الاستنصار لاتمام الحجة
عاشوراء مفترق طريق، و من فارق الحسين عليه السلام في عاشوراء عن علم و عمد، و سمع واعيته، و حضر استغاثته فسبيله نار جهنم، لا شك في ذلك.
و قد شطر الناس عاشوراء منذ سنة 61 ه الي اليوم، شطرين: شطر الي الجنة و شطر الي النار.
فمن كان رأيه من رأي الحسين عليه السلام و هواه مع الحسين و موقفه مع الحسين عليه السلام كان سبيله الجنة.
و من كان رأيه من رأي يزيد و هواه مع يزيد و موقفه مع يزيد كان سبيله النار.
ذلك أن الحسين عليه السلام وارث الأنبياء و الصديقين و المرسلين في مسير التاريخ كله، فمن كان هواه مع الحسين عليه السلام، كان لا محالة مع حركة الأنبياء و المرسلين و الصديقين، و من كان هواه مع آل أبي سفيان، كان موقفه لا محالة، مع أعداء الأنبياء و خصومهم.
و لذلك فان الحسين عليه السلام وارث الأنبياء، و يزيد وارث الطغاة و الجبابرة، و عاشوراء من أيام (الفرقان) في التاريخ.
و قد شطر عاشوراء الناس كما ذكرنا منذ سنة 61 ه الي اليوم شطرين: (أنصارا) و (أعداء).
و لسنا نعرف شطرا وسطا بينهما الا أن يكون من المستضعفين الذين يرجون رحمة الله بالاستضعاف. اذن (عاشوراء) مفترق طريق.
و قد كان الحسين عليه السلام يحرص يوم عاشوراء و قبله أن يتم الحجة علي كل اولئك الذين وقفوا مع آل أبي سفيان، (لئلا يكون للناس علي الله حجة)، و كان يحرص أن ينقذ من يمكن انقاذه، و يصلح من يمكن اصلاحه و يهدي من يمكن هدايته.
كان الحسين عليه السلام يتم الحجة في استنصاره و استغاثته الذي تكرر منه علي كل الذين قاتلوه و حاربوه و ظلموه، أو وقفوا من مصرعه موقف المتفرج الذي لا يبالي ماذا حدث.
فقد كان عليه السلام يعلم بأن لهذا اليوم شأنا كبيرا في التاريخ، و أنه مفترق الطريق بين الحق و الباطل و الهدي و الضلال، فأراد أن يتم الحجة علي الناس لئلا يكون للناس حجة.