بازگشت

الباب 2


أيها المؤمنون الأخيار و الأتقياء الكرم الأبرار تفكروا فيمن تعدي علي العتره الأطهار و ذريه النبي المختار أذاقوهم الحتوف بأرض الطفوف فكم من جسد مرمل بالدماء و كم من كبد محترق من الظماء و الماء من حول قد طمي و كم من رأس شريف علي السنان و كم من كريم يسام الخسف و الهوان و كم من معوله حاسره و كم نابذه بشعرها ناشره و كم من ربه خدر بارزه كالهلال مبذوله الوجه أسيره علي أقتاب الجمال و كم من قلب يحن و كم من جسم يأن و كم من طفل مذبوح و كم من دم لرسول الله مسفوح، فيا حر قلبي لما جري للآل من الكفره الفجره الأنذال حسدوهم علي معاليهم حيث عجزوا عن الوصول الي ما أودعه الله فيهم فحملتهم تلك الأحقاد علي المعصيه و العناد و الزيع عن طريق الرشاد و السداد:



يغيضهم كغيضي بنقصهم

و ليس لأهل الفضل ضد سوي الجهل



فمل لي لا أندب تلك الأوطال و أسكب دموعي علي سادات الزمان الممدوحين في محكم القرآن علي لسان النبي الكريم الصادق العليم.

روي عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه خرج في سفر له فلما كان في بعض الطريق اذ وقف جواده فقال: انا لله و انا اليه راجعون، ثم دمعت عيناه و بكي بكاء شديدا فسئل عن ذلك فقال: هذا جبرائيل يخبرني عن هذه الأرض يقال لها كربلاء يقتل فيها ولدي الحسين عليه السلام و أني أنظر اليه و الي مصرعه و مدفنه و كأني أنظر الي السبايا علي أقتاب المطايا و قد أهدي رأس ولدي الحسين الي يزيد لعنه الله فوالله ما ينظر أحد الي رأس الحسين عليه السلام و يفرح الا خالف الله بين قلبه و لسانه و عذبه عذابا أليما، ثم رجع النبي صلي الله عليه و آله و سلم من سفره مغموما مهموما كئيبا حزينا فصعد المنبر و أصعد معه الحسن و الحسين و خطب و وعظ الناس فلما فرغ


من خطبه وضع يده اليمني علي رأس الحسن و يده اليسري علي رأس الحسين عليه السلام و قال اللهم ان محمدا عبدك و رسولك و هذان أطائب عترتي و أرومتي و أفضل ذريتي و من أخلفها في أمتي و قد أخبرني جبرائيل أن ولدي هذا مقتول بالسم و الآخر شهيد مضرج بالدم اللهم فبارك له في قتله واجعله من سادات الشهداء اللهم و لا تبارك في قتاله و خاذله و أصله حر نارك وا حشره في أسفل درك الجحي م، قال فضج الناس بالبكاء و العويل، فقال لهم النبي أيها الناس: أتبكونه و لا تنصرونه اللهم فكن أنت له وليا و ناصرا. ثم قال يا قوم: اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي و أرومتي و مزاج مائي و ثمره فؤادي و مهجتي لن يفترقا حتي يردا علي الحوض ألا و اني لا أسألكم في ذلك الا ما أمرني ربي أن أسألكم عن الموده في القربي و احذروا أن تلقوني غدا علي الحوض و قد آذيتم عترتي و قتلتم أهل بيتي و ظلمتموهم ألا انه سترد علي يوم القيامه ثلاث رايات من هذه الأمه الأولي رايه سوداء مظلمه قد فزعت منها الملائكه فتقف علي فأقول لهم: أنا أحمد نبي العرب و العجم فيقولون نحن من أمتك فأقول: كيف خالفتموني من بعدي في أهل بيتي و عترتي و كتاب ربي فيقولون أما الكتاب فضيعناه و أما عترتك فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الأرض فلما أسمع ذلك منهم أعرض عنهم وجهي فيصدرون عطاشا مسوده و جوههم ثم ترد علي رايه أخري أشد سوادا من الأولي فأقول لهم: كيف أخلفتموني من بعدي الثقلين كتاب الله و عترتي فيقولون أما الأكبر فخالفناه و أما الأصغر فخذلناه و مزقناه كل ممز، فأقول اليكم عني فيصدرون عطاشا مسوده و جوههم، ثم ترد علي رايه يلمع وجوههم نورا فأقول لهم من أنتم؟ فيقولون نحن أهل كلمه التوحيد و التقوي من أمه محمد المصطفي و نحن بقيه اهل الحق حملنا كتاب الله ربنا و حللنا و حرمنا حرامه و أجبنا ذريه نبيا صلي الله عليه و آله و سلم و نصرناهم من كل ما نصرنا به أنفسنا فأقول لهم: أبشروا فأنا نبيكم محمد و لقد كنتم في الدنيا كما قلتم ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون مرويين مستبشرين، ثم يدخلون الجنه خالدين فيها أبد الآبدين. و عن علي بن الحسين عليه السلام أنه كان يقول و هو في أسر بني أميه أيها الناس: ان كل صمت ليس


فيه فكر فهو غي و كل كلام ليس فيه ذكر فهو هباء ألا و ان الله تعالي أكرم أقواما بآبائهم فحفظ الأباء لقول تعالي: (و كان أبوهما صالحا فأكرمهما) و نحن و اله عتره الرسول صلي الله عليه و آله و سلم فأكرمونا لأجل رسول الله لأن جدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان يقول فوق منبره: (احفظوني في عترتي و أهل بيتي فمن حفظني حفظه الله و من آذاني فعليه لعنه الله و نحن و الله أهل بيت أذهب الله عنا الرجس و الفواحش ما ظهر منها و ما بطن و نحن و الله أهل بيت اختار لنا الآخره و زوي عنا الدنيا و لذاتها و لم يمتعنا بلذاتها) فيا اخواني من أهل العقول كيف ترضون بالدنيا دارا بعد آل الرسول أم كيف تتخذون فيها لأنفسكم قرارا بعد أولاد البتول مع ما فيها من الهموم و الغموم و الابتلاء و الالتواء و قد ورد ذمها في الخبر عن سيد البشر، روي سلمان الفارسب قال: كنت يوما عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فبدأ يذم الدنيا فقال يا سلمان: قال الله تعالي ما خلقت أبعض علي من الدنيا، ثم قال: لو كانت الدنيا و ما فيها تزن عند الله جناح بعوضه ما سقي كافرا نها شربه ماء أبدا، ثم قال لي يا سلمان ألا أريك الدنيا و ما فيها قلت: بلي يا رسول الله قأخذ بيدي و أتي الي مزبل من مزابل المدينه و اذا فيها خرق كثيره و خزف و عظام و عذرات و قذرات كثيره فقال لي يا سلمان: هذه الدنيا و ما فيها و علي هذا يحرص الناس و هذه العذرات ألوان أطعمتهم التي اكتسبوها من الحلال و الحرام، ثم قذفوها من بطونهم و هذه الخرق الباليه كانت زينتهم و لباسهم فأصحبت الرياح تصفقها يمينا و شمالا و هذه العظام عظام أوانيهم التي كانوا يأكلون و يشربون فيها فهذه الدنيا و هذا منتهاها فمن ركن اليها ندم و من تجنب عنها غنم و سلم:



هون الدنيا و ما فيها عليك

واجعل الهم لما بين يديك



ان هذا الدهر يدنيك الي

ملك الموت و يدنيه اليك



فاجعل العده ما عشن له

انه يأتيك احدي ليلتيك



فيا اخواني: لا يفتنكم اقبال الدنيا علي أعداء الرسول بعدما علمتم حالها الي هذا يؤول و عليكم بتقوي الله و لا قوه الا بالله و تفكروا فيما ابتلي الله به هذا القبيل ليس علي سبيل الهوان بل علي سبيل التفضيل فلو بكيتم عليهم بدل


الدموع دما و جعلتم العمر كله مأتما لكان أقل القليل لهذا الخطب الجليل:



و من العجائب بعد قتل المجتبي

بدع و أحداث لنسل الأطهر



نسل النبي المصطفي و حريمه

تسبي كما تسبي بنات ا لأصفر



و يشهرون و يسلبون مدارعا

و مقانعا من بعد سلب المعجر



و يسيرون علي المطايا كالأما

بين الملأ و بكل واد مقفر



روي أن الحسين عليه السلام لما رآي اشتداد الأمر عليه و كثره العساكر عاكفه عليه كل منهم يريد قتله أرسل الي عمر بن عد يستعطفه و يقول: أريد أن ألقاك فأخلو معك ساعه فخرج عمر بن سعد من الخيمه و جلس مع الحسين عليه السلام نلحيهعن الناس فتاجيا طويلا فقال له الحسين عليه السلام: ويحك يا ابن سعد أما تتقي الله الذي اليه معادك أراك تقاتلني و تريد قتلي و أنا ابن من قد علمت ذر هؤلاء القوم واتركهم و كن معي فانه أقرب لك الي الله تعالي، فقال له: يا حسين اني أخاف أن تهدم داري بالكوفه و تنهب أموالي، قال له الحسين عليه السلام: أنا أبني لك خيرا من دارك فقال: أخشي أن تؤخذ ضياعي بالسواد، فقال له الحسين عليه السلام: أنا أعيطك من مالي البغيه و هي عين عظيمه بالحجاز و كان معاويه أعطاه في ثمنها ألف ألف دينار من الذهب فلم يبعه اياها فلم يقبل عمر بن سعد شيئا من ذلك فانصرف عنه الحسين عليه السلام و هو غضبان عليه و هو يقول: ذبحك الله يا بن سعد علي فراشك عاجلا و لا غفر الله لك يوم حشرك و نشرك فوالله اني لأرجو أن لا تأكل من بر العراق الا قليلا، فقال عمر بن سعد مستهزئا: يا حسين ان في الشعير عوضا عن البر، ثم رجع الي عسكره فجاء برير بن خضير الهمداني الزاهد العابد و قال يا بن رسول الله أتأذن لي أن أدخل الي خيمه هذا الفاسق عمر بن سعد فأعظه فلعله يرجع عن غيه فقال الحسين عليه السلام: افعل ما أحببت فأقبل برير حتي دخل علي عمر بن سعد فجلس معه و لم يسلم عليه فغضب ابن سعد و قال له: يا أخا همذان ما الذي منعك من السلام علي ألست مسلما أعرف الله و رسوله؟ فقال له برير: لو كنت مسلما تعرف الله و رسوله ما خرجت الي عتره نبيك محمد صلي الله عليه و آله و سلم تريد قتلهم و سبيهم و بعد فهذا ماء الفرات يلوح بصفائه يتلألأتشربه الكلاب و الخنازير و هذا الحسين عليه السلام ابن فاطمه الزهراء و نسائه


و عياله و أطفاله يموتون عطشا قد حلت بينهم و بين ماء الفرات أن يشربوا منه و تزعم أنك تعرف الله و رسوله قال: فأطرق ابن سعد رأسه الي الأرض ساعه ثم قال و الله يا برير اني لأعلم علما يقينا أن كل من قاتلهم و غصب حقهم مخلد في النار لا محاله و لكن يا برير أتشير علي أن أترك ولايه الري فتصير لغيري و الله ما أجد نفسي تجيبني الي ذلك أبدا، قال فرجع برير الي الحسين عليه السلام و قال له ان عمر بن سعد قد رضي بقتلك بولايه الري، فقال الحسين عليه السلام: لا يأكل من برها الا قليلا و يذبح علي فراشه و كان الأمر كما قال الحسين عليه السلام و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون علي الأطائب من أهل البيت فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان فنظم و قال فيهم: