بازگشت

ليحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين


و ان طالت هذه المحنة... فلكي يمتحن الله قلوب عباده، و يعرف الثابتين منهم عن المهزومين... و هو العالم بخفايا القلوب، و لكي يثبت الله للمؤمنين قدم صدق علي أرض المعركة، و لكي يتخفف المؤمنون في هذا الصراع من حب الدنيا و التعلق بها.

و لكي يزدادوا يقينا بالله تعالي في هذا الصراع.. فان الانسان لا يرزق اليقين في ساعات الرخاء و الراحة و العافية... مثل ما يناله في الابتلاء... و لكي يتمرس المؤمنون علي مواجهة التحديات الكبيرة... و تجاوز الصعاب في سبيل الله و يزدادوا بأسا و قوة و ايمانا... و لكي يقوي في قبولهم الولاء و البراءة... فان الولاء يقوي من خلال التضحية و العطاء و البراءة، تقوي من خلال المواجهة و القتال.

و ليس هذا الصراع و ما يستتبعه من آلام و عناء يخص هذه الثورة أو يخص هذا الدين، و انما هو سنة الله تعالي في حياة الصالحين من عباده، الذين يرتضيهم الله تعالي لرحمته و الذين يسكنهم الله تعالي جنته مع عباده الصادقين. (أم حسبتم أن تتركوا و لما يعلم الله الذين جاهدوا منكم و لم يتخذوا من دون الله و لا رسوله و لا المؤمنين و ليجة و الله خبير بما تعملون). [1] .

(أم حسبتم ان تدخلوا الجنة و لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء و الضراء). [2] .

أن نفوسنا الضعيفة لتهوي أن تقتطف النصر من أقرب و أيسر الأسباب... و أن


لا يكلفها دينها شيئا... و أن نمد أيدينا فننال النصر و الامامة و الخلافة علي وجه الأرض..

ولكن الله الحكيم.. يعلم أن النصر اذا جاء بيسر، و علي غير طريق ذات الشوكة، لا يؤهل الانسان للامامة و خلافة الله علي وجه الأرض.

فيريد الله تعالي لنا أن نتمرس و نقوي، و نحقق حاكمية دين الله في الحياة علي طريق ذات الشوكة.

(و تودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد الله ان يحق الحق بكلماته، و يقطع دابر الكافرين ليحق الحق و يبطل الباطل ولو كره المجرمون). [3] .

و استمعوا الي هذه الآيات البينات من سورة آل عمران تشرح الصراع، و العناء، و المحنة، و النصر، و الفتح، في تسلسل رائع جميل:

(و لا تهنوا و لا تحزنوا و انتم الاعلون ان كنتم مؤمنين ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله و تلك الأيام نداولها بين الناس و ليعلم الله الذين آمنوا و يتخذ منكم شهداء و الله لا يحب الظالمين و ليمحص الله الذين آمنوا و يمحق الكافرين أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يعلم الله الذين جاهدوا منكم و يعلم الصابرين). [4] .

و في هذه الآيات المباركة من سورة آل عمران اجابات شافية علي كل الأسئلة التي تخطر علي بال المؤمنين في هذا الصراع الرهيب بين الاسلام و الكفر..


پاورقي

[1] التوبة / 16.

[2] البقرة / 214.

[3] الانفال / 8 - 7.

[4] آل عمران / 142 - 139.