استنصاران للحسين في قصر بني مقاتل
و اذا لم يسع المسلم تلبية استنصار المسلمين و اجابة دعوتهم، و نصرهم فلا يحضر استغاثتهم و استنصارهم.
و قد مر بنا قريبا قول الامام الصادق عليه السلام، حسب الرواية:«لا يحضرن أحدكم رجلا يضربه سلطان جائر ظلما و عدوانا».
و قد كان الحسين عليه السلام اذا استنصر رجلا فأبي عليه ينصحه أن يبتعد عنه و يغيب عن مصرعه لئلا يسمع باستغاثته.
و كان للحسين عليه السلام لقاءان في منزل قصر بني مقاتل [1] في طريقه الي كربلاء:
اللقاء الأول بعبيدالله بن الحر الجعفي، و اللقاء الثاني بعمرو بن قيس المشرقي و ابن عمه.
و قد استنصرهم الحسين عليه السلام جميعا، فاعتذروا و لم تطب نفسهم بالموت، فنصحهم الحسين عليه السلام أن يبتعدوا عنه و يغيبوا عن مصرعه، لئلا يسمعوا
استغاثته فلا يجيبوه فيكبهم الله تعالي في النار.
في اللقاء الأول التقي بعبيد الله بن الحر الجعفي فاستنصره، فاعتذر عبيدالله كما ذكرنا ذلك من قبل، و قال له انه لا يشك أن من شايعه كان سعيدا في الآخرة، ولكن نفسه لا تطيب بالموت، و أهدي الي الحسين عليه السلام فرسه (الملحقة) و مدحها.
فقال له الحسين عليه السلام:«أما اذا رغبت بنفسك عنا فلا حاجة لنا في فرسك، و لا فيك، و ما كنت متخذ المضلين عضدا، و اني أنصحك كما نصحتني أن استطعت أن لا تسمع صراخنا، و لا تشهد وقعتنا فافعل، فوالله لا يسمع و اعيتنا أحد و لا ينصرنا الا أكبه الله في نار جهنم». [2] .
و اللقاء الثاني في نفس المنزل بعمرو بن القيس المشرقي و ابن عمه، رواه الصدوق في عقاب الأعمال.
قال: دخلت علي الحسين أنا و ابن عم لي، و هو في قصر بني مقاتل فسلمنا عليه.
فقال له ابن عمي: يا أبا عبدالله هذا الذي أراه خضاب أو شعرك، فقال خضاب و الشيب الينا بني هاشم يعجل.
ثم أقبل علينا. فقال: جئتما لنصرتي فقلت: اني رجل كبير السن، كثير الدين كثير العيال، و في يدي بضائع الناس و لا أدري ما يكون، و أكره أن أضيع أمانتي.
و قال له ابن عمي مثل ذلك.
قال لنا: فانطلقا فلا تسمعا لي واعية، و لا تريا لي سوادا، فانه من سمع واعيتنا، أو رأي سوادنا فلم يجبنا، و لم يعبأ، كان حقا علي الله عزوجل أن يكبه علي منخره في النار.
پاورقي
[1] يقول السيد عبدالرزاق المقرم: ان القصر ينسب الي مقاتل بن حسان بن ثعلبة يقع بين عين التمر و القطقطانة و القربات، خربه عيسي بن علي بن عبدالله بن العباس ثم جدده.
[2] مقتل الحسين / لعبدالرزاق المقرم / 204 - 202 نقلا عن آمالي الصدوق، المجلس 30، و خزانة الأدب 298 / 1.