بازگشت

حركتان في التاريخ النصر و الثار


و لا تختلف مسؤوليتنا اليوم تجاه استنصار الحسين. فان قضية عاشوراء هي رفض الظلم و الكفر بالطاغوت، و طالما يوجد في حياة المسلمين ظلم و شرك و استكبار، يبقي خطاب الحسين في يوم عاشوراء نافذا فاعلا في حياة المسلمين.

و نحن اليوم مسؤولون عن نصر الحسين عليه السلام، مخاطبون بالاستنصار، كما كان الناس مخاطبون بالاستنصار مطالبون بالنصر في عصره عليه السلام.

غير انا نحمل بعد مصرع الحسين عليه السلام مسؤولية اخري غير مسؤولية (النصر) و هي مسؤولية (الثار) لدماء الحسين عليه السلام و اهل بيته و أصحابه (رضوان الله عليهم)، و هي مسؤولية اخري غير مسؤولية النصر.


فهاتان مسؤوليتان تتطلبان حركتين في تاريخ وارثي عاشوراء:

حركة باتجاه النصر، و اخري باتجاه الثار، لدماء الشهداء في كربلاء.

و قضية (النصر) غير قضية (الثار)، ان (النصر) يعني الاستنصار لدعوة الأنبياء في تشييد أركان التوحيد و العدل، و هدم بنيان الشرك و الظلم، و نصر المسلمين المستضعفين و امدادهم و اغاثتهم، في معاناتهم و عذابهم علي أيدي الظالمين.

(و الثار) يعني المطالبة بدماء الشهداء من اسرة التوحيد، و بدماء الشهداء في يوم عاشوراء. فهذه دماء حرمها الله تعالي، و أهدرها الناس، و لابد من الثار لها، شأن كل دم حرمه الله تعالي.

غير أن دماء الشهداء لما كانت في سبيل الله، فان الله تعالي هو الثائر الأول لها، و هي ثار الله قبل كل شي ء، و هذه قيمة كبيرة لدم الشهيد في هذا الدين و مفهوم رفيع من مفاهيم هذا الدين، و نحن نخاطب الحسين عليه السلام في الزيارة بثار الله، فنقول السلام عليك يا ثار الله و ابن ثاره، و علينا نحن في امتداد (ثار الله) أن نثار لهذه الدماء، و دماء كل الشهداء التي اريقت ظلما و عدوانا في سبيل الله.

و لما كانت هذه الدماء قد اريقت في الصراع بين الحق و الباطل، فالمطالب بالدم ليس هو شخص المجرم القاتل، بل يطالب به كل من وقف معه في تلك الجبهة، و كل من يقف معه بعد ذلك في تلك الجبهة...

شأن كل دم يهراق في معركة. فان المطالب بالدم في ساحة المعركة لا يكون هو القاتل فقط، و انما كل من يقف مع القاتل في نفس الجبهة في نفس المعركة.

و لما كانت معركة عاشوراء قائمة مستمرة و متصلة الحلقات الي اليوم، فكل من يقف مع أعداء الحسين عليه السلام، و يتعاطف معهم، و يهواهم و يميل اليهم، و يرضي بفعهلم، و يحبهم... يكون مطالبا بدماء الحسين عليه السلام و الثلة الطاهرة من أصحابه.


و هو شأن (عاشوراء) كما ان ذلك شأن كل صراع قائم بين الحق و الباطل، و كل دم يهراق ظلما في وسط المعركة. حيث تعم مسؤولية المطالبة بدم الشهيد كل الذين وقفوا معه و الي جنبه أو خلفه في المعركة (فهم أولياء الدم جميعا) و تعم الجريمة كل من وقف مع القاتل أو خلفه في نفس الصراع فيكون مطالبا بالدم الذي اهريق ظلما في ذلك الصراع، اذن نحن اليوم بعد مصرع الحسين عليه السلام في عاشوراء مسؤولون عن قضيتين، و ليست قضية واحدة، و هما (النصر) و (الثار).

و قضية الحسين عليه السلام حلقة واحدة، ولكنها مفضلة، في مسلسل الصراع التاريخي بين الأنبياء و خصومهم من أئمة الكفر.

و الحسين وارث كل ذلك التراث و حفيده المهدي من آل محمد (عجل الله فرجه) يرث جده و ينهض بتلبية خطاب جده الحسين لنصرة دين الله، كما ينهض بالثار لدماء الشهداء في كربلاء و دماء الشهداء قبل كربلاء و بعده، و لذلك فهو الامام (الوارث) (الثائر) من آل محمد، (عجل الله فرجه).