بازگشت

المعصوم و احتمال الضرر والهلاك


إننا إذا انتقلنا إلي عالم النصوص الواردة عن النبي وأهل بيته الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فسوف يكون أمامنا موارد كثيرة تدخل في هذا السياق، وتشير الي هذا الإتجاه بالذات، فهناك موارد أوجبها الشارع أو مارسها أهل الشرع قد كان فيها احتمال الهلاك ظاهراً.. أو كان فيها الضرر البالغ محققاً..

ونذكر من ذلك ما يلي:

1 ـ الكليني: عن أحمد بن محمد بن سعيد، عن جعفر بن عبد الله العلوي، وأحمد بن محمد الكوفي، عن علي بن العباس، عن اسماعيل بن اسحاق جميعا عن أبي روح فرج بن قرة عن مسعدة بن صدقة، قال حدثني ابن أبي ليلي، عن ابي عبد الرحمن السلمي، قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أما بعد فإن الجهاد باب من أبواب الجنة, إلي أن قال:

(وقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل علي المرأة المسلمة، والأخري المعاهدة، فينتزع حجلها، وقُلبها، وقلائدها، ورعاثها، ما تمنع (تمتنع خ.ل.) منه إلا بالإسترجاع والإسترحام، ثم انصرفوا وافرين، ما نال رجلا منهم كلم، ولا أريق له (لهم خ.ل.) دم.

فلو ان امرأً مسلماً مات من بعد هذا أسفاً ما كان به ملوماً، بل كان عندي به (به عندي خ.ل.) جديراً.) [1] .

فهو عليه السلام لا يلوم من يموت من المسلمين أسفاً لسلب امرأة كافرة، ليس هو مسؤولاً عن حمايتها، لأنها معاهدة لمدة علي متاركة الحرب، حتي إذا انقضت تلك المدة فربما تعود إلي حرب المسلمين، وإلي السعي في أذاهم وقتلهم..

بل إنه عليه السلام يري أن من يموت أسفاً لهذا الأمر جديرٌ بذلك.. رغم أن ما جري لهذا الكافرة المعاهدة هو مجرد سلب حليها منها، دون أن تتعرض لضرب، ولا لهتك، ولا لأسر، ولا لقتل..

فإذا كان الموت أسفاً علي سلب امرأة كافرة غير موجب للّوم، فالموت حزناً علي الحسين عليه السلام، وأسفاً لما جري عليه، وعلي أصحابه لا يوجب اللوم، بل يكون في محله..

2 ـ قد أوجب الله تعالي جهاد العدو أو أجازه ـ ونقصد به الجهاد الإبتدائي لا الدفاعي ـ مع ما في هذا الجهاد من احتمال القتل، أو قطع بعض الأعضاء، أو الجرح..

3 ـ قد أمر الله سبحانه بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم، فقال:

(وإذ قال موسي لقومه: يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل، فتوبوا إلي بارئكم، فاقتلوا أنفسكم، ذلكم خير لكم عند بارئكم، فتاب عليكم، إنه هو التواب الرحيم). [2] .

وقال تعالي: (ولو أنا كتبنا عليهم: ان اقتلوا أنفسكم، أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه). [3] .

فلو كان القتل قبيحاً ذاتاً، لم يأمرهم الله سبحانه به.

4 ـ وقد قال الله تعالي لنبيه: (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات). [4] وقال: (فلعلك باخع نفسك علي آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) [5] .

وقال تعالي: (لعلك باخع نفسك ألاّ يكونوا مؤمنين) [6] .

فهو صلي الله عليه وآله يعرض نفسه لأمور صعبة إلي حد الهلاك من أجل أناس يعلنون الحرب عليه، ويقتلون المسلمين، ويفتكون حتي بمثل عمه حمزة وعبيدة بن الحارث وغيرهم.

ألا يحق لنا نحن أن نأسف إلي حد الموت لقتل الحسين أو إلي حد إلحاق بعض الأذي بأجسادنا؟.


پاورقي

[1] الکافي ج5 ص4 ونهج البلاغة، الخطبة رقم 27 والبيان والتبيين ج2 ص54 والکامل للمبرد ج1 ص20 والعقد الفريد ج4 ص66 ومصادر نهج البلاغةج1 ص395ـ397 عنهم والأخبار الطوال ص211 وأنساب الأشراف ط الأعلمي ص442 ومعاني الأخبار ص309 والأغاني ج15 ص45 والغارات 476 ووسائل الشيعة وعن التهذيب للطوسي ج2 ص416 ط أمير بهادر والبحار ط حجرية ج8 ص699و700.

[2] سورة البقرة / 57.

[3] سورة النساء / 66.

[4] سورة فاطر / 8.

[5] سورة الکهف /6.

[6] سورة الشعراء /3.