بازگشت

الباب 3


أيها الاخوان ألا تستنهضون مضمرات الأحزان فتجرونها في ميادين الأشجان ألا تمتطون كواهل عوامل الأشواق و تحثونها في ميادين السباق فتحوزوا قصب السبق التي أنتم أولي بها و أحق؟ أما عملتم أن المقصر عن هذه الغايه بنفسه قصر و المتأخر عن بلوغ النهايه لحظه أخري (و من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربك بظلام للعبيد) و لئن سحت من جفوني الدموع فانها عن نيران بين الضلوع، و لئن جزعت من هذا المصاب فلعظم ما في قلبي من الوجد و الاكتئاب. و لله من قال من الرجال:



لأي مصاب يذرف الشان ماءه

و تقضي نفوس أو تفت كبود



لأعظم من هذا المصاب و خطبه

عظيم علي أهل السماء شديد



مصاب له في قلب كل مصيبه

سهام لحاب القلوب تبيد



و للهم هم و الرزايا رزيه

و للحزن حزن زايد و يزيد




روي في بعض الأخبار عن الصحابه الأخيار قال: رأيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم يمص لعاب الحسين كما يمص الرجل السكره و هو يقول: حسين مني و أنا من حسين أحب الله من أحب حسينا و أبعض الله من أبغض حسينا، حسين سبط من الأسباط لعن الله قتاله، فنزل جبرائيل و قال: يا محمد ان الله قتل بيحيي ابن زكريا سبعين ألفا من المنافقين و سيقتل بابن ابتنك الحسين سبعين ألفا من الكافرين و سبعين ألفا من المعتدين و ان قاتل الحسين في تابوت من نار و يكون عليه أم رأسه في قعر جهنم و له ريح يتعوذ أهل النار من شده نتنها و هو فيها خالد ذائق العذاب الأليم لا يفتر عنه و يسقي من حميم جهنم. و روي عن الصادق عليه السلام أيضا في بعض الأخبار أن ملكا من ملائكه الصف الأعلي اشتاق لرؤيه النبي صلي الله عليه و آله و سلم و استأذن ربه بالنزول الي الأرض لزيارته و كان ذلك الملك لم ينزل الي الأرض أبدا منذ خلق فلما أراد النزول أوحي الله تعالي اليه يقول أيها الملك أخبر محمدا أن رجلا من أمته اسمه يزيد يقتل فرخه الطاهر بن الطاهره نظيره البتول مريم بنت عمران فقال الملك: لقد نزلت الي الأرض و أنا مسرور برؤيه نبيك محمد صلي الله عليه و آله و سلم فكيف أخبره بهذا الخبر الفظيع و انني لاستحي منه أن أفجعه بقتل ولده؟ فليتني لم أنزل الي الأرض، قال فنودي الملك من فوق رأسه أن افعل ما أمرت به، فدخل الملك الي رسول الله و نشر أجنحته بين يديه و قال: يا رسول الله اعلم أني أستأذنت ربي في النزول الي الأرض شوقا لرؤيتك و زيارتك فليت ربي كان حطم أجنحتي و لم آتك بهذا الخبر و لكن لا بد من انفاذ أمر ربي عزوجل، اعلم يا محمد أن رجلا من أمتك اسمه يزيد (زاده الله لعنا في الدنيا و عذابا في الآخره) يقتل فرخك الطاهر ابن الطاهره و لن يتمتع قاتله في الدنيا من بعده الا قليلا و يأخذه الله مقاصا له علي سوء عمله و يكون مخلدا في النار. فبكي النبي صلي الله عليه و آله و سلم بكاءا شديدا و قال: أيها الملك هل تلفح أمه تقتل ولدي و فرخ ابتني؟ قال لا يا محمد بل يرميهم الله باختلاف قلوبهم و ألسنتهم في دار الدنيا و لهم في الآخره عذاب أليم. و عن كعب الأحبار حين أسلم في أيام خلافه عمر بن الخطاب و جعل الناس يسألونه عن الملاحم التي تظهر في آخر الزمان؟


فصار كعب يخبرهم بأنواع الأخبار و الملاحم و الفتن التي تظهر في العالم ثم قال: و أعظمها فتنه و أشدها مصيبه لا تنسي الي أبد الآبدين مصيبه الحسين عليه السلام و هي الفساد الذي ذكره الله تعالي في كتابه المجيد حيث قال: (ظهر الفساد في البر و البحر بما كسبت أيدي الناس) و انما فتح الفساد بقتل هابيل بن آدم و ختم بقتل الحسين عليه السلام أو لا تعلمون أنه تفتح يوم قتله أبواب السماوات و يؤذن للسماء تبكي حسينا، فقيل: يا كعب لم لا تفعل السماء كذلك و لا تبكي دما اقتل الأنبياء ممن كان أفضل من الحسين؟ فقال: و يحكم أن قتل الحسين أمر عظيم و انه ابن سيد المرسلين و انه يقتل علانيه مبارزه ظلما و عدوانا و لا تحفظ فيه وصيه جده رسول الله صلي الله عليه و آله و هو مزاج مائه و بضعه من لحمه يذبح بعرصه كربلاء، فوالذي نفس كعب بيده لتبكينه زمره من ملائكه في السماوات السبع لا يقطون بكاءهم عليه الي آخر الدهر، و ان البقعه التي يدفن فيها خير البقاع و ما من نبي الا و يأتي اليها و يزورها و يبكي علي مصابه و لكربلاء في كل يوم زياره من الملائكه و الجن و الانس فاذا كانت ليله الجمعه ينزل اليها تسعون ألف ملك يبكون علي الحسين و يذكرون فضله، و انه يسمي في السماء حسينا المذبوح و في الأرض أبا عبد الله المقتول. و في البحار: الفرخ الأزهر المظلوم، و انه يوم قتله تنكسف الشمس بالنهار و من الليل ينخسف القمر و تدوم الظلمه علي الناس ثلاثه أيام و تمطر السماء دما و تدكدك الجبال و تغطمط البحار و لو لا بقيه من ذريته و طائفه من شيعته الذين يطلبون بدمه و يأخذون بثاره لصب الله عليهم نارا من السماء أحرقت الأرض و من عليها؛ ثم قال كعب: يا قوم كأنكم تتعجبون بما أحدثكم فيه من أمر الحسين عليه السلام و ان الله تعالي لم يترك شيئا كان أو يكون من أول الدهر الي آخره الا و قد فسره لموسي عليه السلام و ما نسمه خلقت الا و قد رفعت الي آدم عليه السلام في عالم الذر و عرضت عليه، و لقد عرضت عليه هذه الأمه و نظر اليها و الي اختلافها و تكالبها علي هذه الدنيا الدنيه، فقال آدم: يا رب ما لهذه الأمه الزكيه و بلاء الدنيا و هم أفضل الأمم؟ فقال له: يا آدم انهم اختلفوا فاختلفت قلوبهم و سيظهرون الفساد في الأرض كفساد قابيل حين قتل هابيل و أنهم يقتلون فرخ


حبيبي محمد المصطفي، ثم مثل لآدم عليه السلام مقتل الحسين و مصرعه و وثوب أمه جده عليه فنظر اليهم فرآهم مسوده وجوههم، فقال: يا رب أبسط عليهم الانتقام كما قتلوا فرخ نبيك الكريم عليه أفضل الصلاه، و لله در من قال من الرجال:



اذا أبصرتك العين من بعد غايه

و عالض فيك الشك أثبتك القلب



و لو أن قوما يمموك لقادهم

بأسمك حتي يستدل بك الركب



و روي عن ريان بن شبيب قال: دخلت علي الرضا عليه السلام في أول يوم من المحرم فقال لي: يا بن شبيب أصائم أنت؟ فقلت: لا فقال: ان هذا اليوم هو اليوم الذي دعا زكريا ربه عزوجل فقال: (ربي هب لي من لدنك ذريه طيبه انك سميع الدعاء) فاستجاب الله تعالي له و أمر الملائكه فنادت زكريا و هو قائم يصلي في المحراب: (ان الله يبشرك بيحيي) فمن صام هذا اليوم ثم دعا الله تهالي استجاب الله له كما استجاب لزكريا يا بن شبيب ان المحرم هو التسهر الذي كان أهل الجاهليه يحرمون فيه القتال لحرمته فما عرفت هذه الأمه حرمه شهرها و لا حرمه نبيها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته و سبوا نساءه و انتهبوا ثقله فلا غفر الله لهم ذلك أبدا، يا بن شبيب ان كنت باكيا لشي ء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام فانه ذبح كما يذبح الكبش و قتل معه من أهل بيته ثمانيه عشر رجلا ما لهم في الأرض شبيه و لقد بكت السماء و الأرض لقتله و لقد نزل الي الأرض من الملائكه أربعه آلاف لنصرته فلم يؤذن لهم فهم عند قبره شعث غبر الي أن يقوم القائم عليه السلام فيكونون من أنصاره و شعارهم يا لثارات الحسين عليه السلام يا ابن شبيب لقد حدثني أبي عن أبيه عن جده عليه السلام أنه لما قتل جدي الحسين عليه السلام أمطرت السماء دما و ترابا أحمرا.

يا بن شبيب ان بكيت علي الحسين ثم تصير دموعك علي خديك غفر الله لك كل ذنب أذنبته صغيرا كان أو كبيرا، يا بن شبيب ان سرك أن سرك أن تلقي الله و لا ذنب عليك فزر الحسين عليه السلام. يا بن شبيب: ان سرك أن تسكن الغرف المبنيه في الجنه مع النبي صلي الله عليه و آله فالعن قاتل الحسين يا ابن شبيب ان سرك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استهد مع الحسين عليه السلام فقل متي ما ذكرته يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما. يا بن شبيب ان سشرك أن تكون معنا في الدرجات العلي من الجنات فاحزن لحزننا وافرح افرحنا


و عليك بولايتنا فلو أن رجلا أحب حجرا لحشره الله معه يوم القيامه. فيا أيها الأبرار لا تبخلوا بالدموع الغزار علي عتره النبي المختار ألا تحبون أن يغفر الله لكم و يجزل ثوابكم أليس هم شفعاءكم يوم المعاد اذا وقفتم بين يدي رب العباد أليس بهم تحط الأوزار أليس هم الجنن الواقيه من النار، فسارعوا رحمكم الله الي النوح و البكاء عليهم فان ذلك من أعظم القرب الي الله و اليهم، فيا عجبا ممن يطيل النوح علي الديار و يندب الربوع المقفره و الآثار و لا يبكي لمصاب الساده الأطهار و ألاد علي الكرار، و لكنها لا تعمي الأبصار و لكن تعمي القلوب التي في الصدور، فعلي الأطألب من أهل بيت الرسول فلبيك و الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا تكون كبعض مادحيهم حيث عرته الأحزان فنظم فيهم و قال: