بازگشت

الباب 3


يا اخواني: تفكروا في أنوار الله في أرضه و سمائه و أصفياء الله و حججه و خلفائه كيف تقطع منهم الأوصال و يجدلون علي الرمال و يتجرعون الحتوف بأراضي الطفوف؟ و لعمري هذا دأب الصالحين و أولياء الله المقربين، فان الله يذود أولياء ه عن لذات الدنيا كما يذود لراعي الشفيق ابله عن مراتع الهلكه، و تأكيد ذلك ما روي أن موسي عليه السلام: لما توجه الي مناجاه ربه اعترضه رجل من عباده الصالحين فقال له: يا موسي ابلغ ربك أني أحبه و أنا مطيع له؛ فلما فرغ موسي من المناجاه نودي يا موسي ألا تبلغني رساله عبدي؟ فقال يا الهي أنت العالم بما قال عبدك، فقال ذو الجلال: يا موسي أنا أيضا أحبه، فازداد ذلك الرجل في مكانه فاذا هو بالأسد قد رجع موسي من مناجاه ربه جعل يتفقد ذلك الرجل في مكانه فاذا هو بالأسد قد افترسه فتعجب موسي عليه السلام و حزن عليه و قال: يا الهي رجل صالح تحبه و يحبك تسلط عليه كلبا من كلابك يفترسه فأتاه النداء نعم يا موسي و هكذا أفعل بأحبابي و أوليائي ابتليهم في دار الهوان و اسكنهم عندي في غرفات الجنان. و روي أيضا أن رجلا جاء الي رسول الله فوقف بين


يديه فقال يا رسول الله: اني أحب الله عزوجل، فقال: استعد للبلاء. فقال يا رسول الله: و اني أحبك. فقال له: استعد للفقر، فقال: و اني أحب علي بن أبي طالب، فقال: استعد لكثره الأعداء. و لما كان الامام الحسين حبيب الملك الديان و ولي الواحد المنان و حجه الله علي العباد لا جرم ابتلاه الله بأهل العناد و الفساد، و هل اصالته تلك السهام و المحن العظام، الا من القوس الذي و تر علي أبيه و أمه و أخيه، (و لا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) فتعسا لمن أردي تلك العصابه الكرام و سحقا لمن نكس أعلام أولئك الأعلام؛ أما خافوا من أهوال يوم القيامه؟ أما راقبوا جدهم صاحب الغامه؟ أما راجعوا عقولهم فعلموا في المحشر كيف يكون؟ و بماذا يتعللون اذا بكت الزهراء علي ما حل بولدها الذي هو قطعه من كبدها؟ (هنالك تبلوا كل نفس ما أسلفت و ردوا الي الله مولاهم الحق و ضل عنهم ما كانوا يفترون) روي أن النبي خرج من المدينه غازيا و أخذ معه عليا و بقي الحسن و الحسين عليهما السلام عند أمهما لأنهما صغيران فخرج الحسين عليه السلام ذات يوم من دار أمه يمشي في شوارع المدينه و كان عمره يومئذ ثلاث سنين فوقع بين نخيل و بساتين حول المدينه فجعل يسير في جوانبها و يتفرج في مضاربها فمر عليه يهودي يقال له صالح بن رقعه اليهودي فأخذه الي بيته و أخفاه عن أمه حتي لبغ النهار الي وقت العصر و الحسين لم يتبين له أثر فقاد قلب فاطمه بالهم و الحزن علي ولدها الحسين عليه السلام فصارت تخرج من دارها الي باب مسجد النبي صلي الله عليه و آله و سلم سبعين مره فلم تر أحدا تبعثه في طلب الحسين عليه السلام ثم أقبلت الي ولدها الحسن عليه السلام و قالت له: يا مهجه قلبي و قره عيني قم فاطلب أخاك الحسين فان قلبي يحترق من فراقه فقام الحسين و خرج من المدينه و أتي الي دور حولها نخل كثير و جعل ينادي يا حسين بن علي يا قره عين النبي أين أنت يا أخي؟ قال فبينما الحسن ينادي اذ بدا له غزاله في تلك الساعه فألهم الله الحسن أن يسأل الغزاله فقال: يا ظيبه هل رأيت أخي حسينا؟ فأنطق الله الغزاله ببركات رسول الله، و قالت: يا حسن يا نور عين المصطفي و سرور قلب المرتضي و يا نهجه فؤاد الزهراء اعلم أن أخاك صالح اليهودي و أخفاه في بيته، فسار الحسن حتي


