بازگشت

الباب 2


أيها المؤمنون السامعون و الأمناء الصالحون: اعلموا أن الله تعالي قد ابتلي ابن نبيكم الحسين عليه السلام ببلاء عظيم بكت من أجله السموات بأركانها، و الأرض بأرجائها و الأشجار بأطيارها و أغصانها، و الملائكه المقربون و أهل


السماوات أجمعون، فأي قلب لا ينصدع لقتله و أي فؤاد لا يحزن من أجله، و كيف لا و قد أصبح أهل البيت مطردين مشردين مذودين عن الأوطان و الديار شاسعين في البراري و الأمصار كأنهم أولاد اليهود و الكفار، فيا لها من مصيبه عظمت في الاسلام و جليل خطب عم سائر الأنام، فيا اخواني لا تقصروا في البكاء و العويل و تساعدوا علي هذا الرزء الجليل و أبرزوا الدموع الهتان و مخفيات الأشجان و الأحزان علي ما أصاب سادت الزمان من الذل و الهوان:



يامؤمنا متشيعا بولائه

يرجو النجا و الفوز يوم المحشر



أبك الحسين بلوعه و بحرقه

ان لم تجدها لم فؤادك و أكثر



وامزج دموعكبالدماء و قل ما

في حقه حقا اذا لم تنصر



و البس ثياب الحزن يوم مصابه

و ما بين أسود حالك أو أصفر



فعساك تحضي في المعاد بشربه

من حوضهم ماء لذيذ سكر



روي عن أبي مخنف قال: لما قتل الحسين عليه السلام أسر من عسكره غلامان صغيران فأتي بهما الي عبيدالله بن زياد لعنه فدعا بسبحان له و قال له: خذ هذين الغلامين واسجنهما و من طيب الطعام فلا تطعمهما و من بارد الماء فلا تسقهما و ضيق عليهما سجنهما، قال: فأخذهما السجان و وضعهما في السجن الي أن صار لهما سنه كامله حتي ضاقت صدورهما، فقال الصغير للكبير: يا أخي يوشك أن تفني أعمارنا و تبلي أبداننا في هذا السجن أفلم تخبر السبحان بخبرنا و نتقرب اليه بمحمد المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم فقال: هكذا يكون، فلما جنهما الليل أتي السبحان اليهما بقرصين من شعير و كوز من ماء، فقام اليه الصغير فقال له: يا شيخ أتعرف محمد المصطفي؟ قال: و كيف لا أعرفه و هو نبيي و شفيعي يوم القيامه، قال له: يا شيخ أتعرف علي بن أبي طالب؟ قال: و كيف لا أعرفه و هو امامي و ابن عم نبيي، قال له: يا شيخ أتعرف مسلم بن عقيل؟ قال: بلي أعرفه و هو ابن عم رسول الله، فقال له: يا شيخ نحن من عتره مسلم بن عقيل نسألك من طيب الطعام فلا تطعمنا و من بارد الماء فلا تسقينا و قد ضيقت علينا سجننا فما لك و ما لنا لا ترحمنا لصغر سننا أما ترعانا لأجل سيدنا رسول الله فلما سمع السبحان كلامهما بكي بكاءا شديدا وانكب علي أقدامهما يقبلهما و يقول


نفسي لنفسكما الفداء و روحي لوحكما الوقا يا عتره محمد المصطفي و الله لا يكون محمد خصمي في القياه هذا باب السجن مفتوح فخذوا أي طريق شئتما يا حبيبي سيروا بالليل واكمنا بالنهار، قال فلما خرجا لم يدريا الي أي جهه يمضيان فلما جهجه الصبح عليهما دخلا بستانا و صعدا علي شجره واكتنا بها فلما طلعت الشمس و اذا بجاريه قد رأتهمافأقبلت اليهما و سألتهما عن حالهما و طيب قلوبهما و قالت لهما سيرا معي الي مولاتي فانها محبه لكما فسارا معها فسبقتهم الجاريه فاعلمت مولاتها فلما سمعت بهما قامت حافيه اليهما استقبلتهما بالبشري و قالت لهما: أدخلا علي رحب و سعه فلما دخلا أنزلتهما في مكان لم يدخل اليه أحد من الناس و خدمتهما خدمه تليق بهما، ثم أن ابن زياد لعنه الله نادي في شوارع الكوفه أن من جاءني بأولاد مسلم بن عقيل فله الجائزه العظمي و كان زوج تلك المرأه من جمله من طلبهما فلما جن الليل أقبل اللعين الي و هو تعبان من كثره الطلب، فقالت له زوجته الصالحه: أين كنت فاني أري في وجهك آثار التعب؟ قال: ان ابن زياد قد نادي بأزقه الكوفه أن من جاءني بأولاد مسلم بن عقيل كان له عندي الجائزه العظيمه و قد خرجت في الطلب فلم أجد لهما أثرا و لا خبرا، فقالت له زوجته: يا ويلك أما تخاف من الله ما لك و أولاد الرسول تسعي الي الظالم بقتلهم فلا تغرنك الدنيا، قال: أطلب الجائزه من الأمير، قالت: تكون أقل الناس و أحقرهم عنده ان عيت بهذا الأمر فبينما هم بين النائم و اليقظان اذ سمع الهمهمه من داخل البيت، فقال لزوجته: ما هذه الهمهمه فلا ترد عليه الجواب كأنها تسمع فقعد و طلب مصباحا فتناوم أهل البيت كأنهم من فتح الباب فقام واشعل المصباح و أراد فتح الباب، فقالت له زوجته: ما تريد من فتح الباب و انعته فقاتلها و مانعها و فتح الباب و اذا بأحد الولدين قد انتبه فقال لأخيه: يا أخي اجلس فان هلاكنا قد قرب فقال له أخوه: و ما رأيت يا و الحسن و الحسين وقوف و هم يقولون لأبي ما لك تركت أولادك بين الكلاب الملاعين، فقال لهما: أبي و ها هما باثري قادمين، فلما سمع الملعون كلامها جاء اليهما و قال لهما: من أنتما؟ قالوا: من آل الرسول و من أبوكم؟ قالوا:


مسلم بن عقيل، فقال الملعون: اني أتعبت اليوم فرسي و نفسي في طلبكما و أنتما عندي، ثم انه لطم الأكبر منهما لطمه أكبه علي الأرض حت تهشم وجهه و سنانه من شده الضربه و سال الدم من وجهه و أسنانه، ثم أنه كتفهما كتافا وثيقا فلما نظرا الي ما فعل به اللعين قالا: ما لك يا هذا تفعل بنا هذا الفعل و امرأتك قد أضافتنا و أكرامتنا و أنت هكذا تفعل بنا أما تخاف الله فينا أما تراعي يتمنا و قربنا من رسول الله فلم يعبأ اللعين بكلامهما و لا رحمهما و لا رق لهما، ثم دفعهما الي خارج البيت و بقيا مكتفين الي الفجر و هما يتوادعان و يبكيان لما جري عليهما و أما الملعون فلما أصبح الصبح أخرجهما من داره و قصد بهما جانب الفرات ليقتلهما و زوجته و ولده و عبده خلفه و هم يخوفونه الله تعالي و يلومونه علي فعله فلم يرتدع اللعين و لم يلتفت اليهم حتي وصلوا الي جانب الفرات فاشهر اللعين سيفه لقتلهما فوقعت زوجته علي يديه و رجليه تقبلهما و تقول له: يا رجل أعف عن هذين الولدين اليتيميم و اطلب من الله الذي تطلبه من أميرك عبيد الله بن زياد فان الله يرزقك عوض ما تطلبه منه أضعافا مضاعفه فزعق الملعون عليها زعقه الغضب حتي طار عقلها و ذهل لبها، ثم قال للعبد: يا أسود خذ هذا السيف و اقتل هذين الغلامين وائتني برأسيهما حت انطلق بهما الي عبيد الله بن زياد و آخذ جائزتي منه ألفي درهما و فرسا فلما هم بقتلهما قال له أحد الغلامين: يا أسود ما أشبه سوادك بسواد بلال مؤذن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يا أسود ما لك و ما لك و ما لنا حتي تقتلنا امض عنا حتي لا نطالبك بدمنا عند ريول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقال لهما الغلام: يا حبيبي من أنتما؟ فان مولاي أمرني بقتلكما فقال وا: يا أسود نحن من عتره نبيك محمد صلي الله عليه و آله و سلم نحن أولاد مسلم بن عقيل أضافتنا عجوزكم هذه الليله و مولاك يريد قتلنا قال: فانكب العبد علي أقدامهما و يقول: نفسي لنفسكما الفداء و روحي لروحكما الوقاء يا عتره محمد المصطفي و الله لا يكون محمد خصمي يوم القيامه، ثم رمي السيف من يده ناحيه و طرح نفسه في الفرات و عبر الي الجانب الآخر فصاح به مولاه عصيتني فقال: اطعتك ما دمت لا تعصي الله فلما عصيت الله عصيتك أحب الي من أن أعصي الله و أطيعك فقال اللعين: و الله ما يتولي قتلكما أحد غيري فأخذ السيف و أتي اليهما و سل السيف


من ج فنه فلما هم بقتلهما جاء اليه ولده و قال له: يا أباه قدم حلمك و أخر غضبك و تفكر فيما يصيبك في القيامه؟ قال: فضربه بالسيف فقتله فلما رأت الحرمه ولدها مقتولا أخذت بالصياح و العوي قال: فتقدم الملعون الي الولدين فلما رأياه تباكيا و وقع كل منهما علي الآخر يودعه يعتنقه و التفتا اليه و قالا له: يا شيخ لا تدعنا نطالبك بدمائنا عند جدنا يوم القيامه خذنا حيين الي ابن زياد يصنع بنا ما يريد، فقال: ليس الي ذلك سبيل، فقالا له: يا شيخ بعنا في السوق وانتفع بأثماننا و لا تقتلنا، فقال: لا بد من قتلكما قالا له: يا شيخ ألا ترحم يتمنا و صغرنا فقال لهما: ما جعل الله لكما في قلبي من الرحمه شيئا، فقالا: يا شيخ دعنا نصلي كل منا ركعتين، قال: صليا ما شئتما ان نفعتكما الصلاه قال: فصليا أربع ركعات فلما فرغا رفعا طرفيهما الي السماء و بكيا و قالا: يا عادل يا حكيم أحكم بيننا و بينه بالحق؛ ثم قالا له: يا هذا ما أشد بغضك لأهل البيت فعندها عمد الملعون و ضرب عنق الأكبر فسقط الي الأرض يخور في دمه فصاح أخوه و جعل يتمرغ بدم أخيه و هو ينادي وا أخاه وا قله ناصراه وا غربتاه هكذا القي الله و أنا متمرغ بدم أخي فقال ه الملعون: لا عليك سوف الحقك بأخيك في هذه الساعه، ثم ضرب عنقه و وضع رأسيهما في المخلاه و رمي أبدانهما في الفرات و سار بالرأسين الي عبيدالله بن زياد فلما مثل بين يديه وضع المخلاه فقال له: ما في المخلاه يا هذا؟ قال: رؤوس أعدائك ملم بن عقيل فكشف عن وجهيهما فاذا هما كالأقمار المشرقه فقال: لم قتلتهما قال بطمع الفرس و السلاح فقام ابن زياد، ثم قعد ثلاثا و قال: ويلك و أين ظفرت بهما؟ قال: في داري و قد أضافتهم عجوز لنا، فقال ابن زياد: أفلا عرفت لهما حق الضيافه و أتيت بهما حيين الي فقال: خشيت أن يأخذهما أحد مني و لا أقدر علي الوصول اليك فأمر ابن زياد أن يغسلوهما من الدم فلما غسلوهما و أتي بهما اليه و نظرما تعجب من حسنهما و قال له: يا وليك لو أتيتني حين بهما حيين لضاعفت لك الجائزه فتعذر بعذره الأول، ثم قال له: يا ويلك حين أردت قتلهما ما قالا لك؟ قال لي يا شيخ ألا تحفظ قرابتنا من رسول الله؟ قال: فما قلت لهما؟ قال: قلت لهما: مالكما من رسول الله قرابه، قال: فماذا قالا لك أيضا


قال: قالا لي ألا ترحم صغر سننا، فقلت لهما: ما جعل الله لكما في قلبي من الرحمه شيئا، قال: فما قالا لك أيضا؟ قالا لي: امض الي السوق فبعنا وانتفع بأثماننا فقلت لهما: لابد من قتلكما قال: فماذا قالا لك أيضا؟ قال: قالا لي: ألا تمض بنا الي ابن زياد يحكم فينا بأمره، فقلت لهما: ليس الي ذلك من سبيل، قال: فماذا قالا لك أيضا؟ قال: قالا لي: دعنا نصلي كل واحد منا ركعتين فقلت لهما: فصلينا ان نفعتكما الصلاه فصليا أربع ركعات فلما فرغا من الصلاه رفعا طرفيهما الي السماء و دعيا و قالا: يا حي يا حكيم أحكم بيننا و بينه بالحق، ثم نظر ابن زياد الي ندمائه و كان فيهم محب لأهل البيت و قال له: خذ هذا الملعون و سر به الي موضع قتل فيه الغلامين واضرب عنقه و لا تدع أن يختلط دمه بدمهما و خذ هذين الرأسين وارمهما في موضع رمي به أبدانهما قال: فأخذه و سار به و هو يقول: و الله لو أعطاني ابن زياد جميع سلطنته ما قبلت هذه العطيه و كان كلما مر بقبيله أراهم الرأسين و حكي لهم بالقصه و ما يريد يفعل بذلك اللعين، ثم سار به الي موضع قتل فيه الغلامان فقتله بعد أن عذبه قطع عينيه و قطع أذنيه و يديه و رجليه و رمي بالرأسين في الفرات، قال: فخرجت الأبدان و ركبت الرؤوس عليهما بقدره الله تعالي ثم تحاضنا و غاصا في الفرات، ثم أن ذلك الرجل المحب أتي بالرأس - رأس ذلك اللعين فنصبه علي قناه و جعل الصبيان يرجمونه بالحجاره، ألا لعنه الله علي القوم الظالمين (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) و علي الأطائب من أهل البيت فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون، أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان فتتابعت عليه الأشجان فنظم و قال فيهم: