسين كلهم و تفانوا وابيدوا و لم يبق


أحد بقي عليه السلام يستغيث فلا يغاث و أيقن بالموت؛ أتي الي نحو الخيمه و قال لأخيه؛ آتيني بثوب عقيق لا يرغب فيه أحد من القوم أجعله تحت ثيابي لئلا أجرد منه بعد قتلي، قال: فارتفعيت أصوات النساء بالبكاء و النحيب ثم أوتي بثوب فخرقه و مزقه منأطرافه و جعله تحت ثيابه و كان له سروال جديد فخرقه أيضا لئلا يسلب منه فلما قتل عمد اليه رل فسلبهما منه و تركه عريانا بالعراء مجردا علي الرمضاء فشلت يداه في الحال و حل به العذاب و النكال. قال: فلما لبس الحسين عليه السلام ذلك الثوب المخرق ودع أهله و أولاده وداع مفارق لا يعود قال: و كان عبدالله بن الحسين الزكي واقفا بازار الخيمه و هو يسمع وداع عمه الحسين فخرج في أثره و هو يبكي و يقول: و الله لا أفارق عمي فلحقته زينب لتحسبه الصبي من يدها و قال: و الله لا أفارق عمي فأقبل حرمله بن كاهل اللعين الي الحسين عليه السلام فضرب الصبي بالسيف فأطن يمينه الي الجلد فاذا هي معلقه فصاح الصبي يا عماه أدركني فأخذه الحسين و ضمه اليه و قال: يابن أخي صبرا علي ما نزل بك يا ولدي، فبينما هو يخاطبه اذ رماه اللعين حرمله بسهم فذبحه في حجره فصاحت زينب وابن أخاه ليت الموت أعدمني الحياه ليت السماء أطيبقت علي الأرض و ليت الجبال تدكدكت علي السهل و كان عمر بن سعد اللعين قريبا منها فقالت: ويحك يا عمر يقتل ابن بنت رسول الله و أنت تنظر اليه فلم يجبها. قال: من شهد الوقعه. ثم أن الحسين عليه السلام أقبل علي بن سعد و قال له: أخيرك في ثلاث خصال قال: و ا هي؟ قال: تتركني حتي ارجع الي المدينه الي حرم فقد نشفت كبدي من الظمأ. فقال: و لا الي الثانيه سبيل. قال: و ان كان لابد من قتلي فليبرز الي رجل بعد رجل. فقال: ذلك لك. فحمل علي القوم و هو يقول:



أنا ابن علي الطهر من آل هاشم

كفاني بهذا مفخر حين أفخر



و فاطم أمي ثم جدي محمد

و عمي يدعي ذا الجناحين جعفر



بنا بين الله الهدي من ضلاله

و يغمر بنا آلاءه و يطهر






علينا و فينا أنزل الوحي و الهدي

و نحن سراج الله في الأرض نزهر



و نحن ولاه الحوض نسقي محبنا

بكأس رسول الله من ليس ينكر



اذا ما أتي يوم القيامه ظاميا

الي الحوض يسقيه بكيفه حيدر



امام مطاع أوجب الله حقه

علي الناس جمعا و الذي كان ينظر



و شيعتنا في الناس أكرم شيعه

و مغضنا يوم القيامه يخسر



فطوبي لعبد زارنا بعد موتنا

بجنه عدن صفوها لا يكدر



قال: ثم أن الحسين عليه السلام نظر الي اثنين و سبعين رجلا من أهل بيته صرعي فالتفت الي الخيمه و نادي يا سكينه يا فاطمه يا زينب يا أم كلثوم علكن مني السلام فنادته سكينه يا أبه استسلمت للموت؟ فقال: كيف لا يستسلم من لا ناصر له و لا معين، فقالت: يا أبه ردنا الي حرم جدنا فقال: هيهات لو ترك القطا لنام فتصارخن النساء فسكتهن الحسين ثم حمل علي القوم و هو يقول:



كفر القو م و قدما رغبوا

عن ثواب الله رب الثقلين



حنقا منهم و قالوا اننا

نأخذ الأول قدما بالحسين



يا لقومي من أناس قد بغوا

جمعوا الجمع لأهل الحرمين



لا لذنب كان مني سابقا

غير فخري بضياء الفرقدين



بعلي الطهر من بعد النبي

ذاك خيره هاشم في الخافقين



خيره الله من الخلق أبي

بعد جدي فأنا ابن الخيرتين



أمي الزهراء حقا و أبي

وارث العلم و مولي الثقلين



فضه قد صفيت من ذهب

فأنا الفضه ابن الذهبين



ذهب في ذهب في ذهب

و لجين في لجين في لجين



والدي شمس و أمي قمر

فأنا الكوكب و ابن القمرين



عبدالله غلاما يافعا

و قريش يعبدون الوثنين



يبعدون اللات و العزي معا

و علي قائم بالحسنين



مع رسول الله سبعا كاملا

ما علي الأرض مصل غير ذين



هجر الأصنا لا يبعدها

مع قريش لا و لا طرفه عين



من له جد كجدي في الوري

أو كأمي في جميع المشرقين






خصه الله بفضل وتقي

فأنا الأزهر ابن الأزهرين



جوهر من فضه مكنونه

فأنا الجوهر ابن الدرتين



نحن أصحاب العبا خمستنا

قد ملكنا شرقها و المغربين



نحن جبريل لنا سادسنا

و لنا البيت و مثوي الحرمين



كل ذا العالم يرجو فضلنا

غير ذا الرجس لعين الوالدين



جدي المرسل مصابح الدجي

و أبي الموفي له بالبيعتين



والدي خاتمه جاد به

حين وافي رأسه للركعتين



قتل الأبطال لما برزوا

يوم أحد و ببدر وحنين



أظهر الاسلام رغما للعدي

بحسام صارم ذي شفرتين



قال: و لم يزل يحمل علي القوم يجالدهم بالسيف يمينا و شمالا حتي قتل منهم مقتله عظيمه الي أن انكشفوا من بين يديه واقتحم المشرعه و نزل الي الماء و قد كضه العطش العظيم و كذلك فرسه. قال: فلما حس الفرس ببرد الماء يجري تحت قديمه حط رأسه ليشرب فصبر عليه حتي شرب و نفض ناصيته، ثم جعل ذوائب السيف في يده و أقبل مسرعا نحو الخيمه فرآها سالمه فعلم أنها كانت حيله من الكفر اللئام ليحرموه شرب الماء و يحولوا بينه:



وا لهفتها علي معين سياده

أكدي و كان علي الزمان معينا



أبكي أعز كأن ضوء جبينه

فلق صدوقا في الحديث أمينا



طابت مآزره و طاب ثناؤه

فوجدته بالمدحتين قمينا



ان المحامد لا تقوم بفضله

فاقصص له الأنفال أو ياسينا



اليوم سلطت الدئور علي العلي

و لقد بررت المكرمات سنينا



حتي أغارت للمنون كتائب

لم أدر أن لها عليك كمينا



هتكت حمي المجد المصون و لم تدع

دمعا لذي حلم عليك مصونا



و قال آخر:



لهفي عليه و قد أحاط به العدي

و البيض تبرق و الخيول صواهل



و يقول و هو يجود بينهم و قد

فقد النصير و ثم تم الخاذل






هل مسعد هل منجد هل ناصر

هل ذائد هل فارس هل راجل



هل راغب هل واهب هل هارب

هل ناصح هل راشد هل عاقل



يأتي الينا ناصروا و محاميا

فيري لنا حقا نفاه الباطل



يا سعده ان قر و هو مفارق

يا فوزه ان قر و هو مواصل



لا تجهلوا فالجهل داء معضل

لا يشتفي من داء جهل جاهل



فأنا الامام عليكم دون الوري

و بذاك قد قامت هناك دلائل



جدي النبي محمد من فضله

فضل علي كل البريه شامل



و أبي الوصي أبر من طأ الثري

من بعده حاف غدا أو ناعل



والام فاطمه البتول و من لها

فضل به ضرع الفضائل حافل



و أخي الزكي و جعفر عمي فمن

في الفضل من كل الأنام يمائل



و لنا المعاد يعود فضل قضائه

فهناك نحكم فيكم أو نسأل



فهناك أوقد كل باغ خارج

نيران جرب و هو فينا داخل



فيا اخواني: كيف لا تبكي عيهم محاجري؟ و كيف لا يقرح السهاد ناظري أو تتزايد أوصابي أو تضرم نار وجدي واكتئابي؟ فيا جفوني سحي دما و يا قلبي ازدد ألما و يا حرقي اشتدي عليهم و يا أشواقي تزايدي اليهم، فانه يحق علي مثلهم أن يبكي الباكون و ندب النادبون و تذرف الدموع من العيون. أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان و الأشجان فنظم و قال فيهم: