بازگشت

ما دل علي جرح الجسد


1 ـ ورد في زيارة الناحية المقدسة: (ولأبكينك بدل الدموع دما) [1] .

فإن الإمام عليه السلام وفقا لهذه الرواية قد تعهد بأن يبكي ولو أدي ذلك إلي أن تنزف عيناه دماً من أثر البكاء علي الإمام الحسين عليه السلام.

2 ـ وروي الصدوق عن جعفر بن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد بن عامر، عن عمه عبد الله بن عامر، عن ابراهيم بن أبي محمود، عن الإمام الرضا عليه السلام: (إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا). [2] .

فإن القرح هو الجرح. فالأئمة عليهم السلام قد بكوا علي الإمام الحسين عليه السلام حتي تقرحت جفونهم، فيجوز لنا إذن أن نفعل ما ينشأ عنه قرح وجرح، تأسيا بهم عليهم السلام. إلا إذا قيل: إن ذلك قد جاء منه عليه السلام علي سبيل المجاز والكناية عن شدة وكثرة البكاء.

3 ـ وقد حدّثنا التاريخ أن خلفاء بني العباس كانوا يرتكبون أعظم الجرائم حتي القتل في حق زوار الإمام الحسين عليه السلام، ويقدم الشيعة علي هذا الأمر باختيارهم. ولم ينقل عن الأئمة عليهم السلام أي اعتراض علي ذلك، أو تأفف منه، أو كراهة للإقدام عليه، رغم أنه من مفردات الضرر الجسيم، الذي لا يرضاه الناس لأنفسهم عادة.

وقد تقدم أن الأئمة عليهم السلام كانوا يأمرون شيعتهم بالزيارة, ويحثونهم عليها، رغم وجود الخوف من مواجهة تعديات السلطة عليهم.

4 ـ ويذكرون أن الإمام السجاد عليه السلام كان يبكي عند شرب الماء حتي يجري مع الدمع الدم في الإناء، فقيل له في ذلك، فقال: كيف لا أبكي وقد منع أبي من الماء الذي كان مطلقاً للسباع والوحوش. [3] .

5 ـ ويذكرون أيضا: أن السيدة زينب قد ضربت جبينها بمقدم المحمل حتي سال الدم من تحت قناعها [4] .

6 ـ وحين وصل السبايا إلي الكوفة، وخطب الإمام السجاد عليه السلام، وفاطمة بنت الحسين، وأم كلثوم بنت علي عليه السلام بكي الناس. أما النساء فقد "خمشن وجوههن ولطمن خدودهن إلخ.." [5] حسبما ذكره السيد ابن طاووس رحمه الله تعالي.

7 ـ وحين رجوع السبايا إلي المدينة (ما بقيت مخدرة إلا برزن من خدورهن مخمشة وجوههن، لاطمات خدودهن) [6] .

8 ـ ويدل علي جواز عمل ما يوجب تلف بعض الأعضاء خصوصا مع وجود غرض شرعي يتمثل هنا بإظهار جلالة وعظمة نبي من أنبياء الله عليهم السلام: ما فعله نبي الله يعقوب عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام، فإنه بكي علي ولده حتي (.. ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم) [7] .

ويعقوب عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام نبي مرسل، كان يتوقع رجوع يوسف إليه حياً، حيث قال: (عسي أن يأتيني الله بهم جميعا). [8] وقال: (إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون) [9] .

ومن الواضح: أن عمي يعقوب أعظم خطرا من إدماء الرأس أو الظهر علي الإمام الحسين الشهيد عليه الصلاة والسلام، فضلا عن اللطم العنيف، أو غير العنيف.

9 ـ بل إن نبي الله يعقوب عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام قد حزن علي ولده يوسف الذي فارقه، ويتوقع الإجتماع به ـ إلي حد أن أشرف علي الهلاك، حتي قال له أبناؤه:(تالله تفتؤ تذكر يوسف حتي تكون حرضا أو تكون من الهالكين) [10] .

10 ـ أضف إلي ما تقدم ما رواه الصدوق عن أبيه، عن سعد، رفعه: (ان الدمع قد خدّ خدّي يحيي بن زكريا، وأكل منهما حتي وضعت أمه عليهما لبداً). [11] .

11 ـ وروي الصدوق عن محمد بن ابراهيم، عن عمر بن يوسف، عن القاسم بن ابراهيم، عن محمد بن أحمد الرقي، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن النبي صلي الله عليه وآله: (أن شعيب النبي (عليه وعلي نبينا وآله الصلاة والسلام) قد بكي حتي عمي، فرد الله عليه بصره، ثم بكي حتي عمي، فرد الله بصره، ثم بكي حتي عمي، فرد الله عليه بصره). [12] .

وروي الصدوق عن محمد بن الحسن، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن محمد بن سهل البحراني، يرفعه إلي أبي عبد الله عليه السلام قال: البكاؤون خمسة... إلي أن قال: فأما آدم فبكي علي الجنة حتي صار في خديه أمثال الأودية. [13] .


پاورقي

[1] البحار ج 98 ص 317 و318.

[2] الأمالي للصدوق ص113 المجلس 27 ح2 والبحار ج44 ص284.

[3] تاريخ النياحة ج6 ص 146، عن جلاء العيون للسيد عبد الله شبر، وعن أعيان الشيعة.

[4] البحار ج45 ص115 والفردوس الأعلي ص19ـ22 المجالس الفاخرة ص298.

[5] اللهوف ص88 ط صيدا سنة 1929 والبحار ج45 ص112.

[6] اللهوف ص114 ط صيدا ودعوة الحسينية ص 117 والبحار ج 45 ص 147.

[7] سورة يوسف: الآية 84.

[8] سورة يوسف: الآية 83.

[9] سورة يوسف: الآية 94.

[10] سورة يوسف: الآية 85.

[11] بحار الأنوار ج67 ص 388.

[12] علل الشرائع ج1 ص 54 باب51 ط مکتبة الطباطبائي بقم. بحار الأنوار ج12 ص 380.

[13] بحار الأنوار ج79 ص87 وج11 ص204 وفي هامشه عن الخصال ج1 ص131.