بازگشت

الباب 1


يا اخواني في الدين: هل يحسن اصاخه سمعي الي لوم اللائمين؟ أو يميل طبعي الي عذل العاذلين في ترك أحزاني و شجوني و بث أشجاني و أنيني؟ و قد فتكت أيدي الكفره الفجره المارقين بمولاي الحسين بن أميرالمؤمنين بل أموت و أحزانه في فؤادي و بها الاقي الله في معادي فأطيلوا رحكمك الله النوح و الأحزان علي سادات الزمان و أمناء الملك الديان و ليكن نوحكم علي شفعائكم يوم النشور أكثر من نوح الحمام و الطيور كيف لا ينهد ركني لمصابهم و لم أتجرع بعض ما تجروعوه من غصصهم و أوصابهم؟ أأطمع ان أشاركهم في الفضل و الأنعام و لا أشاركهم في تلك الأهوال العظام؟:



أذل لمن أهوي لأحظي بعزه

و كم عزه قد نالها المرء بالذل



اذا كان من تهوي عزيزا و لم تكن

ذليلا له فأقر السلام علي الوصل



و لعمري كم من باك علي ربع خراب و كم من هائم علي سكن التراب و هو غافل عن هذا الرزء العظيم و المصاب الجسيم، فلا خير و الله في قلوب لا تميل اليهم و دموع لا تسح عليهم، و ما لي أبكيهم حتي تنقطع أوصالي؟ كيف و هم مرجعي و بهم اتصالي:



آل الرسول الألي لا زال حبهم

للقلب من كل داء للمحب شفا






و من خذلهم فلا تشفي بشافيه

قلوبهم و لهم فوق الجحيم شفا



ضاعت حقوقهم حتي طريقتهم

قد ضل عنها عقول سيرهم عنفا



روي عن الامام العسكري في تفسير قوله تعالي: (و اذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم و لا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم و أنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم و تخرجون فريقا من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم و العدوان) (الآيه).

قال: قال لي أبي عن آبائه عن رسول الله لما نزلت هذه الآيه في ذم اليهود الذين نقضوا عهد الله و حادوا عن أمر الله و كذبوا رسول الله و قتلوا أنبياء الله؛ فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم يا أصحابي أفلا أنبئكم بما يضاهيكم من يهود أمتي؟ فقالوا بلي يا رسول الله صلي الله عليك و علي آلك فقال: قوم من بني أميه يزعمون أنهم من أمتي و يظنون أنهم من أهل ملتي يقتلون أفاضل ذريتي و أطائب أرومتي و ذريه ابتني و يبذلون شريعتي و يتركون سنتي و يقتلون ولدي الحسن و الحسين كما قتل أسلاف هؤلاء اليهود زكريا و يحيي عليهما السلام ألا و أن الله يلعنهم كما لعنهم من قبل و يبعث الله علي بقايا ذراريهم يوم القيامه يوم القيامه اماما هاديا مهديا من ولد الحسين فيقتلهم عن آخرهم و يأخذ بثأر جده الحسين و لهم يوم القيامه أشد العذاب و بئس المصير، ألا لعن الله قتله الحسين و محبيهم و ناصريهم و الشاكين في لعنهم من غير تقيه ألا و صلي الله علي الباكين علي الحسين و المقيمين عزاءه ألا و صلي الله علي من بكي علي الحسين رحمه و شفقه ورقه له، ألا و صلي علي الاعنين لأعدائهم و الممتلين عليهم غضيا و حنقا، ألا و ان الراضين بقتل الحسين هم شركاء قتلته، ألا و ان قتلته و أعوانهم و أشياعهم المتقدمين و المتأخرين براءه من دين الله و عليهم لعنه الله و الملائكه و الناس أجمعين، ألا و ان الله يأمر ملائكته المقربين أن يقتلوا دموع الباكين علي مصاب الحسين عليه السلام فيجمعون دموعهم و ينقلونها الي خزنه الجنان فيمزجونها بماء الحيوان فيزيد في عذبها و طيبها و طعمها ألف ضعفها و ان الملائكه المقربين ليتلقون دموع الفرحين الضاحكين لقتل الحسين و مصاب الحسين فيلقونها في الهاويه فيمزجونها بحميم و صديدها و غساقها و غسيلها فتزيد في شده حرارتها و عظيم عذابها ألف ضعفها يشدد الله علي المنقولين اليها من أعداء آل


محمد في عذابهم يوم القيامه، قال: فقام ثوبان مولي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال: بأبي و أمي يا رسول الله متي قيام الساعه؟ فقال رسول الله: ماذا أعددت لها؟ فقال ثوبان: ما أعددت لها كثير عمل الا أني أحب الله و رسوله و أهل بيت رسوله، فقال رسول الله: و الي ماذا بلغ حبك لرسول الله و أهل بيته؟ قال: والذي بعثك بالحق نبيا ان في قلبي محبتكم ما لو أني قطعت بالسيوف و نشرت بالمناشير و قرضت بالمقارض و أحرقت بالنيران و طحنت برحي الحجاره كان أحب الي و أسهل علي من أن أجد لك في قلبي منك غشا أو دغلا أو بغضا و لا لأحد من أهل بيتك و من عترتك فهم أحب الخلق الي من بعدك و ان أبغض الناس الي من لا يحبك أهل بيتك و عترتك يا رسول الله فهذا ما عندي من حبك و حب من يحبك و بعض من بيغضك أو يبغض أحدا من أهل بيتك فان قبل مني فقد سعدت و ان ترد مني عملا غيره فما أعلم أن لي عملا غير هذا أعتمد عليه و أعتد به يوم القيامه مع من أحب، و اعلم يا ثوبان لو أن عليك من الذنوب ملأ ما بين الثري الي عنان السماء لا نحسرت و زالت عنك بهذه الموالاه أسرع من الانحسار الظل عن الصخره المساء المستويه اذا طلعت عليها الشمس و من انحسار الشمس اذا غابت عنها و لعمري لا عمل فيها أفضل من موالات الآل لدفع تلك الأهوال و الأمور العضال:



يا آل طه أنتم القصد و المني

و في يديكم يوم اللقا النفع و الضر



رجوتكم ذخري و فخري وعدتي

و ما خاب من أنتم له الفخر و الذخر



اذا كل من عاداكموا بجهنم

و شيعتكم و المؤمنون بكم سروا



وادخلتموهم للجنان فهم بها

وجوههم بيض ملابسهم خضر



عليكم سلام الله ما ناح صادح

علي عذبات الدوح و ابتسم الزهر



روي أن الرشيد لما أراد أن يقتل الامام موسي بن جعفر عليه السلام اعرض قتله علي سائر جنده و فرسانه فلم أحد منهم، فأرسل الي عماله في بلاد الأفرنج يقول لهم: التمسوا الي قوما لا يعرفون الله و لا يعرفون رسول الله فاني أريد أن أستعين بهم علي مهم قال: فأرسلوا اليه قوما يعرفون من شرائط الاسلام كلمه واحده و لا يعرفون من اللغه العربيه كلمه واحده أبدا، و كانوا خمسين رجلا فلما


دخلوا اليه أكرمهم و أعزهم و أنزلهم في دار الكرامه و حمل لهم الهدايا و التحف و الخلع السنيه؛ ثم استدعاهم و سألهم من ربكم؟ و من نبيكم؟ فقالوا: لا نعرف لنا ربا و لا نبيا أبدا، فقال لهم: هذا مرادي و هذا قصدي، فقال لوزيره: قل لهم ان الملك له عدو في هذا البيت جالس - يعني موسي بن الجعفر عليه السلام - فادخلوا اليه و اقتلوه و لكم الجائزه العظمي، قال: فقاموا جميعا بأسلحتهم كأنهم السباع الضاريه و دخلوا علي الامام موسي بن جعفر عليه السلام و الرشيد ينظر اليهم من طاقه حجرته و يبصر ما يفعلون؛ قال: فلما رأوه رموا أسلحتهم و ارتعدت فرائضهم و خروا سجدا و يبكون رحمه له؛ قال: فجعل الامام عليه السلام يمر يده الشريفه علي رؤوسهم و هم يبكون و مع ذلك منهم خشي من الفضيحه و و صاح بالوزير أخرجهم عنه فخرجوا و هم يمشون القهقري اجلالا للامام عليه السلام ثم أنهم ركبوا خيولهم و أخذوا الهدايا و التحف التي وصلتهم منه و مضوا لشأنهم من غير اذن الرشيد فانظروا يا اخواني الي هذه العداوه العظيمه و لشقاوه المعضله الجسيمه يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم و يأبي الله أن يتم نوره و لو كره الكافرون:



قوم علا بنيانهم من هاشم

فرع أشم دوسؤدد ما ينقل



قوم بهم نصر الاله رسوله

و عليهم نزل الكتاب المنزل



و بهديهم رضي الاله لخلقه

و بجدهم نصر النبي المرسل



روي أن رجلا من الخوارج قال لمحمد بن الحنيفه: لم غرر بك أبوك في الحروب و لم يغرر الحسن و الحسين؟ فقال له يا ويلك أما علمت أنهما عيناه و أنا يمينه عن عينيه. و عن ابن عباس قال: لما كنا في حرب صفين ما اذ دعا علي ابنه محمد بن الحنيفه و قال له: يا بني شد علي عسكر معاويه ففعل ما أمره أبوه و حمل علي ميمنه عسكر معاويه فكشفهم ثم رجع الي أبيه و قد جرح فقال له: يا ابي العطش فسقته جرعه من الماء ثم صب الباقي بين درعه وجلده فوالله لقد رأيت علق الدم يخرج من الدرع ثم أمهله ساعه ثم قال له: يا بني شد علي الميسره فحمل علي ميسره عسكر معاويه فكشفهم ثم رجع و به جراحات و هو يقول: الماء الماء يا أبتاه فسقاه جرعه من الماء و صب باقي الماء


بين درعه و جلده، ثم قال له: يا بني شد علي القلب فحمل عليهم فكشفهم و قتل منهم فرسانا ثم رجع الي أبيه و هو يبكي و قد أثقلته الجروح فقام اليه أبوه و قبل ما بين عينيه و قال له: فداك أبوك فقد سررتني و الله يا بني بجهادك هذا بين يدي فما يبكيك أفرح أم جزع؟ فقال يا أبتي كيف لا أبكي؟ و قد عرضتني للموت ثلاث مرات فلسمي الله و ها أنا مجروح كما تري و كلما رجعت اليك لتمهلني عن الحرب ساعه فما تمهلني و هذان أخواي الحسن و الحسين ما تأمر هما بشي ء من الحرب فقام اليه أميرالمؤمنين و قبل وجهه و قال له: يا بني أنت ابني و هذان ابنا رسول الله أفلا أصونهما من القتل؟ فقال بلي أبتاه جعلني الله فداك و فداهما من كل سوء:



فليت شعري هل توازي مصيبه

مصيبتكم يا آل بيت محمد



رزيتم رزايا لا يطيق بحملها

سماء و لا أرض و لا كل جامد



روي: أن الحسن الزكي لما دنت وفاته و نفذت أيامه و جري السم في بدنه و أعضائه و تغير لون وجهه و مال بدنه الي الزرقه و الخضره، قال له أخوه الحسين عليه السلام: ما لي أري لون وجهك مائلا الي الخضره؟ فبكي الحسن عليه السلام و قال له: يا أخي لقد صح حديث جدي في و فيك، ثم مد يده الي أخيه الحسين و اعتنقه طويلا و بكيا كثيرا فقال الحسين عليه السلام: يا أخي ما حدثك جدك و ماذا سمعت منه؟ فقال: أخبرني جدي رسول الله أنه قال: لما مررت ليله المعراج بروضات الجنان و منازل أهل الايمان فرأيت قصرين عاليين متجاورين علي صفه واحده لكن أحدهما من الزبرجد الأخضر و الآخر من الياقوت الأحمر فاستحسنتهما و شاقني حسنهما فقلت يا أخي جبرائيل لمن هذين القصرين؟ فقال: أحدهما لولدك الحسن و الآخر لولدك الحسين؛ فقلت يا جبرائيل فلم لا يكونا علي لون واحد؟ فسكت و لم يرد علي جوابا؛ فقلت: يا أخي لم لا تتكلم؟ فقال حياء منك يا محمد، فقلت له: تالله عليك الا ما أخبرتني، فقال: أما خضره قصر الحسن فانه يسم و يخضر لونه عد موته، و أما حمره قصر الحسين فانه يقتل و يذبح و يخضب و جهه و شيبته و بدنه من دمائه؛ فعند ذلك بكيا وضبج الناس بالبكاء و النحيب علي فقد حبيبي الحبيب. و حكي عن السدي: قال ضافني


رجل في ليله كنت أحب الجليس فرحبت به قربته و أكرمته و جلسنا نتسامر و اذا به ينطلق بالكلام كالسيل اذا قصد الحضيض فطرقت له فانتهي في سمره طف كربلاء و كان قريب العهد من قتل الحسين عليه السلام فتأوهت الصعداء و تزفرت كمدا فقال ما بالك؟ قلت: ذكرت مصابا يهون عنده كل مصاب، قال: أما كنت حاضرا يوم الطف؟ قلت: لا، و الحمدلله، قال أراك تحمد علي أي شي ء؟ قلت: علي الخلاص من دم الحسين لأن جده صلي الله عليه و آله و سلم قال: من طولب بدم ولدي الحسين يوم القيامه لخفيف الميزان، قال: قال هكذا جده؟ قلت: نعم و قال صلي الله عليه و آله و سلم ولدي الحسين يقتل ظلما و عدوانا ألا و من قتله يدخل في تابوت من نار و يعذبنصف عذاب أهل النار و قد غلت يداه و رجلاه و له رائحه يتعوذ أهل النار منها هو و من شايع و بايع أو رضي بذلك (كلما نضجت جلودهم بدلوا بجلود غيرها ليذوقوا العذاب) لا يفتر عنهم ساعه و يسقون من حميم جهنم، فالويل لهم من عذاب جهنم، قال: لا تصدق هذا الكلام يا أخي، فقلت: كيف هذا؟ و قد قال صلي الله عليه و آله و سلم: لا كذبت و لا كذبت، قال: تري قالوا: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره ها أنا و حقك قد تجاوزت التسعين مع انك لا تعرفني قلت: لا و الله قال: أنا الأخنس بن زيد، قلت: و ما صنعت يوم الطف؟ قال: أنا الذي أمرت علي الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطء جسم الحسين بسنابك الخليل و هشمت أضرعه و جررت نطفا من تحت علي بن الحسين و ه عليل حتي كببته علي وجهه و خرمت أذني صفيه بنت الحسين لقرطين كانا في اذنيها، قال السدي: فبكي قلبي هجوعا و عيناي دموعا و خرجت أعالج علي اهلاكه و اذا بالسراج قد ضغفت فقمت أظهرها فقال: اجلس و هو يحكي لي متعجبا من نفسه و سلامته و مد اصبعه ليظهرها فاشتعلت به ففركها في التراب فلم تنطفي ء فصاح بي أدركني يا أخي فكببت الشربه عليها و أنا غير محب لذلك فلما شمت النار رائحه الماء ازدادت قوه و صاح بي ما هذه النار و ما يطفئها؟ قلت: الق نفسك في النهر فرمي بنفسه فكلما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه كالخشبه الباليه في الريح البارح، هذا و أنا أنظره فوالله الذي لا اله الا هو لم تطف حتي صار فحما و سار علي وجه الماء ألا لعنه الله علي الظالمين


(و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) فعلي الأطائب من أهل بيت الرسول فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون؛ أو لا تكونون كبعض ماديحهم حيث عرته الأحزان فنظم و قال فيهم: