التلبية
و التلبية الواردة في نصوص الزيارات التي يزور المسلمين بها الحسين عليه السلام تشير الي هذه الحقيقة التاريخية.
فان الحسين عليه السلام (داعي الله) و نداؤه و دعوته توحيد الله.
و خطابه الدعوة الي نصرة دين الله و شريعته و أحكامه و حدوده، و رفض الطاغوت و الكفر به.
و هذه دعوة عامة، و خطاب شامل لتلك الأجيال الذين تعاقبوا بعد عاشوراء.
و اذا حجبنا عصرنا عن التلبية المباشرة لدعوة الحسين عليه السلام لاستنصاره، فنحن اليوم نلبي ذلك الخطاب، و نستجيب لتلك الدعوة في ازالة الظلم و الشرك و مجاهدة الظالمين، و تثبيت أركان التوحيد في الأرض، و هدم بنيان الشرك و الظلم و الاستكبار.
و قد ورد في نصول زيارة الحسين عليه السلام«لبيك داعي الله. ان كان لم يجبك بدني
عند استغاثتك و لساني عند استنصارك فقد أجابك قلبي و سمعي و بصري و رأسي و هواي»و التلبية من مقولة (العزم) و (الفعل)، و ليس من مقولة (القول). و القول تعبير عن عزم الانسان علي الفعل.
فالتلبية الحقيقية لخطاب الحسين عليه السلام أن يصف الانسان مع الحسين عليه السلام في مواجهة الظالمين، و عدم الركون اليهم، و رفضهم، و البراءة منهم، و الصمود و الثبات في مواجهتهم.
و لست أعتقد أن مرور ألف و ثلاثمائة عاما علي مصرع الحسين عليه السلام و أصحابه و أهل بيته الذين لبوا دعوته... قد خفف من قسوة الصراع و ضراوة المعركة، و لا أعتقد أن التلبية لذلك الخطاب أيسر في عصرنا، من التلبية لنفس الخطاب في ذلك العصر.
فالمعركة هي المعركة، و الخطاب هو الخطاب، و التلبية هي نفس التلبية، و ضريبة التلبية هي نفسها.