بازگشت

الباب 2


اعلموا أيها المؤمنون: ان أفضل ساداتكم لا يحصي و لو اجتمع له العالون و ماذا جهد المادحين في مدح من ورد في مدحهم القرآن المبين و لعمري ان فضيله من فضائلهم عبره للمعتبرين و تبصره للمتبصرين الا من أغواه الشيطان فأصم سمعه و عميت منه العينان، فتبا لمن أعمتهم أطماعهم الدنيه، و أهواؤهم المرديه الرديه، فجعلوا يركضون علي مطايا الأطماع و يتحملون من الأثقال ما لا يستطاع، فتسا لهم ما حملهم علي غصب البتول و قتل ذريه الرسول، أليس هي الا أيام قلائل؟ حتي يردوا علي الهول الهائل (نار وقودها الناس و الحجاره عليها ملائكه غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون). فيا اخواني: كيف لا تتمايل أعطافي و تظهر نشوتي؟ و قد شربت بالكأس المترع من رحيق محبتي لمواليي و ساداتي:



حديث فان ربي العقيق و يثمد

يحلي بطيب حديثها قلبي الصد



ايه بعيشك كيف الحمي

قد طال عهدي بالديار فجدد



بالله قص علي من أنبائهم

فاذا ثملت بها و ملت فردد



فيا أخواني: اذا ذكرت ما أصابهم من الآلام في تلك الأوقات و الأيام اعتراني الهم و الحزن حتي أكاد أن تسلب روحي من البدن فأشتهي من أبث حزني اليه ليساعدني ما أنا عليه. روي أنه لما قدم آل الله و آل رسوله علي يزيد في الشام أفرد لهم دارا و كانوا مشغولين باقامه العزاء و انه كان لمولانا الحسين عليه السلام بنتا عمها ثلاث سنوات و من يوم استشهد الحسين ما بقيت تراه فعظم ذلك عليها و استوحشت لأبيها و كانت كلما طلبت يقولون لها غدا يأتي و معه ما تطلبين، الي أن كانت ليله من الليالي رأت أباها بنومها فلما انتبهت صاحت و بكت و انزعجت فهجعوها و قالوا لما هذا البكاء و العويل؟ فقالت آتوني بوالدي و قره عيني و كلما هجعوها ازدادت حزنا و بكاءا فعظم ذلك علي أهل البيت فضجوا بالبكاء و جددوا الأحزان و لطموا الخدود و حثوا علي رؤوسهم التراب و نشروا الشعور و قام الصياح فسمع يزيد صيحتهم و بكاءهم فقال ما الخبر؟ قالوا: ان بنت الحسين الصغيره رأت أباها بنومها فانتبهت و هي تطلبه و تبكي


و تصيح، فلما سمع يزيد ذلك قال: ارفعوا رأس أبيها و حطوه بين يديها لتنظر اليه و تتسلي به فجاءوا بالرأس الشريف اليها مغطي بمنديل ديبقي فوضع بين يديها و كشف الغظاء عنه، فقالت ما هذا الرأس؟ قالوا لها رأس أبيك، فرفعته من الطشت حاضنه له و هي تقول: يا أباه من ذا الذي خضبك بدمائك؟ يا أبتاه من ذا الذي قطع وريدك؟ يا أبتاه ن ذا الذي أيتمني علي ضغر سني؟ يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟ يا أبتاه من لليتيمه حتي تكبر؟ يا أبتاه من للنساء الحاسرات؟ يا أبتاه من للأرامل المسيبات؟ يا أبتاه من للعيون الباكيات؟ يا أبتاه من للضائعات الغريبات؟ يا أبتاه من للشعور المنشرات؟ يا أبتاه من بعدك و اخيبتنا؟ يا أبتاه من بعدك و اغربتنا يا أبتاه ليتني كنت الفدي، يا أبتاه ليتني كنت قبل هذا اليوم عميا، يا أبتاه ليتني وسدت الثري و لا أري شيبك مخضبا بالدماء، ثم انها وضعت فمها علي فمه الشريف و بكت بكاءا شديدا حتي غشي عليها، فلما حركوها فاذا بها قد فارقت روحها الدنيا، فلما رأوا أهل البيت ما جري عليها أعلنوا بالبكاء و استجدوا العزاء و كل من حضر من أهل دمشق؛ فلم ير في ذلك اليوم الا باك و باكيه، فقامت زينب بنت أميرالمؤمنين و قالت: أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض فأصبحنا نساق كأنا أسراء الزنج و الجش، ان بنا علي الله كرامه و بك عليه هوانا، و ان ذلك لعظم خطرك عند الله، شمخت بأنفك و نظرت في عطفك، جذلان مسرورا حين رأيت الدنيا بك مستوسقه؛ و الأمور متسقه، و حين صفا لك ملكنا و سلطاننا، مهلا مهلا، أنسيت قول الله تعالي: (و لا تحبسن الذين كفروا انما نملي لهم خيرا لأنفسهم. انما نملي لهم ليزدادوا اثما و لهم عذاب أليم) أمن العدل يا ابن اللطقاء تخديرك حرائرك و اماءك و سوقك بنات رسول الله سبايا هتكت ستورهن و أبديت و جوهن يحدوا بهن الأعداء من بلد الي بلد، و يستشرفهن أهل المناهل و المناقل؛ و يتصفح وجوههن الفريب و البعيد و الدني و الشريف، ليس معهن من رجالهن ولي، و لا من حماتهن حمي، كيف تستبطي ظلمنا أهل البيت ثم تقول غير مستأنف و لا مستعظم:



لأهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا يا يزيد لا تشل




منحنيا علي ثنايا أبي عبدالله الحسين ريحانه رسول الله سيد شباب أهل الجنه تنكثها بمخصرتك، و كيف لا تقول ذلك أو قد نكأت القرحه و أنصلت الشأفه، باراقتك دماء ذريه محمد صلي الله عليه و آله و سلم نجوم الأرض من آل عبدالمطلب و تهتف بأشياخك، زعمت تناديهم لتردن و شيكا موردهم و لتودن أنك شللت قبل فعلتك هذه و بكمت و لم تكن قلت ما قلت. ثم قالت: اللهم خذ بحقنا و انتقم ممن ظلمنا و احلل غضبك بمن سفك دماء ذريته و انتهاك حرمه في عترته حيث يجمع شملهم و يلم شعقهم و يؤخذ بحقهم (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموانا بل أحياء عند ربهم يرزقون) و حسبك الله حاكما و محمد خصيما و جبرائيل ظهيرا؛ فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنفط من دمائنا و الأفواه تتحلب من لحومنا و تلك الجثث الطواهر الزواكي تتناهبها العوائل و تعفرها أمهات الفواعل، و ان اتخذتنا مغنما لتجدنا و شيكا مغرما حين لا تجد الا ما قدمت يداك و الله ليس بظلام للعبيد، فالي الله المشتكي و عليه المعول؛ فكد كيدك واسع سعيك و ناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا و لا تمت و حينا و لا تدرك أمدنا و لا تدخص عنك عارها، و هل رأيك الا فند و أيامك الا عدد و جمعك الا بدد يوم ينادي المنادي الا لعنه الله علي القوم الظالمين قال: فنظر رجل من الشام الي يزيد لعنه الله و قال يا أمير هب لي هذه الجاريه، فقالت فاطمه لعمتها زينب: يا عمتاه قتلت رجالنا ليت الموت أعدمني الحياه و لا كنت أسبي بين الأعداء فقالت زينب: لا حبا و لا كرامه لهذا الفاسق، فقال الشامي من هذه الجاريه؟ قال يزيد لعنه الله: هذه فاطمه الصغري بنت الحسين و تلك زينب بنت أمير المؤمنين، فقال الشامي لعنك الله يا يزيد: تقتل عتره نبيك و تسبي ذريته فقال يزيد: لأ لحقنك بهم. فيا اخواني: رحم الله قوما باعوا أنفسهم بالأخره و تركوا العيش الأهني، و النعيم الأسني؛ فنالوا السعاده الأبديه والدوله السرمديه فقطعوا القلوب واشتروا النعيم الدائم بقيل من المحن و الكروب:



و فاطمه الصغري تقول لأختها

سكينه خوف البسي و هو مكيد



و زينب ما بين السماء و قلبها

قريح و بالأحزان فهو كميد



تقول و للأحزان في القلبي مبدع

و مبدي لاسرار الهموم مقيد






أخي يا ابن أمي يا شقيقي و سيد

و من لي دون الأنام عميد



عليك جفوني الذاريات ذوارف

و أما دموعي المرسلات نجود



أخي ثل عرش الدين وانهد ركنه

و عطل منه اذ أصبت حدود



يا وليهم كأنهم لم يسمعوا ما أنزل في حقهم و لم يعتبروا ما قاله النبي في نعمتهم بل و الله قد عرفوا و انكروهم و أساءوا اليهم بعدما أخبروهم. روي عن ابن عباس في تفسير قوله تعالي: (فما بكت عليهم السماء و الأرض و ما كانوا منتظرين) انه اذا قبض الله اليه الأوصياء نبيا من الأنبياء بكت عليه السماء و الأرض أربعين سنه و اذا مات امام من أئمه الأوصياء تبكي عليه السماء و الأرض أربعين شهرا و اذا مات العالم العامل بعلمه بكيا عليه أربعين يوما؛ و أما الحسين عليه السلام فتبكي عليه السماء طول الدهر، و تصديق ذلك أن يوم قتله قطرت السماء دما و ان هذه الحمره التي تري في السماء ظهرت يوم قتل الحسين و لم تر قبله أبدا، و ان يوم قتله لم يرفع حجر في الدنيا الا وجد تحته دم. حكي في بعض الأخبار أن الحسين لما سقط عن سرجه يوم الطف عفيرا بدمه رامقا بطرفه يستغيث فلا يغاث و يستجير فلا يجار بكت ملائكه السماء و قالوا: الهنا و سيدنا يفعل هذا كله بابن بنت نبيك و أنت بالمرصاد تنظر و تري و أنت شديد الانتقام 7 فأوحي الله عليهم يقول يا ملائكتي انظروا عن يمين العرش فينظرون فيمثل الله لهم شخص القائم المهدي فيرونه يصلي عن العرش راكعا و ساجدا فيقول يا ملائكتي سأنتقم لهذا بهذا، ثم يقول يا ملاكتي اني قتلت بثأر يحيي بن زكريا يا سبعين ألفا من بني اسرائيل و سأقتل بثأر الحسين بن فاطمه الزهراء سبعين ألفا و سبعين ألفا من بني أميه علي يد القائم المهدي و لهم في الآخره عذاب عظيم:



الي أي عدل أم الي أي رأفه

سواهم يؤم الظاعن المتحمل



لأهل العمي فيهم جلاء من العمي

مع النصح لو أن النصيحه تقبل



روي صاحب زهره الكمال قال: لما خرج آدم عليه السلام من الجنه انحدر ببلده من بلاد الهند تسمي سر انديب و بقي يبكي علي مصيبته مده طويله حتي نقل أنه ظهرت لمحاكيه و لم يبق لها لحم بفيه فمن عليه الملك الجليل بارسال جبرائيل فكشف له عن بصره حتي أراه ساق العرش فرأي أنوار ساطعه كالنجوم اللامعه


فتلاها و اذا هي محمد و علي و فاطمه و الحسن و الحسين و الأئمه من ولده عليهم السلام حصنا من دخله كان آمنا فقال: يا أخي جبرائيل هل خلق الله خلقا أكرم مني؟ قال نعم، قال: متي خلقوا؟ قال: قبل خلق السماوات و الأرضين و قبلك بألفي عام و لولاهم ما خلقك الله تعالي و هم من ولدك، فقال: اللهم يا من شرفت هذا الوالد علي الولد اغفر لي خطيئتي؛ فغفر له. و روي صاحب در الثمين في تفسير قوله تعالي: (فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه) انه رأي ساق العرش و الأسماء عليه فلقنه جبرائيل و قال له: قل يا حميد بحق محمد يا علي بحق علي يا فاطر بحق فاطمه يا محسن بحق الحسن يا قديم الاحسان بحق الحسين، فلما ذكرت الحسين عليه السلام سالت دموعه و انخشع قبله و قال يا أخي جبرائيل في ذكر الخامس ينكسر قلبي و تسيل عبرتي؟ قال جبرائيل: ولدك هذا يصاب بمصيبه و تقصر عندها المصائب فقال: يا أخي و ما هي؟ قال: يقتل عطشانا غريبا وحيدا فريدا ليس له ناصر و لا معين و لو تراه يا آدم ينادي: وا عطشاه وا قله نصراه حتي يحول العطش بينه و بين السماء كالدخان فلم يجبه أحد الا بالسيوف و شرب الحتوف فيذبح ذبح الشاه من قفاه و يكسب رحله أعداء و تشهر رؤوسهم هو و أنصاره في البلدان و معهم النسوان سبق في علم الواحد المنان، فبكي آدم جبرائيل بكاء الثكلي. و لله در من قال من الرجال:



يا قتيلا بكاه آدم حقا

و نعاه من السما جبريل



و بكي الجنان و الملائك جمعا

و أي عين دموعها لا تسيل



و غدا الطير في السماء ينادي

آه وا سيداه اين المثيل



و علي الأطائب من أهل بيت الرسول فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا تكونون كبعض ماديحهم حيث عرته الأحزان فنظم و قال فيهم: