بازگشت

مناقشة الدليل الاول


أما بالنسبة للدليل الأول. فنقول:

أولاً: إن آية: (ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة)، ناظرة إلي التهلكة في الآخرة، لأنها تتحدث عن الإنفاق في أمر الجهاد، وأن الإمتناع عن هذا الإنفاق يعرِّض الإنسان لعقاب الله سبحانه، وللهلاك في الآخرة..

ثانياً: لو سلمنا أن الآية تشمل الهلاك في الدنيا أيضاً.. فإننا نقول: إنه ليس في شيء مما يمارسه محبّو الإمام الحسين عليه السلام في عاشوراء ما يؤدي إلي الهلاك في الدنيا..

ولم نسمع ولم نر أحداً مات نتيجة لجرح رأسه، أو بسبب اللطم علي الصدور، أو ضرب الظهور بالسلاسل، أو نحو ذلك..

بل لم نسمع أن أحداً مرض مرضاً خطيراً، أو حتي غير خطير بسبب ذلك، فلو كان لبان.

ثالثاً: إنه حتي لو اتفق ذلك في حالات نادرة فسيأتي أنه لا يوجب التحريم أصلاً. إذ هو لا يعدو كونه أمراً نادراً، قد تكون له أسبابه الخاصة التي لا ربط لها بممارسة هذا الأمر.. تماماً، كما لو اتفق مثل هذا الأمر في أكلة بأكلها، أو في تعرّض للهواء في ساعة باردة. أو حارة.. أو ما إلي ذلك...

فإن ذلك لا يدعو إلي تحريم تلك الأكلة، ولا إلي المنع من الخروج في ساعات البرد أو الحر..

بل إن ذلك قد يحصل من ركوب السيارة، إذ قد يتفق حصول حادث يؤدي إلي الوفاة، أو إلي نقص عضو، أو إصابة بمرض خطير، أو غيره..

ويحصل ذلك أيضاً من ركوب الطائرة، والقطار، ومن غير ذلك من أمور.

وأما سائر الآيات التي ذكروها دليلاً فهي لا تدل علي ذلك، إذ هي ناظرة إلي العذاب الإلهي في الآخرة، كما يظهر لمن يرجع إليها..

فإن الله سبحانه حين يحذر الناس نفسه، إنما يحذرهم من العذاب الذي يواجههم به..

كما انه قد حذّرهم من الفتنة من جهة، ومن العذاب الأليم من جهة أخري، والعذاب الأليم إنما هو في الآخرة، وأما الفتنة فليست هي الهلاك والموت، وذلك ظاهر..