بازگشت

المحافظة علي المواريث الحضارية


و من هذا المنظور، يجب علينا نحن الدعاة الي الله تعالي، المحافظة علي هذه المواريث الحضارية في حياة الامة، و حمايتها و تبنيها لتحصين شخصية الامة و تثبيتها، و المحافظة علي أصالتها و عراقتها.

و بعكس ذلك: فان تعريض المواريث الحضارية العريقة للاهدار و الضياع، يعرض شخصية الامة للمسخ و الضياع.

ففي سورة مريم، بعدما يستعرض القرآن الكريم شطرا من قصة ابراهيم و اسحاق و يعقوب و موسي و اسماعيل و ادريس عليهم السلام، يقول تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله:

(اولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم و ممن حملنا مع نوح و من ذرية ابراهيم و اسرائيل و ممن هدينا و اجتبينا اذا تتلي عليهم آيات الرحمن


خروا سجدا و بكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و اتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا). [1] .

هذا الخلف الذين يذمهم القرآن الكريم، هم الذين أضاعوا الصلاة - ميراث الآباء و السلف - و اتبعوا الشهوات، و ينذرهم القرآن الكريم بأنهم سوف يلقون غيا.

ان من الناس من يحفظ الأمانة في مواريث السلف، و يستلمها و يحافظ عليها من الضياع و الدس و الانحراف، ثم يسلمها الي الخلف الذين يلونهم من الجيل الجديد... و هؤلاء هم الخلف الصالح للسلف الصالح و حملة الأمانة، الذين يصلون الرحم، و لا يقطعونه. و من الناس من لا يحفظون الأمانة و العهد، و تضيع علي أيديهم مواريث السلف... هؤلاء هم الذين تعنيهم الآية الكريمة: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة).

ان من الناس من يكون جسرا بين جيلين، جيل سابق عليه و جيل يلحقه، ينقل مواريث الصالحين من الآباء و الأسلاف الي الجيل الذي يلي جيله... و هؤلاء هم الامناء.

و من الناس من يشكل فجوة و قطيعة و حاجزا بين جيلين، الجيل السابق و الجيل اللاحق، فيفصل هذا الجيل عن ذلك الجيل، و يقطع الخلف عن السلف، و هذه القطيعة هي أبرز صور الخيانة و العقوق و قطيعة الرحم.


پاورقي

[1] مريم / 59 - 58.