بازگشت

وجها الحياة الدنيا


و الدين و العيال هما وجهان مختلفان للدنيا، فالعيال تعبير عن تعلق الانسان بالدنيا و هو أحد وجهي الدنيا، و هو ما يسميه القرآن الكريم ب«الشهوات»و تجمع هذه الآية الكريمة طائفة من هذه التعلقات:

(زين للناس حب الشهوات من النساء و البنين و القناطير المقنطرة من الذهب و الفضة و الخيل المسومة و الأنعام و الحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده


حسن المآب). [1] .

و الدين هو الوجه الآخر للدنيا، و هو وجه التبعات و المسؤوليات، و الدنيا هي عبارة عن تعلقات و تبعات، و من أجل لذة التعلقات يتحمل الانسان مرارة التبعات، و لابد لكل انسان من هذه التعلقات و من هذه التبعات و لا يشذ عن هذه السنة الالهية في الحياة الا القليل.

و هذه (التعلقات) و (التبعات) بمجموعها هي العوائق في طريق الانسان و حركته الي الله تعالي، تعيق الانسان عن الله سبحانه، و قد أعاقتا في هذه القضية مالك بن النضر الأرحبي اعاقة كاملة، و أعاقتا الضحاك بن عبدالله المشرقي اعاقة ناقصة.

فكيف نتعامل نحن في الدنيا مع هذه العوائق؟ و ما هو موقف الاسلام منها؟

ان الحل الذي يعطيه الاسلام للتعامل مع هذه العوائق«التعلقات و التبعات»دقيق في غاية الدقة، و أكثر الذين شطوا في فهم الحل الاسلامي لمسألة الدنيا بوجهيها كانوا ضحية عدم الدقة في تناول هذا الحل بأبعاده الكاملة.

فليس في الاسلام أن يتخلي الانسان عن عيال أو دين، أو حتي أن يتخفف عنهما، و التخلي أو التخفف من العيال و المال من الرهبانية التي يرفضها الاسلام.

و قد كان رسول الله صلي الله عليه وآله يعيش مع الناس و يتزوج و يتعامل مع الدنيا، كما يتعامل غيره، و كان له عيال، و عليه ديون و تبعات، كما كان لغيره، و كان له بيت يضم عياله، و كان يدخل السوق في حاجاته و شؤونه كما كان الآخرين يعملون.

و قوام الحل الاسلامي هو أن يتحرر الانسان من أسر العيال و المال، و ليس أن يتخلي أو يتخفف منهما، و بين الأمرين بون بعيد، فليس من الاسلام أن يتخلي


الانسان أو يتخفف من عياله و ماله، ولكن من صلب الاسلام و تعليماته و توجيهاته أن يتحرر الانسان من سلطان عياله و ماله.

فلا يرفض الاسلام البيت أو السوق في حياة الانسان، و لا يأمره أن يعتزل هذا أو ذاك، ولكن يرفض أن يتحول البيت أو السوق الي سجن في حياة الانسان يقيدان حركته و يمنعانه عن الانطلاق و يحجزانه و يعيقانه عن الله تعالي.

و بشكل أوضح و تعبير أدق أن الاسلام يرفض أن يتحول العيال و المال في حياة الانسان الي عوائق تعيق حركة الانسان،كما عاقت حركة مالك بن النضر الأرحبي و الضحاك بن عبدالله المشرقي.


پاورقي

[1] آل عمران / 14.