بازگشت

تمحيص و تهذيب المسيرة في المجتمع


ان مسيرة الدعوة لو كانت محفوفة بالنصر دائما و مفروشة باليسر و الرخاء، تراكمت عليها العناصر المنافقة التي تحسن التسلق علي الجدران العالية، اولئك الذين يغيبون حين البأس، و يحضرون حين توزيع الغنائم، و تطول السنتهم في المطالبة بالغنائم: (فاذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون اليك تدور أعينهم كالذي يغشي عليه من الموت).

ان مسيرة الدعوة ان كانت تخلو من المكاره و مرارة الانتكاسات تجمعت حولها طائفة واسعة من المنافقين و ضعفاء النفوس، و احتلوا منها المواقع الحساسة... و اذا ما تولت هذه الطائفة امور الدعوة و المسيرة تعطل دورها القيادي في حياة الناس، و فقدت الدعوة قدرتها علي التغيير و القيادة، و تحولت الدعوة من طريق ذات الشوكة في مواجهة الطاغوت.. الي مسيرة مترفة عامرة باللذات و متع الحياة، و فقدت كل امكاناتها علي العمل و التغيير و الحركة، كما حصل ذلك في عصر بني امية و بني العباس.

فلابد في هذه المسيرة بين حين و آخر من انتفاضة قوية تطرد فيها المنافقين و ضعفاء النفوس عن موكب هذه الدعوة، و تستخلص المؤمنين الأقوياء الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، و أخلصوا لله في عملهم.

فليست مسيرة هذه الدعوة كسائر ما يألفه الناس من مسيرات الأنظمة


و الحكومات التي تطلب الحياة الوديعة المترفة و البعيدة عن المتاعب و المنغصات.. فان هذه الحياة الوديعة و المترفة تجعل جو الدعوة مرتعا للمنافقين و ضعفاء النفوس، فاذا تعرضت هذه المسيرة للآلآم و المحن و المصائب...و متاعب الطريق و الدم و الانتكاسات المرة صفا جو الدعوة للمؤمنين.. و تخلصت هذه المسيرة للصفوة الصادقة من المؤمنين و المجاهدين، و يتميز المؤمنون عندها عن غيرهم (و ليعلم الله الذين آمنوا).