بازگشت

الباب 2


أيها الاخوان و الأصحاب اذا عرفتم أن الحزن علي هذا المصاب مما يزيد في الأجر و الثواب فلم لا تحزنون علي ما حل بسادات الناس من اللئام الكفره الأرجاس أزالوهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها و هذه القضيه أصل كل بليه ان كنت تعبها ثم لم يكفهم ذلك حتي منعوهم من الأخماس التي عوضهم الله تعالي بها عن أوساخ الناس فقالوا: هذه للمسلمين كافه فحرموها عليهم و منعوها من الوصول اليهم، ثم ارتقوا الي أبلغ من ذلك فقالوا لفاطمه عليها السلام: فدك لنا لا لك فانتزعوا منها بلغتها و بلغه بعلها و بنيها، ثم ارتقوا علي ذلك فمنعوها ارثها من أبيها فلما رأي أهل الشقاق و النفاق ما فعل بهم الصدر الأول الذي علي زعمهم عليه المعول و كان في صدور الغل الكامن الدفين من أجل بغضهم لأمير المؤمنين لا جرم انتهزوا فيهم الفرص فجرعوهم الغصص فواعجبا من


الأوائل و الأواخر و ظلمهم الزائد و عقلهم القاصر فيا حرقي تزايدي علي ما حل بساداتي و يا جفوني سحي دموعا علي أصول ديني و أهل هداتي:



مصينا الي الأرض التي تسكنونها

أقبل ترب الأرض في كل منزل



و حزنا علي ما قد لقيتم من الظمأ

اغص بشرب الماء في كل منهل



فانا لله و انا اليه راجعون (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) حكي أنه لما قتل الحسين و أراد القوم و طأه بالخيل قالت فضه لزينب: يا سدتي ان سفينه صاحب رسول الله كان بمركب فضربته الريح فتكسر فسبح فقذفه البحر الي جزيره و اذا هو بأسد فدنا منه فخشي سفينه أن يأكله فقال له: يا أبا حارث أنا مولي لرسول الله فهمهم بين يديه مشيرا له برأسه و مشي قدامه حتي أوقفه علي طريق فركبه و نجا سالما و أري أسدا خلف مخيمنا فدعيني أذهب اليه و أخبره بما هم صانعون غدا بسيدي الحسين، فقالت: شأنك، قالت فضه فمضيت اليه حتي قربت منه و قلت: يا أسد أتدري ما يريدون صنعه غداه بنو أميه بأبي عبدالله؟ يريدون يوطئون الخيل ظهره؟ قال: نعم، فقام الأسد و لم يزل يمشي و أنا خلفه حتي وقف علي جثه الحسين عليه السلام فوضع يديه عليه و جعل يمرغ وجهه بدم الحسين و يبكي الي الصباح فلما أصبح بنو أميه أقبلت الخيل يقدهم ابن الأخنس لعنه الله تعالي: فلما نظروه صاح بهم ابن سعد انها لفتنه لا تثيروها فرجعوا عليهم لعائن الله تعالي، و هو من بعض فضائلهم عليهم رحمه الله. حكي عن رجل أسدي قال: كنت زارعا علي نهر العلقمي بعد ارتحال عسكر بني أميه فرأيت عجائب لا أقدر أحكي الا بعضها، منها: أنه اذا هبت الريح تمر علي نفحات كنفحات المسك و العنبر، و اذا سكنت أري أحدا أسأله عن ذلك، و عند غروب الشمس يقبل أسد من القبله فأولي عنه الي منزلي، فاذا أصبح الصباح و طلعت الشمس و ذهبت من منزلي أراه مستقبل القبله ذاهبا، فقلت في نفسي ان هؤلاء خوارج قد خرجوا علي عبيدالله بن زياد فأمر بقتلهم، و أري منهم ما لم أره من سائر القتلي، فوالله هذه الليله لأبدأ من المساهره لأبصره ذا الأسد يأكل من هذه الجثث أم لا؟ فلما صار غروب


الشمس و اذا به أقبل فحققته و اذا هو هائل المنظر فارتعدت منه و خطر ببالي ان كان مراده لحوم بني آدم فهو يقصدني و أنا أحاكي نفسي بهذا، فمثلته و هو يتخلي القتلي حتي وقف علي جسد كأنه الشمس اذا طلعت فبرك عليه، فقلت: يأكل منه؟ و اذا به يمرغ وجهه عليه و هو يهميهم و يدمدم، فقلت: الله أكبر ما هذا الا اعجوبه، فجعلت أحرسه حتي اعتكر الظلام و اذا بشموع معلقه ملأت الأرض، و اذا ببكاء و نحيب و لطم مفجع، فقصدت تلك الأصوات فاذا هي تحت الأرض، ففهمت من ناع فيهم يقول: وا حسيناه وا اماماه، فاقشعر جلدي فقربت من الباكي و أقسمت عليه بالله و برسوله من تكون! فقال: انا نساء من الجن، فقلت: و ما شأنكن! فقلن: في كل يوم و ليله هذا عزاؤنا علي الحسين الذبيح هذا الأسد؟ قلت: لا، قلن هذا أبوه علي بي أبي طالب، فرجعت و دموعي تجري علي خدي:



سلوا سيوف محمد بمحمد

ففزوا بها هامات آل محمد



فكأن عتره أحمد اعداؤه

و كأنما الأعداء عتره أحمد



فاكثروا رحمكم الله الأحزان، و اظهروا شعائر الأشجان، فانه زرء عظيم و مصاب جسيم، تتزلزل منه الأطواد، و تتفتت منه الأكباد.

حكي أنه لما فرغ عمر بن سعد من حرب الحسين و ادخلت الرؤوس و الأساري الي عبيدالله بن زياد لعنه اله تعالي جاء عمر بن سعد لعنه الله و دخل علي عبيد الله بن زياد يريد منه أن يمكنه من ملك الري، فقال له ابن زياد: آتني بكتابي الذي كتبته لك في معني قتل الحسين و ملك الري، فقال له عمر بن سعد: و الله انه قد ضاع مني و لا أعلم أين هو؟ فقال له ابن زياد لا بد أن تجئني مستحيا معتذرا في أيام الحرب من عجائز قريش، ألست أنت القائل؟



فوالله ما أدري و اني لصادق

أفكر في أمري علي خطرين



أأترك ملك الري و الري منيتي

أم أرجع مأثوما بقتل حسين




و هذا كلام معتذر مستح متردد في رأيه، فقال عمر بن سعد: والله يا أمير لقد نصحتك في حرب الحسين نصيحه صادقه لو ندبني اليها أبي سعد لما كنت أديت حقك في حرب الحسين، فقال له عبيد الله بن زياد كذبت يا لكع فقال عثمان بن زياد أخو عبيد الله بن زياد: و الله يا أخي لقد صدق عمر بن سعد في مقالته و اني لوددت أنه ليس من بني زياد رجل الا و في أنفه خزمه الي يوم القيامه و أن حسينا لم يقتل أبدا، فقال عمر بن سعد: فوالله يا بن زياد ما رجع أحد من قتله الحسين بشر مما رجعت به أنا، فقال له: و كيف ذلك؟ فقال: لأني عصيت الله و أطعت عبيد الله و خذلت الحسين بن رسول الله و نصرت أعداء الله، و بعد ذلك اني قطعت رحمي و وصلت خصمي و خالفت ربي، فيا عظم ذنبي و يا طول كربي في الدنيا و الآخره، ثم نهض من مجلسه مغضبا مغموما، و هو يقول: و ذلك هو الخسران المبين.

قال أبو السدي: و الله اني لأعجب ممن يسعي في قتل أئمته و هو يعلم أنهم منتقمون منه في آخرته، فهذا عاقبه أمره في حكومه الري و قد خسرها. و أما هو نفسه فحكي عن الهيثم بن الأسود، قال: كنت جالسا عند المختار بالكوفه فابتدأ يقول لجلسائه و الله لأقتلن رجلا عريض القدمين غائر العينين مرفوع الحاجبين عدو الحسن و الحسين، و قتله يرضي فيه رب العالمين، و يرضي عليا أمير المؤمنين و فاطمه الزهراء سيده نساء العالمين قال الهيثم: فلما سمعت كلام المختار علمت أنه يريد بهذه الأوصاف قتل عمر بن سعد. قال: فلما نهض الهيثم من مجلسه مشي الي عمر بن سعد و عرفه بمقاله المختار، قال و كان عبد الله بن جعد أعز الناس عند المختار لأنه رئيس قومه، فجاء الي المختار و تشفع في عمر بن سعد و أخذ له كتاب أمان من المختار يقول فيه: (أما بعد: انك يا عمر بن سعد آمن بأمان الله و رسوله علي نفسك و أهلك و ولدك و لا تؤاخذ بذنب كان منك قديما، فمن لقي عمر بن سعد من شرطه الأمير فلا يعرض له الي سبيل الخير). فلما وصل الكتاب الي عمر بن سعد طاب قلبه، و ظهر بعدما كان مختفيا، و صار يحضر في مجلس المختار في كل أسبوع مره، و المختار يكرمه و يدنيه و يجلسه معه علي سريره، كل هذا و عمر بن سعد يحس قلبه بالشر و يظن أن المختار يقتله لا محاله، فعزم علي الخروج ليلا من الكوفه


فعلم المختار بخروجه من الكوفه، فقال: الله أكبر و فيناه و غدر، و اعطيناه و مكر و الله خير الماكرين، و لكن و الله في عنقه سلسله لو جهد عمر بن سعد أن يفلها لما استطاع أبدا حتي اقتله ان شاءتعالي عن قريب، قال: فبينما عمر بن سعد سائر في الطريق بالليل فنام علي ظهر الناقه فرجعت الناقه به الي الكوفه وقت الصبح فلم يشعر الا و هو علي باب داره فنوخ ناقته و دخل داره و استسلم للقتل فلما أصبح عمر بن سعد دعا بابنه حفص، و قال له: امض الي المختار وانظر هل علم بخروجي أم لا، واكشف لي عن سريرته، قال: فجاء حفص، و قال له: امض الي المختار وانظر هل علم بخروجي أم لا، واكشف لي عن سريرته، قال: فجاء حفص الي المختار و سلم عليه و قال له: أيها الأمير أبي يقرؤك السلام و يقول لك اتفي لنا بالأمان أم لا؟ فقال له: و أين أبوك؟ فقال: ها هو في داره فقال له: أليس أبوك قد هرب البارحه و كان يريد الشام، فقال: معاذ الله ان أبي في داره لم يتغيب أبدا. فقال: كذبت و كذب أبوك اجلس هنا حتي يأتي أبوك، ثم أن المختار استدعي رجلا من جلاوزته، قال له: انطلق الي عمر بن سعد و آتني برأسه، فمضي مسرعا فما لبث هنيئه اذ جاء و بيده رأس عمر بن سعد فألقاه في حجر ابنه، انا لله و انا اليه راجعون. فقال له المختار: يا حفص أتعرف صاحب هذا الرأس؟ قال: نعم هذا رأس أبي و لا خير الله في الحياه بعده! فقال المختار: و اني لا أبقيك بعده، ثم أمر بقتله في الحال، لا رضي الله عنهما و وضع الرأسان بين يديه، فسر بهما سرورا عظيما، فقال بعض من حضر: أيها الأمير رأس عمر بن سعد برأس الحسين، و رأس حفص برأس علي بن الحسين فقال له المختار: صه يا لكع الرجال يا وليك أتقيس رأس عمر بن سعد برأس الحسين و رأس حفص برأس علي بن الحسين فوالله لو قتلت ثلاثه أرباع أهل الأرض ما وفوا بأنمله من أنامل الحسين! قال: و كان محمد بن الحنيفه بمكه يجلس مع أصحابه و يذم المختار و يعتب عليه لمجالسته مه عمر بن سعد علي سريره و تأخيره قتله، قال: فحمل الرأسان اليه الي مكه، قال: فبينما محمد بن الحنيفه جالس فنظر الرأسان بين يديه فخر لله ساجدا شاكرا، ثم رفع يديه يدعو للمختار بالخير و يقول: اللهم لا تنس المختار من رحمتك، اللهم أجزه عنا أهل بيت نبيك خير الجزاء.


و عن ابن مسعود قال: بينما نحن جلوس عند رسول اله في مسجده اذ دخل علينا فتيه من قريش معهم عمر بن سعد لعنه الله فتغير لون رسول الله فقلنا له: يا رسول الله ما شأنك؟ فقال: أنا أهل بيت اختار الله لنا الآخره علي الدنيا و اني ذكرت ما يلقي أهل بيتي من أمتي من بعدي من قتل و ضرب و شتم و سب و تطريد و تشريد و ان أهل بيتي سيشردون و يطردون و يقتلون، و ان أول يحمل علي رمح في الاسلام رأس ولدي الحسين أخبرني بذلك أخي جبرائيل عن الرب الجليل، و كان الحسين حاضرا عند جده في ذلك الوقت، فقال يا جداه فمن يقتلني من أمتك فقال يقتلك شرار الناس و أشار النبي صلي الله عليه و آله و سلم الي عمر بن سعد لعنه الله فصار أصحاب رسول الله اذا رأوار عمر بن سعد داخلا من باب المسجد يقولون: هذا قاتل الحسين عليه السلام قال: و جعل عمر بن سعد كلما لقي الحسين يقول: يا أبا عبدالله ان في قومنا أناسا سفهاء يزعمون أني أقتلك فيقول له الحسين عليه السلام: و الله انهم ليسوا سفهاء ولكنهم أناس حلماء، أما انه ستقر عيني حيث لا تأكل من بر الري من بعد قتلي الا قليلا، ثم تقتل من بعدي عاجلا. و كان الباقر عليه السلام يقول: ان قاتل يحيي بن زكريا ولد زنا، و قاتل الحسين ولد زنا و لم تمطر السماء دما الا يوم قتلهما و لم يحمر الأفق الا في قتلهما، و ان هذه الحمره التي تظهر في السماء لم تر قبل قتل الحسين و لا رؤيت بعد قتله.

قال الراوي: فلما نزل الحسين يوم الطف في أرض كربلاء أول من حال بينه و بين ماء الفرات عمر بن سعد لعنه الله تعالي فاشتد العطش بالحسين و أطفاله و أهل بيته عليهم السلام، فقام رجل من أصحاب الحسين قال: يا بن رسول الله أتأذن لي أن أمضي الي ابن سعد فاكلمه في أمر الماء و أعرفه بعطش الحرم و الأطفال فعساه يرتدع عن القتال؟ فقال عليه السلام: ذلك اليك افعل ما شئت، قال: فجاء الهمداني و وبخه بكلام - قد مر ذكره سابقا - فكان من عذره أن قال: يا أخا في أمري ما أدري كيف أصنع؟ و في هذا الوقت كنت اتفكر في أمري بين ترك ملك الري و قتل الحسين، ثم قال: نفسي لأماره بالسوء ما تحسن لي ترك ملك الري، و اني اذا قتلت حسينا أكون أميرا علي سبعين ألف فارس. قال: فنهض


من عنده مكسور القلب و رجع الي الحسين عليه السلام و قال: يا مولاي ان القوم استحوذذ عليهم الشيطان و ان عمر بن سعد قد عزم علي قتلك و قتل أصحابك و أخل بيتك و رضي بدخول النار بولايه الري ذلك هو الخسران المبين.

فيا اخواني: كيف لا يبكيهم من يزعم أن له بهم الاتصال حتي تنقطع منه عليهم الأوصال؟ كيف لا يتحمل الحزن عليهم في هذا الحال و في كل حال حتي المآل؟ فعلي الأطائب من أهل بين الرسول فلبيك الباكون، و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون، أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته و تتابعت عليه الأشجان فنظم و قال فيهم: