بازگشت

الباب 1


أيها المؤمنون: أي قربه يتقرب بها المتقربون و أي سعاده يحضي بها الفائزون أعظم من هذه القربات التي يرضي بها رب السماوات و الأئمه الهداه حسدوهم الظلمه الطغاه علي ما حصل لهم من الكمالات و علو الدرجات عند خالق الأرضين و السماوات واعتضد ذلك بحب الدنيا الدنيه فحملهم ذلك علي ارتكاب هذه الرزيه، فقد نقل عن عمر بن سعد لعنه الله عندما و بخه الرجل الهمداني علي خروجه علي الحسين و منعه الماء و أهل بيته أنه قال في جوابه: يا أخا همدان و الله أني أعرف الناس بحق الحسين عليه السلام و حرمته عند الله تعالي و عند رسوله ولكني حائر في أمري ما أدري كيف أصنع في هذا الوقت كنت أتفكر في أمري و خطر ببالي أبيات من الشعر فقال:



دعاني عبيد الله من دون قومه

الي بدعه فيها خرجت لحيني



فوالله ما أدري و اني لصادق

أفكر في أمري علي خطرين



أأترك ملك الري و الري منيتي

أم أرجع مأثوما بقتل حسين



و في قتله النار ليس دونها

حجاب و ملك الري قره عيني



ثم قال: يا أخا همدان ان نفسي لأماره بالسوء ما تحسن لي ترك ملك الري و اني اذا قتلت حسينا أكون أميرا علي سبعين ألف فارس، فيا اخواني اعلموا


أن التوفيق عزيز المثال و من حقت عليه كلمه العذاب لم يفد فيه عذل العذال و من غلبته نفسه تورط في أعظم الأمور و دخل في الضلال، و كما أن للجنه رجالا و في النار لها رجال و من زحزح عن النار و أدخل الجنه فقد فاز و ما الحياه الدنيا الا لهوا فتعسا لمن ظلم تلك العصابه الكرام و سحقا لمن نكس أعلام أولئك الأعلام فويل لهم ماذا يقولون حين يعرضون و بماذا يجيبون حين يسألون، هنالك تبلو كل نفس ما أسفلت و ردوا الي الله مولاهم الحق و ضل عنهم ما كانوا يفترون.

حكي أن الأشعث بن قيس و جويره الجبلي قالا يوما لعلي عليه السلام: يا أمير المؤمنين حدثنا عن بعض خلواتك مع فاطمه عليها السلام، فقال: نعم بينما أنا و فاطمه في كساء واحد نائمان اذ أقبل رسول الله الينا نصف الليل و كان عليه السلام يأتيها بالتمر و اللبن ليعينها علي تربيه الحسن و الحسين عليهما السلام فدخل علينا و نحن نيام فوضع رجلا بحيالي و رجلا بحيالها فلما رأت فاطمه أباها واقفا همت أن تجلس فلم تستطع فبكت فقال لها النبي (ص): و ما يبكيك يا بنت محمد المصطفي؟ فقالت: أما تري حالنا و نحن في كساء واحد نصفه تحتنا و نصفه فوقنا، فقال لها: يا بنيه أما تعليمين أن الله اطلع اطلاعه من سمائه الي أرضه فاختار منها بعلك علي بن أبي طالب و أمرني أن زوجك به و أن الله عزوجل اتخذه لي وصيا و خليفه من بعدي يا فاطمه أما أن العرش سأل ربه أن يزينه لم يزين بها شيئا من خلقه فزينه بالحسن و الحسين عليهما السلام و جعلهما في ركنين من أركان العرش فالعرش يفتخر بزينته علي كل شي ء، و في روايه أخري أن فاطمه عليها السلام لما شكت عند أبيها ضعف الحال و فقر بعلها عليا، قال لها: يا بنيه أتعلمين ما منزله علي عندي؟ قالت: الله و رسوله أعلم؟ قال: كفاني أمري و هو ابن اثني عشر سنه و قاتل الأبطال و لاقي الأهوال و هو ابن ثمانيه عشر سنه و فرج همي و جلي غمي و أزال كربي و هو ابن عشرين سنه و قلع باب خيبر و هو ابن اثنين و عشرين سنه فاستبشرت فاطمه بذلك سرورا عظيما.

و قد ورد فيه من الفضل ما لا يعد و لا ينتهي الي حد، فمن ذلك ما روي عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: مررت ليله المعراج بقوم تشرشر أشداقهم فقلت يا جبرائيل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يقطعون علي الناس بالغيبه، قال ثم


عدلنا عن ذلك الطريق، فلما انتهينا الي السماء الرابعه رأيت عليا يصلي، فقلت: يا جبرائيل هذا علي قد سبقنا، فقال: ليس هذا عليا؟ قلت: فمن هو؟ قال: ان الملائكه المكروبين لما سمعت بفضائل علي عليه السلام و سمعت قولك فيه أنت مني بمنزله هارون من موسي الا أنه لا نبي من بعدي اشتاقت الي علي فخلق الله ملكا علي صوره علي، فكلما اشتاقت الي علي جاءت الي ذلك الملك فكأنها قد رأت عليا. و عن ابن عباس قال: رأيت أباذر و هو متعلق بأستار الكعبه هو يقول: من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا أبوذر لو صمتم حتي تكونوا كالأوتاد و لو صليتم حتي تكونوا كالحنايا ما ينفعكم ذلك حتي تحبوا عليا. و عن أبي شعيب الخراساني قال: دخلت علي الامام أبي عبدالله فقلات: فداك أبي و أمي اني اشتقت الي الغري. قال: و ما يشوقك اليه، قلت: جعلت فداك أحب أن أزور أميرالمؤمنين عليه السلام، فقال: هلي تعرف فضل زيارته؟ فقلت: يا بن رسول الله عرفني ذلك، قال: اذا أردت زياره أمير المؤمنين، فاعلم أنك زائر عظام آدم و بدن نوح و جسم أمير المؤمنين، فقلت: جعلت فداك ان آدم بسر نديب بمطلع الشمس و زعموا أن عظامه في البيت الحرام فكيف صارت عظامه بالكوفه، فقال: ان اله أوحي الي نوح عليه السلام و هو في السفينه أم يطوف بالبيت أسبوعا فطاف أسبوعا ثم نزل في الماء الي ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم فلم يزل معه التابوت في جوف السفينه حتي طاف ما شاءالله أن يطوف ثم ورد الي الكوفه في مسجدها و فيه يقول الله لاأرض اقلعي ماءك، فقلعت ماءها و تفرق الجمع الذي كانوا مع نوح في السفينه و دفعها فرجعت الي بيت الله الحرام، و أخذ نوح التابوت فدفنه في الغري و هوي قطعه من الجبل الذي كلم الله فيه موسي تكليماو قدس الله عليه عيسي تقديسا و اتخذ الله ابراهيم خليلا و محمد صلي الله عليه و آله و سلم حبيبا و جعله للمتنسكين منسكا و الله ما سكن فيه بعد آبائه الطاهرين آدم و نوح أكرم من أمير المؤمنين و أنك تزور الآباء الأولين و محمدا خاتم النبيين و عليا سيد الوصيين، و أن زائره يفتح له أبواب السماء عند دعوته فلا تكن عن الخير نواما، و كان أميرالمؤمنين عليه السلام يأتي هذه البقعه الشريفه و يصلي فيها فبينما هو ذات يوم يصلي بالغري اذ أقبل رجلان


معهما تابوت علي ناقه فحطا التابوت و أقبلا اليه فسلما عليه، فقال: من أين أقبلتما؟ قالا: من اليمن، قال: و ما هذه الجنازه؟ فقالا: كان لنا أب شيخ كبير فلما أدركته الوفاه أوصي الينا و ندفنه في الغري، فقلنا: ياأبانا انه موضع شاسع بعيد عن بلدنا و ما الذي تريد بذلك؟ فقال: انه سيدفن هناك رجل يدخل في شفاعته مثل ربيعه و مضر، فقال أمير المؤمنين صلي الله عليه و آله و سلم: الله أكبر الله أكبر أنا و الله ذلك الرجل، ثم قام فصلي عليه و دفناه و مضينا حيث أقبلا، فسبحان من جعلهم رحمه للعالمين و سببا موديا الي الفوز باليقين، وجودهم لطف في حق الأنام و حط أجسادهم عصم لمن ثوي و أقام و بحبهم تمحي الآثام، و بصحه الاعتقاد فيهم تمحص الذنوب العظام و باتباعهم يحصل الخلاص من أهوال يوم القيامه و دخول الجنه بسلام:



طوبي لمن أضحي هواكم قصده

و الي محبتكم اشاره رمزه



في قربكم نيل المسره و المني

و جنانكم مستنزه المتنزه



قلب يهيهم بحبكم تفريطه

في مثلكم و الله غايه عجزه



يضحي كدود القز يتعب نفسه

في نسجه و هلاكه في قزه



طرف رآكم ثم شاهد غيركم

تطهيره بسوي الدما لم يجزه



نزه فؤادك عن سواهم و القهم

فوصالهم حل لكل منزه



الصبر طلسم لكنز وصالهم

من حل ذا الطلسم فاز بكنزه



فوا عجبا من قوم استطاعوا علي ساداتهم فقتلوهم و خرجوا علي أهل هدايتهم فقهروهم أتراهم ما علموا أو علموا و ما رعوا فاعتدوا و ظلموا فلا غرو ان بكت عليهم محاجري أو قرح السهاد ناظري أو تزايدت أوصابي أو أضرمت نار و جدي و اكتئابي فعلي الأطائب من أهل البيت فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا تكونون كبعض ماديحهم حيث عرته الأحزان و تتابعت عليه الأشجان فنظم و قال فيهم: