بازگشت

الباب 1


أيها الأخوان: اكثروا رحمكم الله النوح و الأشجان و أظهروا شعائر الأحزان علي سادات الزمان و أولي الكرم و الفضل و الاحسان، خصوصا في شهر عاشوراء، و ان كان حزنهم خليقا في كل الشهور،. كيف لا نبكي علي مصاب من لا يحصل لنا من النار الخلاص الا اذا قمنا في محبتهم بالاخلاص؟ و ما لنا لا نعادي أعداء قوم محبهم يحبهم الجبار و مبغضهم يورده موارد أهل النار، ففي الخبر عن سيد البشر أنه قال ذات يوم لبعض أصحابه: يا عبدالله أحبب في الله، و أبغض في الله و وال في الله و عاد في الله، فانه لا تنال ولايه الله الا بذلك و لا يجدرجل طعم الايمان و ان كثرت صلاته و صيامه حتي يكون ذلك كذلك. فقال له: يا رسول الله و كيف لي أن أعلم قد واليت في الله و عاديت في الله، و من ولي الله عزوجل حتي أواليه، و من عدوه حتي أعاديه؟ فأشار رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الي علي عليه السلام، فقال: أتري هذا؟ قال: بلي، قال: ولي هذا ولي الله، و عدو هذا هدو الله، فوالي وليي هذا، لو أنه أبوك و عاد عدوه لو أنه أبوك:



اذا كنت تهوي القوم فاسلك طريقهم

فما و صلوا الا بعد العلائق



ما نقل الهندي و هو حديده

علي الكتف الا بعد دق المطارق



فيا هذا: أيلام من شق الجيوب، جيوب القلوب لا جيوب الثياب أ يعنف من أجري الدماء لا الدموع علي هذا المصاب؟ كلا حاشا لله حقهم لا


يقضي و شكهم لا يؤدي، لكن من بذل الاجتهاد كان جديرا أن يحصل المراد.

روي عن أبي حمزه الثمالي قال: أتيت الي سيدي و مولاي علي بن الحسين عليه السلام و هو في داره في مدينه الرسول فاستأذنت عليه بالدخول، فاذن لي فدخلت عليه فوجدته جالسا و اذا علي فخذه صبي صغير و هو مشغوف به، و هو يقبله و يحنو عليه، فقام الصبي يمشي فعثر فوقع علي عتبه الباب فانشج رأسه فوثب اليه مهرولا، و قد أحزنه ذلك فجعل ينشف دمه بخرقه و هو يقول له: يا بني أعيذك بالله أن تكون المصلوب في الكناس، فقلت له: يا مولاي فداك أبي و أمي و أي كناس؟ فقال: يصلب ابني في موضع يقال له الكناس من أعمال الكوفه، فقلت: يا مولاي أو يكون ذلك؟ قال: و الله سيكون ذلك والذي بعث محمدا بالحق نبيا لئن عشت بعدي لترين هذا الغلام في ناحيه من نواحي الكوفه و هو مقتول مسحوب، ثم يدفن و ينبش و يصلب في الكناسه، ثم ينزل بعد زمان طويل فيحرق و يذري في الهوي، فقلت: جعلت فداك و ما اسم هذا الغلام؟ قال: هذا ابني هذا؟ قلت: بلي قال: بينما أنا ليله ساجدا في محرابي اذ ذهب بي النوم فرأيت كأنل الي الجنه و كأن رسول الله و عليا و الحسن و الحسين و قد زوجوني بحوريه من حور العين فواقعتها واغتسلت عند سدره المنتهي و اذا أنا بهاتف يقول: أتحب أن أبشرك بولد اسمه زيد! فاستيقظت من نومي و قمت و صليت صلاه الفجر و اذا أنا بطارق الباب، فخرجت اليه فاذا معه جاريه و هي مخمره بخمار، فقلت له: ما حاجتك؟ فقال: أريد علي بن الحسين، فقلت: أنا هو، فقال: أنا رسول المختار اليك و هو يقرئك السلام و يقول: قد وقعت هذه الجاريه بيدينا فاشتريتها بشتمائه دينار و قد وهبتها لك و هذه أيضا ستمائه دينار أخري فاستعن بها علي زمانك فدفع الي المال و معه كتاب فقبضت المال و الجاريه، فقلت لها ما اسمك؟ قالت: اسمي حوريه، فقلت: صدق الله و رسوله، هذا تأويل رأياي من قبل قد جعلها ربي حقا، فدخلت بها تلك الليله، فاذا هي غايه الصلاح فعلقت مني بهذا الغلام، فلما وضعته سميته زيدا، و ستري ما قلت لك!.


قال أبو حمزه الثمالي: فوالله لقد رأيت زيدا مقتولا ثم سحب ثم دفن ثم نشر ثم صلب، و لم يزل مصلوبا زمانا طويلا حتي عشعشت الفاختاه في جوفه ثم أحرق و ذري في الهواء رحمه الله عليه.

و روي فضله عن بعض الأخبارين قال: سألت خالد بن فض له عن فضل زيد بن زين العابدين عليه السلام فقال: أي رجل كان فقلت: و ما علمت عن فضله؟ قال: كان يبكي من خشيه الله تعالي حتي تختلط دموعه بدمه طول ليله حتي اعتقد كثير من الناس فيه الامامه و كان سبب اعتقادهم ذلك منه لخروجه بالسيف يدعو بالرضي من آل محمد عليهم السلام فظنوه يريد بذلك نفسه و لم يكن يريدها لمعرفته باستحقاق من قبله، و كان سبب خروجه الطلب بدم جده الحسين عليه السلام و أنه دخل يوما علي هشام بن عبدالملك، و قد كان جمع له هشام بني أميه و أمرهم أن يتضايقوا في المجلس حتي لا يتمكن زيد من الوصول الي قربه، فوقف زيد: مقابله، و قال له: يا هشام ليس أحد من عباد الله فوق أن يوصي بتقوي الله في عباده، و أنا أوصيك بتقوي الله فاتقه، فقال هشام: يا زيد أنت المؤهل نفسك للخلافه، و أنت الراجي لها و ما أنت و ذاك لا أم لك و انما أنت ابن أمه؟ فقال له زيد: اني لا اعلم أحدا أعظم عند الله من نبي بعثه فلو كان ذلك يقصر عن منتهي غايه لم يبعث الله اسماعيل نبيا و هو ابن أمه فالنبوه أعظم أم الخلافه! و بعد فما يقصر في رجل جده رسول الله وء هو ابن علي بن أبي طالب أن يكون ابن أمه قال فنهض هشام مغضبا و دعا قهرمانه و قال: و الله لآتين هذا بعسكر يضيق به الفضاء. و خرج زيد و هو يقول: لم يكره قوم قط حر السيوف الا ذلوا، ثم أنه توجه الي الكوفه فاجتمع عليه أهلها و بايعوه علي الحرب معه. فنقضوا ببيعته و سلموه لعدوه! فقتل رحمه الله عليه و صلب في موضع يقال له الكناس و بقي مصلوبا بينهم أربع سنوات لا ينكر أحد منهم بيد و لا لسان و قد عشعشت الفاختاه في جوفه و قد خانوا به أهل الكوفه و نقضوا بيعته كما خانوا آبائه و أجداده من قبل، ألا لهنه الله علي القوئم الظالمين.

قال: فلما بلغ قتله الي الصادق عليه السلام حزن عليه حزنا عظيما و جعل يئن من و جده عليه و فرق من ماله صدقه عنه و عمن أصيب معه من أصحابه لكل بيت منهم ألف دينار، و كان مقتله يوم الاث نين لليلتين خلتا من شهر صفر سنه عشرين


و مائه من الهجره، و كان عمره يوم قتل اثنين و أربعين سنه، قال: فلما قتل زيد سر بقتله المنافقون، و حزن له المؤمنون، و أما هشام بن الحكم فانه فرح بقتله و عمل يوم قتله عيدا و نشد يقول:



صلبا لكم زيدا علي جذع نخله

و لم نر مهديا علي الجذع يصلب



و قستم بعثمان عليا سفاهه

و عثمان خير من علي و أطيب



قال: فبلغ قوله الي الصادق عليه السلام فاغتم منه غما شديدا، و رفع يديع الي نحو السماء و هما يرتعدان من شده عرقه و قال: اللهم ان كان عبدك الحكم كاذبا فسلط عليه كلبا من كلابك يأكله، قال: فأرسله بنو أميه الي الكوفه فافترسه الأسد، لعنه الله عليه فوصل خبره الي الصادق عليه السلام فخر ساجدا لله لسرعه اجابه دعائه و قال: الحمدلله الذي انجز وعده و أهلك عدوه (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) لقد غرتهم الدنيا الدنيه حتي أردتهم و أهلكتهم فحسبهم جهنم و ساءت مصيرا، يوم لا يجدون من الله وليا و لا نصيرا.



ألا يا بايعا دينا بدنيا

غرورا لا يدوم لها نعيم



الي ديان يوم الدين نمضي

و عند الله تجتمع الخصرم



نقل أنه كانت الدوله لبني أميه ألف شهر، و كانوا لا يزالون يأمرون الخطباء بسب علي بن أبي طالب علي رؤوس المنابر، فأول من تأمر منهم معاويه عليه اللعنه و ده خلافته عشرون سنه، ثم تخلف من بعده ولده يزيد عليه اللعنه ثلاثه سنين و ثمانيه أشهر و أربعه عشر يوما، ثم تخلف من بعده معاويه بن يزيد شهرا واحدا واحد عشر يوما، و ترك الخلافه خوفا من عذاب الله واعترف بظلم آبائه و عرف الناس ذلك و هو قائم علي المنبر حتي أن أمه لامته علي ذلك، و هو قائم علي المنبر حتي أن أمه لامته علي ذلك، فقالت له: ليتك كنت حيضه و لم تكن بشرا أتعزل نفسك عن منصب آبائك، فقال لها: يا أماه و أنا و الله رددت أن أكونحيضه و لا أطأ موطئا لست له بأهل و لا ألقي الله عزوجل بظلم آل محمد، ثم تخلف من بعده عبدالملك بن مروان عليه اللعنه احدي و عشرين سنه و شهرا، ثم تخلف من بعده الوليد بن عبدالملك تسع سنين


و ثمانيه أشهر و يوما واحدا ثم تخلف من بعده أخوه هشام بن عبدالملك تسع عشره سنه و تسعه أشهر و تسعه أيام، ثم تخلف مروان الحمار خمس سنين و شرا و ثلاثه عشر يوما فملك بنو أميه ثلاثه و ثمانون سنه و أربعه أشهر، يكون المجموع ألف شهر و هم مع ذلك يسبون عليا عليه السلام، ثم تخلف عمر بن عبدالعزيز و أبطل السب عن علي، فلما قتل الحسين عليه السلام لم تقم لبني أميه قائمه حتي سلبهم الله ملكهم واضمحل ذكرهم، فلما تولي السفاح أحمد بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس عم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فاستأصل الأكثر منهم، ألا لعنه الله علي القوم الظالمين. و علي الأطائب من أهل البيت فلبيك الاباكون، و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان و تتابعت عليه الأشجان فنظم و قال فيهم: