بازگشت

المعني الشمولي لخطاب الحسين


لا نجد مبررا للقول بأن خطاب الحسين عليه السلام بالاستنصار كان مقتصرا علي اولئك الذين عاصروا للحسين عليه السلام و شهدوا وقعة الطف.


و ليس ثمة دليل في خطاب الحسين لحجب هذا الخطاب عن الأجيال التي تعاقبت من بعده، ممن لبوا هذا الخطاب و أسرعوا في الاستجابة له... فقد كان المجتمع الاسلامي يومئذ يمر بفترة رهيبة من التاريخ فقد فيها الكثير من أخلاقيته و قيمه و كفاءاته.

و لست أدري ماذا فعل معاوية، خلال سني حكمه من افساد و ظلم، حتي بلغ المجتمع الاسلامي في عصر ابنه يزيد هذا المبلغ من ضعف الارادة و نضوب القيم، و فقدان الأخلاق، و ليس أدل علي ما نقول من أن ابن رسول الله صلي الله عليه وآله يدعوهم الي الخروج علي يزيد، و هم يعرفون الحسين عليه السلام و يعرفون يزيد. ثم لا يستجيب له من كل اولئك الذين خاطبهم الحسين عليه السلام أو بلغهم خطابه الا اثنين و سبعين رجلا فقط.

و أصدق و صف لهذا العصر هو الوصف الذي يصفهم به الحسين عليه السلام، كما يرويه الطبري في التاريخ، و هو أول خطبة له عليه السلام بعد وصوله الي كربلاء:

يقول عليه السلام:«ان الدنيا قد تغيرت و تنكرت، و أدبر معروفها، و لم يبق منها الا صبابة كصبابة الاناء، و خسيس عيش كالمرعي الوبيل. ألا ترون الي الحق لا يعمل به و الي الباطل لا يتناهي عنه؟».

و هو وصف دقيق لذلك العصر، و لاثبات هذا الوصف يقول الامام عليه السلام:«ألا ترون الي الحق لا يعمل به؟»

و من أجل ذلك نعتقد أن خطاب الحسين عليه السلام لا يقتصر علي عصره، ليس من سبب لحجب هذا الخطاب عن العصور التي تلي ذلك العصر.

ولسنا نريد أن ننفي مخاطبة الناس في ذلك العصر من جانب الحسين عليه السلام، ولكنا نريد أن نقول ان روح هذا الخطاب أوسع من ذلك العصر.

ان الصراع الذي خاضه عليه السلام في سنة احدي و ستين هجرية حلقة متوسطة من


سلسلة طويلة من الصراع بين التوحيد و الشرك و الهدي و الضلال، يتصل طرف منه بصراع الأنبياء عليهم السلام مع أئمة الكفر، و الحسين عليه السلام وارث هذه السلسلة المتصلة من أئمة التوحيد، و يتصل الطرف الآخر منه بسلسلة طويلة من الصراع، في امتداد الطف يقوده أئمة التوحيد، حتي يتسلم المهدي من آل محمد صلي الله عليه وآله لواء التوحيد، و يطهر الأرض من رجس الشرك و الظلم.

و عاشوراء من المفاصل الأساسية في هذه السلسلة الممتدة من الصراع بين التوحيد و الشرك و الهدي و الضلال.

و خطاب الحسين عليه السلام خطاب شامل لكل اولئك الذين بلغهم هذا الخطاب، و مكنهم الله تعالي. من وراثة تراث عاشوراء، و رزقهم الله الوعي و البصيرة.