أتي دار اليهودي فناداه فخرج صالح فقال له الحسن: الي الحسين من دارك و سلمه الي و الا أقول لأمي تدعو عليك في أوقات السحر و تسأال ربها حتي لا يبقي علي وجه الأرض يهودي ثم أقول لأبي يضرب بحسامه لجمعكم حتي يلحقكم بدار البوار؛ و أقول لجدي يسأل الله سبحانه أن لا يدع يهوديا الا و قد فارق روحه، فتحير صالح اليهودي من كلام الحسن، و قال له: يا صبي من أمك؟ فقال: أمي الزهراء بنت محمد المصطفي قلاده الصفوه و دره صدف العصمه و عزه جمال العالم و الحكمه و هي نقطه دائره المناقب و المفاخر و لعمه من أنوار المحاد و المآثر، خمره طينه وجودها من تفاحه من تفاح الجنه و كتب الله في صحيفتها عتق عصاه الأمه، و هي أم الساده النجباء و سيده النساء البتول العذاراء فاطمه الزهراء عليها السلام فقال اليهودي: أما أمك فعرفتها، فمن أبوك؟ فقال الحسن عليه السلام: ان أبي أسد الله الغالب علي بن أبي طالب الضارب بالسيفين و الطاعن بالرمحين و المصلي مع النبي في القبلتين و المفدي نفسه لسيد الثقلين أبو االحسن و الحسين، فقال صالح: يا صبي قد عرفت أباك فمن جدك؟ فقال: جدي من صف الجليل، و ثمره من شجره ابراهيم الخليل، الكوكب الدري و النور المضي ء من مصباح التبجيل المعلقه في عرش الجليل سيد الكونين و رسول الثقلين و نظام الدارين و فخر العالمين و مقتدي الحرمين و امام المشرقين و المغربين و جد السبطين أنا الحسن و أخي الحسين، قال: فلما فرغ الحسن من تعداد مناقبه انجلي صداه الكفر عن قلب صالح و هملت عيناه بالدموع و جعل ينظر كالمتحير متعجبا من حسن منطقه و صغر سنه وجوده فهمه ثم قال: يا ثمره فؤاد المصطفي و يا نور عين المرتضي و يا سرور صدر الزهراء يا حسن أخبرني من قبل أن أسلم اليك أخاك عن أحكام دين الاسلام حتي أذعن لك و أنقاد الي الاسلام، ثم ان الحسن عرض عليه أحكام الاسلامو عرفه الحلال و الحرام فأسلم صالح و أحسن الاسلام علي يد الامام و سلمه أخاه الحسين ثم نثر علي رأسيهما طبقا من الذهب و الفضه و تصدق به علي الفقراء و المساكين ببركه الحسن و الحسين عليهما السلام، ثم ان الحسن أخذ بيد أخيه الحسين و أتيا الي أمهما، فلما رأتهما اطمأن قلبها و زاد سروئرها بولديها، قال: فلما كان اليوم الثاني أقبل


صالح و معه سبعون رجلا من رهطه و أقاربه و قد دخلوا جميعهم في الاسلام علي يد الامام ابن الامام أخي الامام عليهم أفضل الصلاه و السلام، ثم تقدم صالح الي الباب باب الزهراء رافعا صوته بالثناء للساده الأمناء و جعل يمرغ و جهه و شيبته علي عتبه دار فاطمه و هو يقول: يا بنت محمد المصطفي عملت سوءا بابنك و آذيت ولدك و أنا علي فعلي نادم فاصفحي عن ذنبي فارسلت اليه فاطمه تقول: يا صالح أما أنا علي فقد غفرت عنك من حقي و نصيبي و صفحت عما سوءتني به لكنهما ابناي و ابنا علي المرتضي فاعتذر اليه مما آذيت ابنه، ثم ان صالحا انتظر عليا، حتي أتي من سفره و عرض عليه حاله و اعترف عنده بما

جري له و بكي بين يديه و اعتذر مما أساء اليه فقال له: يا صالح أما أنا فقد رضيت عنك و صفحت عن ذنبك لكن هؤلاء ابناي و ريحانتا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فامض اليه و اعتذر مما أسأت بولده، قال: فأتي صالح الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم باكيا حزينا و قال يا سيد المرسلين أنت قد أرسلت رحمه للعالمين و اني قد أسأت و أخطأت و اني قد سرقت ولدك الحسين و أدخلته داري و أخفيته عن أخيه و أمه و قد سوءتهما في ذلك و أنا الآن قد فارقت الكفر و دخلت في دين الاسلام فقال له النبي صلي الله عليه و آله و سلم: أما أنا فقد رضيت عنك و صفحت عن جرمك لكن يجب عليك أن تعتذر الي الله و تستغفره مما أسأت به قره عين الرسول و مهجه فؤاد البتول حتي يعفو الله عنك سبحانه، قال فلم يزل صالح يستغفر ربه و يتوسل اليه و يتضرع بين يديه في أسحار الليل و أوقات الصلوات حتي نزل جبرائيل الي النبي بأحسن التبجيل و هو يقول: يا محمد قد صفح الله عن جرم صالح حيث دخل في الدين الاسلام علي يد الامام ابن الامام عليهم أفضل الصلوات و السلام:



فقل لحساده موتوا بغيضكم

فانه بعطاء الله ممنوح



و حرفوا ما استطعتم من امامته

فشأنه بلسان الحق ممدوح



بيوتكم بفون الهو مفعمه

و بيته فيه تقديس و تسبيح



فانكم جسد ميت بكثرتكم

و فضله بين أبدان الوري روح



عن أبي ذر الغفاري قال: كان سيدي علي بن أبي طالب يحدثنا في بعض الأوقات بالمغيبات فبينما نحن جلوس معه في جامع الكوفه اذ دخل اليه رجل


و سلم عليه و قال له: يا أمير المؤمنين اني مررت بوادي القري فرأيت خالد ب عرفطه مقتولا مطروحا في البر؛ فقال له علي عليه السلام: كذبت أن خالد لم يمت حتي يقود جيش الضلال ابن زياد و يكون حامل لوائه حبيب بن جماز لعنه الله تعالي فقام حبيب بن جماز من بينهم و قال يا أميرالمؤمنين أراك تقول هكذا و اني لك شيعه و أنا موال لك و اني لك محب؟ فقال له: من أنت؟ فقال: أنا حبيب بن جماز، فقال له: اياك اياك أن تحملها يا شقي ولكن لا بد أن تحملها وتدخل بها من هذا الباب، الفيل بمسجد الكوفه و تقاتل ولدي الحسين بعد وفاتي، فلما كان من أمر الحسين ما كان وحان من حينه ما حان بعث ابن زياد بعمرابن سعد الي حرب الحسين عليه السلام وجعل خالد بن عرفطه علي مقدمته بأربعه آلاف فارس و حبيب بن جماز حامل رايته فسار بها حتي دخل مسجدالكوفه من باب الفيل كما أخبر أميرالمؤمنين عليه السلام. ومن اخباره بالمغيبات: أنه عليه السلام التفت الي البراء بن عازب، وقال له: يا بن عازب يقتل ولدي الحسين وأنت حي حاضر ولم تنصره وتزعم أنك محب لنا، فلما قتل الحسين كان البراء بن عازب يظهر الحسره والندم ويقول، حدثني سيدي علي بن أبي طالب أنه يقتل ولده الحسين ولم انصره. وظل يكثر الحسره والندم مده عمره. فانظروايا أخواني الي ما خص الله به هذا الشخص الرباني من الفضائل العظمه والعطايا الجسيمه، فعلي الأطائب من أهل بيت الرسول فليبك الباكون واياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أولا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان و تتابعت عليه الأشجان فنظم و قال فهيم: