بازگشت

تداول النصر و الهزيمة في ساحة المعركة


لقد كان المسلمون يظنون بعد أن نصرهم الله تعالي ببدر... أن النصر حليف


الفئة المؤمنة دائما، لا يفارقهم و لا يعدوهم... و أنهم اذا آمنوا بالله و رسوله، و جاهدوا في سبيل الله، فلن يختلف عنهم النصر في حال من الأحوال، فلما أذاقهم الله مر الانتكاسة في احد، و انتكس المسلمون في هذه المعركة عندما خالف الرماة أمر رسول الله صلي الله عليه وآله،و تخلفوا عن مواقعهم بحثا عن الغنائم.. اهتزت نفوس المسلمين.. و اهتزت الثقة في نفوسهم بالنصر... و عادوا يشكون في أن تكون لهم عاقبة الأمر، و غلب الضعف علي النفوس.. و تمكن الحزن في نفوسهم علي الذين استشهدوا في هذه المعركة من سراة المسلمين ومن الصفوة المؤمنة، الذين صدقوا الله و أخلصوا له في العمل و الجهاد...

فيعيد الله تعالي الي نفوسهم الثقة بالنصر أولا، و يطمئنهم بأن العاقبة للمؤمنين، مهما كانت القروح و الآلام و الانتكاسات و العناء خلال طريق ذات الشوكة.

و يزيل الضعف و الوهن، و لا حزن علي نفوسهم و يثبت أفئدتهم و قلوبهم بالنصر و العلو..

(و لا تهنواو لا تحزنوا، و أنتم الأعلون، ان كنتم مؤمنين).

ثم يذكرهم الله تعالي ان ما مسهم من القرح في الحرب لم يخصهم فقط، و انما مس أعداءهم أيضا.. و هذا القرح و ما يصيب المقاتلين من أذي و تعب و خسائر من متطلبات المعركة.. لا يمكن أن يخص طرفا دون الآخر.. و لا يمكن أن تجري معركة من دون قروح..(... ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله). و قد جرت سنة الله تعالي أن يداول الأيام بين الناس، فيجعل يوما للمؤمنين علي الكافرين، و آخر للكافرين علي المؤمنين، و ينصر هؤلاء في يوم و يذيقهم مر الانتكاسة في يوم آخر.. و هكذا يداول بينهم النصر.. علي أن العاقبة للمؤمنين فقط.


و هذه المداولة لا تغير مشيئة الله تعالي و تبقي العاقبة للمتقين.

و انما يداول الأيام بين الناس، و يذيق المؤمنين الشدة و الرخاء و نشوة النصر حينا و مرارة الانتكاسة حينا آخر، ليتميز الذين آمنوا و صدقوا في ايمانهم و ثبتوا علي الايمان.. عن المنافقين و ضعاف النفوس و أصحاب النفوس المهزومة.