بازگشت

الباب 2


اعلموا وفقكم الله تعالي لتحصيل الكمالات و الارتقاء الي معالي أعلي الدرجات أن كل جزع في المصائب قبيح ال علي أهل هدايتكم، و الأسف علي الفائت مذموم عند العقلاء الا علي أئمتكم السادات النجباء، فيا ليت لفاطم و أبيها عينا تنظر ما صنع ببناتها و بينها ما بين مسلوب و جريح، مسموم و ذبيح، و مقتل و طريح، و مشققات للجيو و مفجوعات بقتل المجبوب شاكيات بين يدي علام الغيوب، ناشرات للشعور بارزات من الخدور لاطمات الخدود، فاقدات للآبء و الأبناء و الجدود يسترن و جوههن بالأردان حذرا من أهل العناد و الطغيان فيا لها من حسرات لا تنقضي أبدا و من أحزان مجددات طول المدي:



يا أهل عاشور يا لهفي علي الدين

خذوا حدادكم يا آل ياسين



اليوم شقق جيب الدين و انتهب

بناب أحمد نهب الروم و الصين



اليوم قام بأعلي الطف نادبهم

يقول من ليتيم أو لمسكين



اليوم خر نجوم الفخر من مضر

علي مناخر تذليل و توهين



اليوم أطفي نور الله متقدا

و جررت لهم التقوي علي الطين



اليوم هتك أستار الهدي مزقا

و برقت غره الايلام بالهون



اليوم زعرع قدس من جوانبه

و هاج بالخليل سادات الميادين



اليوم شقوا علي الزهراء كلتها

و ساوروها بتكئيب و توهين






اليوم نال بنو حرب طواليهم

مما صلوه ببدر ثم صفين



اليوم جدك سبط المصطفي شرفا

من نفسه بنجيع غير مسنون



نالوا أزمه دنياهم ببيعهم

فليتهم سمحوا منها بماعون



آل الرسول عباديد السيوف فمن

هام علي وجهه خوفا و مسجون



يا عين لا تدعي شبا لغادته

تهمي و لا تدعي دمعا لمخزون



قومي علي جدث بالطف فانتقضي

بكل لؤلؤ دمع فيك مكنون



فيا اخواني: تعسا لمن أردي تلك العصابه الكرام و خيبه لمن نكس أعلام أولئك الأعلام. روي عن سعيد بن المسيب قال: لما استشهد سيدي و مولاي الحسين عليه السلام و حج الناس من قابل دخلت علي علي بن الحسين فقلت له: يا مولاي قد قرب الحج فماذا تأمرني؟ فقال امض علي نيتك و حج فحججت فبينما أنا أطوف بالكعبه و اذا أنا برجل مقطوع اليدين و وجهه كقطع الليل المظلم و هو متعلق بأستار الكعبه و هو يقول: اللهم رب هذا البيت الحرام اغفر لي و ما أحسبك تفعل؛ و لو تشفعت في سكان سماواتك و أراضيك و جميع ما خلقت لعظم جرمي قال سعيد بن المسيب: فشغلت و شغل الناس عن الطواف حتي حف به الناس و اجتمعنا عليه فقلنا يا وليك لو كنت ابليس ما كان ينبغي لك أن تيأس من رحمه الله، فمن أنت و ما ذنبك؟ فبكي و قال: يا قوم أنا أعرف بنفسي و ذنبي و ما جنيت، فقلنا له تذكره لنا، فقال: أنا كنت جمالا لأبي عبدالله الحسين عليه السلام لما خرج من المدينه الي العراق و كنت أراه اذا أراد الوضوء للصلاه يضع سراويله عندي فأري تكته الأبصار بحسن اشرافها و كنت اتمناها تكون لي الي أن صرنا بكربلاء و قتل الحسين عليه السلام و هي معه فدفعت نفسي في مكان من الأرض فلما جن الليل خرجت من مكاني فرأيت في تلك المعركه نورا لا ظلمه و نهارا لا ليلا و القتلي مطرحين علي وجه الأرض فذكرت لحيني و شقاني التكه فقلت و الله لأطلبن الحسين و ارجو أن تكون التكه في سرواله فآخذها، و لم أزل أنظر في وجوه مشرق مرمل بدمائه و الرياح سافيه عليه فقلت هذا و الله الحسين فنظرت الي سرواله كما كنت أراها فدنوت منه و ضربت بيدي الي التكه لآخذها فاذا هو قد


عقدها عقدا كتيره فلم أزل أحلها حتي حللت عقده منها فمد يده اليمني و قبص عل التكه فلم أقدر علي أخذ يده عنها و لا أصل اليها؛ فدعتني النفس الملعونه الي أن أطلب شيئا أقطع به يده فوجدت قطعه سيف مطروح فأخذتها و اتكيت علي يده و لم أزل أحزها حتي فصلتها عن زنده ثم نحيتها عن التكه و مددت يدي لأحلها فمد يده اليسري فقبض عليها فلم أقدر علي أخذها فأخذت قطعه السيف و لم أزل أحزها حتي فصلتها عن التكه و مددت يدي الي التكه لآخذها فاذا الأرض ترجف و السماء تهتز و اذا بجلبه عظيمه و بكاء و نداء و قائل يقول: وا أبتاه وا مقتولاه و اذبيحاه وا حسينا وا غريباه يا بني قتلوك و ما عرفوك و من شرب الماء منعوك، فلما رأيت ذلك صعقت و رميت نفسي بين القتلي و اذا بثلاثه نفر و امرأه و حولهم خلائق وقوف و قد امتلئت الأرض بصور الناس و اجنحه الملائكه، اذ بواحد منهم يقول: يا ابتاه يا حسين فداؤك جدك و أبوك و أمك و أخوك و اذا بالحسين قد جلس و رأسه علي بدنه و هو يقول: لبيك يا جداه يا رسول الله و يا أبتاه يا أميرالمؤمنين و يا ماه يا فاطم الزهاء و يا أخاه المقتول بالسم عليكم مني السلام ثم انه بكي و قال: يا جداه قتلوا و الله رجالنا يا جداه يا جده سلبوا و الله نساءنا يا جداه نهبوا و الله رحالنا يا جداه ذبحوا و الله أطفالنا يا جداه يعز و الله عليك أن تري رحالنا و ما فعل الكفار بنا و اذا هم جلسوا يبكون علي ما أصابه و فاطمه تقول: يا دم أباه يا رسول الله أما تري ما فعلت أمتك بولدي؟ أتأذن لي أن آخذ من دم شيبه و أخضب با ناصيتي و ألقي الله عزوجل و أنا مختضبه بدم ولدي الحسين؟ فقال لها: خذي و أنا آخذ يا فاطمه فرأيتهم يأخذون من دم شيبه و تمسح به فاطمه ناصيتها و النبي و علي و الحسن يمحسون به نحورهم و صدورهم و أبدانهم الي المرافق و سمعت رسول الله يقول: فديتك يا حسين يعز و الله علي أن أراك مقطوع الرأس مرمل الجبينين دامي النحر مكبوبا علي قفاك قد كساك الذاري من الرمول و أنت طريح مقتول مقطوع الكفين يا بني من قطع يدك اليمني و ثني باليسري؟ فقال: يا جداه كان معي جمال من المدينه و كان يراني اذا وضعت سراويلي للوضوء فيتمني أن تكون تكتي له فما منعني أن أدفعها اليه لا لعلمي أنه صاحب هذا الفعل فلما قتلت خرج يطلبني بين القتلي فقد وجدني جثه بلا رأس


فتفقد سراويلي فرأي التكه و قد عقدتها عقدا كثيره فضرب بيده الي التكه فخل عقده منها فمددت يدي اليمني فقبضت علي التكه فطلب المعركه فوجد قطعه سيف مكسور فقطع يميني ثم حل عقده أخري فقضبت علي التكه بيدي اليسري كي لا يحلها فتكشف عورتي فحز يدي اليسري فلما أراد حل التكه حس بك فرمي نفسه بين القتلي فلما سمع النبي كلام الحسين بكي بكاءا شديدا ء أتي الي بين القتلي الي أن وقف نحوي فقال: مالي و مالك يا جمال تقطع يدين طالما قلبهما جبرائيل و ملائكه الله أجمعين و تباركت بهما أهل السماوات و الأرضين؟ أما فكاك ما صنع به الملاعين من الذل و الهوان هتكوا نساءه من بعد الخدور و انسدال الستور، سود الله وجهك يا جمال في الدنيا و الآخره و قطع الله يديك و رجليك و جعلك في حزب من سفك دماءنا و تجرأ علي الله فما استتم دعاؤه صلي الله عليه و آله و سلم حتي شلت يداي و حسست بوجهي كأنه ألبس قطعا من الليل مظلما و بقيت علي هذه الحاله فجئت الي هذا البيت أستشفع و أنا أعلم أنه لا يغفر لي أبدا؛ فلم يبق في مكه أحد الا و سمع حديثه و تقرب الي الله تعالي بلعنه و كل يقول: حسبك ما جنيت يا لعين (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).



و اني لموطي الضلوع علي جوي

متي حل فوق الجمر يحترق الجمر



أحن الي أنفاسكم و نسيمكم

و اذكركم و الصب يقلقه الذكر



فقربكم مع قله المال لي غني

و بعدكم مع كثره المال لي فقر



روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: البكاؤن خمسه: آدم و يعقوب و يوسف و فاطمه بنت محمد و علي بن الحسين عليه السلام فأما آدم فبكي علي الجنه حتي صارت في خديه أمثال الأوديه و أما يعقوب فبكي علي يوسف حتي ذهب بصره حتي قيل له: (تالله تفتؤ تذكر يوسف حتي تكون حرضا أو تكون من الهالكين) و أما يوسف فبكي علي يعقوب حتي تأذي به أهل السجن فقالوا: أما تبكي بالليل و تسكت النهار أو تبكي بالنهار و تسكت الليلفصالحهم علي واحد منهما، و أما فاطمه بنت محمد فبكت علي رسول الله حتي تأذي بها أهل المدينه و قالوا لها: قد آذيتينا ببكائك فكانت تخرج الي مقابر الشهداء فتبكي حتي تقضي حاجتها ثم تنصرف و أما علي بن الحسين عليه السلام فانه بكي علي الحسين عليه السلام أربعين سنه. و ما


وضع بين يديه طعام الا بكي حتي قال مولي له: جعلت فداك يا بن رسول الله اني أخاف عليك أن تكون من الهاكين فيقول: (انما أشكوا بثي و حزني الي الله و أعلم من الله ما لا تعلمون) اني لم أذكر مصرع بني فاطمه الا خنقتني العبره.



تعودت مس الضر حتي ألفته

و أسلمني حسن العزاء الي الصبر



و صيرني يأسي من الناس واثقا

بحسن صنيع الله من حيث لا أدري



روي عن بعض المشايخ قالوا دخلنا كنيسه في الروم فاذا في الحائط صخره مكتوب عليها:



أترجو أمه قتلت حسينا

شفاعه جده يوم الحساب



فقلنا لشيخ في الكنيسه منذ كم هذه الكتابه في هذه الصخره؟ قال: قبل أن يبعث صابحكم بثلاثمائه عام، فأكثروا أيها الاخوان من النوح و الأحزان علي ما أصاب سادات الزمان من أهل البغي و العدوان و لا تبخلوا بالدموع الهتان فانها السبب التام لدخول الجنان و الحور و الولدان. فعلي الأطائب من أهل بيت الرسول فلبيك االباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا تكونون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان و تتابعت عليه الأشجان فنظم و قال فيهم: