بازگشت

الباب 2


أيها المؤمنون الصالحون: كيف لا تحزنون علي سادات العباد و أنوار الله في جميع الأقطار و البلاد و حجج الله علي الخلائق و لسانه الناطق و الشهداء علي الأمم بين يدي باري ء النسم، و هم بين قتيل بالسم و آخر مضرج بالدم، أترونهم ما علموا فضلهم الذي أجمع عليه كافه المسلمين أم عساهم جهلوا رتبته العاليه عند رب العالمين؟ كلا و لكن أغواهم الشيطان و أوصلهم الي دار الهوان، (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون):



أيأمن وحش البر غائله الوري

و آل النبي المصطفي غير آمن






تكدرت الدنيا عليهم و قد صفت

لكل عنيد جاهل متماجن



فيا خيبه ظالميهم كيف لم يتفطنوا بما ورد فيهم؟ فمما صح روايته من طريق الخصم مرفوعا الي أحمد بن حنبل عن علي عليه السلام قال: أخذ النبي صلي الله عليه و آله و سلم بيد الحسن و الحسين فقال: (من أحبني و أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي يوم القيامه)، و بالاسناد المذكور هرفوعا الي علي عليه السلام قال: دخل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أنا نائم في المنام فاستسقي الحسن و الخحسين، قال: فقام النبي الي شاه لنا كي يحبلها فحلبها فدرت فجاء الحسين فنحاه النبي فقالت فاطمه: يا رسول الله كان الحسن أحبهما اليك؟ فقال: لا لكن استقسي قبله ثم قال: اني و اياك و هذين و هذا الراقد في مكان واحد يوم القيامه. و الاسناد المذكور قال: اني و اياك و هذين و هذا الراقد في مكان واحد يوم القيامه. و الاسناد المذكور قال: كان الحسن و الحسين يأتيان رسول الله و هو في الصلاه فيبثان عليه فاذا نهيا عن ذلك أشار بيده دعوهما فاذا قضي الصلاه ضمهما و قال: من أحبني فليحب هذين، و بالاسناد المذكور عن علي عليه السلام قال: في الجنه درجه تمسي الوسيله و هي لنبي أو لرسول فاذا سألتموها لي، قالوا و من يسكن معك فيها؟ قال: فاطمه و الحسن و الحسين:



أيا بني الوحي و التنزيل يا أملي

يا من ولاهم غدا في البر يأنسني



حزني عليكم جديد دائم أبدا

ما دمت حيا الي أن ينقضي زمني



روي: أنه لما كان من أمر الحسين عليه السلام ما كان و قتل شهيدا و قطع رأسه الشريف أمر عمر بن سعد لعنه الله بدفن جميع الخوارج و المنافقين من بني أميه و تركوا الحسين عليه السلام علي وجه الأرض ملقي بغير دفن و كذلك أصحابه وجاءوا بالنساء قصدا و عنادا و عبروهم علي مصارع آل الرسول فلما رأت أم كلثوم أخاها الحسين عليه السلام و هو مطروح علي وجه الأرض تسفوا عليه الرياح و هو مكبوب مسلوب وقعت من أعلي البعير الي الأرض و حضنت أخاها الحسين و هي تقول ببكاء و عويل يا رسول الله انظر الي جسد ولدك ملقي علي الأرض بغير غسل، كفنه الرمل السافي عليه و غسله الدم الجاري من وريده و هؤلاء أهل بيته يساقون اساري في سبي الذي ما لهم محام يمانع عنهم و رؤوس أولاده مع رأسه الشريف


علي الرماح كالأقمار فلما أحسوا بها عنفوها و أكربوها و صاروا بها باكيه لا ترقي لها دمعه و لا تبطل لها حسره:



ستسأل تيم عنهم وعديها

و بيعتهم من أفجر الفجرات



هم منعوا الآباء عن أخذ حقهم

و هم تركوا الأبناء رهن شتات



و هم عدلوها عن وصي محمد

فبيعتهم جاءت علي الفلتات



روي: أن فاطمه عليها السلام لا زالت بعد رسول الله معصبه الرأس ناح له الجسم منهده الركن من المصيبه بموت النبي صلي الله عليه و آله و سلم و هي معغمومه مهمومه محزونه مكروبه كئيبه باكيه العين محترقه القلب يغشي عليها ساعه بعد ساعه حين تذكره و تذكر الساعات التي كان يدخل فيها عليها فيعظم حزنها مره أين أبوكما النبي كان يكرمكما و يحملكما مره بعد مره؟ أين أبوكما النبي كان أشد النا شفقه عليكما فلا يدعكما تمشيان علي وجه الأرض؟ فانا لله و انا اليه راجعون فقد و الله جدكما و حبيب قلبي و لا أراه يفتح هذا الباب أبدا و لم يحملكما علي عاتقه كما لم يزل يفعل بكما، ثم انها مرضت مرضا شديدا و مكثت أربعين ليله في مرضها الذي توفيت فيه فلما نعيت اليها نفسها دعت أم أيمن و أسماء بنت عميس و وجهت خلف علي و أحضرته و قال: يا ابن العم انه قد نعيت الي نفسي و انني لأري ما بي لا شك الا أنني لاحقه بأبي ساعه بعد ساعه و أنا أوصيك بأشياء في قلبي قال لها علي عليه السلام: أوصيني بما أحببت يا ابنه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فجلس عند رأسها و أخرج من كان في البيت ثم قالت: ابن العم ما عهدتني كاذبه و لا خائنه و لا خالفتك منذ عاشرتني فقال عليه السلام: معاذ الله أنت أعلم بالله و اتقي و أكرم و أشد خوفا من الله أم أوبخك بمخالفتني فقد عز علي مفارقتك و فقدك ألا انه أمر لا بد منه و الله جددت علي مصيبه رسول الله و قد عظمت وفاتك و فقدك فانا لله و انا اليه راجعون مصيبه ما أفجعها و آلمها و أمضها و أحزنها هذه و الله مصيبه ل عزاء لها و رزيه لا خلف لها ثم بكيا جميعا ساعه واحده علي رأسها و ضمها الي صدر ثم قال: أوصيني بما شئت تجديني و فيا امضي كل ما امرتيني به و أختار أمرك علي أمري ثم قالت: جزاك الله عني خير الجزاء يا بن العم أوصيك أولا أن تتزوج


بعدي بابنه أختني أمامه فانها تكون لولدي مثلي فان الرجال لا بد لهم من النساء ثم أوصيك يا بن العم أن تتخذ لي نعشا فقد رأيت الملائكه صوروا صورته فقال لها صفيه لي فوصفته فاتخذه لها، فأول نعش عمل علي وجه الأرض ذلك و ما أري أحد قبله؛ ثم قالت أوصيك أن لا يشاهد أحدا جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني و اخذوا حقي فانهم أعدائي و أعداء رسول الله و لا تترك أن يصلي علي أحد منهم و من اتباعهم و ادفني في الليل اذا هدأت العيون و نامت الأبصار؛ ثم توفيت صلوات الله عليها. و عن ابن عباس أنه قال: لما جاء فاطمه الأجل لم تحل و لم تصدع و لكن أخذت بيد الحسن و الحسين فذهبت بهما الي قبر النبي صلي الله عليه و آله و سلم فاجلستهما عنده ثم وقفت بين المنبر و القبر فصلت ركعتين ثم ضمت الحسن و الحسين الي صدرها و التزمتهما و قال: يا أولادي اجلسا عند أبيكما ساعه، و علي عليه السلام يفتي في المسجد ثم رجعت من عندهما نحو المنزل فحملت ما فضل من حنوط النبي فاغتسلت به ولبست فضل كفنه و قالت: يا أسماء و هي امرأه جعفر الطيار فقالت: لبيك يا بنت رسول الله قالت: تعاهديني فاني أدخل هذا البيت فأضع جنبي ساعه فاذا مضت ساعه و لم أخرج فناديني ثلاثا فان أجبتك و الا فاعلمي أني لحقت برسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، ثم قامت مقام رسول الله في بيتها فصلت ركعتين؛ ثم جللت وجهها بطرف ردائها و قضت نحبها.

و في نقل آخر أنها ماتت في سجودها فلما مضت ساعه أقبلت أسماء فنادت يا فاطمه الزهراء يا أم الحسن و الحسين يا بنت رسول الله يا سيده نساء العالمين، فلم تجب فاذا هي ميته، قيل لابن عباس كيف علمت وقت وفاتها؟ قال: اعلمها أبوها ثم ان أسماء شقت جيبها و قالت: كيف أجتري ء أن أخبر ابني رسول الله بوفاتك؟ ثم خرجت فتلقاها الحسن و الحسين فقالا أين أمنا؟ فسكتت فدخلا البيت فاذا هي ممتده فحركها الحسين فاذا هي ميته فقال: يا أسماء آجرك الله في الوالده و خرجا يناديان يا محمداه يا أحمداه اليوم جدد لنا موتك اذ ماتت أمنا، ثم أخبرا عليا و هو في المسجد فغشي عليه حتي رش عليه الماء، فلما أفاق حملهما حتي أدخلهما الي بيت فاطمه و عند رأسها أسماء تبكي و تقول: وا ابنا محمداه كنا نتعزي لفاطمه بعد موت جدكما فيمن نتعزي بعدكما؟ فكشف


علي عن وجهها فاذا برقعه عند رأسها نظر اليها فاذا فيها (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصت به فاطمه بنت رسول الله و هي تشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنه حق و النار حق و أن الساعه آتيه لا ريب فها و أن الله يبعث من في القبور، يا علي أنا فاطمه بنت محمد زوجني الله نمك لأكون لك في الدنيا و الآخره أنت أولي بي من غيرك حنطني و غسلني و كفني وصل علي و ادفنيب بالليل غسلها علي و وضعها علي السرير و قال للحسين: ادع لي أبا ذر فدعاه فحملاها الي المصلي فصلي عليها ثم صلي ركعتين و رفع يده الي السماء فنادي: هذه بنت نبيك فاطمه أخرجها من الظلمات الي النور؛ فأضاء ت الأرض ميلا في ميل فلما أرادوا أن يدفنوها نادوا من بقعه من البقيع الي الي فقد رفع تربتها مني فنظروا فاذا بقبر محفور فحملوا السرير اليه فدفنوها فلما أنزلها علي و الحسن و الحسين عليهم السلام جلس علي علي شفير القبر فقال: يا أرض استودعتك وديعتي هذه فاطمه بنت رسول الله فنودي منها يا علي أنا أرفق بها منك فارجع و لا تهتم فزجع وانسد القبر و استوت الأرض فلم يعلم أين كان الي يوم القيامه، و في نقل آخر أنها لما توفيت عليها السلام صاح أهل المدينه صحيه احده و اجتمعت نساء بني هاشم في دارها فصرخن صرخه واحده كادت المدينه أن تتزعزع من صراخهن و هن يقلن: يا سيدتاه يا بنت رسول الله و أقبل الناس الي علي و هو جالس و الحسن و الحسين بين يديه يبكيان و الناس يبكون لبكائهما و خرجت أم كلثوم عليها برقعها و هي تجر ذليها متجلله برداء عليها تسحبه و هي تقول: يا أبتاه يا رسول الله الآن فقدناك فقدا لا لقاء بعده أبدا، واجتمع الناس فجلسوا و هم يرجون أن تخرج الجنازه ليصلوا عليها فخرج أبو ذر فقال: انصرفوا فان بيت محمد قد أخر اخراجها في هذه العشيه فانصرف الناس فلما أن هدأت العيون و مضي شطر من الليل أخرجها علي و الحسنان و عمار و المقداد و عقيل و أبوذر و سلمان و نفر من بني هاشم و دفنوها في جوف الليل و سوي علي عليه السلام حولها قبورا مزوره حتي لا يعرف قبرها و قال عند دفنها: السلام عليك يا رسول الله عني و من أبنتك النازله في جوارك السريعه اللحاق بك قل يا رسول الله عن صفيتك صبري


ورق عنها تجلدي ألا أن لي في التأسي بعظم فرقتك و فادح مصيبتك موضع تعز، فلقد وسدتك في ملحوده قبرك و فاضت بين نحري و صدري نفسك فانا لله و انا اليه راجعون فلقد استرجعت الوديعه و أخذت الرهينه أما حزني فسرمد و أما ليلي فمسهد الي أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم و ستنبئك فاحفها السؤال و استخبرها الحال هذا و لم يطل العهد و السلام عليكما سلام مودع لا قال و لا سئم فان انصرف لا عن ملاله و ان أقم فلا عن سوء ظن بما وعدالله الصابرين. قال الأصبغ بن نباته: سئل أميرالمؤمنين عليه السلام عن دفن فاطمه ليلا، فقال عليه السلام: انها كانت ساخطه علي قوم كرهت حضورهم جنازتها و حرام علي من لا أتولاهم أن يصلي علي أحد من ولدها، قال عبدالرحمن الهمداني لما دفن علي فاطمه قام علي شفير القبر و أنشأ يقول:



لكل اجتماع من خليلين فرقه

و كل الذي دون الفراق قليل



و ان افتقادي فاطما بعد أحمد

دليل علي أن لا يدوم خليل



سيعرض عن ذكري و ينسي مودتي

و يحدث بعدي للخليل خليل



فتكفروا يا اخوان الدين علي هؤلاء الكفره الملاعين كيف انتهزوا في أهل بيت الرسول الفرص و جعهم كاسات الغصص ضيعوا من الرسول وصيته و ابتزوا نحله و شحوا ببلغه ذريته و غدروا ببيته و عترته شردوهم عن الأوطان و تتبعوهم في كل مكان فوا حسرتاه عليهم وا و لهفتاه لديهم؛ فعلي مثل هؤلاء فلبيك الباكون و اياهم فليندب النادبون و عليهم فلتذرف الدموع من العيون أو لا تكونون كبعض ماديحهم حيث عرته الأحزان فنظم و قال فيهم: