بازگشت

رواية الفرار من الطاعون


وقد أظهرت الروايات: أن الفرار من الطاعون ليس واجباً، بل هو رخصة.

فعن علي بن ابراهيم، عن أبيه عن ابن ابي عمير، عن حماد بن عثمان، عن الحلبي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الوباء يكون في ناحية المصر، فيتحول الرجل إلي ناحية أخري، أو يكون في مصر فيخرج منه إلي غيره؟!

فقال: لا بأس، إنما نهي رسول الله صلي الله عليه وآله عن ذلك لمكان ربيّة [1] كانت بحيال العدو، فوقع فيهم الوباء، فهربوا منه، فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: الفارّ منه كالفارّ من الزحف، كراهية أن تخلو مراكزهم [2] .

وقريب من ذلك: ما رواه الصدوق عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن فضالة، عن ابان الأحمر، عن أبي عبد الله عليه السلام.

وثمة روايات أخري بهذا المضمون فراجع. [3] .

ففي هذه الرواية:

أولاً: إنه عليه السلام لم يحتم علي ذلك السائل التحول والإبتعاد عن موضع الخطر، بل قال له: لا بأس..

إلا أن يقال: إن كلمة (لا بأس) قد وردت في مورد توهم الخطر، فهي تدل علي عدم العقاب علي الفعل الذي ارتكبه السائل متوهما حرمته.

ثانياً: إنه عليه السلام قد أوضح أن النبي قد حتم علي ربية أن لا يهرب من الطاعون، لكي لا تخلو تلك المراكز منهم. واعتبر ذلك كالفرار من الزحف.

وذلك معناه: أن الضرر النوعي مقدم علي الضرر الشخصي. فلا بد من دفع الأول ولو بقيمة تعريض النفس للثاني، فكيف يقال: إن فعل ما فيه ضرر قبيح ذاتا بحكم العقل؟!..

أليس هذا يدل علي أن عروض عنوان ثانوي يوجب جعل هذا الأمر حسنا ومطلوبا؟.


پاورقي

[1] الربيئة: العين علي العدو، ولا يکون إلا علي جبل، أو شرف....

[2] الکافي ج8 ص93 ط مطبعة النجف ـ النجف الأشرف / العراق ـ والوسائل ط مؤسسة آل البيت ج2 ص429 و430.

[3] معاني الأخبار ص254 والوسائل ط مؤسسة آل البيت ج2 ص430و431 وفي هامشه عن علل الشرائع ج2 ص520 ومسائل علي بن جعفر ص117.