بازگشت

الباب 2


العجب من يرضي من ذوي العقول بالدنيا دارا بعد آل الرسول، غدرت بمواليها فلا خير و الله و لا بركه فيها، فرحم الله من اتخذ فيها الزاد ليوم الحشر و المعد و جعلها الي ما تقدم من صالح الأعمال، بعد انتقضاء الأعمار و الآجال. لعمري لا عمل فيها أعظم من موالاه الآل لدفع تلك الأثقال العضال المشاق و الأهوال. فواعجباه ممن مال من الحق الي الباطل، وارتكب مثل هذا الخطب الهائل و تجري ء علي انتهاك علي ذريه الرسول و أولاد فاطمه البتول، و ما ذاك الا لطلب الدنيا و نعيمها و ما قدره لو صح بالنسبه الي النار و جحيمها:



هب الدنيا تساقي اليك عفوا

أليس مصير ذاك الي زوال



و هل دنياك الا مثل في ء

أضلك ثم أذن بانتقال



فما ترجو لشي ء ليس يبقي

سريع لا يدوم علي الليالي



لعلهم ما عرفوا حالاتهم و لم يبلغهم شي ء من معجزاتهم بلي و الله لقد سموا و عرفوا و عاهدوا و ما فوا (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون). نقل أنه لما رجع النبي من غزاه خيبر الي المدينه جاءته ارأه يهوديه قد أظهرت له الاسلام و معها لحم ذارع جمل مشوي فيه سم فوضعته بين يديه فقال لها: ما هذا؟ فقالت له: فداك أبي و أمي يا رسول الله لقد همني أمرك في غزوتك الي خيبر فاني أعرفهم رجالا شجعانا و هذا لحم ذارع جمل لي قد ربيته صغيرا و عملت أن أحب الأطعمه اليك الشواء من لحم الذارع فنذرت لله نذرا ان سلمك الله من وقعه خيبر و ظفرك الله بهم لأذبحن جملي و أجعل لحمه صدقه عنك و قد جئت بهذا منه اليك لأوفي نذري، قال: و كان من جلساء رسول الله رجل يقال


له البرا [1] فمد يده و أخذ من ذلك اللحم فوضعها في فيه، فقال له علي: يا برا لا تتقدم علي رسول الله ما أبخل و كان أعرابيا: يا علي كأنك تبخل رسول الله؟ فقال علي: لا و الله ما أبخل رسول الله، و لكني أبجله و أوقره و أعظمه، و ليس لي و لا لك و لا لأحد من خلق الله أن يتقدم علي رسول الله بقول و لا فعل و لا أكل و لا شرب، فقال البرا: لست تريد هذا ولكنك تبخل رسول الله، فقال علي: يا برا هذا طعام جاءت به ارأه و كانت من قبل يهوديه و لسنا نعرف حالها فاذا أكلت به بأمر رسول الله فهو الضامن لسلامتك منه و اذا أكلت بغير اذنه و كلك الله نفسك فربما يكون هذا الطعام مسموم قال: فبينما علي يخاطب البرا بهذا الكلام و البرا يلوك اللقمه في فمه اذ أنطق الله الذراع بلسان فصيح يقول: يا رسول الله لا تأكلني فاني مسموم، فقسط البرا مغشيا عليه و لم يرفع من مكانه الا ميتا. فقال رسول الله: ائتوني بالمرأه فأتوا بها بها فقال لها: بلطف ورفق ما ما حملك علي ذلك؟ فقالت يا محمد: قد قتلت أبي و عمي و أخي و بعلي و ولدي فهذا الذي حملني علي ذلك فجئت اليك بهذا السم و قلت في نفسي ان كان محمد نبيا حقا فسيمنعه الله من أكله أو يأكله و لا يضره السم، و ان كان كاذبا فاني أنتقم منه حيث قتل قومي و رجالي، فقال رسيول الله صلي الله عليه و آله و سلم: يا هذانه لن يضرنا موت البرا فانما امتحنه الله لتقدمه علي و لو أنه كان يأكل بأمري لكفاه الله أذيه السم، ثم ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: هلم يا سلمان و يا عمار و يا مقداد و يا أباذر هلموا جميعا فكلوا من هذا الطعام فمد رسول الله يده و قال: بسم الله الشافي بسم الله الكافي بسم الله المعافي بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شي ء في الأرض و لا في السماء و هو السميع العليم، ثم أكل مع جميع أصحابه حتي شبعوا و المرأه واقفه تنظر اليهم، فقال لها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: أليس أكلنا بحضرتك من هذا الطعام المسموم؟ فكيف رأيت دفع الله عن نبيه و أصحابه أذيه السم؟ فقالت يا رسول الله: اني كنت شاكه في نبوتك و الآن قد أيقنت أنك رسول الله حقا و صدقا و أنا (أشهد أن لا اله الا الله و أنك محمدا رسول الله)، و أسلمت و أحسنت اسلامها. قال: فلما حملت جنازه البرا الي رسول الله


ليصلي عليها قال رسول الله: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل له: قد ذهب في حاجه فجلس رسول الله ينتظره و لم يصل علي جنازه البرا، فقيل له: يا رسول الله ما لك لا تصلي علي جنازه هذا العبد المؤمن؟ فقال: ان الله عزوجل أمرني أن لا أصلي عليها حتي يحضر علي بن أبي طالب فيجعله في حل مما كلمه ليجعل الله موته البرا بهذا السم كفاره لذنبه. فقال: من حضر و شاهد الخبر و سمع الكلام الذي قاله البرا لعلي يا رسول الله انما كان كلام البرا مزاحا مازح به عليا و لم يكن جدا منه فيؤاخذه الله بذلك، فقال رسول الله: لو كان كلام البرا جدا لأحبط الله أعماله كلها و لو كان تصدق بمل ء ما بين الثري الي عنان السما ذهبا و فضه لكنه كان مزاحا و هو في حل من ذلك الا أن رسول الله يريد أن لا يعتقد أحد منكم أن عليا عليه السلام واجد عليه فيحله علي بن أبي طالب بحضرتكم اجلالا للبراء و يستغفر له ليزيده الله زلفه في جنانه. قال فبينما هم في الكلام اذ دخل علي عليه السلام فوقف عند جنازه البراء و قال: يرحمك الله يا براء لقد كنت صواما و لقد مت في سبيل الله و لقد جاهدت بين يدي رسول الله فرضي الله عنك. فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: فوالله لو كان أحد من الموتي يستغني عن صلاه رسول الله لا ستغني صاحبكم هذا بدعا علي بن أبي طالب، ثم قام رسول الله فصلي علي جنازه البراء و أمر بدفنه رحمه الله عليه. فانظروا يا ذوي العقول الي حقد هذه المرأه التي عزمت علي قتل الرسول و أب الطهر البتول و كذلك بنو أميه حقدوا عم من قديم الزمان و الأعوام من فتك علي فيه اطاعه للملك العلام و لكن الي الله مرجع الخصام في يوم القيام:



فري كبدي من حزن آل محمد

و من ز فرات ما لهن طبيب



فمن مبلغ عني الحسين رساله

و ان كرهتها أنفس و قلوب



قتيل بلا جرم كأن قميصه

صيغ بماء الأرجوان خضيب



فللسيف أعوال و للمرح رنه

و للخليل من بعد الصهيل نحيب



تزلزلت الدنيا لآل محمد

و كادت لهم صم الجبال تذوب



حكي عروه البارقي قال: حججت في بعض السنين فدخلت مسجد رسول الله فوجدت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم جالسا و حوله يافعان و هو يقبل هذا


مره و هذا أخري فاذا رآه الناس يفعل ذلك امسكوا عن كلامهم حتي يقضي و طر منهما و ما يعرفون لأي سبب حبه اياهما، فجئته و هو يفعل ذلك بهما فقلت يا رسول الله: هذان ابناك؟ فقال: انهما ابنا ابتني و ابنا أخي و ابن عمي و أحب الرجال الي و من هو سمعي و بصري و من نفسه نفسي و نفسي نفسه و من أحزن لحزنه و يحزن لحزني، فقلت له: قد عجبت يا رسول الله من فعلك بهما و حبك لهما؟ فقال له: أحدثك أيها الرجل: اني لما عرج بي الي السماء و دخلت الجنه انتهيت الي شجره في رياض الجنه فعجبت من طيب رائحتها فقال لي جبرائيل يتحفني من ثمرها و يطمعني من فاكهتها و أنا لا أمل منها، ثم مررنا بشجره التي أكلت فقال لي جبرائيل: يا محمد كل من هذه الشجره فانها تشبه الشجره التي أكلت منها الثمر فانها أطيب طعما و أزكي رائحه قال: فجعل جبرائيل يتحفني بثمرها و يشمني من رائحها و أنا لا أمل منها، فقلت يا أخي جبرائيل: ما رأيت في الأشجار أطيب و لا أحسن من هاتين الشجرتين! فقال يا محمد: تدري ما اسم هاتين الشجرتين؟ فقلت لا أدري، فقال: احداهما الحسن و الأخري الحسينت فاذا هبطت يا محمد الي الأرض من فورك فأت زوجتك خديجه و واقعها من وقتك و ساعتك فانه يخرج منك طيب رائحه الثمر الذي أكلته من هاتين الشجرتين فتلد لك فاطمه الزهراء - ثم زوجها أخاك عليا فتلد ما أمرني أخي جبرائيل فكان الأمر ما كان فنزل الي جبرائيل بعد ما ولد الحسن و الحسين، فقلت له: يا جبرائيل ما أشوقني الي تينك الشجرتين؟ فقال لي: يا محمد اذا اشتقت الي الأكل من ثمرتينك الشجرتين يشم الحسن و الحسين و يلثمهما و هو بقول: صدق أخي جبرائيل ثم يقبل الحسن و الحسين و يقول يا أصحابي اني أود أن أقاسمهما حياتي لحبي لهما فهما ريحانتاي من الدنيا. فتعجب الرجال من وصف النبي للحسن و الحسين عليهما السلام، فكيف لو شاهد النبي من سفك دمائهم و قتل رجالهم و ذبح أطفالهم و نهب أموالهم و سبي


حريمهم؟ أولئك عليهم لعنه الله و الملائكه و الناس أجمعين. (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) و علي الأطائب من أهل بيت الرسول فلبيك الباكون، و اياهم فليندب النادبون، و لمثلهم تذرب الدموع من العيون. أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان فنظم و قال فيهم:


پاورقي

[1] الظاهر أنه ليس ابن عازب، لأنه بقي الي أن قتل الحسين کما تقدم القول فيه في الباب الثالث من المجلس الثامن، من مجالس هذا الکتاب في الجزء الأول.