بازگشت

الباب 3


أيها المؤمنون: أتدرون أي مزيه تحصلون و في أي مرتبه تحلون، أنتم و الله المحبورون الفائزون المجاهدون الآمنون الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون أليس في الكتاب المبين بعد اثبات الولايه لأمير المؤمنين و أولاده الغر الميامين (و من يتولي الله و رسوله و الذين آمنوا فان حزب الله هم الغابون) و هذا الخطاب نص صريح في هذا البابا و اعلموا أن هذه الآيه سرا عجيبا لا يتفطن له الا الأريب فلو تصور المحب لآل الرسول ما لا قوه من الخطب المهول و أخلص في ولائه لاختار لمواساتهم في الموت علي بقائه أيجندل الحسين و بنو أبيه علي الرمال و يعلي كريمه الشريف علي القنا كالهلال و تسبي ذاريه محمولين حسرا علي الجمال يطاف بهم في البلاد مقرنين في الأصفاد هذا و الدموع جامده و العيون راقده لا و الله يحسن هذا من أهل الايمان و لا ممن يدعي أنه من حزب الرحمان، بل و الله قل لهذا المصاب خروج الأرواح من شده الاكتئاب:



جار العدو عليه حتي غدوا

أيدي سبا في سوء حال منكر



ما بين مضروب بأبيض صارم

أو بين مطعون بلدن أسمر



أو بين مسحوب ليذبح بالعري

أو بين مشهور و آخر موسر



أو بين من يكبو لثقل قيوده

أو بين مغلول اليدين معفر



كم من أذي منهضم قد مسهم

من ظالم باغ عليهم و مفتر



روي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال لعلي بن أبي طالب: يا علي ان الله زوجك ابتني فاطمه الزهراء و جعل صداقها الأرض فمن مشي عليها و كان مبغضا لها كان مشيه علي الأرض حراما و لها في يوم القيامه شأن عظيم. و عن الصادق عليه السلام أنه قال اذا كان يوم القيامه جاءت فاطمه في لمه من نساء أهل الجنه فيقال لها: يا فاطمه ادخلي الجنه، فتقول: و الله لا أدخل حتي أنظر ما صنع فيقال لها: أنظري في قلب القيامه فتنظر يمينا شمالا فتري الحسين عليه السلام و هو واقف ليس عليه رأس فتصرخ صرخه عاليه من حرقه قلبها فتصرخ الملائكه لصرختها و تقول: وا ولداه وا مهجه قلباه وا حسينا،


قال: فلم يبق في ذلك الموف ملك و لا نبي و لا وصي الا و بكي لأجلها و حزن لحزنها قال: فعند ذلك يشتد غضب الله علي أعداء الرسول فيأمر الله تعالي نارا اسمها هبهب قد أوقدوا عليها ألف عام حتي اسودت و أظلمت لا يدخلها روح فيقال لها يا هبهب التقطي قتله الحسين عليه السلام و من أعان علي قتله فتلتقطهم جميعا واحدا بعد واحد فاذا صاروا في حوصلتها صهلت بهم وصهلوا بها و شهقت بهم و شهقوا بها واشتد عليهم العذاب الأليم فيقولون ربنا لم أوجبت علينا حرق النار قبل عبده الأصنام فيأتيهم الجواب يا أشقياء ان من علم ليس كمن لا يعلم، (فذوقوا عذاب الهون بما كنتم تعلمون):



لمصابهم تتزلزل الأطواد

و لقتلهم تتفتت الأكباد



كل الرزايا بعد وقت حلولها

تنسي ورزءهم الجليل يعاد



روي عن سهل بن سعيد الشهرزوري قال: خرجت من شهر زوري أريد بين المقدس فصار خروجي أيام قتل الحسين عليه السلام فدخلت الشام فرأيت الأبواب مفتحه و الدكاكين مغلقه و الخيل مسرجه و الأعلام منشوره و الرايات مشهوره و الناس أفواجا امتلأت منهم السكك و الأسواق و هم في أحسن زينه يفرحون و يضحكون فقلت لبعضه: أظن حدث لكم عيد لا نعرفه؟ قالوا: لا، قلت: فما بال الناس كافه فرحين مسرورين؟ فقالوا: أغريب أنت أم لا عهد لك بالبلد؟ قلت 6 نعم، فماذا قالوا: فتح لأمير المفسدين فتح عظيم، قلت و ما هذا الفتح؟ قالوا: خرج عليه في أرض العراق خارجي فقتله و المنه لله و له الحمد، قلت: و من هذا الخارجي؟ قالوا: الحسين بن علي بن أبي طالب قلت الحسين بن فاطمه بنت رسول الله؟ قالوا: نعم، قلت: انا لله و انا اليه راجعون و ان هذا الفرح و الزينه لقتل ابن بنت نبيكم و ما كفاكم قتله حتي سميتوه خارجيا، فقالوا: يا هذا أمسك عن هذا الكلام واحفظ نفسك فانه ما من أحد يذكر الحسين بخير الا ضربت عنقه فسكت عنهم باكيا حزينا، فرأيت بابا عظيما قد دخلت فيه الأعلام و الطبول فقالوا: الرأس يدخل من هذا الباب فوقفت هناك و كلما تقدموا بالرأس كان أشد لفرحهم و ارتفعت أصواتهم و اذا بأس الحسين و النور يسطع من فيه كنور رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فلطمت علي وجهي و قطعت أطماري


و علا بكائي و نحيبي و قلت: وا حزناه للأبدان السليبه النازحه عن الأوطان المدفونه بلا أكفان وا حزناه علي الخد التريب و الشيب الخضيب يا رسول الله ليت عينيك تري رأس الحسين في دمشق يطاف به في الأسواق و بناتك مشورات علي النياق مشققات الذبول و الأرياق ينظر اليهم شرار الفساق أين علي بن أبي طالب يراكم علي هذا الحال ثم بكيت و بكي لبكائي كل من سمع منهم صوتي و أكثرهم لا يلتفتون بي لكثرتهم و شده فرحهم و اشتغالهم بسرورهم و ارتفاع أصواتهم و اذا بنسوه علي الأقتاب بغير و طاء و لا ستر و قائله منهن تقول وا محداه وا علياه وا حسناه لو رأيتم ما حل بنا من الأعداء يا رسول الله بناتك أساري كأنهن بعض أساري اليهود و النصاري و هي تنوح بصوت شجي يقرح القلوب علي الرضيع الصغير و علي الشيخ الكبير المذبوح من القفا و مهتوك الخبا العريان بلا رداء وا حزناه لما نالنا أهل البيت فعند الله نحتسب مصيبتنا قال: فتعلقت بقائمه المحمل و ناديت بأعلي الصوت: السلام عليكم يا آل بين محمد و رحمه الله و بركاته و قد عرفت أنها أم كلثوم بنت علي عليه السلام فقالت: من أنت أيها الرجل الذي لم يسلم علينا أحد غيرك منذ قتل أخي و سيدي الحسين عليه السلام؟ فقلت يا سيدتي: أنا رجل من شهرزور اسمي سهل رأيت جدك محمد المصطفي صلي الله عليه و آله و سلم، قالت يا سهل: ألا تري ما قد صنع بنا، أما و الله لو عشنا في زان لم ير محمد ما صنع بنا أهله بعض هذا قتل و الله أخي و سيدي الحسين و سبينا كما تسبي العبيد و الاماء و حملنا علي الأقتاب بغير و طاء و لا ستر كما تري 7 فقلت يا سيدتي يعز و الله علي جدك و أبيك و أمك و أخيك سبط نبي الهدي فقالت: يا سهل اشفع لنا عند صاحب المحمل أن يتقدم بالرؤوس ليشتغل النظاره عنا بها فقد خزينا من كثره النظر الينا، فقلت حبا و كرامه، ثم تقدمت اليه و سألته بالله و بالغت معه فانتهرني و لم يفعل، قال سهل: و كان معي رفيق نصراني يريد بيت المقدس و هو متقلد سيفا تحت ثيابه فكشف الله عن بصره فسمع رأس الحسين و هو يقرأ القرآن و يقول: (و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون) (الآيه فقد أدركته السعاده فقال أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله، ثم انقضي سيفه و شد به علي القوم و هو يبكي و جعل يضرب فيهم فقتل منهم جماعه كثيره ثم تكاثروا عليه فقتلوه رحمه الله، فقالت أم كلثوم: ما هذه


الصيحه فحكيت لها الحكايه فقالت وا عجباه النصاري يحتشمون لدين الاسلام و أمه محمد الذين يزعمون أنهم علي دين محمد يقتلون ألاده و يسبون حريمه و لكن العاقبه للمتقين و ما ظلمونا و لكن كانوا أنفسهم يظلمون و لقد عجبت لتلك الأطواد كيف لا تتزلزل و كذلك النادي ككيف لا ينخسف و يتحول و لكن أرتفع موجود اللطف من بين أظهرهم و هم لا يعلمون (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون):



يا أمه السوء لم تجازوا رسول الله

فيكم اذ لم يزل متوبا



كل يوم تهتكون حريما

من بنيه و تقتلون حبيبا



كيف تلقونه شفيعا و ترجعون

غدا أن يزيل عنكم كروبا



لا و ربي ينال و ذاك سوي

من كان مولاهم موال منيبا



حكي أن موسي بن عمران رآه اسرائيلي مستعجلا و قد كسته الصفره و اعتري بدنه الضعف و حكم بفرائصه الرجف و قد اقشعر جسمه و غارت عيناه و نحف لأنه كان اذا دعاه ربه للمناجاه يصير عليه ذلك من خيفه الله تعالي فعرفه اسرائيلي و هو ممن آمن به فقال له: يا نبي الله أذنبت ذنبا عظيما فاسأل ربك أن يعفو عني فانعم و سار فلما ناجي ربه قال له: يا رب العالمين أسألك و أنت العالم قبل نطقي به فقال تعالي: يا موسي ما تسألني أعطيك و ما تريد أبلغك قال ربي: ان فلانا عبدك اسرائيلي أذنب ذنبا و يسألك العفو، قال: يا موسي اعفو عمن استغفرني الا قاتل الحسين، قال موسي: يا رب من الحسين؟ قال له: الذي مر ذكره عليك بجانب الطور، قال: رب و من يقتله؟ قال: يقتله أمه جده الباغيه الطاغيه في أرض كربلاء و تنفر فرسه و تحمحم و تصهل و تقول في صهيلها: الظلميه الظليمه من أمه قتلت ابن بنت نبيها فيبقي ملقي علي الرمال من غير غسل و لا كفن و ينهب رحله و تسبي نساءه في البلدان و يقتل ناصروه و تشهر رؤوسهم مع رأسه علي أطراف الرماح يا موسي صغير هم يميته العطش موسي و قال يا رب: ما لقاتليه من العذاب؟ قال يا موسي: عذاب يستغيث منه أهل النار بالنار لا تنالهم رحمتي و لا شفاعه جده و لو لم تكن كرامه له لخسفت


بهم الأرض، قال موسي: برئت اليك اللهم منهم و ممن رضي بفعالهم فقال سبحامه يا موسي كتبت رحمته لتابعيه من عبادي وا علم أنه من بكي عليه و أبكي أو تباكي حرمت جسده علي النار:



بني أميه مات الدين عندكم

و أصبح الحق قد وارته أكفان



أضحت منازل آل البسط مقفره

من الأنيس و ما فهين سكان



با هوا بمقتله ظلما و قد هدمت

لفقده من ذوي الاسلام أركان



رزيه عمت الدنيا و ساكنها

فالدمع في أعين الباكين هتان



قبل افتخر اسرائيل علي جبرائيل فقال: اني من حمله العرش و صاحب الصور و النفخه و أنا أقرب الملائكه الي حصره الجلال فقال جبرائيل: أنا خير منك، قال لماذا؟ قال أنا أمين الله علي وحيه و صاحب الكسوف و الخسوف و الزالال و الرسائل فاختصما الي الله تعالي فأوحي اليهما أن اسكتا فو عزتي و جلالي لقد خلقت من هو خير منكما انظرا الي ساق العرش فنظروا و اذا علي ساق العرش لا اله الا الله محمد رسئل الله علي و فاطمه و الحسن و الحسين خير خلق الله. فقال جبرائيل: بحقهم عليك الا ما جعلتني خادما لهم، فقال لك ذلك فافتخر جبرائيل علي الملائكه أجمع لما صار خادما لهم. فقال: من مثلي و أنا خادم آل محمد فانكسرت الملائكه أن يفاخروه فتفكروا أيها الأعلام و تأملوا في هذا الامام و انظروا الي ما فعل به القوم اللئام و الي صبره علي التجرع و الغضض و الآلام و تجرع كؤوس الحمام و لقد فاق علي جده ابراهيم في هذا المقام العظيم لأن ابراهيم عليه السلام ابتلي في نفسه لا غير حين القي في النار و الحسين عليه السلام صرع حوله بنوه و بنو أبيه الأطهار، و اغتصبوا نفسه أيضا فقابل الجميع بالاستغفار و الرضا و الاصطبار فهذا مرام لم يصل قبله و لا بعدا أحدا اليه الا هو صلوات الله و سلامه عليه، نعم قد زاد علي هذا المقام أبوه علي عليه السلام و ذلك أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم لما أدركته الوفاه و كان رأسه الشريف في حجر علي عليه السلام بكي فقال له: ما يبكيك ياأخي، فقال: يا سيدي كنت و قد وعدتني بالشهاده و أنت معافي و قد كنت أرجو أن أقتل بين يديك، فقال: ابشر فانها من ورائك فكيف صبرك اذا؟ فقال: يا رسول الله ليس ذالك موطن الصبر و انما هو موطن الشكر


فقد جعل الحسين عليه السلام موطن الشهاده موطن الصبر و علي عليه السلام جعلها موطن البشري و الشكر و الصبر لا يكون الا عن أمر مكروه و الشكر لا يكون الا عن أمر محبوب و الفرق بين هذين الموطنين العظيمين كالفرق بين هذين الامامين الكريمين، فعلي الأطائب من أهل بيت الرسول فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا لا تكونون كبعض ماديحهم حيث عرته الأحزان و الأشجان فنظم و قال فيهم: