بازگشت

احتمالات الهلاك لا تمنع


وهذه باقة ريانة من النصوص الدالة علي جواز التعرض للأذي في إحياء ذكري الإمام الحسين عليه السلام، وهي طوائف.

الأولي: ما دل علي جواز التعرض للقتل في سبيل إحياء الشعائر وذلك مثل:

1 ـ قال الشيخ المفيد في كتاب المزار: زيارة أخري في يوم عاشوراء، برواية أخري: إذا أردت زيارته بها في هذا اليوم فقف فقل... ثم ذكر الزيارة، وهي المعروفة بزيارة الناحية [1] وجاء فيها:

(ولأبكينك بدل الدموع دماً، حسرةً عليك وتأسفاً علي ما دهاك، حتي أموت بلوعة المصاب، وغصة الإكتئاب)

وجاء فيها أيضاً: (تلطم عليك فيها الحور العين، وتبكيك السماء وسكانها)

وهذه الزيارة، وإن لم تكن ثابتة من حيث السند، لكن ذلك لا يعني أن تكون مكذوبة ومخترعة.

وإنما نذكرها هنا، لا لتكون هي الحجة والدليل، بل لتسهم مع مثيلاتها من الروايات الكثيرة الصحيحة والمعتبرة، وغيرها.

فإنه عليه السلام قد أجاز لنفسه أن: تصل به لوعة المصاب وغصة الإكتئاب علي الإمام الحسين عليه السلام إلي حد الموت..

2 ـ وفيما يروي عنهم عليهم السلام، فإنهم قد حثّوا علي زيارة الإمام الحسين عليه السلام حتي مع احتمال الموت غرقا، فقد ذكر بعضهم: أنه قيل للإمام الصادق عليه السلام: يا ابن رسول الله، إن بيننا وبين قبر جدك الحسين لبحرا, وربما انكفأت بنا السفينة في البحر.

فقال: لا بأس، فإنها إن انكفأت، انكفأت في الجنة [2] .

3 ـ عن محمد بن جعفر القرشي الدزاز، عن خاله محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن بشير السراج، عن ابي سعيد القاضي، عن أبي عبد الله عليه السلام يقول فيها: (ومن أتاه بسفينة فكفت بهم سفينتهم نادي مناد من السماء: طبتم وطابت لكم الجنة). [3] .

4 ـ قال ابن قولويه: حدثني أبي رحمه الله، وعلي بن الحسين، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد بن حمدان العلاني، عن محمد بن الحسين المحاربي، عن أحمد بن ميثم، عن محمد بن عاصم، عن عبدالله بن النجار قال: قال لي أبو عبدالله عليه السلام: تزورون الحسين عليه السلام، وتركبون السفن؟.

قلت: نعم.

قال: أما تعلم أنها إذا انكفت بكم نوديتم، ألا طبتم وطابت لكم الجنة. [4] .

5 ـ وقد كان خلفاء بني العباس يمارسون أعظم الجرائم في حق من يريد زيارة الإمام الحسين عليه السلام. وكان الشيعة يقدمون علي هذا الأمر، بملء إرادتهم، حتي ليقال: إن بعضهم جاء وقدم يده للقطع، فقيل: لماذا لا تمد يدك الأخري؟..فقال: لهم لقد قطعتموها في العام الماضي.

وكان الشيعة رضوان الله عليهم يقدمون علي هذا الأمر. ولم نجد اعتراضاً علي ذلك من أحد من الناس، لا من العلماء ولا من الأئمة عليهم السلام، ولا قال لهم أحد من الناس: أن الشرع يمنع من إلقاء النفس في المهالك.

ولا منعتهم عقولهم من هذا الأمر.

ولا أدركت العقول قبح ذلك، ولزوم التحرز منه والإبتعاد. بل كان فعلهم عين الصواب. لأن مصلحة الإسلام، والحفاظ علي الشعائر أولي وأهم من سلامة الأعضاء، بل من حفظ النفس، فضلا عما هو دون ذلك كالأذي الناشئ عن اللطم أو عن جرح الرأس وغيره..

6 ـ وقد بكي الإمام السجاد عليه السلام حزناً علي الإمام الحسين عليه السلام حتي خيف علي عينيه.. [5] .

وفي سياق آخر، قيل له: إنك لتبكي دهرك، فلو قتلت نفسك لما زدت علي هذا [6] .

7 ـ حدثني أبي رحمه الله عن جماعة مشايخي، عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين ابن أبي الخطاب، عن أبي داود المسترق، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: بكي علي بن الحسين علي أبيه حسين بن علي صلوات الله عليهما عشرين سنة أو أربعين سنة، وما وضع بين يديه طعاما إلا بكي علي الحسين، حتي قال له مولي له: جعلت فداك يا بن رسول الله، اني أخاف عليك أن تكون من الهالكين.

قال: إنما أشكو بثي وحزني إلي الله، واعلم من الله ما لا تعلمون إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة لذلك [7] .

8 ـ وقدمنا: أن يعقوب عليه السلام قد بكي علي ولده يوسف حتي خافوا عليه من الهلاك أو أشرف عليه: (قالوا: تالله تفتؤ تذكر يوسف حتي تكون حرضاً أو تكون من الهالكين).

9 ـ عن أحمد بن محمد بن عياش عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن عبيد الله بن الفضل بن محمد، عن سعيد بن محمد، عن محمد بن سلام بن يسار (سيار خ ل) الكوفي، عن أحمد بن محمد الواسطي، عن عيسي بن أبي شيبة, عن نوح بن دراج، عن قدامة بن زيدة، عن أبيه، عن الإمام السجاد عليه السلام في حديث قال ـ واصفاً حاله حين حملت النساء علي الأقتاب، ورأي الشهداء صرعي ـ:

(..فيعظم ذلك في صدري، واشتد ـ لِما أري منهم ـ قلقي، فكادت نفسي تخرج، وتبينت ذلك مني عمتي زينب الكبري بنت علي عليه السلام، فقالت: ما لي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي واخوتي، الخ..) [8] .


پاورقي

[1] راجع البحار ج98 ص238و239و241و317و320 وراجع: المزار الکبير ص171 ومصباح الزائر ص116.

[2] نظرتنا الفقهية في الشعائر الحسينية ص11.

[3] کامل الزيارات ص134و135 والوسائل ج14 ص158 ط مؤسسة آل البيت وفضل زيارة الحسين ص 57 و 58 تأليف محمد بن علي بن الحسين العلوي الشجري.

[4] کامل الزيارات ص135 والوسائل ج14 ص159 ط مؤسسة آل البيت، وفضل زيارة الحسين(ع) ص57و58، تأليف محمد بن علي بن الحسين العلوي الشجري.

[5] البحار ج46 ص 108 وفي هامشه عن المناقب لابن شهر آشوب ط نجف ج 3 ص 303.

[6] البحار ج 46 ص 109 عن المناقب أيضا.

[7] کامل الزيارات ص 107 والبحار ج79 ص87 وفي هامشه عن الخصال ج1 ص131.

[8] کامل الزيارات ص 261 (الزيادات)، والبحار ج28 ص57.