بازگشت

الشهادة للحسين بامامة المسيرة


تأتي بعد ذلك الشهادة ضمن ثلاثة فقرات:

1- الشهادة للحسين عليه السلام باقامة الصلاة و ايتاء الزكاة و الأمر بالمعروف (أشهد أنك قد أقمت الصلاة، و أتيت الزكاة، و أمرت بالمعروف، و نهيت عن المنكر، و أطعت الله و رسوله حتي أتاك اليقين). [1] .

و (اقامة الصلاة) هنا غير أداء الصلاة.

ان أداء الصلاة تكليف شخصي و فريضة شخصية.

أما اقامة الصلاة فهي تثبيت الصلاة و الارتباط بالله و اعلان الصلاة و تفعيلها في حياة الانسان.

... ثم (و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر).

فلم يكن الحسين عليه السلام يبتغي من خروجه علي يزيد ملكا أو سلطانا أو جاها،


و انما كان يعمل لتثبيت دعائم المعروف و هدم أسس المنكر و اقامة محور الولاية لله و هدم محور الطاغوت.

و قد خطب الحسين عليه السلام يوم عاشوراء فقال:

(ألا ترون الي الحق لا يعمل به والي الباطل لا يتناهي عنه ليرغب المؤمن في لقاء الله... و اني لا أري الموت الا سعادة و الحياة مع الظالمين الا برما). [2] .

و في منزل (البيضة) خطب الحسين عليه السلام في أصحابه فقال: (أيها الناس ان رسول الله قال: من رأي سلطانا جائرا، مستحلا لحرام الله، ناكثا عهده، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالاثم و العدوان، فلم يغير عليه بفعل و لا قول، كان حقا علي الله أن يدخله مدخله.

ألا و ان هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، و تركوا طاعة الرحمان، و اظهروا الفساد و عطلوا الحدود، و استأثروا بالفيي ء، و أحلوا حرام الله و حرموا حلاله و أنا أحق من غير...). [3] .

فلم يكن الحسين عليه السلام يطلب سلطانا أو مالا... و هو يري أنه يستقبل الموت في سفره هذا، و انما كان يري ظالما جائرا، يفسد في الأرض، و يهلك الحرث و النسل، و يحلل حرام الله، و يتجاوز حدود الله... فنهض عليه السلام بالعصبة المؤمنة التي أحتفت به في كربلاء، لفضح الطاغية و كسره و التشهير به و تسقيطه أمام الرأي العام الاسلامي المضلل، و توعية الرأي العام بحقيقة الطاغية و افساده في الأرض، و انتزاع الامة من محور الطاغوت و اعادتها الي محور الولاية الالهية.

2- الشهادة ب(الطهر) و النزاهة للحسين عليه السلام. النزاهة من كل اثم و ذنب،


و العصمة من كل خطأ و زلل و عصيان... طهارة النفس و السلوك... (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا). [4] .

و الشهادة بأن هذه النزاهة و هذا الطهر، طهر موروث، خلفا عن سلف. و قد شاء الله تعالي أن يحتفظ بهذا الطهر في هذه السلالة الطيبة، عبر الحضارات الجاهلية التي سادت حياة الانسان... و عبر ظلمات الحضارات الجاهلية. استمر اشعاع هذا النور الالهي في ظلمات حياة الانسان، و استمر هذا الطهر بين أرجاس الجاهلية لم يتلوث و لم يلبسه شي ء من مدلهمات ثيابها...

و قد اصطفي الله تعالي هذه السلالة المباركة للامامة في حياة الانسان عبر العصور المختلفة.

(ان الله اصطفي آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران علي العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم). [5] .

و لنقرأ هذه الفقرة من الشهادة في زيارة وارث:

(أشهد أنك كنت نورا في الأصلاب الشامخة و الأرحام المطهرة، لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها و لم تلبسك من مدلهمات ثيابها...). [6] .

و لا أحب أن أتجاوز هذه الفقرة دون أن أشير الي جمال التعبير في هذه الفقرة...

ان الطهر في هذا البيت الطاهر حصيلة اللقاح بين أصلاب شامخة و أرحام


مطهرة. اصلاب شمخت و ترفعت مما يتساقط حوله الناس من متاع و زخرف زائل، و ارحام طهرت و سلمت من أوضار و أوساخ و أدناس الحضارات الجاهلية التي تناوبت علي حياة الانسان...

3- الشهادة بموقع الحسين عليه السلام من حياة الامة و مركزه القيادي الذي وضعه الله فيه، و ما آتاه الله تعالي من الامامة و الولاية علي المسلمين.

(أشهد أنك من دعائم الدين و أركان المؤمنين، و أشهد أنك الامام البر التقي، الرضي، الزكي، الهادي، المهدي.

و أشهد أن الأئمة من ولدك كلمة التقوي، و أعلام الهدي، و العروة الوثقي، و الحجة علي أهل الدنيا). [7] .


پاورقي

[1] زيارة وارث.

[2] حلية الأولياء لأبي نعيم 39 / 2.

[3] تاريخ الطبري 229 / 6.

[4] الاحزاب / 33.

[5] آل عمران / 32. (حماة الوحي) للشيخ شهاب الدين الاشرافي و الشيخ محمد موحدي فاضل في تفسير هذه الآية الکريمة و علاقتها بامامة أهل البيت عليهم‏السلام ص 168 - 176.

[6] زيارة وارث.

[7] زيارة وارث.