بازگشت

الباب 1


أيها الاخوان و الأصحاب، كيف لا يعظم عليكم المصاب و الحزن و الاكتئاب و قد أصبح لهم آل الرسول ثاويا علي التراب، و تلك الأبدان المعظمه عاريه من الثياب و دماءهم مسوكه بسيوف أهل الضلال و وجوه بناته مبذوله لأعين الأنذال فيا ليت فاطمه تنظر الي الفاطميات بين العدي حاسرات و هن ما بين نادبه وا أخاه و قائله وا أباه و صارخه يا جداه و باكيه وا كرباه مشققات الجيوب مفجوعات بفقد المحبوب ناشرات للشعور بارزات من الخدود لاطمات للخدود عادمات للجدود متبعات بالنياحه و العويل فاقدات للمحامي و الكفيل، فيا عظم ما أصيب به الرسول وابتلي فيه أولاد البتول فالحكم لله و لا حول و لا قوه الا بالله:



ألا يا رسول الله لو كنت فيهم

لشاهدتهم في حاله تذهل الفكرا



فهم بين أطفال يتامي و نسوه

أيامي و صرعي كالندامي سقوا خمرا



رؤوسهم فوق بين القنا و عيالهم

بأيدي أعاديهم تسوقهم قهرا



و من أفظع الأشياء يا خير مرسل

مساوه استرقاق فاطمه الصغري



مصاب بكت منه السماء و أهلها

واشفت به الشم الرعان علي المسرا



فيا ويلهم كأنهم لم يسمعوا ما قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ان الله عزوجل قد حرم الجنه علي من ظلم أهل بيتي و قاتلهم وسالبهم و المعرض عنهم أولئك


لا خلاق لهم في الآخره و لا يكلمهم الله و لا ينظر اليهم يوم القيامه و لا يزكيهم و لهم عذاب أليم، آياتهم باهره و معجزاتهم واضحه ظاهره و هم أعلام المسلمين في الدنيا و الآخره.

روي عن يحيي أم الطويل أنه قال: كنت عند مولاي الحسين عليه السلام اذ دخل عليه شاب و هو يبكي فقال له الحسين عليه السلام: ما الذي يبكيك يا شاب قال يا بن رسول الله: ان أمي ماتت في هذه الساعه و قد تركت مالا عظيما و لم توصي الي شي ء و لم أعلم أين دفنته و قد حرمته فقال الحسين عليه السلام: ما الذي قالت لك عند موتها؟ قال: قالت لي اذا أردت أن تفعل أمرا من الأمور لا تعلمه الا بما يشير به اليك الحسين ابن بنت رسول الله فما تأمرني به يا مولاي، فقال الحسين عليه السلام: أتحب أن يحيي الله أمك و تخبرك بما تريد؟ فقال الشاب: يا حبذا، فقام الحسين عليه السلام مع الشاب و الناس معهما حتي أتي منزل أمه فوقف عليها و دعا الي تعالي بدعوات لم نفهمها ثم قال لها: قومي يا أمه الله باذن الله تعالي و أوصي الي ابنك بما تريدين فقامت و هي تشهد و تقول: السلام عليك يا بن رسول الله اعلم أن عندي مالا جزيلا موضوعا في مكان كذا و كذا فاستخرجه و خذ ثلثيه لك أنفقه بما شئت و ثلثه الآخر ادفعه لابني هذا ان كنت تعلم أنه محب لكم و موال لكم و ان كان مخالفا فامنعه عنه لأن مالي محرم علي من يبغضكم أهل البيت ثم انها ماتت رحمها الله تعالي فأمر الحسين عليه السلام بتغسيلها و تكفينها و صلي عليها و دفنها، انظروا يا اخواني الي هذا الأمر العظيم و الخطب الجسيم و هو ليس بكثير منهم و لا بمستبعد عنهم و قد ظهر لهم من الفضل ما لا يحصي و من المعجزات ما لا يستقصي فالويل لمن خذلهم و هوي غيرهم ورد لهم، و روي عن أبي الحصين رضي الله عنه قال: رأيت شيخا مكفوف البصر فسألته عن السبب؟ فقال: اني من أهل الكوفه و قد رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في المنام و بين فيلطخهم بالدم الحسين عليه السلام حتي انتهيت اليه و عرضت عليه فقلت يا رسول الله: ما ضربت بسيف و لا رميت بسهم و لا كثرت السواد عليه، فقال لي: صدقت ألست من أهل الكوفه؟ فقلت: بلي، قال: فلم لا نصرت ولدي و لم لا


أجبت دعوته ولكنك هويت قتله الحسين و كنت من حزب ابن زياد، ثم ان النبي أومي الي باصبعه فأصبحت أعمي فوالله ما يسرني أن يكون لي حمر النعيم و وددت أن أكون شهيدا بين يدي الحسين عليه السلام:

و روي في بعض الأخبار أن رسول الله كان نائما في بيت عائشه وقت القائله فاستيقظ من نومه و هو يبكي فقالت له عائشه: ما يبكيك يا رسول الله فداك أبي و أمي و نفسي، قال لها: ان جبرائيل أتاني في نومي و قال ابسط يدك يا محمد فناولني فبضه من تراب أحمر و قال لي: هذه تربه من أرض كربلاء يقتل فيها ابنك الحسين عليه السلام تقتله أمتك ييا محمد، قالت عائشه: فجعل النبي يحدثني و هو يبكي و يقول: من ذا يقتل ابني حسينا من ذا يقتل قره عيني حسينا لا أناله اله شفاعتي يوم القيامه، ثم قالت عائشه، و الله لقد قال لي رسول الله ادع لي ابتني فاطمه الزهراء فاسرعت اليها فجاءت و هي تقود ابنيها الحسن و الحسين كل واحد منهما بيد و جاء علي عليه السلام يمشي خلفهما حتي دخلوا حجره النبي صلي الله عليه و آله و سلم فاجلس عليا عن يمينه و أجلس فاطمه عن شماله و أجلس الحسنين بين يديه ثم تناول كساء جربا فلفهم فيه جميعا و أخذ بيده اليمني طرفا من الكساء و بيده اليسري الطرف الآخر و رفع رأسه الي نحو السماء و قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس و طرهم تطهيرا حتي قالها ثلاث مرات، فقالت عائشه: ثم جاءت جاريه فاطمه و معها اناء فيه عصيده و خبز في طبق فوضعته بين أيديهم فجعلوا يأكلون جميعا و النبي يقول لهم كلوا هنيئا مريئا قد أذهب الله عنكم الرجس و طهركم تطهيرا:



أعيني جودا في دموع غريزه

فقد حق اشفاقي و ا كنت أحذر



أعيني هذا شافعوا الناس واصلوا

المنايا فمنهم دارعون و حسر



من الأكرمين الغر من آل هاشم

لهم سلف من واضح المجد يذكر



مصابيح أمثال الأهله اذ هم

لدي الجود أو دفع الكريهه أبصر



بهم فجعتنا و الفوادح كأسمها

تميم أو بكر و السكوان و حمير



و همدان قد جاشت علينا و أجلست

هوازن في أفناء قيس واعصر



و في كل حي نضحه من دمائنا

بنيب يعلو سناها و يشهر






فلله محيانا و كان مماتنا

و لله قتلانا تدان و تنشر



لكل دم مولي و مولي دمائنا

لمرتقب يعلو عليكم و يظهر



فسوف يري أعداءنا حين نلتقي

لأي الفريقين النبي المطهر



روي ابن وهب رضي الله عنه قال: دخلت يوم عاشوراء الي دار امامي جعفر الصادق فرأيته ساجدا في محرابه فجلست من ورائه حتي فرغ فأطال في سجوده و بكائه فسمعته يناجي ربه و هو ساجد يقول: اللهم يا من خصنا بالكرامه و وعدنا الشفاعه و حملنا الرساله و جعلنا ورثه الأنبياء و ختم بنا الأمم السالفه و خصنا بالوصيه و أعطلانا علم ما مضي و ما بقي و جعل الأفئده من الناس تهوي الينا اغفر اللهم لاخواني و لزوار أبي عبدالله الحسين عليه السلام الذين انفقوا أموالهم في حبه و شخصوا أبدانهم رغبه في برنا و رجاء لما عندك في صلتنا و سرورا أدخلوه علي نبيك محمد صلي الله عليه و آله و سلم و اجابه منهم لأمرنا و غيظا أدخلوه علي عدونا و أرادوا بذلك رضوانك، اللهم فكافهم عنا بالرضوان وا كلأهم باليلي و النهار وا خلفهم في أهاليهم و أولادهم الذين خلفوا أحسن الخلف واكفهم شر كل جبار عنيد و كل صعيف من خلقك و شديد و شر شياطين الانس و الجن و أعطهم أفضل ما أملوه منك في غربتهم عن أوطانهم و ما آثرونا به علي أبنائهم و أهاليهم و أقربائهم، اللهم ان أعداءنا عابوا عليهم خروجهم فلم ينههم ذلك عن النهوض و الشخوص الينا خلافا منهم علي من خالفنا فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشس و ارحم تلك الخدود التي تقلبت علي قبر أبي عبدالله الحسين وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمه تلك الصرخه التي كانت لأجلنا، اللهم اني استودعك تلك الأنفس و تلك الأبدان حتي ترويهم من الحوض يوم العطش الأكبر و تدخلهم الجنه و تسهل عليهم في يوم الحساب انك أنت الكريم الوهاب، قال: فلما رفع رأسه أتيت اليه و سلمت عليه و تأملت وجهه و اذا هو كاشف اللون متغير الحال ظاهر الحزن و دموعه تنحدر علي خديه كاللؤلؤ الرطب فقلت يا سيدي: مم بكاؤك؟ لا أبكي الله لك عينا و ما الذي حل بك؟ فقال لي: أو في غفله عن


هذا اليوم أما علمت أن جدي الحسين قد قتل في مثل هذا اليوم فبكيت لبكائه و حزنت لحزنه فقلت له يا سيدي: فما الذي أفعل في مثل هذا اليوم؟ فقال لي: يا بن وهب زر الحسين عليه السلام من بعيد اقصي و من قريب أدني و جدد الحزن عليه و اكثر البكاء و الشجون له: فقلت يا سيدي: لو أن الدعاء الذي سمعته منك و أنت ساجد كان كمن لا يعرف الله تعالي لظننت أن النار تطعم منه شيئا و الله لقد تمنيت أني كنت زرته قبل أن أحج، فقال لي: فما الذي يمنعك من زيارته يا بن وهب؟ و لم تدع ذلك؟ فقلت: جعلت فداك لم أدر أن الأجر يبلغ كله حتي سمعت دعاءك لزواره، فقال لي: يا بن وهب ان الذي يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض فاياك أن تدع زيارته لخوف من أحد فمن تركها لخوف رأي الحسره و الندم حتي أنه تكون غدا ممن رأي و ليس عليه ذنب يتبع به، أما تحب أن تكون غدا ممن يصافحه رسول الله يوم القيامه، قلت يا سيدي: فما قولك في غير تبييت، فقال لي: لا تجعله صوم يوم كامل و ليكن افطارك العصر بساعه علي شربه من دماء فانه في ذلك الوقت انجلت الهيجاء عن آل الرسول و انكشفت الغمه عنهم و مهنهم في الأرض ثلاثون قتيلا من مواليهم من أهل البيت يعز علي رسول الله مصرعهم و لو كان حيا لكان هو المعزي بهم، قال: و بكي الصادق عليه السلام حتي اخضلت لحيته بدموعه و لم يزل حزينا كئيبا طول يومه ذلك و أنا معه أبكي بكائه و أحزن لحزنه، و ها نحن كيف لا نبكي لمن بكي لفقده الرسول و كيف لا نحزن لمن حزنت لأجله البتول و كيف لا نبكي لبكاء سادتنا و كيف لا نحزن لفقد هداتنا أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان و تتابعت عليه الأشجان فنظم و قال فيهم: