بازگشت

الباب 3


أيها المؤمنون المتقون، اسبكوا ماء العيون من مقرحات الجفون، و تساعدوا علي الندب و العويل، و نوحوا لفقد من اهتز له عرش الجليل و اسكبوا العبرات علي الغريب القتيل، فليتني كنت أذود عنهم خطوب الحمام و أدفع عنهم تلك الكروب العظام و مواقع تلك الآلام، حتي أقضي حق جدهم المرسل و أحول بينهم و بين القدر المنزل، فنح أيها المحب لآل الرسول علي مصاب أبناء الرسول و ابك عليهم بالدموع السجام لأنهم الرؤساء الأعلام لعلك تواسيهم في المصاب باظهار الجزع و الاكتئاب و الحنين و الانتحاب، فوا عجباه كيف يرافق بهم رسول الخلائق و يقع أهل الكفر و النفاق ما هو الا شي ء تكاد السماوات أن تتفطرن منه و تنشق الأرض و تخر الجبال هدا:



كيف صبر المحب و هو يري

الأحباب بعد عزه و جلال



و حبيب الحبيب بين قتيل

و جريح و موثق بالحبال



و وجوها لا تنظر الشمس الا

حذرا أن يفوت وقت الزوال



مسفرات من بعد ستر حجاب

مبديات من سجف بعد حجال



حكي عن سلمان الفارسي قال: خطب فينا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوم الجمعه خطبه بليغه فحمدالله و أثني عليه ثم قال: أيها الناس اني راحل عن قريب و منطلق للمغيب و اني أوصيكم في عترتي خيرا فلا تخالفوهم و لا تخاصموهم و لا تنابذوهم، و اياكم و البدع فان كل بدعه ضلاله و الضلاله و أهلها بالنار، معاشر الناس: من افتقد منكم الشمس فليتمسك بالقمر و من افتقد القمر فليتمسك بالفرقدين و ان افتقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزهراه، أقول قولي هذا و استغفر الله لي ولكم و الحمدلله رب العالمين. ثم نزل عن منبره و سار الي


منزله. قال سلمان فتبعته حتي دخل حجرته و أنا معه فقلت يا رسول الله: سمعتك تقول اذا فقدتم الشمس فتمسكوا بالقمر و اذا فقدتم القمر فتمسكوا بالفرقدين و اذا فقدتم الفرقدين فتمسكوا بالنجوم الزهراه فما الشمس و ما القمر و ما الفرقدان و ما النجوم الزهراه؟ فقال النبي: أنا الشمس و علي القمر فاذا فقدتموني فتمسكوا به و أما الفرقدان فهما الحسن و الحسين فاذا افتقدتم القمر فتمسكوا بهما و أما النجوم الزواهر فهم الأئمه التسعه من نسل الحسين تاسعهم قائمهم، ثم قال صلي الله عليه و آله و سلم: انهم هم الأولياء و الأوصياء و الخلفاء من بعدي أئمه أبرار و أوصياء أطهار و هم بعدد أسباط يعقوب عليه السلام و عدد حواري عيسي و عدد نقباء بني اسرائيل فقلت سمهم لي يا رسول الله فقال: أولهم و سيدهم علي بن أبي طالب و سبطاه بعده و بعدهما علي بن الحسين زين العابدين و بعده محمد الباقر للعلم و بعده الصادق جعفر و بعده الكاظم موسي سمي النبي بن عمران الذي يقتل مسموما بأرض الغربه علي دينه و ايمانه و انه علي بن موسي الرضا و ابنه محمد الجواد و الصادقان علي و الحسن ثم الحجه القائم بالأمر المنتظر، فانهم عترتي و لحمي و دمي و مخي و عظمي و عروقي علمهم علمي و حكمهم حكمي فمن آذاني فيهم فلا أنا له الله شفاعتي يوم القيامه:



فلله أمر فادح شمل الوري

و رزء علي الاسلام منه خمول



و خزب جليل جل في الأرض وقعه

عظيم علي أهل السماء ثقيل



بنو الوحي في أرض الطفوف حواسر

و أبناء حرب في الديار نزول



و يسري بزين العابدين مقيدا

علي المنزل مأمسور اللثام عليل



و يصبح في تخت الخلافه جالسا

يزيد و في الطف الحسين قتيل



و يقتل ظلما ظاميا سبط أحمد

امام لخير الأنبياء سليل



حبيب النبي المجتبي خامس العبا

و قره عين للنبي رسول



أمولاي آمالي تؤمل نصركم

و قلبي اليكم بالولاء يميل



و قد طال عمر الصبر في أخذ ثاركم

أمتا آن للظلام المقيم رحيل



متي ينطوي حر الغليل و يشتفي

فؤادي بالآم المصاب عليل



و يجبر هذا الكسر في ظل دوله

لها النصر جند و الأمان دليل



و ينشر للمهدي عدل و ينطوي

به الظلم حتما و العناد يزول






هناك يضحي دين آل محمد

عزيزا و يسمي الكفر و هو ذليل



فيا آل طه الطاهرين رجوتكم

ليوم به فصل الخطاب طويل



عليكم سلام كل ما ذكر اسمكم

و ذاك مدي الأيام ليس يزول



روي عن أم أيمن رضي الله عنها قالت: مضيت ذات يوم الي منزل ستي و مولاتي فاطمه الزهراء لأزورها في منزلها و كان يوما حارا من ايام الصيف فأتيت الي باب دارها و اذا أنا بالباب مغلق فنظرت من سقوف الباب و اذا بفاطمه الزهراء عليه السلام نائمه عند الرحي و رأيت الرحي تطحن (البر) و هي تدور من غير يد تديرها و المهد أيضا الي جانبها و الحسين عليه السلام نائم فيه و المهد يهتز و لم أر من يهزه و رأيت كفا يسبح لله تعالي قريبا منن كف فاطمه الزهراء قالت أم أيمن: فتعجبت من ذلك فتركتها و مضيت الي سيدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و سلمت عليه و قلت له: يا رسول الله اني رأيت عجبا ما رأيت مثله أبدا فقال لي: ما رأيت يا أم أيمن؟ فقلت: اني قصدت منزل ستي فاطمه الزهراء فلقيت الباب مغلقا و اذا بالرحي تطحن البر و هي تدور من غير يد تديرها و رأيت مهد الحسين عليه السلام يهتز من غير يد تهزه يا سيدي فقال: يا أم أيمن اعلمي أن فاطمه و لم أر شخصه فتعجبت من ذلك يا سيدي فقال: يا أم أيمن اعلمي أن فاطمه الزهراء صائمه و هي متبعه جائعه و الزمان قيض فألقي الله عليها النعاس فنامت فسبحان من لا ينام فوكل الله ملكا يطحن عنها قوت عيالها و أرسل الله ملكا آخر يهز مهد ولدها الحسين لئلا يزعجها من نومها و وكل الله ملكا آخر يسبح لله عزوحجل قريبا من كف فاطمه يكون ثواب تسبيحه لها لأن فاطمه لم تفتر عن ذكر الله عزوجل فاذا نامت جعل الله ثواب تسبيح ذلك الملك لفاطمه، فقلت يا رسول الله أخبرني من يكون الطحان و من الذي يهز مهد الحسين و يناغيه و من يسبح؟ فتبسم النبي صلي الله عليه و آله و سلم ضاحكا و قال: أما الطحان فجبرائيل، و أما الذي يهز مهد الحسين فهو ميكائيل، و أما الملك المسبح فهو اسرافيل:



أتسبل دمع العين بالعبرات

و بت تقاسي شده الزفرات



و تبكي لآثار لآل محمد

فقد ضاق منك الصدر بالحسرات



ألا فابكهم حقا و بل عليهم

عيونا لريب الدهر منسكبات






و لا تنس في يوم الطفوف مصابهم

و داهيه من أعظم النكبات



سقي الله أجداثا علي أرض كربلا

مرابيع أمطار من المزنات



و صلي علي روح الحسين حبيبه

قتيلا لدي النهرين بالفوات



قتيلا بلا جرم فجعنا بفقده

فريدا ينادي أين أين حماتي



أنا الظامي العطشان في أرض غربه

قتيل و مظلوم بغير ترات



و قد رفعوا رأس الحسين علي القنا

و ساقوا نساء و لهي حسرات



فقل لابن سعد عذب الله روحه

ستلقي عذاب النار باللعنات



سأقنت طول الدهر ما هبت الصبا

و أقنت بالايصال و الغدوات



علي معشر ضلوا جميعا و ضيعوا

مقال رسول الله بالشبهات



روي أن المتوكل من خلفاء بني العباس كان تحت ملكه (بسر من رأي) فاستدعي الامام علي الهادي الي مجلسه و أعرض عليه جميع عساكره و حجاجه و نوابه و أرباب دولته ليرهبه بهم و أمر كل فارس من جنده أن يملأ مخلاه فرسه ترابا و يطرحه في مكان واحد فصار كالجبال العظيم و سماه (تل المخالي) و هو حتي الآن كموجود بسر من رأي، قال ثم ان المتوكل أخذ بيد الامام علي الهادي عليه السلام و صعد معه الي الجبل و قال له: ما أصعدتك معي الي هنا الا لتري خيولي عسكري و قومي و جندي و كان قد ألبس عسكره الدروع المجليه و عتلوا بالرماح الخطيه و تقلدوا بالسيوف الهنديه، و أمرهم أن يعرضوا علي الامام الهادي بأحسن زينه و أتم عده و أعظم هيبه و هو مع ذلك جالس مع الامام عليه السلام فقال له الامام عليه السلام: يا خليفه الزمان أتحب أن أعرض عليك عسكري كما عرضت علي عسكرك فقال المتوكل و من أين لك عسكر مثل عسكري فان كان لك عسكر فأرينه؟ فقال له انظر يمينا فنظر فرأي الأرض مملؤه من الملائكه و بأيديهم أعمده من نار فطار عقله و طاش، ثم قال له: انظر نحو الشمال فنظر فرأي الملائكه بعدد الرمل و النمل و هم محيطون بالدنيا بصور مختلفه و بأيديهم حراب من نار نار لا يحصي عددهم الا الله تعالي، فغشي الخليفه من شده رعب دخله منهم، فلما أفاق من غشيته قال له الامام يا خليفه الزمان انا نحن لا نشاجركم علي زينه الدنيا و زخرفها و انا نحن مشغولون عنكم بأمور الآخره و كذلك الحسين عليه السلام لما أحاط به الكفره اللئام بنو


أميه أتته أفواج كثيره من الملائكه و في أيديهم أعمده من نار و حراب من نار و هم راكبون علي نجب من نجب الجنه و قالوا له: يا حسين أنت حجه الله علي الخلق بعد جدك و أبيك و ان الله عزوجل قد أمد جدك و أباك بنا في سائر الحروب و ان الله تعالي قد أمك بنا لننصرك علي عدوك فمرنا بأمرك نقتل عدوك فقال: أما قرأتم قوله تعالي: (لبرز الذين كتب عليهم القتل الي مضاجعهم) و ان الله تعالي كتب علي القتل فاذا قتلتم أعدائي فبما يبتلي الله هذا الخلق المتعوس و من ذا يكون ساكنا بحفرتي في أرض كربلاء و قد اختارها الله يوم دحو الأرض و قد جعلها معقلا لشيعتي و زواري و تكون لهم أمانا في الدنيا و الآخره، و لكن تحضرون عندي يوم العاشر من شهر عاشوراء ففي آخره أقتل و لا يبقي بعدي مطلوب من أهل بيتي و يسار برأسي الي يزيد لعنه الله تعالي، فقلت له الملائكه: يا بن رسول الله لولا أن أمرك طاعه و انه لا يجوز لنا مخالفتك لقتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا اليك بسوء أبدا حتي لا يبقي علي وجه الأرض منهم أحدا فقال لهم: جزيتم خيرا و لكن نحن و الله أقدر منكم عليهم و الله و علي كل شي ء قدير، فعلي الأطائب من أهل البيت فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون، أو لا تكونون كبعض ماديحهم حيث عرته الأحزان فنظم و قال فيهم: