بازگشت

الباب 2


اعلموا أيها الأخوان: ان نفثات الأحزان اذا صدرت عن زفير نيران الأشجان فرجت بعض الكروب عن الواله المكروب، و الدموع الهتان اذا أسبلت عن مقروحات الأجفان، نفس ذلك الدمع المصبوب ما يجده المتيم المتعوب فليلبس كل واحد منكم شعار أحزانه؛ و ليتجلبب بجلباب كآبته و اشجانه أما تعلمون أن لكل واحد منكم تمام ايمانه، أما تحبون أن يرجع ذلك لكل واحد منكم بميزانه، أأبلغ شاهد من هذا تريدون؟ فلم عن اقامه العزاء متقاصرون؟ أما بلغكم أن بعينهم جميع ما تصنعون؟ أما قال عزوجل: (و لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) بل و الله أنه قول لا مريه فيه و لا شك يعتريه و لله در من قال:



يا من بجاههم الظليل و عزهم

لذوي المراتب في البرايا سادوا



فلهم علي السبع الطرايق منصب

عالي البناء له العلاء عماد



و حياض وردهم مؤمل

يروي به الرواد و الوراد






ان أوعدوا صفحوا عن الجاني و ان

وعدوا بخير انجزوا الميعاد



تضع الملوك جباههم في أرضهم

و لزهدهم تتأدب الزهاد



ان كان غيري ناسيا لمصابكم

فالحزن في قلبي له تزداد



بالله أقسم لا تعدي دينكم

الا زنيم دينه الحاد



عن الصادق عليه السلام: اذا كان يوم القيامه نصب للفاطمه عليها السلام قبه من نور و يقبل الحسين عليه السلام ماشيا ورأسه في يده فاذا رأته فاطمه عليها السلام شهقت شهقه عظيمه فلا يبقي في ذلك الموقف ملك و لا نبي الا و بكي لبكائها فيمثل الله الحسين في أحسن صوره فيخاصم قتلته و هو بلا رأس فيجمع الله قتلته و المجهزين عليه و من شرك في قتاله فيقتلهم علي، ثم ينشرون فيقتلهم الحسن ثم ينشرون فيقتلهم الأئمه، و في خبر آخر عن النبي صلي الله عليه و آله قال: اذا كان يوم القيامه جاءت فاطمه الزهراء في لمه من نساء أهل الجنه فيقال لها أدخلي، فتقول لا أدخل حتي أعلم ما صنع بولدي الحسين؛ فيقال لها انظري في قلب القيامه فتنظر يمينا و شمالا فتري الحسين و هو قائم ليس عليه رأس فتصرخ صرخه عاليه و تصرخ الملائكه لصرختها و تقول وا ولداه وا ثمره فؤاداه، قال فيشتد غضب الله عند ذلك فيأمر الله نارا اسمها هبهب قد أوقدوا عليها ألف عام حتي اسودت و أظلمت لا يدخلها روح و لا يخرج منها هم و لا غم أبدا فيقال لها التقطي قتله الحسين فتلتقطهم جميعا واحدا بعد واحد فاذا صاروا في حوصضلتها صهلت بهم و صهلوا بها وشهقت بهم وشهقوا بها واشتد عليهم العذاب فيقلون ربنا لم أوجبت علينا النار قبل عبده الأوثان؟ فيأتيهم الجواب عن الله ان من علم ليس كمن لا يعلم فذوقوا عذاب الهون بما كنتم تعلمون و لله در من قال:



عين تروم فراق شخصك ساعه

كحلت بأميال العمي آماقها



نفس للحظك لم تكن مشتاقه

ضربت بأسياف العدي أعناقها



روي عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لما أمر الله ابراهيم عليه السلام أن يذبح مكان اسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمني ابراهيم أن يكون قد ذبح اسماعيل بيده و انه يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع الي قلبه ما


يرجع الي قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده فيستحق بذلك أرفع درجات أهل الثواب علي المصائب فأوحي الله عز و جل اليه يا ابراهيم من أحب خلقي اليك فقال: يا رب ما خلقت خلقا هو أحب الي من حبيبك محمد صلي الله عليه و آله فأوحي الله الي: يا ابراهيم هو أحب اليك أم نفسك؟ فقال بل هو أحب الي من نفسي قال: فولده أحب اليك أم ولدك؟ قال: بل ولده، قال: فذبح ولده ظلما علي يدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا رب بل ذبحه علي أيدي أعدائه أوجع لقلبي، قال يا ابراهيم ان طائفه تزعم أنها من أمته ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما و عدوانا كما يذبح الكبش و يستوجبون بذلك بيدك بجزعك علي الحسين و قتله و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب علي المصائب و ذلك قول الله تعالي: (و فديناه بذبح عظيم) و لله در من قال:



عليك ابن خير المرسلين تأسفي

و حزني و ان طال الزمان طويل



جللت فجل الرزء فيك علي الوري

كذا كل رزء للجليل جليل



فوا حسرتاه لتلك الجسوم المرمله بالدماء، ووا لهفتاه لتلك الأفواه اليابسه من الظلماء، و وحر قلباه لمولاي الحسين و هو ينادي فلا يجاب و يستغيث و ليس من يرد الخطاب و يطلب شربه من الماء فلا يسقي أو لا يداري و قد حرموه عليه و حللوه علي اليهود و النصاري و منعوه من توديع الأحباب و الأولأد و أظهروا في الاسلام حزنا لا ينقصي حتي المعاد، فلا غرو ان بكت عليه محاجري أو فر السهاد عن ناظري. فيا اخواني كيف يحسن نوح النائحيين و بكاء الباكين علي الف و خدين؟ و لا يحسن علي ابن أمير المؤمنين و ابن سيده نساء العالمين بلي و الله و الحق المبين و لله در من قال:



يا أهل بيت محمد دمعي لكم

جار و قلبي ما حييت كئيت



أنتم ولاه المسلمين و حبكم

فرض و نهج هداكم ملحوب



طبتم فبحكم النجاه و بغضكم

كفر برب العالمين وحوب



نقل عن ابن عباس أنه قال: لما حضرت رسول الله الوفاه بكي بكاء شديدا حتي بلت دموعه لحيته، فقلت له: يا رسول الله ما يبكيك؟ فقال:


أبكي لذريتي و ما يصنع من بعدي و ما يفعلون بهم أشرار أمتي فكأني بفاطمه عليها السلام ابتني و قد ظلمت من بعدي و غصب حقها و قهر بعلها و غصبت علي ميراثها فكأني بها و هي تنادي يا أبتاه فلا يعينها أحد من أمتي. فسمعت فاطمه كلام أبيها فبكت فقال لها النبي: اسكتي يا فاطمه أبشري يا بنت محمد بسرعه اللحاق بي و لم تلبثي بعدي الا قيلا و انك أول من يلحق بي من أهل بيتي، فسرت بذلك سرورا عظيما. و في بعض الأخبار عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما رأيت فاطمه ضاحكه بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قيل ما كان في الدنيا أعبد من فاطمه كانت تقوم للصلاه حتي تتورم قدماها. و قيل لما دفن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و رجعت فاطمه الي بيتها اجتمع اليها نساؤها فقالت: انا لله و انا اليه راجعون، انقطع عنا خبر السماء ثم قالت:



أغبر آفاق البلاد و كورت

شمس النهار و أظلم العصران



و الأرض من بعد النبي حزينه

أسفا عليه كثيره الرجفان



فليبكه شرق البلاد و غربها

وليبكه مصر و كل يمان



نفسي فداؤك ما لرأسك مائلا

ما وسدك وساده الوسنان



و نقل أنها وقعت علي قبره و قالت:



ما ضر من شم تربه أحمد

أن لا يشم مدي الزمان غواليا



صبت علي مصائب لو أنها

صبت علي الأيام صرن لياليا



فيا اخواني ان رغبتم في المنزل الكريم و الثواب العظيم الجسيم فأديموا الحزن عليهم و الجزع و الكآبه لديهم، فانه يكتب لكم في صحائف الحسنات و يمحو عنكم الذنوب المعضلات، فعلي الأطائب من أهل البيت، فلبيك الباكون، و اياهم فليندب النادبون و لمثلهم تذرف دموع العيون، أو لا تكونون كبعض ماديحهم حيث عرته الأحزان و الأشجان، فنظم و قال: