بازگشت

الباب 2


أيها المؤمنون: اجروا ماء العيون، و يا أيها الباكون سلوا لذيذ الرقاد من جفون الجفون، أما تنظرون الي هذا الخطب الفادح و هذا المصاب الفادح؟ أما تستحق مواليكم أهل العلا الممادح بكاء باك و نوح نائح؟ بلي و الله لأنه خطب تذل له النفوس و تحل بين أطباق الثري و الرموس؟ مصاب أبكي فاطمه البتول و أحزن قلب المصطفي الرسول مصاب بكت عليه السماء دما، و أقيم له فوق الطباق مأتما، افيعذر أحد من ذوي الأباب ف ترك الحزن و الاكتئاب علي المصاب، كيف؟ و هم الذين فيهم قال بعض ماديحهم:



أمحب آل محمد جد بالبكا

ان كنت من يهودي النبي المرسلا



و اسكب شآبيب الدموع فان تكن

فيه الأخير فقد تبعت الأولا



و ابك الفروع الطيبات تفرعت

من دوحه لمحمد فسقت علا



و ابك الغصون الناظرات و من علا

ذرواتها ناحت حمامات البلا



و ابك البدور الطالعات كواملا

حاق المحاق بها فأمست أفلا



و ابك البحور الزاخرات و وردها

قد كان للوارد عذبا سلسلا






و أبك الجبال الراسخات و من نبي

مجدا أسمي سما العلاء مؤثلا



فمصابه أبكي السماء كأبه

و الشهب حزنا و السماك الأعزلا



من أجل ذلك أن قلبي لم يزل

متلقا لمصابهم متقلقلا



و العيش في الدنيا اذا ما نغصوا

فيها فما يحلو فكيف و ما حلا



روي أن آدم عليه السلام: لما هبط الي الأرض لم ير حواء فصار يطوف الأرض في طلبها فمر بكربلاء فاعتل و أعاق و ضاق صدره من غير سبب و عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين عليه السلام حتي سال الدم من رجله فرفع رأسه الي السماء و قال: الهي هل حدث مني ذنب آخر فعاقبتني به فاني طفت جميع الأرض ما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الأرض؛ فأوحي الله اليه يا آدم ما حدث منك ذنب و لكن يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين عليه السلام ظلما فسال دمك موافقه لدمه، فقال آدم: يا رب أيكون الحسين نبيا؟ قال: لا وكنه سبط النبي محمد فقال: و من القاتل له؟ قال: قاتله يزيد، فقال آدم: فأي شي ء أصنع يا جبرائيل؟ فقال: العنه يا آدم، فلعنه أربع مرات و مشي خطوات الي جبل عرفات فوجد حواء هناك. و روي أن نوحا عليه السلام لما ركب في السفينه طافت به جميع الدنيا فلما مرت بكربلاء أخذته الأرض و خاف نوح الغرق فدعا ربه و قال: الهي طفت جميع الدنيا و ما أصابني فزع مثل في هذه الأرض فنزل جبرائيل و قال: يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين عليه السلام سبط محمد خاتم الأنبياء و ابن خاتم الأوصياء، فقال: و من القتال له يا جبرائيل؟ قال: قاتله لعين أهل سبع سماوات و سبع أرضين، فلعنه نوح أربع مراتن فسارت السفينه حتي بلغت الجودي و استقرت عليه. و روي أن ابراهيم مر في أرض كربلاء و هو راكب فرسا فعثرت به وسقط ابراهيم عليه السلام و شج رأسه دمه فأخد في الاستغفار و قال: الهي أي شي ء حدث مني؟ فنزل اليه جبرائيل و ابن خاتم الأوصياء فسال دمك موافقه لدمه، قال يا جبرائيل و من يكون قاتله؟ قال: لعين أهل السماوات و الأرض و القلم جري علي اللوح بلعنه بغير اذن ربه فأوحي الله تعالي الي القلم أنك استحقيت الثناء بهذا اللعن، فرفع ابراهيم عليه السلام يديه يزيد لعنا كثيرا


و أمن فره بلسان فصيح فقال ابراهيم لفرسه: أي شي ء عرفت حتي تؤمن علي دعائي فقال يا ابراهيم أنا أفتخر بركوبك علي فلما عثرت و سقطت عن ظهري عظمت خجلتي و كان سبب ذلك من يزيد. و روي أن أسماعيل عليه السلام كانت أغنامه ترعي بشط الفرات فأخبره الراعي أنها لا تشرب الماء من هذه المشرعه منذ كذا يوما فسأل ربه عن سبب ذلك؟ فنزل جبرائيل عليه السلام و قال: يا اسماعيل سل غنمك فانها تجيبك عن سبب ذلك، فقال: لم لا تشربين من هذا الماء؟ فقالت بلسان فصحيح: قد بلغنا أن ولدك الحسين عليه السلام سبط محمد يقتل عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعه حزنا عليه، فسألها عن قاتله؟ قالت بقتله لعين أهل السماوات و الأرضين و الخلائق أجمعين، فقال اسماعيل: اللهم العن قاتل الحسين. و روي أن موسي كان ذات يوم سائرا و معه يوشع بن نون فلما جاء الي أرض كربلاء انخرق نعله و انقطع شراكه و دخل الحسك في رجليه و سال دمه فقال: الهي أي شي ء حدث مني؟ فأوحي الله اليه: ان هنا يقتل الحسين و هنا يسفك دمك موافقه لدمه، فقال: رب و من يكون الحسين؟ فقيل له: هو سبط محمد المصطفي و ابن علي المرتضي، فقال: و من يكون قاتله؟ فقيل: هو لعين السمك في البحار و الوحوش في القفار و الطير في الهواء، فرفع موسي يديه و لعن يزيد و دعي عليه و أمن يوشع بن نون علي دعائه و مضي لشأنه. و روي أن سليمان عليه السلام كان يجلس علي بساطه و يسير في الهواء فمر ذات يوم و هو سائر في أرض كربلاء فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتي خافوا السقوط فسكنت الريح و نزل البسط في أرض كربلاء فقال سليمان للريح: لم سكنتي؟ فقالت: ان هنا يقتل الحسين عليه السلام فقال: و من يكون الحسين؟ قالت: هو سبط محمد المختار و ابن علي الكرار، فقال: و من قاتله؟ قالت: لعين أهل السماوات و الأرض يزيد، فرفع سليمان يديه و لعنه ودعي عليه و أمن دعائه الانس و الجن فهبت الريح و سار البساط. و روي أن عيسي عليه السلام كان سائحا في البراري و معه الحواريون فمروا بكربلاء فرأوا أسدا كاسرا قد أخذ الطريق فتقدم عيسي الي الأسد و قال له: لم جلست في هذ الطريق و لا تدعنا نمر فيه؟ فقال الأسد بلسان فصيح: اني لم أدع لكم الطريق حتي تلعنوا يزيد قاتل الحسين، فقال عيسي


و من يكون الحسين؟ قال: سبط محمد النبي الأمي و ابن علي الولي؛ قال و من قاتله؟ قال: قاتله لعين الوحوش و الذئاب و السباع أجمع خصوصا أيام عشوراء،

فرفع عيسي عليه السلام يديه و لعن يزيد و دعي عليه و أمن الحواريون علي دعائه فتنحي الأسد عن طريقهم و مشوا لشأنهم. فيا اخواني الذين اقتدوا بالأنبياء و المرسلين و الملائكه المقربين باللعن علي يزيد الغوي العنيد ألا لعنه الله علي الظالمين. و لله در من قال:



اذا جاء عاشورا تضاعف حسرتي

لآل رسول الله و انهل عبرتي



هو اليوم فيه اغبرت الأرض كلها

و جوما عليهم و السماء اقشعرت



مصائب ساءت كل من كان مسلما

و لكن عيون الفاجرات أقرت



اذا ذكرت نفسي مصيبه كربلا

و أشلاء سادات بها قد تفرت



أضاقت فؤادي و استباحت تجارتي

و عظم كربي ثم عيشي أمرت



أريقت دماء الفاطميات بالملا

فلو عقلت شمس النهار لخرت



ألا بأبي تلك الدماء التي جرت

بأيدي كلاب في الجحيم استقرت



توابيت من نار عليهم قد أطبقت

لهم زفره في جوفها بعد زفره



فشتان من في النار قد كان هكذا

و من هو في الفردوس فوق الأسره



روي عن طريق الخصم، مما صح روايته عن أبي هريره قال: خرج علينا رسول الله صلي الله عليه و آله و معه حسن و حسين عليهما السلام هذا علي عاتقه الأيمن و هذا علي عاتقه الأيسر و هو يلثم هذا مره و هذا ؤخري حتي انتهي الينا فقال له رجل انك لتحبهما؟ قال: و من أحبهما فقد أحبني، و من أبغضهما فقد أبغضني.

و بالطريق المذكور عن ابن عباس ان النبي صلي الله عليه و آله قال للحسن و الحسين من أحبكما كان معي في الجنه و من أبغضكما ففي النار:



فيا عاذلي خل عن عذلي

أيحسن أن يساو مثلهم مثلي



أتروم ويحك سلواني، أو تحاول اطفاء نيراني، و تبريد وجدي و أشجاني هيهات هذا لا يكون، و حيل بينهم و بين ما يشتهون، فيا حرقي تزايدي و يا نار وجدي توقدي، و يا فؤادي القريح من الحزن و الكآبه لا يستريح، و يا


قلبي الولهان دم العناء و الأحزان، و لله در من قال:



لا أضحك الله سن الدهر ان ضحكت

و آل أحمد مظلومون قد قهروا



مشردون نفوا عن عقر دارهم

كأنهم قد جنوا ما ليس يغتفر



روي عن بعض الأخبار: أن النبي صلي الله عليه و آله أجلس يوما الحسين عليه السلام علي فخذه الأيمن ابراهيم علي فخذه الأيسر و جعل يلثم هذا مره و هذا أخري من شده شغفه بهما فهبط جبرائل من رب العالمين و قال: يا محمد ان الله لم يكن ليجمع لك بينهما فاختر من شئت منهما فان الله قد أمر بقبض روح واحد منهما، فقال: يا أخي جبرائل ان مات الحسين بكي عليه علي و فاطمه و الحسن و أنا، و ان مات ولدي ابراهيم بكيت أنا وحدي فسل ربك اليه بقبض ابراهيم ولدي فمات ابراهيم بعد ثلاثه أيام، فكان النبي صلي الله عليه و آله اذا رأي حسينا مقبلا اليه يقول له: مرحبا بمن فديته بابني ابراهيم. فانظروا يا اخوتي الي هذا الشخص العظيم الرباني أيفديه سيد المرسلين بولده الذي هو من فلذه أحشائه و كبده؟ و يقتله أولاد الزواني و تخون فيه الأماني أولئك هم الخاسرون (و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) فعلي الأطائب من أهل بيت الرسول فليبك الباكون و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف الدموع من العيون أو لا تكومون كبهض مادحيهم حيث عرته الأحزان و تتابعت عليه الأشجان فنظم فيهم و قال: