السنة و البدعة
و قد ورد التعبير في النصوص الاسلامية عن حالتي الارتباط بالسلف
و القطيعة اللتين تحدثنا عنهما بالعمل ب(السنة) و (البدعة).
فالعمل بالسنة هو الارتباط السلوكي بالسلف الصالح و حالة الاقتداء و التبعية الواعية.. في مقابل (البدعة) و هي حالة القطيعة عن السلف و قطع الجسور، و الانحراف عن مسيرة السلف الصالح الي الأنماط الجاهلية المستحدثة و القديمة.
ان الاهتمام الكبير في النصوص الاسلامية بمسألة السنة قد ينشأ من هذه النظرة، و يعبر عن اهتمام الاسلام بربط الأجيال المتعاقبة بميراث الأنبياء و المرسلين من السلف الصالح، و شدهم بالأنبياء و الأولياء و الصالحين من سلفنا.
و القرآن الكريم يدعو المسلمين الي التأسي بالأنبياء و المرسلين بشكل عام، و بأبي الأنبياء ابراهيم عليه السلام و بخاتم الأنبياء رسول الله صلي الله عليه وآله بشكل خاص:
(لقد كان لكم فيهم اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله). [1] .
(قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم و الذين معه). [2] .
(لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجوا الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيرا). [3] .
و قد روي عن رسول الله صلي الله عليه وآله:
«عمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة». [4] .
و عن رسول الله صلي الله عليه وآله:
«لا يقبل قول الا بعمل، و لا يقبل قول و عمل و نية الا باصابة السنة». [5] .
و عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال:
«سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: عليكم بالسنة، فعمل قليل في سنة خير من عمل كثير في بدعة». [6] .
و عن رسول الله صلي الله عليه وآله:
«عن تمسك بسنتي في اختلاف امتي كان له أجر مائة شهيد». [7] .
و عن علي بن مهزيار، عن منصور أبي يحيي، قال: سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول:«صعد رسول الله صلي الله عليه وآله المنبر فتغيرت و جنتاه و التمع لونه، ثم أقبل بوجهه فقال: يا معشر المسلمين، انما بعثت أنا و الساعة كهاتين، ثم ضم السباحتين. [8] .
ثم قال: يا معشر المسلمين، أن أفضل الهدي هدي محمد صلي الله عليه وآله، و خير الحديث كتاب الله، و شر الامور محدثاتها. ألا و كل بدعة ضلالة، ألا و كل ضلالة في النار». [9] .
و عن رسول الله صلي الله عليه وآله:
«في القلب نور لا يضي ء الا من اتباع الحق و قصد السبيل، و هو نور من المرسلين الأنبياء يودع في قلوب المؤمنين». [10] .
و عن ابن حميد، رفعه قال: جاء رجل الي أميرالمؤمنين فقال: أخبرني عن
(السنة) و(البدعة) و عن (الجماعة) و عن (الفرقة):
فقال أميرالمؤمنين عليه السلام:
«(السنة) ما سن رسول الله، و (البدعة) ما احدث من بعده، و (الجماعة) أهل الحق و ان كانوا قليلا، و (الفرقة) أهل الباطل و ان كانوا كثيرا». [11] .
و عن موسي الكاظم عليه السلام:
«ثلاث موبقات: نكث الصفقة، و ترك السنة، و فراق الجماعة». [12] .
و في النصين الأخيرين تتبين الأبعاد التلاحم العضوي الوثيق في بناء الامة في الارتباط بمنابع التشريع (السنة) و الارتباط بالقيادة (البيعة) و الارتباط العضوي بالامة (الجماعة).
و روي عن رسول الله صلي الله عليه وآله:
«رحم الله خلفائي، فقيل يا رسول الله و من خلفاؤك؟ قال: الذين يحيون سنتي و يعلمونها عباد الله». [13] .
و الارتباط بين الخلافة و السنة يلفت النظر في هذا الحديث، فالخلافة تتحقق باتباع سنة رسول الله صلي الله عليه وآله.
و أيضا عن رسول الله صلي الله عليه وآله:
«أما بعد فان خير الامور كتاب الله، و خير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وآله، و شر الامور محدثاتها، و كل بدعة ضلالة». [14] .
و عنه صلي الله عليه وآله:
«من أحيا سنة من سنتي فعمل بها الناس كان له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من اجورهم شيئا، و من ابتدع بدعة فعمل بها كان عليه أوزار من عمل بها، لا ينقص من أوزار من عمل بها شيئا». [15] .
و كأن الذي يبتدع في الدين و يقطع الأجيال اللاحقة عن اتباع السنة يتحمل وزر كل الذين ينقطعون عن المسيرة و الخط، دون أن ينقص من أوزارهم شي ء.
پاورقي
[1] الممتحنة / 6.
[2] الممتحنة/ 4.
[3] الاحزاب / 21.
[4] بحارالأنوار / ج 2، ص 261.
[5] بحارالأنوار / ج 2، ص 261.
[6] المصدر السابق / ص 262.
[7] المصدر السابق / ص 262.
[8] السباحة: الاصبع التي تلي الابهام.
[9] بحارالأنوار / ج 2 ص 263.
[10] بحارالأنوار / ج 2، ص 265.
[11] بحارالأنوار / ج 2، ص 266.
[12] بحارالأنوار / ج 2، ص 266.
[13] بحارالأنوار / ج 2، ص 25.
[14] سنن ابنماجة / ج 1، ص 17، الحديث 45.
[15] سنن ابنماجة / ج 1 ص 76.