بازگشت

الباب 3


يا اخواني: سارعوا الي الخيرات و ارتقوا الي أعالي الدرجات و اجتهدوا في شكر من يفضله أولادكم؛ و دلكم علي موالات وليكم و مولاكم فتابعوه ان كنتم تحبوه فما أمكنكم من الأقوال و الأعمال فانه لا خير في قول تكذبه الفعال، و اعدوا ذلك من أتم النعم الواصله اليكم و التي أفاضها الله و اسبغها عليكم، فيا لها نعمه فاز بها المؤمنون فاغنت عنهم يوم لا ينفع مال و لا بنون. فيا اخواني: ان نظرتم ببصر بصيرتكم عرفتم من تقصدونه بعزيتكم، انكم و الله تعزون البتول


و النبي المصطفي الرسول و الوصي المرتضي و الزكي و أئمه الهدي و ذوي النهي و حجج الله في الوري، فبالله عليكم أيها المحبون لأولاد فاطمه الزهراء نوحوا و اندبوا علي المنبوذين بالعراء المسلوبين لأولاد الأدعياء المحمولين علي أقتاب الجمال بلا مهاد و لا و طاء:



أصيبت ذراري المصطفي بمصيبه

تجدد حزني كل يوم مجدد



أذاب فؤادي رزؤهم فبكيتهم

لأنهم فخري و ذخري و سؤدد



فكيف ألذ العيش أو أعرف الكري

و قلبي علي جمر العضا يتوقد



روي عن بعض الثقاه الأخيار أن الحسن و الحسين عليهما السلام دخلا يوم عيد علي حجره جدهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقالا: يا جداه اليوم يوم العيد و قد تزين أولاد العرب بألوان اللباس و لبسوا جديد الثياب و ليس لنا ثوب جديد و قد توجهنا لجنابك لنأخذ عيديتنا منك و لا نريد سوي ثياب نلبسها فتأمل النبي صلي الله عليه و آله و سلم الي حالهما و بكي و لم يكن عنده في البيت ثياب تليق بهما و لا رأي أن يمنعهما فيكسر خاطرهما فتوجه الي الأحديه و عرض الحال علي الحضره الصمديه و قال: الهي أجبر فلبهما و قلب أمهما فنزل جبرائيل من السماء تلك الحال و معه حلتان بيضاوتان من حلل الجنه فسر النبي صلي الله عليه و آله و سلم و قال لهما: يا سيدي شباب أهل الجنه هاكما أثوابكما خاطهما خياط القدره علي طولكما أتتكما مخيطه من عالم الغيب فلما رأيا الخلع بيضا قالا يا جداه كيف هذا و جميع الصبيان العرب لابسون ألوان الثياب فأطرق النبي صلي الله عليه و آله و سلم ساعه متفكرا في أمرهما فقال جبرائيل: يا محمد طب نفسا و قر عينا ان صابغ الله عزوجل يقضي لهما هذا الأمر و يفرح قلوبهما بأي لون شاء فامر يا محمد باحضار الظشت و الابريق فحضرا فقال جبرائيل: يا رسول الله أنا أصب الماء علي هذه الخلع و أنت تفركهما بيدك فتصبغ بأي لون شاءا فوضع النبي حله الحسن في الطشت فأخذ جبرائيل يصب الماء، ثم أقبل النبي علي الحسن و قال: يا قره عيني بأي لون تريد حلتك فقال: أريدها خضراء ففركها النبي صلي الله عليه و آله و سلم بيده في ذلك الماء فأخذت بقدره الله لونا أخضر فابقا كالزبرجد الأخضر فأخرجها النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أعطاها للحسن فلبسها ثم وضع حله الحسين عليه السلام في الطشت و أخذ جبرائيل يصب الماء فالتفت (النبي) الي نحو


الحسين و كان له من العمر خمس سنين و قال له: يا قره عيني أي لون تريد حلتك فقال الحسين عليه السلام: يا جداه أريدها حمراء ففركها النبي بيده في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر فلبسها الحسين فسر النبي صلي الله عليه و آله و سلم بذلك و توجه الحسن و الحسين الي أمهما فرحين مسرورين فبكي جبرائيل لما شاهد تلك الحال فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: يا أخي في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي و تحزن فبالله عليك الا ما أخبرتني؟ فقال جبرائيل: اعلم يا رسول الله أن اختيار ابنيك علي اختلاف اللون فلا بد للحسن أن يسقوه السم و يحضر لون جسده من عظم السم و لا بد للحسين أن يقتلوه و يذبحوه و يخضب بدنه من دمه فبكي النبي صلي الله عليه و آله و سلم و زاد حزنه لذلك. و روي هشام بن عروه عن أم سلمه أنها قالت: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يلبس ولده الحسين عليه السلام حله ليست من ثياب أهل الدنيا و هو يدخل أزرار الحسين بعضها ببعض فقلت له: يا رسول الله ما هذه الحله؟ فقال هذه هذديه أهداها الي ربي لأجل الحسين و أن لحمتها من زغب جناح جبرائيل و ها أنا ألبسه اياها و ازينه بها فان اليوم يوم الزينه و أنا أحبه. و روي أبو عبدالله المفير النيسابوري في أماليه أنه قال: قال الرضا عليه السلام: عري الحسن و الحسين عليهما السلام و قد أدركهما العيد فقالا لأمهما فاطمه: يا أماه قد تزين صبيان المدينه الا نحن فما بالك لا تزينيننا بشي ء من الثياب فها نحن عرايا كما ترين؟ فقالت لهما: يا قرتي العينين ان ثيابكما عند الخياط فاذا خاطها و أتي بها زينتكما بها يوم العيد تطيب خواطرهما قال: فلما كانت ليله العيد أعادا القول علي أمهما و قالا: يا أماه الليله ليله العيد فبكت فاطمه رحمه لهما و قالت لهما: يا قرتي العينين طيبا نفسا اذا أتاني الخياط بها زينتكما ان شاء الله تعالي قال: فلما مضي و هن من الليل و كانت ليله العيد اذ قرع الباب قارع فقالت فاطمه: من هذا؟ فنادي يا بنت رسول الله افتحي الباب أنا الخياط قد جئت بثياب الحسن و الحسين قالت فاطمه: ففتحت الباب فاذا هو رجل لم أر أهيب منه شيبه و لا أطيب منه رائحه فناولني منديلا مشدودا ثم انصرف لشأنه فدخلت فاطمه و فتحت المنديل فاذا فيه قميصان و دارعتان و سرو الان ورداءان و عمامتان و خفان فسرت فاطمه بذلك رورا عظيما فلما استيقظ الحسنان ألبستهما و زينتهما


بأحسن زينه فدخل النبي اليهما يوم العيد و هما مزينان فقبلهما و هنأهما بالعيد و حملهما علي كتفيه و مشي بهما الي أمهما ثم قال: يا فاطمه رأيت الخياط الذي أعطاك االثياب هل تعرفيه؟ قالت لا و الله لست أعلم أن لي ثيابا عند الخياط فالله و رسوله أعلم بذلك! فقال: يا فاطمه ليس هو خياط و انما هو رضوان خازن الجنان و الثياب من حلل الجنه أخبرني بذلك جبرائيل عن رب العالمين:



فضائلهم جلت مناقبهم علت

مدائحهم شهد منائحهم ند



علوا في الوري جدا و اما و والدا

و طابوا و طاب الأم و الأب و الجد



بأسمائهم يستجاب البر و الرضا

بذكرهم يستدفع الضر و الجهد



روي بعض الأخيار أن أعرابيا أتي الرسول فقال له: يا رسول الله لقد صدت خشفه عزاله و أتيت بها اليك هديه لولديك الحسن و الحسين فقبلهما النبي و دعا بالخير فاذا الحسن واقف عند جده فرغب اليها و أعطاها اياه فمضي ساعه الا و الحسين قد أقبل فرأي الخشفه عند أخيه يلعب بها فقال يا أخي من أين لك هذه الخشفه؟ فقال الحسن: أعطيت أخي خشفه يلعب بها و لم تعطني مثلها و جعل يكرر القول علي جده و هو ساكت لكنه يسلي خاطره و يلاطفه بشي ء من الكلام حتي أفضي من أمر الحسين الي أن هم يبكي فبينما هو كذلك اذ نحن بصياح قد ارتفع عند باب المسجد فنظرنا فاذا ظبيه و معها خشها و من خلفها ذئبه تسوقها الي رسول الله و تضربها بأحد أطرافها حتي أتت بها الي النبي ثم نطقت الغزاله بلسان فصيح و قالت يا رسول الله: قد كانت لي خشفتان احداهما صادها الصياد و أتي بها اليك و بقيت لي هذه الأخري و أنا بها مسروره و اني كنت الآن أرضعها فمعت قائلا يقول: اسرعي اسرعي يا غزاله بخشفك الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم و أوصيله سريعا لأن الحسين واقف بين يدي جده و قد هم أن يبكي و الملائكه بأجمعهم قد رفعوا رؤوسهم من صوامع العباده و لو بكي الحسين لبكت الملائكه المقربون لبكائه و سمعت أيضا قائلا يقول: اسرعي يا غزاله قبل جريان الدموع علي خد الحسين فان لم تفعلي سلطت عليك هذه الذئبه تأكلك مع خشفك


فأتيت بخشفي اليك يا رسول الله و قطعت مسافه لكن طويت الأرض حتي أتيتك سريعه و أنا أحمد الله ربي كيف جئتك قبل جريان دموع الحسين علي خده، فارتفع التكبير و التهليل من الأصحاب و دعا النبي صلي الله عليه و آله و سلم للغزاله بالخير و البركه و أخذ الحسين الخشفه و أتي به الي أمه الزهراء عليها السلام فسرت بذلك سرورا عظيما. فيا أيها السامعون تأملوا و تبصروا و تدبروا و تفكروا اذا كان النبي صلي الله عليه و آله و سلم يحزنه حزنهما و يسره سرورهما و كذلك الزهراء أمهما و كذلك الأنزع البطين أبوهما فكيف لو نظروه مطروحا علي المرضاء يتلظي من الظماء بين الأعداء و ذاريه و أولاده يحلمون علي الأقتاب بغير غطاء و لا و عطاء، حزنا و الله لا ينفذ و حسره في طول الزمان تجدد، فعلي الأطائب من أهل البيت فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون، أو لا تكونون كبعض ماديحهم حيث عرته الأحزان فقال فيهم: